الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فرجمها)؛ أي: بعد أن ثبت باعترافها، ورواه مالك:(وأمر أُنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأته)، وبعثُه لها إنما هو لإعلامها أن أبا العَسِيف قذفها بابنه، فعليه الحد، فتطالب به أو تعفو وتعترف بالزِّنا فترجم، لأنها محصنة.
وفيه أن الصلح الفاسد منتقض، وأن المقترض في المفاسد يجب رده، وجواز الإفتاء في زمنه صلى الله عليه وسلم، وفيه التغريب خلافًا للحنفية.
* * *
6 - بابٌ كَيْفَ يُكْتَبُ "هَذَا مَا صَالَحَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ" وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ أَوْ نَسَبِهِ
؟
(باب: كيف يكتب: هذا ما صالح فلانٌ؟)
(أو نسبه) بلفظ المصدر، أو يكتفي في أول الوثائق بالاسم، ولا يلزم ذكر الحد والنسب والبلد ونحوه.
2698 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بن عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيبِيَةِ كتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُم كِتَابًا، فَكَتَبَ: مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَا تَكْتُبْ: مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولًا لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ:"امْحُهُ"، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَناَ بِالَّذِي أَمْحَاهُ، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلُوهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، فَسَألوهُ: مَا جُلُبَّانُ السِّلَاح؟ فَقَالَ: الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ.
الحديث الأول:
(اُمحه) بفتح الحاء وضمها، يقال: محوت الشيء أمحوه وأمحاه، وإنما خالف عليّ، لأنه علم بالقرينة أن الأمر ليس للإيجاب.
(الجُلُبَّان) بضم الجيم واللام وشدة الموحدة.
قال أبو الفرج: إنهم أجازوا كسرها، واللام مضمومة عند الأكثرين مع تشديد الباء، وصوبه ابن قتيبة، وقال (خ): يحتمل أن تكون ساكنة اللام غير مشددة الباء جمع جلب كما رواه مُؤمل عن سُفيان: (إلا بجُلبِّ السلاح)، وكذا ذكره الهروي وصوبه هو وثابت، وبالوجهين ذكره أبو حنيفة في الثياب، وقيل: المعروف جربّان بالرَّاء، جربان السيف والقميص وليس بشيء، وعادة العرب أن لا يفارقوا السلاح في السلم والحرب.
(والقراب) غلاف السيف من جلد، ويضع الراكب فيه أداته، وإنما شرطوا ذلك؛ لأنه للسلم، أي: حتى لا يُظن أنهم دخلوا قهرًا.
* * *
2699 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّام، فَلَمَّا كتبوا الْكِتَابَ كتبوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا مَنَعْنَاكَ، لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:"أَناَ رَسُولُ اللهِ، وَأَناَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ"، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ:"امْحُ رَسُولُ اللهِ"، قَالَ: لَا، وَاللهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْكِتَابَ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحٌ إِلَّا فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ أتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فتبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يَا عَمِّ! يَا عَمِّ! فتنَاوَلَهَا عَلِيٌّ فَأَخَذ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، حَمَلَتْهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ؛ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَناَ أَحَقُّ بِهَا، وَهْيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالتهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي. فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا، وَقَالَ:"الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ"، وَقَالَ لِعَلِيٍّ:"أَنْتَ مِنِّي وَأَناَ مِنْكَ"، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ:"أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي"، وَقَالَ لِزَيْدٍ:"أَنْتَ أَخُوناَ وَمَوْلَاناَ".
الحديث الثاني:
(القَعْدة) بفتح القاف وسكون العين.
(يَدَعُوه)؛ أي: يتركوه.
(قَاضَى)؛ أي: فاصل وأمضى أمرهما عليه، وهو معنى صالح، ومنه قضى القاضي: إذا فصل الحكم وأمضاه.
(بها)؛ أي: بالرسالة.
(فلو نعلم) الإتيان بالمضارع، فإن (لو) للماضي للدلالة على الاستمرار كما في:{لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ} [الحجرات: 7].
(فكتب)؛ أي: مع أنه أُمّي بنص القرآن، لأن الأمي من لا يحسن الكتابة لا من لا يكتب، أو الإسناد مجازي بمعنى أمر بالكتابة، أو كتب خارقًا للعادة معجزة له.
(هذا) اسم إشارة لما في الذهن.
(ما قاضَى) خبره مفسر له.
(لا يدخل) تفسير للتفسير.
(دخلها)؛ أي: في العَامِ المُقْبِل.
(ومضى الأجل)؛ أي: قرب انقضاؤه نحو قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] ولا بد من هذا التأويل لئلا يلزم عدم الوفاء بالشرط.
(يا عمي) فيه إضمار أو تجوّز، لأن عليًّا ابن عمها لا عمها.