الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ
1932 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثنا بَقِيَّةُ عَنِ [أَبِي مُطِيعٍ](1)، حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: من قَاتَلَ وَصَبَرَ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَغْلِبَ، وُقِي فتنة القبر (2).
(1) في الأصل و (ك): "ابن مطيع"، والمثبت من (عم) والإتحاف هو الصواب.
(2)
هذا الحديث والحديثان بعده سقطوا من المطبوع من المجردة.
1932 -
تخريجه:
الحديث لم أقف عليه في مسند أبي يعلى المطبوع، ولعلّه في المسند الكبير.
وذكره البوصيري في الإتحاف (4/ 83/ ب) من مسند أبي يعلى فقط، ولم يعزه لغيره.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 119) من طريق عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار عن أبي مطيع معاوية بن يحيى به بنحوه.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه".
وتعقبه الذهبي كما في مختصر استدراك الذهبي لابن الملقّن (2/ 610)،
فقال: "فيه معاوية بن يحيى، وهو ضعيف".
وقول الذهبي فيه نظر؛ لأنّ معاوية هذا وثّقه الجمهور كما في ترجمته. =
= وأخرجه الطبراني في الكبير (4/ 187: 4094)، وفي الأوسط (2/ 221/ ب) عن موسى بن جمهور التنيسي، عن محمَّد بن مصفى، عن معاوية بن يحيى -هو أبو مطيع- به بلفظ:"من لقي العدو فصبر حتى يقتل أو يغلب لم يفتن في قبره".
وفي الأوسط: أو يُقتلهم بدل يغلب.
لكن زاد في الأوسط -كما هو ظاهره في المخطوط- بعد محمَّد بن مصفى زاد: ثنا أبي. يعني مصفى بن بهلول كما في (المجمع).
قال الهيثمي في "المجمع (5/ 327 - 328) بعد أن ذكر الحديث: "رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه: مصفى بن بهلول، وهو والد محمَّد، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". وتعقّبه الشيخ حمدي السلفي في تعليقه على المعجم الكبير (4/ 187)، فقال: "ليس فيه مصفى، إنما فيه محمَّد، وهو صدوق له أوهام".
قلت: بل هو في الأوسط ظاهر، كما أشرت من قبل، فما أدري هل زيدت من الناسخ، أم هي من المزيد في متصل الأسانيد.
الحكم عليه:
حديث الباب رجال إسناده ثقات، غير أبي مطيع معاوية بن يحيى الطرابلسي الشامي، نهو صدوق، وبقية ثقة في الشاميين، وتدليسه ينجبر بمتابعة عثمان بن سعيد عند الحاكم، وهو ثقة، فالإسناد حسن، ويزداد قوة بمتابعة محمَّد بن مصفّى عند الطبراني في الكبير.
ولمتنه شاهد صحيح من حديث المقدام بن معد يكرب يرفعه "للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويُحلّى حلية الإيمان ، ويُزوّج من الحور العين، ويُشفع في سبعين إنسانًا من أقاربه".
أخرجه الترمذي في الجهاد، باب ثواب الشهيد (4/ 161: 1663)، وقال:"حسن صحيح غريب"، وابن ماجه (2/ 935: 2799)، واللفظ له، وأحمد (4/ 131).
وإسناده صحيح.
1933 -
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا محمَّد بْنُ الْحَسَنِ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ محمَّد، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ محمَّد بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى الصَّلَاةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَقَالَ حِينَ انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ: اللَّهُمَّ آتِنِي أَفْضَلَ مَا تُؤْتِي عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا؟ قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: إِذًا يُعْقَرُ جَوَادُكَ وتُسْتَشْهد.
رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبَانَ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ، كِلَاهُمَا، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ أَحَدُهُمَا، عَنْ محمَّد بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَائِذٍ وَالْآخَرُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَائِذٍ.
قَالَ الْبَزَّارُ (2): لَمْ يَرْوِ مُسْلِمٌ أَوْ محمَّد بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ إلَّا هَذَا ، وَلَا يُروى عَنْ سَعْدٍ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
(1) زاد في (عم) في هذا الموضع "الصلاة".
(2)
البحر الزخّار (3/ 318: 1112).
1933 -
تخريجه:
الحديث عند أبي يعلى في مسنده (2/ 56: 796) بلفظه.
وأورده الهيثمي في المقصد العلي (1/ 76/ أ).
وأخرجه البخاري في تاريخه (1/ 222) عن عبد العزيز بن عبد الله، والنّسائي في الكبرى كما في نتائج الأفكار (1/ 386) وفي عمل اليوم والليلة (ص 180: 93) عن محمَّد بن نصر، عن إبراهيم بن حمزة، ومن طريقه ابن السنّي في عمل اليوم والليلة (ص 53: 106) وابن خزيمة في صحيحه (1/ 231: 453)، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (10/ 496: 4640 طبعة الأرناؤوط)، والحاكم (1/ 207) من =
= طريق إبراهيم بن حمزة أيضًا والبزّار في البحر الزخّار (3/ 318: 1113)، كلاهما عن أحمد ابن عبدة، وأبو يعلى في مسنده (2/ 108: 769) عن مصعب بن عبد الله الزبيري، والطبراني في الدعاء (2/ 1025: 492) من طريق سعيد بن أبي مريم، وابن أبي عاصم في الدعاء كما في نتائج الأفكار لابن حجر (1/ 389) عن يعقوب بن حميد بن كاسب.
ستتهم عن عبد العزيز الدراوردي به بلفظه، وبعضهم بنحوه.
قال البزّار: "لا نعلم روى مسلم بن عائذ أو محمَّد بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَائِذٍ عَنْ عَامِرِ إلَّا هَذَا ، وَلَا يُروى عَنْ سَعْدٍ إلَّا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرّجاه".
وقال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 388): "هذا حديث حسن".
قلت: هكذا رواه من تقدم ذكرهم، ورواه غيرهم على غير هذا الوجه.
فأخرجه البزار في البحر الزخّار (3/ 318: 1112) عن أحمد بن أبان القرشي، عن الدراوردي، عن سهيل، عن مسلم بن عائذ، عن عامر به بلفظه.
وأحمد بن أبان هذا مجهول الحال، فلا يلتفت إلى مخالفته للثقات. وذكره الدارقطني في العلل (4/ 342 - 343: 614)، وقال:"يرويه الدراوردي عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ محمَّد بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سعد. واختلف على الدراوردي فيه، فرواه إبراهيم ابن حمزة وخالد بن خداش ومصعب الزبيري وغيرهم، عن الدراوردي، عن سهيل، عن محمَّد بن مسلم بن عائذ، وخالفهم ضرار بن صرد والحُماني، فروياه عن الدراوردي، عن سهيل، فقالا: عن مسلم بن عائذ، والقول الأول أصح".
الحكم عليه:
إسناد أبي يعلى ساقط، فيه محمَّد بن الحسن بن زبالة كذّبوه، لكنه لم ينفرد به عن الدراوردي، بل شاركه فيه ستة أئمة، وهم ثقات، وقد ذكرنا متابعاتهم جميعًا =
= بالتفصيل في الكلام على تخريج الحديث.
وفي الجملة، فالحديث حسن -من غير طريق أبي يعلى التي في الباب لما ذكرناه- بالرغم من دوران الحديث على محمَّد بن مسلم بن عائذ، وقد علمت حاله من خلال ترجمته. وما رجّحناه هناك تبعًا للحافظ من تحسين لحديثه.
وأما مخالفة أحمد بن أبان التي عند البزار، فلا يلتفت إليها ، لمخالفتها رواية الثقات، فضلًا عن جهالة حال أبان، وقد ذكرنا هناك قول الدارقطني في العلل (4/ 342) وترجيحه لرواية الجمهور.
1934 -
[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ شَيْخٍ يُقَالُ لَهُ الْحَفْصِيُّ (1)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَذَّنَ بِلَالٌ رضي الله عنه، حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَذَّنَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، حَيَاتَهُ وَلَمْ يُؤَذِّنْ فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُؤَذِّنَ؟ قَالَ: إِنِّي أَذَّنْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قُبِضَ وَأَذَّنْتُ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه حَتَّى قُبِضَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيَّ نِعْمَتِي (2)، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَا بِلَالُ لَيْسَ شَيْءٌ (3) أَفْضَلَ مِنْ عَمَلِكَ إلَّا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَجَاهَدَ.
[2]
وَقَالَ عَبْدٌ وَأَبُو يَعْلَى جَمِيعًا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِهِ (4).
(83)
وحَدِيثُ الْقَتْلِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ إلَّا الْأَمَانَةَ، يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فِي تَفْسِيرِ سورة النّساء (5).
