الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَطْلُبُ الإسْلَامَ، فَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، بِهَذَا، وَقَالَ: أَمَا إِنَي أُشْهِدُكَ أنَّهُ لله.
(صاحبه) أصله: ضلَّ مِن صاحبه، فحذف (مِن) الخافِضة، كقوله تعالى:{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف: 155]، وقد جاء متعدِّيًا بنفْسه في الأشياء الثابتة، يُقال: ضلَلْتُ المسجِدَ والدَّار، إذا لم تَعرف موضعهما.
* * *
8 - بابُ أُم الولَدِ
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:"مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا".
(باب أُمِّ الولَد)
(وقال أبو هريرة) تقدَّم موصولًا في (الإيمان) بمعناه.
(ربَّها)؛ أي: مالكَها وسيِّدَها.
* * *
2533 -
حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّ عُتْبةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَليدَةِ زَمْعَةَ، قَالَ عُتْبةُ: إِنَّهُ ابنِي. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْفَتْح،
أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَليدَةِ زَمْعَةَ. فَأقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ. فَقَالَ سَعْد: يَا رَسُولَ الله هَذَا ابْنُ أَخِي، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ الله هَذَا أَخِي، ابْنُ وَليدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى ابْنِ وَليدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بنَ زَمْعَةَ"؛ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"احْتَجبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ"؛ مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبةَ. وَكانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(أخذ سعد) بالتَّنوين.
(ابنَ) بالنَّصب؛ لأنه المَأْخُوذ، ويُكتب بالألف.
قال (ط): القِصَّة مُشْكلةٌ؛ لأنَّ عبدا ادَّعى على أبيه ولدًا بقوله: (أخي)، ولم يأْتِ ببيِّنةٍ على إقرار أبيه، فكيف يقبل دعواه؟، فذهب مالكٌ، والشَّافعي: أنَّ الأَمَةَ إذا وطِئَها مولاها لَزِمه كلُّ ولدٍ تجيء به بعد ذلك، ادَّعاه أم لا.
قال الكوفيُّون: لا يلزم مولاها إلا أن يُقِرَّ به، ولذلك قال:(هو لَكَ)، ولم يقل: هو أخوك، فالمراد: هو مملوكك بحقِّ ما لكَ عليه من اليَدِ، ولهذا أمرَ سَوْدةَ بالاحتِجاب منه، فلو جعلَهُ صلى الله عليه وسلم ابن زمعَة لمَا احتجَبت منه أختُه، وقيل: معناه: هو أخوك كما ادَّعيتَ، فقضَى بعِلْمه؛ لأنَّ زمعَة كان صِهْره، فألحق ولدَها به؛ لمَا عَلِمَه من فِراشه،
لا أنَّه قضى بذلك لاستِلْحاق عبدٍ له.
قال الطَّحَاوي: هو لكَ، أي: يَدُكَ عليه، لا أنَّك تملِكُه، بل لتمنعَ عنه سواك، كما قال في اللُّقَطة:"هي لكَ" تدفَع عنها غيرك حتى يجيء صاحبُها، ولمّا كانت سَوْدَة أختَ عبدٍ شريكتَه، ولم يَعلم تصديقَها على ذلك؛ ألزَم صلى الله عليه وسلم عبْدًا ما أقرَّ به على نفسه، ولم يجعل ذلك حُجَّةً على أُخته، فأمرَها بالاحتجاب.
قال الشَّافعي: رُؤْية ابن زمْعَة لسَودة مباحة، لكن كَرِهَه للشَّبَه، وأمرها بالسَّتْر اختيارًا، وزاد في بعض النُّسَخ بعد تمام الحديث: سمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ وَلد زمْعَة أَمَةً ووَليْدَةً؛ لأنَّ الخَصْمَين أطلَقا الأَمَةَ والوَليدة عليها، وأقرَّهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم على إطلاق ذلك، فكان كالتَّسمية، وقيل: غرَض البخاري: أنَّ بعض الحنفية لا يقولون: الولَد للفِراش في الأَمَة؛ إذ لا يُلحقون الولَد بالسَّيِّد إلا بإقْراره، بل يخصُّونه بفِراش الحُرَّة، وأَوَّلُوا حديث:(الوَلَد للفِرَاش) بأنَّ أُمَّ الولَد المتنازَع فيه كانت حرَّةً؛ للآية، فإنَّ الخِطَاب في قوله تعالى:{إلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] للمؤمنين، وزمْعَة لم يكن مؤمنًا، فليس له مِلْك اليَمين، فيكون ما في يَدِه حرَّةً لا مِلْكًا له.
(يا سودة بنت) برفع: (سَوْدة) و (بنت) ونصبهما.
* * *