الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 - كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
بسم الله الرحمن الرحيم
51 -
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
(بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
كتاب الهبة
هي تمليكٌ بلا عِوَضٍ، وهي أنواعٌ: كالإبْراء، والصَّدقة، فهبة الدَّين ممن عليه إبراءٌ، ولثَواب الآخرة صدقةٌ، وبالنَّقل إكرامًا هديةٌ.
2566 -
حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارتها، وَلَوْ فِرْسنَ شاةٍ".
الحديث الأول:
(يا نساء المسلمات) ويُروى: (المؤمنات)، فيه ثلاثة أوجهٍ:
المختار: نصب (النساء)، وجرِّ (المسلمات) على الإضافة، من إضافة الموصوف إلى صفته، كمسجد الجامع على الأصح الأشهر، قاله (ع).
والبصريون يتأوَّلونه على حذف الموصوف وإقامة صفته مُقامه، أي: نساء الجماعات المسلمات.
وقيل تقديره: يا فاضلاتِ المسلماتِ، كما يقال: هؤلاء رجالُ القوم، أي: أفاضلهم.
والكوفيون لا يقدِّرون محذوفًا، ويكتبون باختلاف الألفاظ للمغايرة.
ووجَّه ابن رُشْد بأن الخطاب يوجه لنساءٍ بأعيانهن، أَقْبَلَ بندائه عليهنَّ، فصحَّت الإضافة على المدح لهن، فالمعنى: يا فاضلات المسلمات، كما تقدم.
وعن ابن عبد البر إنكار الإضافة، وردَّه ابن السِّيْد بأنه نَقَلَتْه الرُّواة وتساعده اللُّغة، قال: وتوجيه ابن رشد يُقال فيه: وإنْ خاطَب نساءً بأعيانهنَّ فلم يقصِد تخصيصَهن به بل غيرهنَّ كذا، فالخطاب للعموم.
والثاني: رفعهما، فرفع الهمزة منادى مفرد، وإن كان غير علَم، كقوله تعالى:{يَا جبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10]، ورفع التاء صفةٌ على اللفظ، نحو: يا أيُّها النِّساء المؤمنات.
والثالث: رفع (النساء) ونصب التاء من (المسلمات)، نحو: يا زيدُ العاقلُ، والعاقلَ بالنصب صفةٌ على الموضِع، وعلامة النصب في جمع المؤنَّث الجرُّ.
(لجارتها) متعلِّقٌ بمحذوفٍ، أي: لا تحقِرنَّ جارةٌ هديةً لجارتها، وبالَغ حتى ذكَر أحقَر الأشياء.
(فِرْسِن) بكسر الفاء، والسين، وإسكان الراء: عظْمٌ قليل اللَّحم من البعير كالحافِر للدَّابَّة، والظِّلْف من الغنَم، والقَدَم من الإنسان، ويُستعار للشَّاة، ونون (فِرْسِن) زائدةٌ، وقيل أصلية.
وهذا النهي لمُعطية الهديَّة، أي: لا تمتنِع جارةٌ من هديةٍ لاستقلالها واحتقار الموجود عندها، بل تجودُ بما تيسَّر وإنْ قلَّ كفِرسَن شاةِ، فهو خيرٌ من العدَم.
وفيه المُبالغة في قَبول القليل من الهدية، لا إعطاء الفِرْسِن؛ لأنَّ أحدًا لا يُهديه، وقيل: النهي للمُهْدَاة عن الاحتِقار.
* * *
2567 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأُويسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ناَرٌ. فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدان التمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم جِيرَان مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ ألبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا.
الثاني:
(الأُويسي) بضم الهمزة.
(ابن حازم) بالمهملة، والزاي.
(رُومان) بضم الراء.
(لعروة ابن) بالنَّصب على النِّداء.
(إن كنا لننظر) بكسر الهمزة، والنُّون مخفَّفةً من الثَّقيلة، والضَّمير مستترٌ، ولهذا دخلت اللام في الخبر.
(ثلاثة أهلة) يجوز في (ثلاثة) الجرُّ والنَّصب.
(في شهرين)؛ أي: تكمل الشَّهرين، وتنظر إلى هلال الشهر الثَّالث.
(يعيشكم) من التَّعييش، وفي بعضها:(يُعشِّيكم) من التَّعشية.
(الأسودان) من التَّغليب؛ فإن غالب تمر المدينة أسود، والماء ليس بأسود؛ لكن غُلِّبَ الأشهَر كالعُمَرين والقمَرين، وهذا الحديث مصرِّحٌ أن التفسير من قول عائشة.
قال صاحب "المُحْكَم": فسَّره أهل اللغة بالتَّمر والماء، وعندي أنها أرادت الحرَّة واللَّيل، لأن التَّمر والماء عندهم شِبَعٌ ورِيٌّ لا سَغَبٌ، فأرادت عائشة أن تُبالغ في شدَّة الحال، وتنتهي لحالةٍ لا يكون معها إلا الحرَّة واللَّيل، وهو أذهبُ في سُوء الحال من التمر والماء.
(جِيران) بكسر الجيم.
(منائح) جمع مَنِيْحة، فهي كالعَطيَّة وزنًا ومعنًى، وهي شاةٌ أو