(1) جاء موضحًا في رواية ابن سعد في الطبقات (3/ 235) أنه: حفص بن عمر بن سعد.
(2)
يشير إلى أن أبا بكر أعتقه بعدما اشتراه من أميّة حين كان يعذّبه في مكة.
(3)
تحرّفت في (عم) إلى "ليشر" وبإزاءها كتب "كذا".
(4)
سقط من (ك) من باب فضل الجهاد من قوله أوّل الحديث "وقال أبو يعلى" إلى قوله "
…
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِهِ "
(5)
هو في المطالب العالية برقم (3574) وفي المطبوع (3/ 320: 3584) من حديث عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه، ونصّه: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا غَيْرَ الْأَمَانَةِ، يُؤْتَى بِالشَّهِيدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُقَالُ: أدِّ أَمَانَتَكَ، فَيَقُولُ: مِنْ أَيْنَ أُؤَدِّيهَا وقد ذَهَبَتِ الدُّنْيَا؟ قَالَ فَيُقَالُ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ، حَتَّى إِذَا انْتُهِيَ بِهِ إِلَى قَرَارِ الهاوية مثلت له أمانته هيئة يَوْمَ ذَهَبَتْ، فَيَحْمِلُهَا فَيَضَعُهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَيَصْعَدُ فِي النَّارِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْهَا، هَوَتْ وَهَوَى فِي إِثْرِهَا أَبَدَ الْآبِدِينَ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [الآية 58 من سورة النساء]. أخرجه مسدد في مسنده.
1934 -
تخريجه:
لم أقف عليه في القسم الموجود من مسند ابن أبي شيبة، ولا في المصنّف له، =
= ورواية أبي يعلى هي في المسند الكبير جزما، لرواية ابن عساكر لها من طريق ابن المقرئ.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (1/ 316: 361).
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (3/ 466 مخطوط) من طريق أبي بكر بن المقرئ عن أبي يعلى الموصلي، عن أبي بكر بن أبي شيبة به بلفظه.
وأخرجه ابن عساكر أيضًا في (تاريخه)(3/ 466) من طريق محمَّد بن هارون عن سفيان بن وكيع، عن حسن بن علي به بلفظه.
وابن سعد في (الطبقات) موضحًا المهمل وهو (حفص بن عمر بن سعد)(3/ 235 - 236)، ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه)(3/ 467)، عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني، عن عبد الرحمن بن سعد (1)، عن عبد الله بن محمَّد بن عمار (2) وعمار بن حفص وعمر بن حفص، عن آباءهم عن أجدادهم قالوا: جاء بلال إلى أبي بكر
…
فذكروه بنحوه مطولًا.
والطبراني في الكبير (1/ 338 - 353: 1013 أو 1076) من طريق يعقوب ابن حميد بن كاسب وإسماعيل الطالقاني، وأبو نعيم في (معرفة الصحابة (1/ 275/ ب) مطولًا من طريق الحميدي، وابن عساكر في (تاريخه)(3/ 467) من طريق ذؤيب بن عمامة، أربعتهم عن عبد الرحمن بن سعد به بنحوه.
ولقصة الحديث شاهد مرسل، دون المرفوع منه.
أخرجها أبو نعيم في الحلية (1/ 150 - 151) من طريق ابن إسحاق عن الحسن بن عيسى بن ابن المبارك، عن معمر، عن عطاء، عن ابن المسيّب، قال: فذكر القصة.
(1) وتمام نسبه كما في الطبقات: ابن عمّار بن سعد بن عمّار بن سعد المؤذّن.
(2)
وتمام نسبه كما في الطبقات: ابن سعد بن عمّار بن حفص بن عمر بن سعد. =
= وللمرفوع منه شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: يا رسول الله نرى
الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال:"لكنّ أفضل الجهاد: حجّ مبرور".
أخرجه البخاري في الحج، باب فضل الحج المبرور (3/ 381: 1915) وفي الجهاد، باب فضل الجهاد والسير (6/ 4: 2784) وغيرهما.
وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: دلّني على عمل يعدل الجهاد، قال: "لا أجده
…
" الحديث.
أخرجه البخاري في الجهاد والسير (6/ 4: 2785).
وله شاهد آخر أخرجه البخاري في صحيحه مختصرًا، في "فضائل الصحابة، باب مناقب بلال (7/ 125: 3755) عن ابن نمير، عن محمد بن عبيد، حدثنا إسماعيل عن قيس أن بلال قال لأبي بكر:(إن كنت إنما اشتريتني لنفسك، فأمسكني، وإن كنت إنّما اشتريتني لله، فدعني وعمل الله).
قال الحافظ: وفي رواية الكشميهني: (فدعني وعملي لله).
الحكم عليه:
الحديث حسن بمجموع طرقه، وإن كان حفص بن عمر بن سعد وأباه عمر بن سعد لم يوثقهم معتبر، غير ابن حبّان، وهو متساهل ويوثّق المجاهيل، لكنهم لم ينفردوا به، بل تابعهم عليه جماعة، ولم يأتوا بما ينكر عليهم، ومن هذه حاله، فحديثه حسن، ولذا قال عنهما الحافظ في التقريب:"مقبول".
وذكر الحافظ في الفتح (7/ 125) طريق ابن سعد، وسكت عنه.
1935 -
وَقَالَ إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْعَكَلِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، جَيْشًا وَفِيهِمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه، فَلَمَّا سَار (1) رَأَى (2) مُعَاذًا رضي الله عنه، فَقَالَ: مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ ثُمَّ أَخْرُجَ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها.
(1) في (عم) و (ك): "سارو".
(2)
في (عم): "أتى".
1935 -
تخريجه:
لم أقف عليه في القسم الموجود من مسند إسحاق بن راهويه.
وأورده البوصيري في الإتحاف (4/ 72/ أ)، ولم يعزه لغير إسحاق.
وأخرجه البيهقي (3/ 187) من طريق معتمر بن سليمان عن أبيه عن المغيرة به بلفظه.
وله شاهد عن جمع من الصحابة، أذكر منهم: أنس وسهل بن سعد رضي الله عنهما:
1 -
فأما حديث أنس: فأخرجه البخاري في الجهاد، باب الغدوة والروحة، وغيره (6/ 13: 2792)، والترمذي في فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الغدو والرواح في سبيل الله (4/ 181: 1651) وابن ماجه فيه، باب فضل الغدوة والروحة (2/ 921: 2757) وأحمد (3، 141 - 157) وأبي يعلى في مسنده (6/ 245: 7355) والبغوي في شرح السنّة (10/ 351: 2616) من طرق عن حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لغدو في سبيل الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
وأما حديث سهل بن سعد: فأخرجه البخاري في الجهاد، باب الغدوة والروحة =
= (6/ 14: 2794)، والنسائي فيه (6/ 15: 3118)، وأحمد (5/ 235)، والدارمي (2/ 122: 2403)، والطبراني في الكبير (6/ 236: 5969) من طرق عن سفيان الثوري، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها".
الحكم عليه:
رجال إسناد إسحاق كلهم ثقات، غير أنه منقطع ، لأن أبا زرعة لم يلق عمر، وحديثه عنه مرسل، كما نصّ عليه الحافظ في التهذيب (12/ 99)، لكنه يتقوى بما ذكرناه من الشواهد.
1936 -
وقال ابن أبي عمر: حدثنا المُقرىء (1)، ثنا [سَعِيدُ](2) -هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ- ثنا محمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -هُوَ أَبُو الْأَسْوَدِ- عَنْ يُونُسَ بْنِ [خَبَّابٍ](3) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَوْقِفُ سَاعَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلُ مِنْ شُهُودِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ.
خَالَفَهُ عَبَّاسٌ الترقفي عن [المُقرىء](4)، فَقَالَ: عَنْ مُجَاهِدٍ بَدَلَ يُونُسَ، أَخْرَجَهُ ابْنُ حبّان في صحيحه (5).
(1) زاد في الأصل في هذا الموضع: "وقال"، وهي إضافة لا معنى لها، وأظنها سبق قلم من الناسخ أو انتقال لبصره.
(2)
في الأصل "شعبة"، وهو تحريف، والتصويب من (عم) والإتحاف وكتب الرجال.
(3)
في الأصل "حباب" -بحاء مهملة- والتصويب من (عم) والإتحاف وكتب الرجال.
(4)
في الأصل و (عم): "المقبري"، وما بين المعقوفين من (ك)، وهو الصواب كما في كتب الرجال.
(5)
انتقل نظر ناسخ (ك) إلى قوله فيما يأتي "وقال أبو بكر .. "، فكتب سند الحديث التالي ومتنه مع بعض الحذف.
