الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 - بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ
1865 -
[1] قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ [أَنَّ](1) الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَابْنَ [سَابِطٍ](2) الْأَحْوَلَ حَدَّثَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتيَ بعبدٍ، فقيل: هَذَا سَرقَ، وقامتْ عَلَيْهِ البيّنةُ، ووُجِدتْ مَعَهُ سرقتُه، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هذا عبدٌ لأيتامٍ ليس لهُم (3) غيرُه"، فَتَرَكَهُ، ثُمَّ أُتي بِهِ الثَّانِيَةَ (4) والثالثةَ (5) ثُمَّ الرابعةَ، فَتَرَكَهُ أَرْبَعَ مرّاتٍ، ثُمَّ أُتي بِهِ الْخَامِسَةَ، فَقَطَعَ يدَه، ثُمَّ أُتيَ بِهِ السَّادِسَةَ فقطعَ رجلَه، ثُمَّ السابعةَ فقطعَ يدَه، ثُمَّ الثامنةَ فقطَع رجلَه. ثُمَّ قَالَ الْحَارِثُ: أربعًا (6) بأربعٍ، أعفاه أربعًا، وعاقبه أربعًا.
(1) في الأصل و (عم): "ابن"، وما أثبته من (ك) هو الصواب، كما في كتب التخريج.
(2)
في الأصل و (عم): "ابن ساباط"، وما أثبته من (ك) هو الصواب، كما في كتب التراجم والتخريج وهو عبد الرحمن بن سابط، ويقال: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَابِطٍ.
(3)
سقطت لام "لهم" من (ك).
(4)
"الثانية" ساقطة من (عم).
(5)
في (ك): "ثم أتي به الثالثة".
(6)
في (عم): "أربعة".
هذا مُرْسَلٌ، [الْحَارِثُ](7) وَابْنُ [سَابِطٍ](8) لَيْسَ لَهُمَا صُحْبَةٌ.
[2]
- وقال الحارث: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا ابن جريج به.
[3]
- وقال (9) وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنِ الحارث بن عبد الله به.
وكذا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ (10) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ مَسْعَدَةَ (11).
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِهِ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ بِهِ.
(7) في الأصل: "الحديث"، وهو تحريف من الناسخ، والصواب ما أثبته من (عم) و (ك)، وقد ألحق ناصخ الأصل "وعبد ربّه في الحاشية" محل "الحارث"، وهو خطأ أيضًا.
(8)
في الأصل و (عم): "ابن ساباط"، وما أثبته من (ك) هو الصواب.
(9)
يعني الحارث بن أبي أسامة حسب العطف، لكن الحارث لا يروي عن حماد بن مسعدة. وعند رجوعي لكتب التراجم، وجدت أن الذي يروي عن حمّاد بن مسعدة هو إسحاق بن راهويه، ولم أجد في تلامذة حمّاد هذا الحارث ابن أبي أسامة، والذي يُرَجِّح كونه عائدًا على إسحاق أيضًا أني لم أجد الحديث في "بغية الباحث من زوائد الحارث".
(10)
في الحدود (206: 247).
(11)
في (ك): "خالد بن سعدة"، وهو تحريف.
1865 -
تخريجه:
الحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنّفه (10/ 188: 1877) عن ابن جريج به بأخصر منه، وليس فيه ذكر لابن سابط. ومن طريقه ابن حزم في المحلى (12/ 344) بنحوه.
ورواه عن ابن جريج جماعة:
1 -
منهم حمّاد بن مسعدة، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ (206: 247) عَنْ =
= محمد بن سليمان الأنباري عن حمّاد عن ابن جريج به بلفظه، وفيه أن قوله "أربع بأربع" من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
والبغوي في معجمه (كما صرّح بذلك المصنّف) عن هارون بن عبد الله، عن حمّاد بن مسعدة به.
2 -
وعبد الوهاب بن عطاء، أخرجه البيهقي في الكبرى (8/ 273) من طريق الحارث بن أبي أسامة عن عبد الوهاب، عن ابن جريج به بلفظه.
