الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسألة (
(إذا انفرد الراوي بزيادة)
قال المازري في (شرح البرهان): إذا انفرد بحديث دون التلامذة، أو بإسناده مرسلًا، أو باتصال موقوف.
قال المحققون: إن ذلك غير قادح.
وقيل: يتوقف عن قبوله، فإن انفرد بزيادة لفظ في حديث دون التلامذة، فخمسة أقوال:
ثالثها: إن لم يتعلق به حكم قبل، وإلا فلا.
ورابعها: إن تعلق به حكم ناسخ لغيره قبل، وإلا فلا.
وخامسها: إن كانت الزيادة من الذي كان رواه ناقصًا لم تقبل الزيادة، وإن كانت غيره قبلت.
(فائدة)
قال القاضي عبد الوهاب في (الملخص): قال جماعة: قول الصحابي: أمر النبي عليه السلام بكذا، أو نهى عن كذا، أو فرض كذا، ونحوه لا يقبل
؛ لأنه رواية بالمعنى حتى يذكر لفظه.
(فوائد)
تتعلق بكتاب الأخبار ينبغي أن تكون على خاطر الأصولي، يستعين بها على معرفة المرسل، والتدليس، وغيرها
.
الأولى: الموقوف.
قال الحاكم في كتابه الموسوم بـ (علوم الحديث): الموقوف هو الذي لا يرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بل ينتهي إلى صحابي، ومنه ما حدثناه الزبير بن عبد الواحد الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد الزبيقي قال: أخبرنا زكريا ابن يحيى المتغربي قال: أخبرنا الأصمعي قال: أخبرنا كيسان مولى هشام بن حسان، عن محمد بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن المغيرة بن شعبة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير.
فهذا موقوف على صحابي حكى عن أقرانه من الصحابة -رضوان الله عليهم- فضلًا، وليس بمسند، ويتوهمه من لا يدري الحديث أنه مسند لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال غير الحاكم: ومنه ما خرجه مالك أن عمر بن الخطاب قال: (لا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها لبول أو غائط)، ولم يقل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه قد رفع، وأسند من طريق آخر لرسول الله عليه السلاة.
الثانية: قال الحاكم: لا تختلف مشايخ الحديث أن المرسل هو الذي يرويه المحدث بأسانيد متصلة إلى التابعي، فيقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول الصحابي: قال: وأصح المراسيل مراسيل سعيد بن المسيب؛ لأنه من أولاد الصحابة أدرك جماعة منهم.
الثالثة: المنقطع موضع الإرسال.
الرابعة: المسند.
قال الحاكم: هو المتصل العنعنة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
الخامسة: المسلسل.
قال الحاكم: هو السماع الظاهر الذي لا غبار عليه، مثل أن يقول: سمعت فلانًا قال: سمعت فلانًا إلى آخر السند، أو يحكي الرواة فعلًا من الأفعال (ما) يذكره كل منهم عن صاحبه بعينه.
كما يقول: قال لي: [أبو منصور] قم فصب علي حتى أريد وضوء منصور، فإن منصورًا قال لي: قم فصب علي حتى أريك وضوء إبراهيم؛ فإن إبراهيم قال لي: قم فصب علي حتى أريك وضوء علقمة؛ فإن علقمة قال لي: قم فصب علي حتى أريك وضوء ابن مسعود؛ فإن ابن مسعود قال لي: قم فصب علي حتى أريك وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي: قم فصب علي حتى أريد وضوء جبريل عليه السلام فقلت لأبي جعفر: كيف توضأ؟ فقال: ثلاثًا ثلاثًا.
السادسة: المقطوع.
قلت: قال لي بعض مشايخي الذين اشتغلت عليهم في علم الحديث: المقطوع في التابعين مثل الموقوف في الصحابة، فالمنتهي إلى صحابي، وينسب إليه في ظاهر اللفظ، كما اتفق في حديث عمر المتقدم يسمى موقوفًا، ومثله مع التابعي مقطوعًا، وهو غير المنقطع.
فإن المنقطع: ما سكت فيه عن راوٍ تابعي، ورأيت بعضهم يقول: المقطوع أعم من المرسل، وهو ما سكت فيه عن راوٍ مطلقًا، فقد يكون مرسلًا إن كان صحابيًا، وإلا فلا.
السابعة: المعضل.