1936 -
تخريجه:
الحديث أورده البوصيري في الإتحاف (4/ 57/ ب) من مسند ابن أبي عمر العدني.
هكذا رواه ابن أبي عمر وخالفه غيره: فأخرجه عباس بن عبد الله الترقفي في (حديثه) كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/ 57) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ بِهِ بنحوه، وفيه قصّة، وقال:(مجاهد) بدل (يونس).
ومن طريق عباس الترقفي أخرجه ابن حبَّان في صحيحه (7/ 61: 4584)، والبيهقي في الشعب (4/ 40: 4286)، وابن عساكر في (الأربعين في الحث على =
= الجهاد) (ص 81 - 82: 18).
وعلّقه البخاري في (تاريخه الكبير)(8/ 408)، فقال:"يونس بن غياث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "موقف ساعة في سبيل الله"، هكذا ذكره بدون إسناد، وقال: رواه أصبغ عن ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن محمَّد بن عبد الرحمن، عن يونس بن يحيى".
الحكم عليه:
إسناد ابن أبي عمر فيه انقطاع ، لأن يونس بن خباب لم يلق أبا هريرة، وإنما سمع مجاهدًا. هذا مع مخالفته لرواية الثقات ، وحتى لو سَلِم من الانقطاع، فيونس رافضي جلد يشتم الصحابة، وهو متهم بالكذب، فالإسناد إذًا واهٍ بمرّة.
لكن الحديث قد صحّ من طريق آخر عند ابن حبّان في صحيحه ، والبيهقي وابن عساكر من طريق مجاهد عن أبي هريرة، كما هو في التخريج.
ورجال إسنادهم ثقات معروفون، وما قيل: من أن مجاهدًا لم يسمع من أبي هريرة، فالصحيح ثبوت سماعه منه، كما في سنن أبي داود (4/ 388: 4158) والبيهقي (7/ 270)، كما قرّر غير واحد من الأئمة كأبي حاتم الرازي وغيره.
فالحديث إذًا صحيح من غير طريق ابن أبي عمر العدني.
1937 -
[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ محمَّد المُحَاربي، ثنا الإِفريقي عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو (1) رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: من صُدِّع رأسه في سبيل اللَّهَ تَعَالَى، غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
[2]
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ (2).
وفي رواية المقرئ: فاحتسب.
[3]
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا [قُرّان](3) بْنُ تمام ومروان بن معاوية فرقهما (4).
[4]
وقال عبد (5): حدثنا جعفر بن (6) عون (7).
(1) في (عم): "عبد الله بن عمر"، وهو تحريف. وعبد الله بن يزيد هو المعافري، تابعي ثقة.
(2)
هو عبد الله بن يزيد المصري، المكي، المقرئ.
(3)
في الأصل و (عم): "فرات"، وهو تحريف، وفي (ك):"مروان ابن" وبعده بياض، والتصويب من كتب الرجال.
(4)
في (ك): "فرقها".
(5)
المنتخب لعبد بن حميد (1/ 295: 429).
(6)
في (ك): "جعفر بن عدي"، وهو تحريف.
(7)
في (ك): أخّر قوله "وقال ابن أبي عمر -إلى قوله- حدثنا جعفر بن عون" إلى ما بعد الحديث التالي، وفي باقي النسخ جاءت بعد حديث أبي هريرة المتقدم (1936) والصواب أنها تابعة لحديث عبد الله بن عمرو (1937) كما في الإتحاف ومصادر التخريج.
1937 -
تخريجه:
لم أقف عليه فيما وصلنا من مسند ابن أبي شيبة، وهو عنده في المصنّف (5/ 329) بلفظه تمامًا.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (2/ 163: 2425) عن إسماعيل بن عياش، =
= والبيهقي في الشعب (7/ 174: 9899) من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن الإفريقي به بنحوه، وفيه:"فاحتسب".
وأخرجه البزّار كما في (كشف الأستار)(1/ 365: 767) عن سلمة بن شبيب، والخطيب في تاريخه (12/ 100) من طريق بشر بن موسى، كلاهما عن عبد الله ابن يزيد المقرىء، عن الإفريقي به بنحوه، وفيه:"فاحتسب".
قلت: فيكون مجموع من رووه عن الإفريقي -بالإضافة إلى من ذكرهم المصنف في المتابعات مع رواية ابن أبي شيبة-: ستة رجال.
وأورده المنذري في الترغيب (4/ 297)، وقال:"رواه الطبراني والبزّار بإسناد حسن".
والهيثمي في المجمع (2/ 302)، وقال:"رواه الطبراني والبزّار بإسناد حسن".
الحكم عليه:
هذا الحديث حسّن إسناده المنذري في الترغيب (4/ 297) والهيثمي في المجمع (2/ 302).
ومدار الحديث على الإفريقي، وقد تقدم أنه ضعيف في حفظه كما رجحناه، وعليه فإسناده ضعيف، وتشهد لمتنه عموم النّصوص الواردة في فضل من اغبرّت قدماه في سبيل الله ونحوها، وهي كثيرة في كتابنا هذا.
1938 -
وَقَالَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ (1) أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الْجِهَادَ، فَلَمْ يُفَضِّلْ عَلَيْهِ شَيْئًا إلَّا المكتوبة.
(1) قوله: "عبد الله بن" ملحقة بحاشية الأصل.
1938 -
تخريجه:
لم أقف عليه في مسند الطيالسي المطبوع، ولا في منحة المعبود للساعاتي؛ وذلك أن المسند الموجود بين أيدينا غير كامل، وهو من جمع أحمد بن الفرات، ورواية بن حبيب، كما ذكر الذهبي في السير (9/ 382).
وذكره البوصيري في الإتحاف (4/ 57 أ)، من مسند الطيالسي.
ومن طريق الطيالسي هذه أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (1/ 207: 192)، والبيهقي في الكبرى (9/ 48) بلفظه، وزاد عبد بن حميد: فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إن قُتلت في سبيل الله أين أنا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إن قتلت صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر، فأنت في الجنة". قال: ورأينا أنه يُنْزَلُ عليه، فلما أدبر الرجل، دعاه فقال له:"إلَّا أن يكون عليه دَيْن، فإنه مأخوذ بدَينه، كذلك زعم جبريل عليه السلام".
وأخرجه الدارمي في مسنده (2/ 126: 2417) بنحوه، وفيه زيادة عن عبيد الله بن عبد المجيد، وقال:"الفرائض" بدل "المكتوبة"، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 436: 1872) بنحو حديث عبدٍ مطولًا من طريق: الدراوردي ومحمد بن فليح، ثلاثتهم عن ابن أبي ذئب به.
وأخرجه أيضًا مسلم، في الإمارة، باب من قتل في سبيل الله (3/ 1051: 1885)، والترمذي في الجهاد، ما جاء فيمن يستشهد وعليه دَيْن (4/ 184: 1712)، والنسائي فيه (6/ 34: 3157)، جميعهم عن قتيبة، وأحمد في مسنده (5/ 303 - 304)، عن حجّاج الأعور، كلاهما عن ليث -هو ابن سعد- عن سعيد المقبري به =
= بنحو حديث عبد بن حميد، دون قوله:"إلَّا المكتوبة"، ولم يذكروا "ورأينا أنه ينزل عليه".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وأخرجه مسلم أيضًا (3/ 1501)، والنسائي (6/ 304: 3156)، وأحمد في المسند (5/ 297)، وابن أبي شيبة في المصنّف (5/ 310)، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 437 - 438: 1874 - 1875)، كلهم من طريق يحيى بن سعيد هو الأنصاري عن سعيد المقبري به بمعنى حديث الليث مختصرًا، من غير ذكرٍ للفظ حديث الباب.
زاد ابن أبي عاصم: الزبير أبا خالد مقرونًا بيحيى بن سعيد الأنصاري.
الحكم عليه:
إسناد الطيالسي في غاية الصحّة، وابن أبي ذئب أثبت الناس في سعيد المقبري وزاده قوّة متابعة الليث بن سعد -وهو قرينه في هذه المرتبة- ويحيى بن سعيد الأنصاري.
1939 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا كَوْثَرُ (1) بْنُ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه بَعَثَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الشَّامِ، فَمَشَى مَعَهُمْ نَحْوًا مِنْ مِيلَيْنِ، فَقِيلَ له: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَوِ انْصَرَفْتَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه:(2) إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، حَرَّمَهَما اللَّهُ عز وجل على النار.
(1) في (ك): "كثير"، وهو تحريف.
(2)
زاد في (عم): "في هذا الموضع "لا".