3 -
ومحمد بن بكر، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 511: 8318) عن محمد بن بكر، عن ابن جريج بأخصر منه، وذكر فيه ابن سابط.
قال البيهقي في السنن (8/ 273) بعد أن ساق رواية حمّاد بن مسعدة: "وهو أصح، وهو مرسل".
وأورده صاحب الكنز (5/ 555: 13935)، وعزاه هارون في المسند وأبي نعيم.
وفي التلخيص الحبير (4/ 76) وعزاه للبغوي وأبي نعيم في معرفة الصحابة، وقال:"في إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق".
وله شاهد من حديث عصمة بن مالك، قال: "سرق مملوك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعفا عنه
…
" فذكره بلفظه.
أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 182: 483) والدارقطني في السنن في الحدود (3/ 137: 171)، كلاهما من طريق خالد بن عبد السلام الصدفي، عن الفضل بن المختار، عن عبد الله بن موهب، عن عصمة بن مالك، فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (6/ 278): "رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف".
وقال الدارقطني بعد أن ساق هذه الحديث بسنده: "وهذا يشبه أن يكون موضوعًا". =
= والفضل هذا منكر الحديث، يروي البواطيل. انظر: "الميزان 3/ 358، واللسان 4/ 449).
ويشهد لشطره الثاني حديث عبد الله الجهني، سيأتي -إن شاء الله- برقم (1872)، فانظره هناك بشواهده.
وقد رُوي عن الصحابة خلاف ذلك. انظر الحديث رقم (30) وشواهده.
وعبد الرزاق ثقة ثبت، وحديثه صحيح قبل أن يختلط، وهو في كتابه أضبط.
والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: قال عنه ابن حجر: "صدوق".
وعبد الوهاب بن عطاء صدوق.
الحكم عليه:
الحديث إسناده حسن، غير أنه مرسل، الحارث وعبد ربه ليس لهما صحبة، كما نصّ عليه المُصنّف في الأصل.
لكن المرسل قد يتقوى بما رُوي موصولًا، كما هو مبيّن في التخريج، وإن كان الموصول لا يخلو طريق منه من ضعف.
قال البيهقي (8/ 273): "وهذا المرسل يقوّي الموصول قبله، ويقوّي قول من وافقه من الصحابة".
قلت: يعارض المرسل ما جاء عن علي وعمر وأبي بكر وابن عباس بأسانيد قويّة، بل أن إجماع الصحابة كان على قول علي، وهو أن لا يقطع أكثر من يد ورجل.
ينظر: تخريج حديث رقم (1871).
1866 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُهري، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ (1) الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ أَتَى عمر رضي الله عنه، بغلامٍ لَهُ سَرقَ، قَالَ: إِنَّ هَذَا سَرَقَ مرآةً لأهلي، وهي خيرٌ مِن ستينَ دِرْهَمًا، قَالَ: خادمُكم أخذَ متاعَكُمْ.
(1)"ابن" سقطت من (عم).
1866 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، في العبد يسرق مولاه (10/ 21: 8617) والدارقطني في سننه، في الحدود (3/ 188: 311)، كلاهما عن سفيان به بلفظه.
ورواه مالك في الموطأ، باب ما لا قطع فيه (2/ 839: 33) عن الزهري به بلفظه.
ومن طريقه الشافعي في مسنده (82/ 2: 628)، والبيهقي في الكبرى (8/ 281)، والبغوي في شرح السنة (10/ 323)، والمزّي في تهذيب الكمال المحقق (15/ 374) في ترجمة عبد الله بن عمرو الحضرمي.
الحكم عليه:
إسناده صحيح.
قال البوصيري في الإتحاف، المختصرة (2/ 35/ أ):"رواه مسدد، ورجاله ثقات".
وقال الألباني في الإرواء (8/ 75 - 76): "إسناده صحيح".
