الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ في عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَيهِ شَيْءٌ، اللهُ يُحَاسِبُهُ في سَرِيرَتهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوأً لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنةٌ.
(بالوحي) يعني: كان الوحي يكشِف عن سَرائر الناس في بعض الأوقات.
(أمِناه) بهمزةٍ مقصورةٍ، وميمٍ مكسورةٍ، أي: جعلناه آمنًا من الشَّرِّ، مُشتَقٌّ من الأَمان.
(قربناه)؛ أي: عظَّمناه وكرَّمناه.
(سريرته) السِّرِّ الذي يُكتَم، أي: نحن نحكُم بالظَّاهر.
(سوءًا)، في بعضها:(شرًّا).
* * *
6 - بابُ تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ
(باب: تَعديلُ كَم يَجُوز؟)
قال (ط): اختلفوا في عدد المعدِّلين، فمالكٌ والشَّافعي لا يقبل في الجَرْح والتعديل أقلَّ من رجلَين، وأبو حنيفة يَقبل تعديلَ الواحد
في جَرحهِ، وقال في الحديث السابق: المَرفوع منه الإخبار عما كان الناس يأخُذون به على عَهْد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقيَّة الخبر بَيانُ ما يَستعمله النَّاس بعد انقِطاع الوَحي بوَفاته.
وفيه أنَّ مَن أظهَر الخَيْر فهو العدل الذي يجب قَبول شَهادته.
قال: واتفق مالكٌ، والشَّافعي، والكوفيون على أنَّ الشُّهود اليوم على الجَرح حتى تثبُتَ العَدالة، بخلاف عَهْد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة: إلا شُهود النِّكاح، فإنَّهم على العَدالة.
قال: وهو تحكُّمٌ.
* * *
2642 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ ثَابِثٍ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ:"وَجَبَتْ"، ثُمَّ مُرَّ بِأُخرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا -أَوْ قَالَ غير ذَلِكَ- فَقَالَ:"وَجَبَتْ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! قُلْتَ لِهَذَا: وَجَبَتْ، وَلِهَذَا: وَجَبَتْ؟ قَالَ: "شَهَادَةُ الْقَوْمِ، الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرْضِ".
الحديث الأول:
(عليها شرًّا) الثَّناء: هو الذِّكر بالخَير، فاستِعماله في الشَّرِّ لتَجانُس الكلام مُشاكلةً.
(لهذا)؛ أي: للثَّناء بالخَيْر وجبَتْ له الجنَّة، وللثَّناء بالشرِّ وجبَت النار.
(شهادة القوم المؤمنين) ضبطه بعضهم: (شهادةُ) بالرَّفْع، خبر مبتدأ محذوفٍ، أي: هي، ثم استأنفُ فقال: شُهداءُ الله في الأرض، وضبَطه بعضُهم:(شهادةُ القَومِ) على الإضافة، وكذا الأَصِيْلِي، فالمُؤمنون: رفعٌ بالابتداء، شهادةُ: خبَره، والقَوم: خفْضٌ بالإضافة، و (شَهادةُ) على هذا: خبر مبتدأ محذوفٍ، أي: سبَبُ قَول هذا شَهادةُ القَوم، ورواه بعضُهم:(المُؤمنون)، نعتٌ للقَوم، ويكون: شُهداء على هذا خبر مبتدأ محذوفٍ، أي: هم شُهداء اللهِ، ويصحُّ نصب شهادة بمعنى: مِن أجْل شَهادةِ القَوم، ومَن رَوى:(القَومُ) مرفوعًا كان مبتدأً، فالمؤمنون وصفهم، هذا كلام (ع).
قال السُّهَيلي: إنْ كانت الرِّواية بتَنوين الشَّهادة، فهو على إضمار المبتدأ، أي: هي شَهادةٌ، و (القَومُ) رفع بالابتداء، و (المؤمنون) نعتٌ له، أو بدَلٌ، وما بعده خبرٌ، وضُعِّف؛ بأن المَعهود من كلام النبوَّة حَذْف المَنعوت نحو:"المُؤمنون تَتكافَأُ دِماؤُهم"، و"المُؤمنون هيِّنُون ليِّنُون"، و"المُؤمنُ غِرٌّ كريمٌ"؛ لأن الحُكم يتعلَّق بالصِّفة، فلا معنَى للمَوصوف.
قال: ويحتمل وجْهًا آخَر: أنْ يَرتفع القَوم بالشَّهادة؛ لأنها مصدرٌ، ويَرتفعَ المؤمنون بالابتداء؛ إذ قد أجازوا إعمال المصدر عمَل الفعل، فلا بُعد في عمله هنا في القوم منونًا، كما تقول: يُعجبني ضربُ زيدٍ عَمرًا.
ويحتمل وجهًا ثالثًا: وهو أن القوم فاعلٌ بإضمار فعلٍ، كأنَّه قال: هذه شهادةٌ، ثم قال: القَومُ، أي: شَهِدَ القَومُ، ومرَّ في (الجنائز)، في (باب ثناء الناس على الميت).
* * *
2643 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: أتيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَمَرَّتْ جِنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ خَيْرٌ، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. فَقُلْتُ: مَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ"، قُلْنَا: وَثَلَاثةٌ قَالَ: "وَثَلَاثةٌ"، قُلْتُ: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: "وَاثْنَانِ"، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ.
الثاني:
(أبي الفُرات) بضم الفاء.
(ابن بُرَيد) بضم الموحَّدة مصغَّرًا.
(أبي الأسود) اسمه: ظالِم، ضِدُّ العادِل، ومرَّ في (الجنائز).
(ذَرِيعًا) بفتح الذال المُعجمة، أي: سَريعًا كثيرًا.
(فأُثني) مبنيٌّ للمفعول.