1939 -
تخريجه:
أخرجه البزار في (البحر الزخّار)(1/ 76 - 191: 22)، عن محمَّد بن المثنى وعمرو بن علي -هو الفلاس-، وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق" (ص 59 - 60: 21)، وابن أبي عاصم في "كتاب الجهاد" (1/ 335: 115)، عن أبي موسى-محمَّد بن المثنى-، وابن عديّ في "الكامل في الضعفاء"(6/ 77) عن عبد الله بن محمَّد -هو أبو القاسم البغوي-، وشمس الدين المقدسي في "فضل الجهاد والمجاهدين" (ص 61: 4)، خمستهم عن أبي التمّار -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- به بلفظه، وبعضهم اقتصر على المرفوع منه فقط.
وعند المروزي زيادة.
قال البزّار: "وهذا الحديث إنما يروى عن أبي بكر من هذا الوجه. وقد روي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ وجوه. وكوثر بن حكيم روى عنه هشيم وأبو نصر التمار وغير واحد، وأحاديثه فبعضها لم يروه غيره، وقد شورك في بعضها".
قال الحافظ ابن حجر في "زوائد البزّار" له (1/ 704): "كوثر متروك".
وله شواهد بلفظه من حديث:
أبي عيسى عبد الرحمن بن جبر: أخرجه البخاري في الجمعة، باب المشي إلى =
= الجمعة (2/ 390: 907)، والترمذي في فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل من اغبرّت قدماه في سبيل الله (4/ 146: 1632)، والنسائي فيه (6/ 14: 3116)، وأحمد (3/ 79)، وابن حبّان في صحيحه (7/ 62: 4586)، والدولابي في "الكنى"(1/ 43) وغيرهم.
2 -
وجابر بن عبد الله: أخرجه أحمد (3/ 367)، والطيالسي (243: 1772)، وأبو يعلى (4/ 57: 310) وابن حبّان في صحيحه (7/ 61: 4585)، وابن المبارك في "الجهاد" (ص 77: 32)، وغيرهم.
وله شواهد أخرى عن جماعة من الصحابة، اكتفيت بذكر ما سبق منها.
الحكم عليه:
إسناد حديث الباب هالك ساقط، فيه كوثر بن حكيم، وهو متروك، نصّ على تركه غير واحد من الأئمة، منهم خاتمة الحفّاظ ابن حجر العسقلاني.
وقد حكم على أحاديثه بانها باطلة ومنكرة الإِمام أحمد والبخاري، فإن أحمد قال:"أحاديثه بواطيل"، ثم ساق الحديث الذي نحن بصدد الحكم عليه.
وقال البخاري: "كَوْثَرُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر: منكر الحديث".
لكن متنه صحيح ثابت من طرق أخرى، ذكرت بعضها في التخريج.
1940 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ مِسْكِينٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: لَمَوْقِفُ (1) سَاعَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ عبادة الرجل (2) ستين ساعة.
(1) في (عم): "لوقف"، وهو تحريف.
(2)
في (عم): "الراجل"، وهو تحريف.
1940 -
تخريجه:
لم أقف عليه في المطبوع من مسند أبي يعلى، ولا في المقصد العلي، ولعله في المسند الكبير.
وأخرجه البزّار كما في الكشف (2/ 264: 1666) عن عمر بن الخطاب، والدارمي في مسنده (2/ 122: 2401)، ومن طريقه ابن عساكر في "الأربعين في الحث على الجهاد" (ص 73 - 74: 13)، وابن أبي عاصم في الجهاد (1/ 389: 139) عن محمَّد بن إسماعيل البخاري، وعمر بن الخطّاب، والطبراني في "الكبير" (18/ 168: 377) عن بكر بن سهل ومطلب بن شعيب، وفي "الأوسط"(2/ 252/ ب)، عن مُطّلب بن شعيب، والحاكم في "المستدرك"(2/ 68)، والبيهقي في الشعب (4/ 15: 4231)، كلاهما من طريق عثمان بن سعيد الدارمي، وفي الكبرى (9/ 161)، من طريق أبي الأزهر -هو أحمد بن الأزهر النيسابوري-.
سبعتهم عن عبد الله بن صالح المصري به بلفظ: "لمقام أحدكم في الصف ساعة أفضل من عبادة أحدهم ستين سنة"، واللفظ للبزّار، والباقي ألفاظهم متقاربة.
قال البزار: "لا نعلم رواه بهذا اللفظ إلا عمران بن حصين، ولا نعلم له طريقًا أحسن من هذا، ولا رواه عن يحيى إلَّا أبو صالح، ولا عن هشام إلَّا يحيى. ولا نعلم يروي هذا، ولا يعرف إلَّا من حديث هشام بن حسّان، ويحيى بن أيوب ثقة وأبو صالح، فقد روى عنه أهل العلم". =
= وقال الطبراني: "لم يروه عن هشام، إلَّا يحيى، تفرد به عبد الله".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي".
وقال ابن عساكر: "هذا حديث حسن".
وقد تابع هشام بن حسّان عليه عن الحسن إسماعيلُ بن عبيد الله المكي.
أخرجه البزّار كما في "كشف الأستار"(2/ 265: 1667)، والطبراني في (المعجم الكبير 18/ 180: 417)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 86)، والخطيب في (تاريخ بغداد 10/ 295)، من طرق عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن عبيد المكي، قال:"حدثنا الحسن به".
وله شاهد من حديث أبي هريرة وأبي أمامة.
1 -
فأما حديث أبي هريرة: فأخرجه أحمد (2/ 446) واللفظ له، والترمذي في فضائل الجهاد، باب ما جاء في الغدو والرواح (4/ 155: 1650)، والبزّار كما في كشف الأستار (2/ 258:1652)، والحاكم (2/ 68)، ومن طريقه البيهقي (9/ 160)، وأخرجه أيضًا في الشعب (4/ 15: 4230)، كلهم من طرق عن هشام بن سعد عن سعيد ابن أبي هلال، عن ابن أبي ذياب، عن أبي هريرة مطولًا، وفيه:"مقام أحدكم -يعني في سبيل الله- خير من عبادة أحدهم في أهله ستين سنة".
قال الترمذي: "حديث حسن".
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي".
وإبن أبي ذياب ثقة، وهشام قال عنه الحافظ (ك):"صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع".
تنببه: وقع في كشف الأستار (إسماعيل بن سليمان) بدل (إسماعيل بن عبيد)، وهو خطأ، صوابه ما أثبتناه كما هو في كتب الرجال والتخريج. =
= 2 - وأما حديث أبي أمامة: فأخرجه أحمد (5/ 266)، ومن طريقه ابن عساكر في (الأربعين في الحث على الجهاد) (ص 77: 15)، والطبراني في الكبير (8/ 257: 7868)، من طريق معان بن رفاعة عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أبي أمامة
…
فذكر حديثًا طويلًا، وفيه:"ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة".
الحكم عليه:
حديث الباب ضعيف الإسناد، لما يلي:
1 -
ضعف عبد الله بن صالح المصري كما سبق في ترجمته.
2 -
عنعنة هشام بن حسّان، وهو مدلّس، لكن ينجبر هذا بمتابعة إسماعيل بن عبيد الله.
3 -
ما قيل في سماع الحسن من عمران بن حصين.
4 -
عنعنة الحسن رحمه الله، وهو مدلّس.
ولكن لمتنه شواهد حسنة يرتقي بمجموعها إلى الصحيح.
1941 -
وَقَالَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ فَيْضٌ (1) مِنَ النَّاسِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أيُّ النَّاسِ خير منزلة عند الله عز وجل يوم القيامة بعد أنبيائه وأصفيائه، فقال صلى الله عليه وسلم: المجاهد في سبيل الله تعالى بنفسه وماله حتى تأتيه (2) دعوة الله عز وجل وَهُوَ عَلَى مَتْنِ فَرَسِهِ آخِذًا بِعِنَانِهِ قَالَ: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم: امْرُؤٌ بِنَاحِيَةٍ أَحْسَنَ (3) عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَتَرَكَ النَّاسَ من شرّة.
(1) في (عم): غير منقوطة، وفي (ك):"قبض"، وفي المطبوع والإتحاف "قِبضٌ"، أي جماعة، وكلها بمعنى.
(2)
في (ك): "يأتيه".
(3)
في (ك): "أحبّ".
1914 -
تخريجه:
هو عند الطيالسي في مسنده (ص 8).
واقتصر الحافظ ابن حجر على شطره الأول، وتمامه عند الطيالسي:"قال: يا رسول الله فأي النّاس شرّ منزلة يوم القيامة؟ قال: المشرك. قال: ثم من؟ قال: إمام جائر يجور عن الحق وقد مُكِّن له، وخصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب الغيب، وقال: سلوني ولا تسألوني عن شيء إلَّا أنباتكم به، فقال عمر: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينًا وبك نبيًا، وحسبنا ما أتانا، قال: فسري عنه".
