الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تأمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ".
(وقد كان لفلان)؛ أي: للوارث أو المورث أو للموصى له، سبق في (الزكاة) في (فضل صدقة الشحيح).
* * *
8 - بابُ قولِ الله تَعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}
وَيُذْكَرُ: أَنَّ شُرَيْحًا، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَطَاوُسًا، وَعَطَاءً، وَابْنَ أُذَيْنَةَ أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ: إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ.
وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأتهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: كنْتُ أَعْتَقْتُكَ، جَازَ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَالَتِ الْمَرْأة عِنْدَ مَوْتهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي وَقَبَضْتُ مِنْهُ جَازَ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكذَبُ الْحَدِيثِ".
وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ؛ فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غيْرَهُ.
فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(باب: قول الله عز وجل {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ} [النساء: 12])
(آخر يوم) بالنصب والرفع.
(يصدق) من التصديق، أي: أحق زمان تصدق فيه الرجل في أمواله آخر عمره، والقصد أن إقرار المريض في مرض موته يصدق فيه وينفذ، وفي بعضها:(يصدق) بلفظ الماضي من التصدق، ولكن الأول هو المناسب للمقام.
(إبراء الوارث) بالنصب.
(بعض الناس)؛ أي: الحنفية، قالوا: لا يجوز إقرار المريض لبعض الورثة، لأنه مظنة أن يريد الإساءة بالبعض الآخر منهم.
(والبضاعة والمضاربة) الفرق بينهما أن الربح للمالك في البضاعة، ومشترك بينه وبين العامل في المضاربة.
(إياكم والظن) موصول في (الأدب)، ونصبه على التحذير.
(أكذب)؛ أي: الظن أكذب في الحديث من غيره، وهو وإن كان من عوارض الخير فمعناه أنه نَزَّل الظن هنا منزلة التكلم فيوصف بالصدق والكذب كما يقال: متكلم صادق أو كاذب، ويصح حينئذ التفضيل لوجود التفاوت، فإن التكلم يقبل الزيادة والنقصان، كما تقول زيد أصدق من عمرو أو أكذب منه.
(آية المنافق) موصول في (كتاب الإيمان)، وغرض البخاري الرد عليهم:
أولًا: بأنهم ناقضو أنفسهم حيث جوزوا إقراره للوارث بالوديعة ونحوها بمجرد الاستحسان من دون دليل.
ثانيًا: بأنه لا يجوز منع الإقرار بسبب الظن به الإساءة؛ لأن الظن محذر عنه بقوله: (إياكم والظن)، ولا يحل مال المسلمين، أي: المقر له بقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا اؤتمن خان)، ووجه دلالته عليه: أنه إذا وجب ترك الخيانة وجب الإقرار بما غلبه، وإذا أقر لا بد من اعتبار إقراره، وإلا لم يكن لإيجاب الإقرار فائدة.
(فلم يخص)؛ أي: لم يفرق بين الوارث وغيره في ترك الخيانة ووجوب أداء الأمانة إليه فيصح الإقرار للوارث ولغيره.
* * *