1867 -
[وَقَالَ مُسَدَّدٌ](1): حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ -هُوَ الثوري- حدثني يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ محمَّد بْنِ عَبْدِ الرحمن بن ثوبان، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ برجلٍ سرَق شمْلَةً (2)، فقال: أَسَرَقْتَ؟ مَا إِخَالُكَ تَسْرِقُ، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"اذْهَبُوا (3) بِهِ، فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ احْسِمُوهَا (4)، ثُمَّ ائْتُونِي بِهِ"، فَقَطَعُوهُ ثُمَّ حَسَمُوهُ، ثُمَّ أَتَوْا (5) بِهِ، فَقَالَ: تُب إِلَى الله، فقال: أتوب إِلَى اللَّهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ (6).
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ (7) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ -هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ- عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ (هَكَذَا.
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ (8) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ) (9)، وَقَالَ فِيهِ: لَا أُرَاهُ إلَّا عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (10) مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ، عَنِ الدراوردي، [بذكر](11) أبي هريرة رضي الله عنه، بِغَيْرِ شَكٍّ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ (12): وَبَلَغَنِي أَنَّ محمَّد بْنَ إِسْحَاقَ رَوَاهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ موصولًا.
(1) ما بين المعقوفين ساقط من (عم) و (ك).
(2)
الشملة: كِساء يُشتمل به. ينظر: (الفائق 2/ 262).
(3)
في (ك): "ذهبوا" بإسقاط ألف الوصل.
(4)
في (ك): "احشموها" بالشين المعجمة، وهو تصحيف.
(5)
في (ك): "أتوه".
(6)
تكررت "عليه" في الأصل، فضرب الناسخ على الأولى.
(7)
في الحدود (204: 244).
(8)
انظر: كشف الأستار، كتاب الحدود، باب حد السرقة (2/ 220: 1560).
(9)
من قوله "هكذا" إلى قوله "عن يزيد بن حصيفة"، وهو ما بين القوسين ملحق بحاشية الأصل.
(10)
انظر: سنن الدارقطني، كتاب الحدود (3/ 102).
(11)
في الأصل و (ك): "يذكر"، وهر تصحيف، والصواب ما أثبته من (عم).
(12)
انظر: سنن الدارقطني، كتاب الحدود (3/ 102).
1867 -
تخريجه:
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10/ 225: 18924) عن الثوري به مرسلًا.
ومن طريقه ابن حزم في المحلّى (12/ 38).
وأخرجه الدارقطني، في الحدود (3/ 103)، والطحاوي في شرح معاني الآثار في الإقرار بالسرقة (3/ 168)، كلاهما من طريق الثوري به مرسلًا.
وتابع الثوري على إرساله جماعة:
1 -
منهم ابن جريج: أخرجه عنه عبد الرزاق في المصنف (10/ 225: 18923). ومن طريقه ابن حزم في المحلّى (12/ 38)، والطحاوي في شرح معاني الآثار، في الإقرار بالسرقة (3/ 168) عن يونس، عن ابن وهب، عن ابن جريج به.
2 -
وابن عيينة: أخرجه عنه ابن أبي شيبة في المصنف، في الحدود (10/ 24: 8626)، وأبو داود في المراسل (204: 244)، عن أحمد بن عبدة، عن ابن عيينة به. وإسناده صحيح.
3 -
ومحمد بن إسحاق: أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 103) عن أبي بشر الرّقي، عن أبي معاوية، عن محمَّد بن إسحاق به.
4 -
وإسماعيل بن جعفر: أخرجه عنه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (2/ 258)، وقال: "لم أسمع بالحسم في قطع السارق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلَّا في هذا الحديث.
* وخالفهم عبد العزيز الدراوردي، فرواه موصلًا عن أبي هريرة: أخرجه البزّار كما في كشف الأستار (2/ 220 برقم)، وقال: "لا نعلمه عن أبي هريرة إلَّا بهذا السند، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 168)، والدارقطني =
= في الحدود (3/ 102)، والحاكم في المستدرك (4/ 381)، وقال:"صحيح على شرط مسلم، وأقرّه الذهبي"، والبيهقي في الكبرى (8/ 275، 276)، كلهم من طرق عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ محمَّد الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن ثوبان، عن أبي هريرة، فذكره بنحوه.