أورده في الإتحاف (4/ 57 أ) البوصيري، ولم يعزه لغير الطيالسي.
وأورده في الكنز (4/ 444)، وعزاه للطيالسي فقط.
ولم أقف عليه عند غير الطيالسي.
وله شاهد صحيح يأتي برقم (1949) من حديث ابن عباس رضي الله عنه. =
= الحكم عليه:
رجال إسناد الحديث ثقات، ولولا الراوي المبهم، لحكمت بصحته.
ولمتنه شاهد صحيح من حديث ابن عباس يأتي برقم (1949).
1942 -
وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ (1)، ثنا مَيْسَرَةُ بْنُ [عَبْدِ رَبِّهِ](2) عَنْ أَبِي عَائِشَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَا: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث: و (3) من رابط أو جاهد في سبيل الله تعالى كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ سَبْعُمِائَةِ ألف ألف حسنة، وَمَحْوُ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفْعُ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ دَرَجَةٍ، وَكَانَ فِي ضَمَانِ اللَّهِ تعالى، فإن توفاه بأي حتف (4) كان أدخل (5) الْجَنَّةَ، وَإِنْ رَجَعَهُ، رَجَعَهُ مَغْفُورًا لَهُ مُسْتَجَابًا له.
* هذا حديث موضوع.
(1) في (ك): "المحبّر".
(2)
في الأصل و (عم): "عبده"، والمثبت من (ك)، وهو الصواب.
(3)
في (ك): "زاد فيه".
(4)
في (ك): "يأتي حيث".
(5)
في (عم) و (ك): "لم أدخله".
1942 -
تخريجه:
هذا المتن قطعة انتقاها ابن حجر من حديث طويل أورده الهيثمي في بغية الباحث (1/ 309)، وهو نحو خمس ورقات من المخطوط، وجاء في المطبوع في أربع عشرة ورقة، وقد أشرت إلى ذلك عند الحديث المتقدم برقم (1855)، وأني لم أقف عليه.
الحكم عليه:
هذا حديث موضوع مسلسل بمتهم، ووضّاع، ومجهولين هما أبو عائشة السعدي ويزيد بن عمر، لم أجد لهما ترجمة، وفيه تهويلات ومخالفات لما هو معهود في الشرع.
1943 -
وقال أيضًا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ (1) ثنا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أبي سعيد رضي الله عنهما قَالَ: حَثَّنَا (2) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجِهَادِ، وَقَالَ: إِنَّمَا مَثَلُ مُجَاهِدِي أُمَّتِي كَمَثَلِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَهُمَا رَسَائِلُ اللَّهِ تبارك وتعالى وخزّانه (3).
(1) في (ك): "المخبّر".
(2)
في (ك): "جئنا"، وهو خطأ.
(3)
في "بغية الباحث": "وخزائنه".
1943 -
تخريجه:
الحديث عند الحارث بن أبي أسامة في مسنده ، كما في بغية الباحث للهيثمي (3/ 779).
وأورده البوصيري في الإتحاف (4/ 59 أ)، وقال:"هذا إسناد ضعيف، لضعف داود بن المحبّر. واسم أبي المتوكّل علي بن داود، واسم الجريري سعيد بن إياس".
ولم يعزه لغير الحارث.
ولم أقف عليه عند غير الحارث.
الحكم عليه:
هو حديث ضعيف جدًا، وإسناده ساقط، فيه متروكان، ومتنة منكر، وتُغني عنه الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل الجهاد والمجاهدين.
وأورده البوصيري في الإتحاف (4/ 59 أ)، وقال:"هذا إسناد ضعيف؛ لضعف داود بن المحبر".
قلت: بل هو ضعيف جدًا، لما تقدم.
1944 -
حَدَّثَنَا دَاوُدُ، ثنا عَبَّادٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر رضي الله عنهما، وَعَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (1) رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تعالى، كَانَ لَهُ (2) بِهَا صَخْرَةٌ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القيامة، أثقل من السموات السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ (3)، وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَمَا تَحْتَهُنَّ (4). وَمَنْ قَالَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَرَفَعَ بها صوته، كتب الله تعالى له (5) رضوانه الأكبر، ومن كتب الله عز وجل لَهُ رِضْوَانَهُ الْأَكْبَرَ، جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ ومحمد عليهما الصلوات والسلام في دار الجلال، فقيل: وما دار الجلال؟ قال: دار الله تعالى الَّتِي سمَّى بِهَا نَفْسَهُ، فَيَنْظُرُ إِلَى ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ بُكْرَةً وَمَسَاءً (6)، وَقَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَى قَاتَلِ النَّفْسِ (7) الْمُؤْمِنَةِ وَعَاقِّ الْوَالِدَيْنِ، وَهُمْ مِنِّي بُرَآءُ وأنا منهم بريء.
(1) في (عم): "ابن عمر"، وهو تصحيف.
(2)
في (ك): "لها"، وهو تحريف.
(3)
"السبع والأرضين السبع " ساقطة من (عم).
(4)
في (ك): "وماكرين"، وهو تحريف.
(5)
في (عم) و (ك) زاد "بها" في هذا الموضع.
(6)
زاد في الاتحاف والبغية بعد هذا الموضع: "وَلَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّعِيمِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [سورة يونس الآية: 26] ، قال: الذين أحسنوا، قالوا: لا الله إلَّا الله، والحسنى الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عز وجل". اهـ. ثم ذكر بقية الحديث.
(7)
كتب في الأصل: "قاتل النّاس"، ثم ضرب على الناس وأثبت "النفس".
1944 -
تخريجه:
هو عند الحارث كما في بغية الباحث (3/ 780)، وأورده الحافظ ابن حجر أيضًا في كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة يونس، كما سيأتي برقم (3630). =
= وأخرجه ابن حبّان في المجروحين (1/ 139)، من طريق إسحاق بن عبد الله الطبري عن عبد الله بن نافع -هو الصائغ- عن مالك عن نافع به بنحوه.
وقال: "هذا خبر لا أصل له من كلام رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ".
وَمَنِ طريق ابن حبّان رواه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 228).
ورواه ابن عدي في الكامل (3/ 249)، من طريق أبي داود النخعي عن زيد بن جبيرة، عن نافع به مختصرًا.
وقال: "هذا موضوع وضعه أبو داود النخعي -هو سليمان بن عمرو-".
ومن طريق ابن عديّ أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 229).
وليس عندهم جميعًا عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
ولفظه عندهم: من كبّر تكبيرة على ساحل البحر
…
، والباقي بنحوه مختصرًا.
الحكم عليه:
حديث الباب إسناده تالف، فيه داود بن المحبّر وعبّاد بن كثير متروكان، وفيه أيضًا راو لم يسم.
وأما طريق ابن حبّان في المجروحين، فهو ساقط أيضًا، فيه إسحاق بن إبراهيم الطبري، قال عنه ابن حبان:"يأتي عن الثقات الأشياء الموضوعات". وقال: "هذا خبر لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وأما طريق ابن عدي في الكامل، فقد حكم هو عليه بالوضع، كما مرّ معنا في الكلام عن تخريجه.
وقال العقيلي في الضعفاء (2/ 22): "ولا في هذا الباب شيء صحيح يثبت".
1945 -
[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَامَ (1) يَزِيدُ بْنُ شَجَرَةَ (2) فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: إِنَّهَا أَصْبَحَتْ عَلَيْكُمْ وَأَمْسَتْ مِنْ بَيْنِ أحمر وأخضر وأصفر، وفي القبور (3) ما فيها، فإذا لقيتم العدوّ غدًا، فَقُدُمًا قُدُمًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا تَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ خُطْوَةٍ إلَّا تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْحُورُ الْعِينُ، فإن تأخر [استأخرن](4)، وإن استشهد، كانت أوّل نضحة (5) كفّارة خطاياه، وينزل إليه اثنتان (6) من الحور العين فينفضان عنه (7) التراب وتقولان: مَرْحَبًا قَدْ آنَ لَكَ (8)، وَيَقُولُ: مَرْحَبًا قَدْ آن لكما.
[2]
وقال عبد: حدّثنا ابن أبي شيبة بهذا.
(1) في (عم): حرّف إلى "قال".
(2)
في (عم): "سخيرة". في (ك):"شجيرة".
(3)
في (ك): "وفي البيوت".
(4)
ما أثبته من (عم) و (ك)، وفي الأصل غير واضحة.
(5)
"نضحة": محلها بياض في (عم).
