الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب تَأْويلِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}
وَيُذْكَرُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيةِ.
وَقَوْلهِ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ؛ فأداءُ الأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى".
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّده".
(باب: تأويل قوله عز وجل {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12])
(ويذكر) وصله أحمد، والترمذي وغيرهما من حديث الحارث الأعور عن علي، لكن الحارث ضعيف.
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا صدقة إلا عن ظهر غنى) موصول في (الزكاة)، و (ظهر) فيه مقحمة، أي: والمديون ليس بغني، فالوصية التي لها حكم الصدقة تعتبر بعد الدين، وأراد بتأويل الآية مثله.
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم: العبد راع) موصول في (العتق)، أي: فلا
يجوز له التبرع بخلاف أداء الدين الواجب عليه.
* * *
2750 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه، قَالَ: سألتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَألتُهُ فَأعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ لِي:"يَا حَكِيمُ! إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى"، قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَيَأبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِين! إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءَ فَيَأْبَى أَنْ يَأخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّي رحمه الله.
الحديث الأول:
(خَضِرة) بكسر الضاد، أي: ناعم مشتهى، شبَّهه بالمراعي الشهية للأنعام، والتأنيث على معنى المشبه به، أي: هذا المال شهي كالخضرة، وقال ثابت: إن المال شهية كالبقلة الخضرة، أو فائدة
المال وهي الجارية أو المعيشة منه خضرة.
(بإشراف)؛ أي: بحرص وطلب.
(أرزأ) بتقديم الراء على الزاي، وأصله النقص، أي: لا آخذ من أحد بعدك شيئًا، سبق في (الزكاة) في (باب الاستعفاف).
* * *
2751 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخْتيَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا يُونس، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَني سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالإمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْؤُلٌ عَنْ رَعِيَّتهِ، وَالْمَرْأة فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْؤُلَةٌ عَنْ رَعِيَّتهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْؤُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ".
الثاني:
سبق في (باب الجمعة في القرى).
قيل: ووجه مطابقةِ وصيةِ العبد للباب: أن الحق الأقوى مقدم على الأضعف، فكما يقدم حق السيد على حق العبد، فكذا الدَّينُ يُقدم على الوصية، لأنه أقوى.
ووجه حديث حكيم: أن الوصية كالصدقة فيدُ آخذها يد السفلى