الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينهم، فأعتَق اثنين، وأرقَّ أربعةً، ولم يُلزمهم الاستِسعاءَ.
قال (ن): الجمهور أنَّه يعتق بنفس الإعتاق، ويُقَوَّم عليه، ووَلاءُ الجميع للمعتِق، وليس للشَّريك إلا المطالبةُ بقيمة نَصيبه، وقال مالك: يعتِق بدفع القيمة، ومذهب أبي حنيفة: للشَّريك الخِيار بين أن يَستَسعيَ العبدَ، وأن يُعتق نصيبَه والوَلاء بينهما، وبين أن يُقَوَّم نصيبُه على شريكه المعتِق، ثم يَرجع المعتِقُ بالواقع على العبد باستِسعائه وجميعُ الوَلاء للمعتِق، وإنْ كان مُعْسِرًا فالجمهور يتقيَّد العتْق في نصيب المعتِق فقط، ويبقى نصيب الشَّريك رقيقًا، وقال أبو حنيفة: يُستسعى العبد في حِصَّة الشَّريك، وهو في مُدَّة السِّعاية كالمكاتب.
أما إذا ملَك عبْدًا بكماله وأعتَق بعضَه؛ فيَعتق الكلُّ في الحال عند الثلاثة، وقال أبو حنيفة: يُستَسعى في بقيَّته لمولاه.
(أبان) بالصَّرف أكثر.
* * *
6 - بابُ الْخَطَأ وَالنِّسْيَانِ فِي الْعَتَاقَةِ وَالطلَاقِ وَنَحوِهِ، وَلَا عَتَاقَةَ إِلا لِوَجْهِ الله
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نوى"، وَلَا نيةَ لِلنَّاسِي وَالْمُخْطِئ.
(باب الخَطَأ)، قد يُمَدُّ، والمراد هنا: نقيض العَمْد.
قال أبو عُبَيد: خطَأ وأخطَأَ لُغتان بمعنى واحدٍ، وقال الأُمَوِي: المُخْطِئ: مَن أراد الصَّوابَ فصار لغيره، والخاطئ: المتعمِّد لمَا لا يَنبغي.
(لوجه الله)؛ أي: لذاته، أو لجِهَة رِضاه.
(لكل امرئٍ ما نوى) طرفٌ من حديثٍ مرَّ أوَّلَ الكتاب، قال فيه:(وإنَّما لكلّ امرئ ما نَوَى)، وفي آخِر (الإيمان) بلفْظ:(ولكلِّ امرِئ ما نَوَى)، و (إنما) مقدَّرةٌ.
* * *
2528 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ قتادَةَ، عَنْ زُرَارة بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الله تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتى مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ".
2529 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرتهُ إِلَى الله وَرَسُولهِ، فَهِجْرتهُ إِلَى الله وَرَسُولهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرتهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرتهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".
الحديث الأول، والثاني:
(تجاوَزَ لي)؛ أي: لأَجْلي.
(ما وسوست به صُدورهما) بالضمِّ، ورواه الأَصِيْلي بالفتح، ووسْوَسَت على هذا بمعنى: حدَّثَتْ، فهو كالرِّواية الأُخرى:(ما حدَّثَتْ به أنفُسَها) بالنَّصب، مفعول، أي: قُلُوبَها، ويدلُّ عليه قوله:(إنَّ أحَدَنا يُحدِّثُ نفْسَه)، وأهل اللُّغة يقولون: أنْفسُها، برفع السين، يُريدون بغير اختيارٍ، كقوله تعالى:{وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16].
(ما لم تعمل)؛ أي: في العمَليَّات.
(أو تتكلم) في القَوليَّات، وعزْمُ القَلْب على المعصية، وسائرُ أعمال القُلوب كالحسَد مؤاخَذ عليه وإنْ لم يَعمل، ويُؤاخذ باتِّباعه الفاحشَةَ إذا وطَّن نفْسَه عليه، والذي في الحديث هو ما لم يُوطن عليه نفْسَه، إنما يمرُّ بفِكْره دون استِقْرارٍ، ويُسمَّى هذا همًّا لا عزْمًا، ويجب حَمْل:(ما لم تعمَلْ) على غير الموطَّن في الصَّدْر جَمْعًا بينه وبين ما يدلُّ على المُؤاخَذة، كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} [النور: 19]، وأيضًا لفْظ:(الوَسوسَة) لا يُستعمل إلا عند التردُّد والتزلزُل.
ووجه تعلُّق الحديث بالتَّرجمة القِياس على الوَسْوسة، فكما لا يُعتبر عند عدَم التَّوطين، فكذا العمَل والتكلُّم، والنَّاسي والمُخطِئ لا تَوطينَ لهما.
* * *