(6)
في (عم) و (ك): "بنتان"، وهو تحريف.
(7)
في (ك): "غير"، وهو تحريف.
(8)
محل "آن لم" بياض في (عم).
1945 -
تخريجه:
هو عند ابن أبي شيبة في مسنده (2/ أ)، وفي المصنف له (5/ 292) بلفظه.
ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (1/ 403: 440).
وهذا الحديث اختلف فيه وقفًا ورفعًا.
* أما المرفوع: فأخرجه هنّاد بن السري في الزهد (1/ 122: 158)، ومن طريقه أن الأثير في أسد الغابة (5/ 495)، والخرائطي في (مكارم الأخلاق) كما في =
= الإصابة (10/ 352)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (18/ 301 المخطوط) عن علي بن حرب.
كلاهما عن محمَّد بن فضيل به بلفظه مرفوعًا.
قال أبو زرعة كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 270) -بعد ذكر هذا الحديث-: "أخطأ ابن فضيل عن يزيد". يعني في رفعه.
والذي يظهر -والله أعلم- أن الخطأ ليس من ابن فضيل، وإنما من يزيد بن أبي زياد، لأمرين:
1 -
يزيد هذا ضعيف كما في التقريب (ص 601)، وزاد:"كبر فتغير وصار يتلقن، وكان شيعيًا". ومحمد بن فضيل ثقة، فالحمل على يزيد أولى.
2 -
قد توبع ابن فضيل عليه، تابعه:
(أ) أبو عوانة: أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 447: 642) من طريق أبي ربيعة -هو فهد ابن عوف- عن أبي عوانة، عن يزيد بن أبي زياد به بنحوه مختصرًا.
قال الهيثمي في المجمع (5/ 294): "في إسناده فهد بن عوف، وهو ضعيف جدًا.
(ب) مسعود بن سعد: أخرجه البزّار كما في كشف الأستار (2/ 283: 1713)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 245/ ب)، كلاهما من طريق مالك بن إسماعيل عن مسعود بن سعد، عن يزيد بن أبي زياد به بلفظه.
(ج) خالد بن عبد الله الواسطي: أخرجه سعيد بن منصور (2/ 218: 2564)، والبغوي في معجم الصحابة كما في الإصابة (10/ 352) من طريقين عن خالد الواسطي، عن يزيد بن أبي زياد به.
(د) إسماعيل بن إبراهيم التيمي: أخرجه البزار كما في كشف الأستار (2/ 282: 1712) عن يوسف بن سابق، عن أبي يحيى التيمي -هو إسماعيل بن =
= إبراهيم- عن يزيد بن أبي زياد به.
قال الهيثمي في المجمع (5/ 294): "رواه البزّار، وفي إسناده إسماعيل بن إبراهيم التيمي، وهو ضعيف جدًا.
قلت: فتبين مما سبق أن العهدة في هذه الرواية على يزيد بن أبي زياد.
* وأما الرواية الموقوفة: فرواها الثوري وزائدة وشعبة عن منصور بن معتمر، عن مجاهد به موقوفًا على يزيد ابن شجرة.
(أ) طريق الثوري: أخرجه عبد الرزاق (5/ 256: 9538)، والطبراني في الكبير من طريقين (22/ 246: 641)، وهنّاد بن السري في الزهد (1/ 124: 162).
قال الهيثمي في المجمع (5/ 294): "رواه الطبراني من طريقين، رجال أحدهما رجال الصحيح".
وقال البوصيري في الإتحاف (4/ 58/ ب): "رواه الطبراني من طريقين، أحدهما صحيحة جيّدة".
(ب) طريق زائدة: أخرجه ابن المبارك في الجهاد (71: 22)، وفي الزهد له (ص 43: 133).
(ج) طريق شعبة: أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 493)، ومن طريقه البيهقي في البعث والنشور (ص 298: 617)، وابن عساكر في تاريخه (المخطوط 18/ 301).
(د) وأخرجه أيضًا أبو عبيد في غريب الحديث (2/ 381) عن أبي حفص الأبّار وأبي اليقظان، كلاهما عن منصور، عن مجاهد به موقوفًا على يزيد.
وأما رواية الأعمش، فاختلف عنه فيه وقفًا ورفعًا.
(1)
فرواه وكيع وأبو معاوية -هو محمَّد بن خازم- عنه عن مجاهد به موقوفًا بنحوه.
أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 301) عن وكيع، وسعيد بن منصور في سننه =
= (2/ 219: 2567)، وهنّاد بن السري في كتاب الزهد (1/ 123: 161)، وابن منده كما في الإصابة (10/ 352)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (18/ 298) من طريق أبي معاوية، كلاهما -أعني وكيع ومحمد بن خازم- عن الأعمش، عن مجاهد به موقوفًا.
(ب) ورواه شعبة عن الأعمش، عن مجاهد به مرفوعًا.
أخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات كما في الإصابة (10/ 352) عن محمَّد بن يونس، عن يحيى بن كثير، عن شعبة به مرفوعًا، فذكر بعض الحديث.
قال الحافظ: "ومحمد بن يونس هو الكديمي ضعيف، والمحفوظ عن الأعمش موقوفًا".
وقد صوّب وقفه أبو زرعة كما في الجرح والتعديل (9/ 270 - 271)، والبغوي في معجم الصحابة كما في الإصابة (10/ 352)، والدارقطني في العلل (5/ 1/أنسخة مصوّرة عن نسخة الشيخ محمود ميرة).
ورُوي هذا الحديث من مسند جِدار:
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والثاني (5/ 114: 265)، وفي الجهاد له (2/ 528: 203)، والبزّار كما في كشف الأستار (2/ 283: 1714)، والبغوي في معجم الصحابة كما في الإصابة (2/ 69)، والدارقطني في المؤتلف والمختلف (2/ 758 - 759)، والطبراني في الكبير (2/ 325: 2203)، ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 44/ أ)، جميعهم من طريق الزهري عن يزيد بن شجرة، عن جدار يرفعه بنحوه.
قال الدارقطني في العلل (5/ 1/ أ): "ليس هذا الحديث محفوظًا، وقد رواه يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ يزيد بن شجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخالفه منصور والأعمش، فروياه عن مجاهد، عن يزيد بن شجرة موقوفًا، وهو الصواب".
وذكر ابن الجوزي هذا الحديث في العلل المتناهية (2/ 95)، وقال: "قال =
= أبو عبد الرحمن النّسائي: هذا حديث باطل، رواه العباس بن الفضل وليس بشيء، يُرمي بالكذب".
الحكم عليه:
إسناد ابن أبي شيبة مُنكر، فيه يزيد بن أبي زياد ضعيف، وقد خالف الثقات من أصحاب مجاهد، حيث رووه موقوفًا، ورواه -أعني يزيدًا- مرفوعًا.
وأورد هذا الحديث البوصيري في الإتحاف (4/ 58/ ب)، وقال: "
…
والصحيح الموقوف، مع أنه قد يقال: إن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي، فسبيل الموقوت منه سبيل المرفوع، والله أعلم".
1946 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثنا بَقِيَّةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ (1) أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (2) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اشْتَرُوا عَلَى اللَّهِ وَاسْتَقْرِضُوا عَلَى اللَّهِ"، قِيلَ: مَنْ يَسْتَقْرِضِ عَلَى الله يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "قولكم (3) أقرضنا (4) إلى معاشنا (5) وَبِعْنَا (6) إِلَى أَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ لَنَا، (لَا تَزَالُونَ)(7) بِخَيْرٍ مَا دَامَ جِهَادُكُمْ (8)، وَسَيَكُونُ (9) فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَشُكُّونَ فِي الْجِهَادِ، فَجَاهِدُوا فِي زَمَانِهِمْ وَاغْزُوا، فَإِنَّ الْغَزْوَ يومئذٍ خَيْرٌ (10).
(1) في (ك): "المديني"، وهو تحريف.
(2)
في (ك): "عبد الله"، وهو تصحيف.
(3)
في (ك): "قد"، وهو تحريف.
(4)
في (ك): "اقترضنا".
(5)
في مسند أبي يعلى المطبوع والإتحاف "مقاسمنا".
(6)
في (عم): "بعينا"، وهو تحريف.
(7)
في (ك): "ستكون"، وهو تصحيف، والمثبت من مسند أبي العلي والمطالب العالية والإتحاف "لا تزالون" هو الصواب، وفي الأصل "لا يزالون".
(8)
زاد في المطبوع من مسند أبي يعلى والمطالب العالية في هذا الموضع "خَضِرا". ومعنى الغزو الخَضِر: الطريّ المحبوب لما ينزل الله فيه من النصر، ويسهل من الغنائم. النهاية:(2/ 41).