قال الحاكم: قال علي بن عبد الله المديني فمن لمن بعده: المعضل هو الذي يكون المرسل إلى رسول الله عليه السلام أكثر من رجل، فلا يختص بالتابعين.
قلت: وأصل هذه اللفظة المنع، ومنه قوله -تعالى-:{فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} أي: لا تمنعوهن، ومنه الداء العضال: الذي يمنع الأطباء مداواته لعظمه، وهذا الحديث معضل بفتح الصاد. من قولهم: أعضلني الأمر، وأنا معضل، فالراوي أعضل الحديث نحو: أنهكه المرض، فالراوي مال على الحديث ميلًا كثيرًا بسبب ما أسقط منه في السند.
الثامنة: المدرج.
قال الحاكم: هو أن يدرج في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من كلام الصحابة، كما روى قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من أعتق نصيبًا له في عبد أو شقصًا، فخلاصه عليه في ماله، إن كان له مال، وإلا قوم العبد قيمة عدل ثم استسعى في قيمته غير مشفوق عليه)، فذكر الاستسعاء من قول قتادة، ونحو ذلك.
التاسعة: الغريب.
قال الحاكم: وهو ينقسم إلى الغريب في الصحيح، وهو أن يكون الرواة في غاية العدالة إلا أنه معنى غريب، كما روي في حديث (الخندق) أنه وجدت فيه كذانة وهي الجبل، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كذانة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(رشوا عليها الماء).
وإلى الغريب في الشيوخ، كمن يروي عن شيخ على خلاف عادته.
وإلى غريب في المتن، مثل أن يكون المتن لذلك الحديث غريبًا.
العاشرة: التدليس.
قال الحاكم: التدليس ستة أجناس.
الأول: الثقات المدلسون، فيروون عن الثقات، وغرضهم الدعوة إلى الله -تعالى- كما كان سفيان يروي عن جابر، وإنما روايته عن جابر من كتاب سليمان اليشكري.
الثاني: قوم يقولون: قال فلان، وإذا نوقشوا وسئلوا: هل سمعته من فلان؟ قال: لا، ولكن أخرج إلي كتابًا، فدفعه إلي.
الثالث: من المدلسين قوم يحدثون عن قوم مجهولين، كما حدثنا إسحاق قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي، قال: حدثني حسين الأشقر، قال: حدثني شعيب عن أبي بكر بن عبد الرحمن، قال: بت عند علي
…
فذكر كلامًا.
قال ابن المديني: فحدثني حسين، فقلت له: ممن سمعته؟ قال: حدثني به شعيب عن أبي عبد الله عن أبي بكر بن عبد الرحمن، فقلت لأبي عبد الله: من حدثك به؟ فقال: أبو عبد الله الجصاص. قلت: عمن؟ قال: عن حماد القصار، فلقيت حمادًا، فقلت: من حدثك بهذا؟ فقال: بلغني عن فرقد السبخي فدلس عن ثلاثة.
والحديث بعد منقطع.
وأبو عبد الله الجصاص مجهول، وكذلك حماد القصار، والذي بلغه مجهول [عن فرقد وفرقد لم يدرك نوفا ولا رآه].
الرابع: قال الحاكم: دلسوا أحاديث عن المجروحين، فغيروا أسماءهم، وكناهم حتى لا يعرفون.
الخامس: قال الحاكم: قوم دلسوا عن قوم سمعوا منهم الكثير، وفاتهم اليسير، فيدلسونه.
السادس: قال الحاكم: قوم رووا عن شيوخ، ولم يروهم قط، ولم يسمعوا منهم، إنما قالوا: قال فلان، فحمل ذلك عنهم على السماع، وليس عندهم عنهم سماع.
الحادية عشرة: سمعت من كنت أجتمع به في علم الحديث يقول: الفرق بين الحسن والصحيح أن الصحيح ما كانت رواته في غاية العدالة، والحسن ما كانت رواته في أول رتبها.
فالحسن والصحيح تقوم به الحجة، والصحيح أقوى من الحسن.
(مسألة)
قال سيف الدين: اختلفوا في خبر الواحد العدل هل يفيد العلم؟
فقيل: يفيده من غير قرينة، وهو مطرد في خبر كل واحد.
قاله بعض أهل الظاهر، وهو مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه.
وقيل: في بعض الأخبار فقط. قاله بعض أصحاب الحديث.
ومنهم من قال: يفيده إذا اقترنت به قرينة، قاله النظام وأتباعه.