الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - بَابُ تَحْرِيمِ دَمِ الْمُسْلِمِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا صَلَّى
1846 -
قَالَ مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى فِي زِيَادَاتِ المسند (1): حدثنا مكين (2) الحازم (3)، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ (4) الْحَجَّاجُ بابن الزبير رضي الله عنه أَخَذَ رَجُلًا، فَدَفَعَهُ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر رضي الله عنهم لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ: أَمُسْلِمٌ أَنْتَ؟، قَالَ: نعم، قال: وصليت الصُّبْحَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: انْطَلِقْ لَا سَبِيلَ لي عليك، فبلغ الحجّاج ما صنع، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: سَأَلْتُهُ أَمُسْلِمٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَسَأَلْتُهُ: أصليتَ الصُّبْحَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَنْ صَلَّى الصبح كان في جوار الله تعالى حَتَّى يُصْبِحَ أَوْ يُمْسِيَ. قَالَ: فَإِنَّهُ مِنْ قتلة عثمان رضي الله عنه قَالَ: فَمَا أَنَا بِوَلِيِّ عُثْمَانَ فَأَقْتُلُ [قَتَلَتَهُ](5)، فبلغ أباه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فخرج مسرعًا يجرّ إِزَارِهِ [فَلَقِيَهُ](6) بِمَا (7) صَنَعَ، فَقَالَ: سَمَّيْتُكَ سَالِمًا لتسلم، سمّيتك سالمًا لتسلم.
(1) أي: مسند مسدّد، وقد تقدم الكلام على هذا في ترجمة معاذ بن المُثنّي من المقدمة.
(2)
في (ك): "مليس"، وهو تحريف.
(3)
في (عم) و (ك): "الخادم"، ولم يتبين لي وجه الصواب؛ لعدم وقوفي على ترجمة لهذا الرجل.
(4)
كان ذلك سنة 72 هـ حين وجّة عبد الملك الحجّاج إلى مكة؛ لقتال ابن الزبير، فحاصره وقتله سنة 73 هـ، وانتهك حرمة مكة ينظر:(تاريخ الطبري 3/ 530، العبر 1/ 60).
(5)
في الأصل و (عم): "قتله"، والتصويب من (ك).
(6)
في الأصل: "فلقبه" بموحّدة، وهو تصحيف، والتصويب من (عم) و (ك).
(7)
في (عم): "كما"، وهو تحريف.
1846 -
تخريجه:
أخرج الطبراني في الأوسط (9/ 249)(8543) المرفوع منه من طريق معاذ، به.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 311: 13210) وفي الأوسط (1/ 198/أ) عن الحسين بن السميد الأنطاكي عن موسى بن أيوب النصيبي، عن عطاء بن مسلم الخفّاف عن الأعمش قال: كان سالم بن عبد الله قاعدًا عند الحجّاج
…
فذكر القصّة والحديث بنحوه.
وأخرجه الطبراني أيضًا في الكبير (12/ 312: 13211) عن الحسين بن إسحاق التستري، عن يحيى الحمّاني، عن إسحاق بن عمرو بن سعيد، عن أبيه: أن الحجّاج أمر سالم بن عبد الله بقتل رجل
…
فذكره بنحوه أخصر من الأول بقليل.
وأخرجه ابن سعد (5/ 196) ومن طريقه ابن عساكر (7/ 29 مخطوط الظاهرية) نا روح بن عبادة وعمرو بن عاصم الكلابي قالا: نا همام بن يحيى عن عطاء بن السائب، به.
والمرفوع منه فقط رواه أحمد (2/ 111 ح 5898) من طريق موسى بن داود، ورواه البزار (كما في الكشف 3342) من طريق عبد الله بن يوسف كلاهما عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن نافع عن ابن عمر، وفيه ابن لهيعة ضعيف.
وهذه القصّة أخرجها أبو العرب التميمي في كتاب المحن (207، 208، 209، 210) بأطول من قصة حديث الباب عن عبد الله بن الوليد قال: "حدثني أبو إبراهيم =
= عن أبيه
…
ثم ساق قصة طويلة في قتل الحجّاج لابن الزبير ولابن عمر، وفيها قصة حديث الباب بنحوه بأطول منها".
وللمرفوع منه شاهد عند مسلم -وغيره- من طريق أنس عن ابن سيرين، قال: سمعت جندب بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الصَّبْحُ فهو في ذمّة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه، فيكبّه في نار جهنم". أخرجه مسلم في المساجد، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة (1/ 454: 657).
وأيّوب بن سُويد يكتب حديثه في جملة الضعفاء.
ويونس بن يزيد ثقة لاريب في توثيقه، وما أخطأ فيه أو خالف فيه الثقات فيتجنب، مثله في ذلك كغيره ممن يخالف.
الحكم عليه:
الحديث إسناده ضعيف؛ لعلتين:
1 -
ضعف أيوب بن سُويد.
2 -
شيخ المُصنِّف مكين الحازم لم أجد من ترجم له.
لكنه يرتقي بمتابعتي الطبراني إلى الحسن لغيره، والمرفوع منه صحّ من أوجه أخرى قد بينتها في التخريج.
وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب (186): "حسن".