وفي الإتحاف "حيّ خضر".
(9)
في (ك): "ستكون"، وهو تصحيف.
(10)
في المطبوع من المطالب العالية والإتحاف "أخضر"، بدل:"خير".
1946 -
تخريجه:
الحديث في مسند أبي يعلى (9/ 274 - 275: 5396).
واقتصر الحافظ رحمه الله، في إيراد طرفٍ منه كعادته على حسب شرطه، بحيث =
= يورد الزائد منه فقط.
وأُورِدُ بقية الحديث، وهو: عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: جاء رجل، فقال: أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول في الخيل شيئًا؟ قال: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلى يوم القيامة، اشْتَرُوا عَلَى اللَّهِ وَاسْتَقْرِضُوا عَلَى اللَّهِ". قِيلَ: يا رسول الله كيف نشتري على الله ونستقرض على الله؟ قال: "قولوا: أقرضنا
…
" الحديث.
وأخرجه أبو حنيفة كما في جامع المسانيد (2/ 19) عن معن بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود، عن ابن مسعود رضي الله عنه، به بنحوه مختصرًا.
وأورده ابن النحّاس في مشارع الأشواق (1/ 343: 510)، وعزاه لابن عساكر في تاريخه.
ولم أجده في التراجم المُتوقع أن يُوردها فيه، فالله أعلم.
الحكم عليه:
الحديث إسناده ضعيف، فيه بقية بن الوليد، وهو مدلّس. وعبيد الله بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود، فهو مع هذا منقطع، ولا تنفعه المتابعة التي عند أبي حنيفة، لأنها من طريق معن ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وروايته عن جدّه مرسلة أيضًا.
فحديث الباب بهذا السند ضعيف.
1947 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلان، ثنا أَبُو معاوية عن (1) محمد بن إسحاق عَنْ جَمِيلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بن يزيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ خَرَجَ حَاجًّا فَمَاتَ، كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الحاج إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ خَرَجَ غَازِيًا فِي سبيل الله تعالى فمات، كتب له أجر المغازي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ خَرَجَ مُعْتَمِرًا فَمَاتَ، كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْمُعْتَمِرِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (2).
(1) في (عم): "ثنا".
(2)
في (ك): قدّم قوله "ومن خرج معتمرًا"، إلى ما قبل قوله "ومن خرج غازيًا".
1947 -
تخريجه:
الحديث عند أبي يعلى في مسنده (11/ 238: 6357).
ورواه أيضًا في معجم شيوخه (ص 140: 101) بسنده ولفظه تمامًا، مع تقديم وتأخير.
وأخرجه الطبراني في الأوسط ، كما في مجمع البحرين للهيثمي (1/ 148/ ب)
من طريق محمَّد بن السري عن إبراهيم بن زياد سبلان به بلفظه، وفيه تقديم وتأخير.
قال الطبراني: "لم يروه عن عطاء إلَّا جميل، ولا عنه إلَّا ابن إسحاق. تفرّد به أبو معاوية".
ووقع في مجمع البحرين "محمَّد بن زياد سبلان"، بدل:"إبراهيم بن زياد سبلان"، ولعله خطأ من الناسخ ، لأني لم أجد في الرواة عن أبي معاوية -هو محمَّد بن خازم- راويًا بهذا الاسم، وكذا فيمن روى عنهم أبو يعلى الموصلي كما في كتب الرّجال.
ومن هذا الوجه رواه الضياء المقدسي في (المنتقى من مسموعاته بمرو)، كما في الضعيفة للألباني (2/ 168). =
= الحكم عليه:
إسناده ضعيف، فيه جميل بن أبي ميمونة مجهول الحال، ومحمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.
وبهذه العلّة ضعّفه الشيخ الألباني في ضعيفته (6/ 168).
وذكره الدمياطي في المتجر الرابح (203: 828)، وقال:"رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات، إلَّا محمَّد بن إسحاق، ففيه خلاف".
وقال في المجمع (5/ 283): "رواه أبو يعلى، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلّس، وبقية رجاله ثقات".
وذكره الحافظ ابن حجر في مختصره للترغيب والترهيب (ص 96)، وقال:"رواه أبو يعلى، ورواته ثقات".
قلت: فيه جميل بن أبي ميمونة، لم أجد من وثّقه ولا من جرحه، سوى ذكر ابن حبان له في ثقاته. وهذا لا يكفي لتوثيقه ، لأن ابن حبان رحمه الله، يوثق المجاهيل.
1948 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، ثنا [محمد بن بكر الهلالي](1) عن طاووس ومكحول، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ساعة في سبيل الله تعالى خير من خمسين حجّة.
(1) في الأصل و (عم): "محمَّد بن أبي بكر الهلالي"، والمثبت من (ك) هو الصواب كما في كتب التراجم.
1948 -
تخريجه:
لم ألف عليه في مسند أبي يعلى المطبوع، ولعله في المسند الكبير.
ومن طريق أبي يعلى رواه الديلمي في مسند الفردوس، كما في فيض القدير للمناوي (4/ 80).
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (5/ 188) مرفوعًا من طريق محمَّد بن عمر الكلابي عن مكحول به بلفظ: "حجّة قبل غزوة أفضل من خمسين غزوة، وغزوة بعد حجّة أفضل من خمسين حجّة، ولموقف ساعة في سبيل الله أفضل من خمسين حجّة".
وقال: "غريب من حديث مكحول وابن عمر، ولم نكتبه إلَّا من حديث الكلابي".
وأخرجه عبد الرزاق في مصنّفه (5/ 260: 9546) وابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 304) عن وكيع، كلاهما عن سفيان الثوري، عن آدم بن علي، عن ابن عمر موقوفًا.
وفيه: "سفرة في سبيل الله" بدل: "ساعة في سبيل الله".
وسعيد بن منصور في سننه (2/ 135: 2346) عن أبي الأحوص، عن آدم بن علي به موقوفًا، وفيه:"غزوة" بدل: "ساعة".
ورُوي عن مكحول مرسلًا.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2/ 135: 2348) عن إسماعيل بن عياش، عن هشام بن الغاز، عن مكحول قال: أكثر المستأذنون إلى الحجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"غزوة لمن قد حجّ أفضل من أربعين حجّة". =
= ومن طريقه أخرجه أبو داود في مراسيله (ص 233: 304)، وعبد الجبار الخولاني في تاريخ داريا (ص 92 ترجمة النعمان بن المنذر) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن يزيد بن السمط، عن النعمان بن المنذر، عن مكحول قال:"كثر المستأذنون .. فذكره بنحو حديث سعيد بن منصور، وليس فيه قوله (لمن قد حجّ) ".
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حجّة لمن لم يحج خير من عشر غزوات، وغزوة لمن قد حج خير من عشر حجج، وغزوة في البحر خير من عشر غزوات في البرّ
…
" الحديث.
رواه الطبراني في الكبير كما في إتحاف الخيرة (4/ 61/ أ)، وفي الأوسط كما في مجمع البحرين (5/ 17: 2631)، والحاكم (2/ 143)، وصححه وأقره الذهبي والبيهقي (4/ 334) من طريق عبد الله بن صالح عن يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عطاء بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ به، والحاكم مختصرًا.
قال الطبراني: "لم يروه عن يحيى بن سعيد إلَّا يحيى بن أيوب".
وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث قال فيه الحافظ: "صدوق كثير الغلط، ثَبْت في كتابه، وكانت فيه غفلة، وقد تقدمت ترجمته عند الحديث رقم (97).
قال الدمياطي في المتجر الرابح (ص 245: 1024): "رواه الطبراني بإسناد حسن".
وقال البوصيري:"سنده صحيح".
وله شاهد آخر عن أبي هريرة وأبي أمامة، تقدما عند الحديث رقم () وإسنادهما حسن بمجموعهما.
الحكم عليه:
إسناد أبي يعلى فيه ضعف، لحال محمَّد بن بكر الهلالي، فإنه غير مرضيّ.
ومتنه له شاهد جيّد، تقدم تخريجه والكلام عنه عند ذكر الشواهد.
1949 -
حدثنا ابن نمير (1)، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَبِيبُ بْنُ شهاب عَنْ كُرَيْبٍ (2)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم رسول الله يوم خطب الناس: مَا فِي النَّاسِ مِثلُ رَجُل آخِذٌ بِرَأْسِ فَرسِه فجاهد (3) في سبيل الله ويجتب شُرورَ النّاس، ومِثلُ رَجُلٍ ناءٍ (4) في نعمة يَقْري ضيفه (5) ويُعطي حقّه.
(1) في (عم) و (ك): "ابن زهير".
