الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - بابُ الْكَافِرِ يَقْتُلُ الْمُسْلِمَ، ثُمَّ يُسْلِمُ، فَيُسَدِّدُ بَعْدُ وَيُقْتَلُ
(باب: الكافر يقتل المسلم فيسلم)
2826 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ؛ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ".
الحديث الأول:
(يضحك) إسناده إلى الله مجازي، مراد به لازم الضحك وهو الرضا.
قال (خ): من المعلوم دلالة الضحك على الرضا، وقبول الوسيلة وإنجاح الطِّلبة كما قال:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكًا
…
عتقت بضحكته رقاب المال
فهو مثل ضرب لصنيعهما الذي هو مكان التعجب عند البشر، فالله يجزل العطاء لهما.
(إلى رجلين) عُديَ بـ (إلى) لتضمنه معنى الإقبال، يقال: ضحكت إلى فلان: إذا توجهت إليه بوجه طلق، وأنت عنه راض.
(فيقتل) مبني للمفعول.
(على القاتل)؛ أي: فيسلم، وما أحسن تقديره هذا الحديث على قصة أبي هريرة، وهو:
* * *
2827 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَخْبَرَني عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا افْتَتَحُوهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَسْهِمْ لِي، فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، فَقَالَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: وَاعَجَبًا لِوَبْرٍ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومِ ضَأنٍ، يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أكرَمَهُ اللهُ عَلَى يَدَيَّ، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ! قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَسْهَمَ لَهُ أَمْ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ؟ قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِيهِ السَّعِيدِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ السَّعِيدِيُّ: عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ.
الحديث الثاني:
(قَوْقَل) بفتح القافين وسكون الواو بينهما وباللام: هو النعمان ابن مالك بن ثَعْلبة بفتح المثلثة وسكون المهملة بعدها، أي: المسمى بقَوْقَل الأنصاري، قيل: لأنه يقول للخائف قَوْقل حيث شئتَ فإنك آمن، وكان قد قَتَله يومَ أحد أبانُ بن سعيد بن العاص، فهو المراد من
قوله: (فقال ابن سعيد)، وقد سماه أبو داود في روايته، فقتله قبل أن يسلم، وإسلامه بين الحُديبية وخيبر، وهو الذي أجار عثمان يوم الحُديبية حيث بعثه النبي صلى الله عليه وسلم رسولًا إلى مكة، وقال أبو الفرج: لا أدري من يعني بابن قَوْقَل إلا أن النعمان المذكور قتل بأُحد شهيدًا قتله صفوان بن أُمية، وقتل معه يومئذ من القَواقِلة العباس بن عبادة، وهذا المقتول النعمان هو الذي قال يوم أُحد -وقد كان أعرج-: أقسمت عليك يا رب العزة لا تغيب الشمس حتى أطأ بعرجتي هذه خضر الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن النعمان ظن بالله ظنًّا فوجده عند ظنه، فلقد رأيته يطأ في خضرها ما به عرج".
(واعجبًا) بالتنوين، وفي بعضها بدونه، فإن نون كان اسم فعل بمعنى أعجب، ومثله: واها، ووي، وجيء بعده تعجبًا توكيدًا، وإذا لم ينون فالأصل فيه: وأعجبني، فأبدلت الكسرة فتحة والياء ألفًا كما فعل في: يا أسفا، ويا حزنا، وفيه شاهد على استعمال (وا) في منادى غير مندوب.
(لوبْر) بسكون الباء: دويبة تشبه السنَّور، والجمع وبار، شبهه في قومه بهذه الدويبة في تدَلّيه من موضعه، وروي:(وبَرة) بفتح الباء، أي: وبَر الإبل، شبَّهه بما يعلق بوبر الشاة، أي: ملتصق في قريش، وليس منهم، وكل ذلك تحقير من أبان لأبي هريرة لمَّا قال: لا تقسم له.
(تدلى)؛ أي: انحدر، وقد روي كذلك، ويروى:(تردى)، وكلها بمعنى.
(من قَدوم ضان)؛ أي: طرف جبل، وضان: اسم جبل في
أرض دَوس، وقَدوم -بفتح القاف- ثنيّة به، وكذا لأبي ذرٍّ، وضبطه الأَصِيلي بضم القاف، وقال: وكذا ضبطه أبو زيد في كتابه، أي: كان قدومه من هذا الموضع؛ نعم في (باب: غزوة خيبر) رواية: (ضال) مخفف اللام، وكذا لابن السكن، والقاضي، والهمذاني، وزاد في رواية السهيلي:(والضال: السدر)، فلا يناسب (قدوم) مصدرًا، لكن قال (ع): ذكر أنه وهم، وأن ما تقدم من تفسير الحربي أولى، وقال (خ): هو في أكثر الروايات بلام، وقيل: يقال بالنون وباللام، وكأنها بدل من اللام كما قالوا: فرس رِفَلٌّ ورِفَن، إذا كان طويل الذنب، وتأوله بعضهم أنه الضأن من الغنم، فتكون ألفه همزة، وأن وبرًا الذي أُضيف له بفتح الباء، أي: شعر رؤوسها، قال (ع): وهو تكلف وتحريف، وفي "شرح الإلمام" لابن دقيق العيد: أن الناس رووه عن البخاري بالنون إلا الهمذاني فباللام وهو الصواب، والضال: السدر البري، وأما إضافة هذه النسبة إلى الضأن فلا أعلم لها معنى. قال: وفي ضبط القدوم بالتشديد والتخفيف خلاف.
قال (ش): هذا إنما في حديث الختان.
(ينعى عليَّ)؛ أي: يعيب، يقال: نعيتُ على الرجل فعله: إذا وبَّختَه عليه وعِبتَه به.
(قتلَ) مفعول (ينعى)، أي: يعيب عليَّ أني قتلت رجلًا أكرمه الله على يديَّ حيث صار شهيدًا بواسطتي، ولم يقتل بالعكس إذ لو صرت مقتولًا بيده لكنت مُهانًا من أهل النار إذ لم أكن حينئذ مُسلمًا.