12 -
بَابُ نَفْيِ (1) الْمُرْتَدِّينَ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِمْ
1847 -
[قَالَ (2)] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ (3) قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ (4) بِمَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ، فَإِذَا إِمَامُهُمْ يَقْرَأُ بِقِرَاءَةِ مُسَيْلِمَةَ: والطاحناتِ طَحْنًا، والعاجناتِ عَجَنًا، والثارداتِ ثَرْدًا، فاللاقماتِ لَقْمًا. فَبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ فأُتِيَ بِهِمْ، فَإِذَا هُمْ سبعون يقرأون على قراءة مسيلمة، فقال عبد الله رضي الله عنه: مَا نَحْنُ بُمَحْرِزِي (5) الشَّيْطَانِ هَؤُلَاءِ، رحِّلوهم إِلَى الشام، لعلّ الله تعالى أن يُفنيهم (6) بالطعن والطاعون.
قلت (7): قصّة هؤلاء [رواها](8) أَبُو دَاوُدَ (9) وَغَيْرُهُ (10) مِنْ رِوَايَةِ حَارِثَةَ بْنِ مضرِّب عن ابن مسعود رضي الله عنه، وليس فيه شيء مِمّا هنا.
(1) في (عم): "في" ، والصواب ما في الأصل و (ك).
(2)
"قال" ساقطة من الأصل و (ك)، والمثبت في (عم).
(3)
في (عم): "رجاء"، وهو تحريف.
(4)
في رواية أبي داود وغيره أنه حارثة بن مضرّب كما سيأتي في التخريج، ويحتمل غيره.
(5)
في (ك): "بمحرري" بمهملتين، وهو تصحيف.
(6)
في (ك): "ينقبهم"، وهو تحريف.
(7)
القائل هو الحافظ ابن حجر.
(8)
في الأصل: "رواه"، والتصويب من (عم) و (ك).
(9)
سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب الرسل (3/ 192: 2762).
(10)
يعني النسائي في الكبرى وابن أبي شيبة والبيهقي والطبراني وغيرهم، وستأتي رواياتهم في الكلام على تخريج الحديث.
1847 -
تخريجه:
أخرجه مسدد كما سيأتي برقم (1954) عن عيسى بن يونس به، ولم يذكر فيه ابن مسعود، واقتصر على قصّة قتل ابن النوّاحة.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنَّفه في كتاب العقول، باب في الكفر بعد الإيمان (10/ 169: 18708) عن ابن عيينة.
وابن أبي شيبة في المصنّف، كتاب الجهاد، ما قالوا في الرجل يُسلم ثم يرتدّ ما يُصنع، به (12/ 12789) عن وكيع، والبيهقي في الدلائل (5/ 332) من طريق جعفر بن عون، ثلاثتهم عن إسماعيل بن أبي خالد به بنحوه، وفيه عندهما أن ابن مسعود قتل إمام هؤلاء المرتدّين، واسمه عبد الله بن النوّاحة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (9/ 218: 8956).
وقال الهيثمي في المجمع (6/ 261): "رجاله رجال الصحيح".
والحديث أورده البوصيري في الإتحاف في المختصر، باب نفي المرتدّين بعد استتابتهم (2/ 34/ ب)، وقال:"رواه إسحاق بن راهويه مرسلًا بسند صحيح".
وقصّة هؤلاء رواها أبو داود وغيره -كما أشار إلى ذلك المُصنِّف- مِنْ رِوَايَةِ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنِ ابْنِ مسعود رضي الله عنه، وليس فيه شيء مما هنا.
ولفظ الحديث عند أبي داود:
…
عن حارثة بن مضرّب أنه أتى عبد الله فقال: "ما بيني وبين أحد من العرب حِنَة، وإني مررت بمسجد لبني حنيفة، فإذا هم يؤمنون بمسيلمة، فأرسل إليهم عبد الله، فجيء بهم، فاستتابهم غيرَ ابن النوّاحة، قال له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لولا أنك رسول، لضربت عنقك"، فأنت اليوم لست برسول، فأمر قرظة بن كعب، فضرب عنقه في السوق، ثم قال: من أراد أن =
= ينظر إلى ابن النوّاحة قتيلًا بالسوق" (السنن 3/ 192: 2762).
ورواها أيضًا النسائي في الكبرى كتاب السير، في النهي عن قتل الرسل (5/ 205: 8576)، وابن أبي شيبة في مصنّفه، كتاب الجهاد، ما قالوا في الرجل يسلم ثم يرتدّ (12/ 268: 12788)، والبيهقي في "الكبرى" كتاب المرتد، باب من قال: المرتد يستتاب (8/ 206)، والطبراني في الكبير (9/ 194: 8957) كلّهم من طريق أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ ابن مسعود.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 211) من طريق شقيق بن سلمة عن ابن مُغير السَعدي عن ابن مسعود رضي الله عنه بنحو رواية أبي داود.
الحكم عليه:
قال البوصيري في الإتحاف المختصر (2/ 34/ ب): "رواه إسحاق مرسلًا بسند صحيح".
قلت: لا حاجة لقوله: "مرسل"؛ لأنّ الحديث ليس مرفوعًا، حتى يقال إنّ قيس لم يدرك النبي -صلي الله عليه وسلم-.
والحديث رجال إسناده ثقات، غير أنه معلول بمخالفة الثقات؛ حيث رووه عن حارثة بن مضرّب عن ابن مسعود، وفيه أنه استتابهم، وفي حديث الباب أنه رحّلهم إلى الشام، وهذا مخالف لما هو معهود في الشرع من استتابه المرتد، ومثل ابن مسعود رضي الله عنه لا يجهل هذا الحكم، وهو من كبار علماء الصحابة. ولعله نفاهم بعد الاستتابة، وبظهر هذا من ترجمة الحافظ للباب.