(2)
في (ك): "عن ليث"، وهو تحريف.
(3)
في (ك): "يجاهد"، وهو تحريف.
(4)
في (ك): "يأتي"، وهو تحريف.
(5)
في (ك): "صيته" بمهملة، وفي (عم):"الضيف".
1949 -
تخريجه:
لم أقف عليه في مسند أبي يعلى، ولعلّه في المسند الكبير.
وهذا الحديث أورده البوصيري في الاتحاف (4/ 59/ ب) من مسند الحارث -كما سيأتي- وإنما اقتصر الحافظ على طريق أبي يعلى للزيادة التي في إسناده -وهي قوله: عن كريب- وليست عند الآخرين.
وأخرجه أحمد في مسنده (1/ 226)، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (8/ 386)، والطبراني في الكبير (12/ 212: 12924) من طريق مسدّد، وابن أبي عاصم في كتاب الجهاد (2 م 433: 154) عن المقدمي، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد -هو القطان- به بلفظه، لكن فيه: عن حبيب قال: "حدثني أبي" بدل: "كريب".
* تابع يحيى بن سعيد عليه روح بن عبادة.
أخرجه أحمد (1/ 311)، ومن طريقه الحاكم (2/ 67)، والحارث بن أبي أسامة في (مسنده) كما في بغية الباحث (3/ 776) والإتحاف (4/ 59/ ب)، ومن =
= طريقه الحاكم (2/ 67)، كلاهما عن روح بن عبادة، عن حبيب بن شهاب قال:"حدثني أبي عن ابن عباس به".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
وصحّح هذا الإسناد أحمد شاكر رحمه الله، في شرح المسند (3/ 396).
وللحديث طريق آخر عن ابن عباس:
أخرجه النسائي في الزكاة، باب من يسأل بالله (5/ 83: 2569) من طريق ابن أبي فديك، وأحمد (1/ 237) عن يزيد بن هارون و (1/ 319 عن أبي النّضر، و (1/ 322) عن عثمان بن عمر، وابن حبان في صحيحه (1/ 404: 603) من طريق ابن المبارك، وعبد بن حميد في المنتخب (1/ 566) عن عثمان بن عمر، والدارمي في مسنده (2/ 121: 2400) عن عاصم بن علي، والطبراني في الكبير (10/ 383: 10767) من طريق عاصم أيضًا، وابن المبارك في الجهاد (ص 159: 169)، وابن أبي عاصم في الجهاد (2/ 432: 153) من طريق شبابة، ثمانيتهم عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد القارظي، عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم .. فذكر بعضه بنحوه.
الحكم عليه:
رجال إسناده ثقات، لكن هناك خطأ في إسناده، وهو قول حبيب بن شهاب (عن كريب)، ولعلّه من الناسخ، ولذا أثبتها ابن حجر هكذا كما وجدها. والغريب أنه لم ينبه على ذلك، أو تركها لفطنة طالب العلم، لعدم خفائها خفاءً غامضًا.
والذي يجعلني أرجّح وقوع الخطأ في طريق أبي يعلى دون القول بأنه من المزيد في متصل الأسانيد: ما يلي:
1 -
لم يذكر في شيوخ حبيب بن شهاب (كريب بن أبي مسلم)، كما في كتب التراجم. =
= 2 - وكذا لم يُذكر في تلامذة كريب (حبيب بن شهاب)، كما في ترجمته من تهذيب الكمال.
3 -
أنّ جميع من رووه ومن نفس طريق يحيى القطّان قالوا فيه: (عن حبيب قال: حدثني أبي). وتابع يحيى عليه رَوْح بن عُبادة كما هو مُبيّن في التخريج.
فالذي يظهر والله أعلم أن الصواب فيه قول من قال: عن حبيب قال: حدثني أبي قال: سمعت ابن عباس، والله أعلم. ومتنه صحيح ثابت.
1950 -
وقال عبد: حدثنا أبو نعيم، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قُتِلَ كَانَ كَفَّارَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ دُونَ الشرك (1).
(1) هذا الحديث بتمامه ساقط من (ك) والمطالب العالية المطبوع.
1950 -
تخريجه:
الحديث عند عبد بن حميد في المنتخب (3/ 234: 1510) بلفظه.
وأخرجه البزار كما في كشف الأستار (2/ 214: 2663) عن عمرو بن علي، وأبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان (2/ 191) من طريق محمَّد بن عامر، كلاهما عن عامر ابن إبراهيم -وهو والد محمَّد- عن يعقوب بن عبد الله عن عنبسة بن سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه بلفظه:"قتل الصبر لا يمرّ بذنب إلَّا محاه".
قال البزّار: "لا نعلمه يُروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا من هذا الوجه، ولا نعلم إسناده إلَّا يعقوب".
ولعله في حديث الباب يقصد قتلًا مخصوصًا، ولذا أورده هنا الحافظ.
وله شاهد بلفظ "الموت كفّارة لكل مسلم"، وفسّر العلماء الموت هذا بالموت المخصوص الذي هو في سبيل الله أو ما كان في حكمه.
أخرجه الخطيب في تاريخه (1/ 347)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 133: 171)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 121)، وفي ذكر أخبار أصبهان (2/ 231)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 299)، وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 218) من طرق عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك به.
وطرقها كلّها لا تخلو من ضعف، بل بعضها ضعيف جدًا. والحديث أورده غير واحد من أصحاب الموضوعات في كتبهم، كابن الجوزي -فيما سبق- وانتُقِد في ذلك. =
= قال العراقي في أماليه كما في كشف الخفاء (2/ 289): "ورد من طرق يبلغ بها رتبة الحسن".
وله شاهد آخر من طريق أبي هريرة يرفعه "قتل الرجل صبرًا كفارة لما قبله من الذنوب"، رواه البزّار كما في كشف الأستار (2/ 213: 1544).
لكن قال الهيثمي في المجمع (6/ 266): "فيه صالح بن موسى، وهو متروك".
الحكم عليه:
قال البوصيري في الإتحاف عن حديث الباب (4/ 59/أ): "إسناده ضعيف، لضعف إسحاق".
قلت: بل إسناده ساقط، إسحاق بن أبي فروة متروك.
وأما متابعة البزار وأبي نعيم، فقال في المجمع (6/ 267 - 278):"رواه البزار، ورجاله ثقات".
وفيه عنبسة بن سعيد -هو القطّان- ضعيف، كما في تقريب ابن حجر (ص 432)، ولم يخزج له أحدٌ من أصحاب الكتب الستة.
وأما شواهده، فلا تصح، كما مرّ في التخريج.
وقد أشرت في التخريج إلى كلام أهل العلم بأن المراد بالقتل في حديث الباب قتل مخصوص، والله أعلم.
1951 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجوهري، ثنا حُسَيْنُ (1) بْنُ محمَّد، ثنا عَمْرُو بْنُ صَفْوَانَ، ثنا عروة بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: غَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خير من الدنيا وما فيها.
(1) في (ك): "جبير"، وهو تحريف.
1951 -
تخريجه:
هو عند أبي يعلى في مسنده (2/ 39: 678) بلفظه.
وأورده الهيثمي في المقصد العلي بزوائد مسند أبي يعلى الموصلي (76/ أ).
وأخرجه البزّار في البحر الزخار (3/ 199: 987)، والعقيلي في الضعفاء في ترجمة عمرو بن صفوان (3/ 276) عن أحمد بن داود القومسي، كلاهما عن إبراهيم بن سعيد الجوهري به بلفظه.
قال العقيلي: "وهذا المتن يُروى من غير هذا الوجه بأسانيد جِياد".
وأورده الدارقطني في العلل (4/ 240: 536) بلفظ مغاير، وهو:"من صلى الغداة وجلس في مجلسه حتى تطلع الشمس، كانت لغدوة في سبيل الله"، وقال:"يرويه حسين بن محمَّد المروزي عن عمرو بن صفوان الجمحي، عن عروة بن الزبير، عن أبيه. ورواه الهيثم الدوري عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن حسين بن محمَّد، وقال فيه: عن صفوان ابن عمرو، ووهم فيه، وإنما هو عمرو بن صفوان". اهـ.
الحكم عليه:
رجال إسناد أبي يعلى، غير أن عمرو بن صفوان قال فيه العقيلي:"عن عروة بن الزبير، ولا يتابع على حديثه"، فالحديث من هذا الطريق ضعيف.
وقال الهيثمي في المجمع (5/ 288): "فيه عمرو بن صفوان، ولم أعرفه. وبقية رجاله ثقات".
وهذا الحديث يُروى من غير هذا الوجه بأسانيد صحيحة عن جمع من الصحابة، تقدم بعضها عند الحديث رقم (1935).