قال الهيثمي في المجمع (6/ 279): "رواه البزّار عن شيخه أحمد بن أبان القرشي، وثّقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وقال الحافظ في بلوغ المرام، كما في سبل السلام (4/ 47):"وأخرجه البزار"، وقال:"لا بأس بإسناده".
وتابع الدراوردي عليه سيف بن محمَّد، أخرجه الدارقطني (3/ 103).
لكن سيف هذا قال فيه الحافظ في التقريب (262): "تركوه".
فهذا سفيان الثوري وابن عيينة وابن جريج ومحمد بن إسحاق، كلّهم رووه عن يزيد بن خصيفة مرسلًا، وخالفهم الدراوردي، فرواه عنه موصولًا عن أبي هريرة.
ورواية الأكثر أولى ، لأنهم أحفظ، والدراوردي مختلف فيه، غير أنه صدوق، لكنه لا يحتمل مخالفة الثقات. وقد قال أحمد بن حنبل فيه: "إذا حدّث من حفظه، يهم، ليس حديثه بشيء، وإذا حدّث من كتابه، فنعم
…
" (الميزان 2/ 633، 634). وقال مرّة: "
…
إذا حدّث من كتابه، فهو صحيح، وإذا حدّث من كتب الناس، وهم. وكان يقرأ من كتبهم فيخطىء
…
" (التهذيب 6/ 353).
هذا مع الإضافة إلى أن الدراوردي اختلف عنه في هذا الحديث، كما قال الدارقطني في العلل (3/ 135/ أ)، فرواه عبد الله بن عبد الوهاب ويعقوب الدورقي عن الدراوردي متصلًا، وخالفهما سريج بن يونس وسعيد بن منصور، فروياه عن الدراوردي مرسلًا.
وقال: والمرسل أصحّ. =
= وقال ابن حجر في التلخيص (4/ 74): "وصله الدارقطني والحاكم والبيهقي بذكر أبي هريرة فيه، ورجّح ابن خزيمة وابن المديني وغير واحد إرساله، وصحّح ابن القطان الموصول.
ورجّح الألباني في الإرواء (8/ 84) إرساله.
* وله شاهد من حديث أبي أميّة، أخرجه أبو داود في التلقين في الحدّ (4/ 542: 4380) والنسائي فيه (8/ 67: 4877) وابن ماجه فيه (2/ 866: 2597) والدارمي في باب المعترف بالسرقة (2/ 173) وأحمد (5/ 293) والبيهقي في الكبرى (8/ 276)، كلهم من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبي المنذر مولى أبي ذرّ، عن أمية المخزومي: إن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بلص قد اعترف اعترافًا، ولم يوجد معه متاع، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ما إخالك سرقت، قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فقُطع وجيء به، فقال: استغفر الله وتب إليه، فقال: اللهم تب عليه ثلاثًا. واللفظ لأبي داود.
قلت: فيه أبو منذر مولى أبي ذرّ. قال الذهبي: "لا يعرف"، وقال ابن حجر:"مقبول"(الميزان 4/ 577، والتقريب 676).
وأورده الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، كما في سبل السلام (4/ 46)، وقال:"أخرجه أبو داود وأحمد والنسائي، ورجاله ثقات".
الحكم عليه:
الحديث إسناده صحيح، لكنه مرسل، غير أن المرفوع منه يتقوّى ويرتقي إلى الحسن، بما له من شاهد من حديث أبي أميّة. وقد قال الحافظ عنه في بلوغ المرام كما في سبل السلام:"رجاله ثقات".
1868 -
وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا أَشْهَلُ (1) -هُوَ ابْنُ حَاتِمٍ- ثنا عمران بن حدير (2)، عن الحسن قال: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجلٍ يقودُه وَقَدْ سَرَقَ بُرْدةً، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ تُقطَع يدُه، فَقَالَ الرجلُ: يَا رسولَ اللَّهِ مَا كنتُ أَدْرِي أَنْ يبلغَ بُردتي (3) مَا يقطعُ فِيهِ (4) يدُ رجلٍ مسلمٍ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: فلَولا كانَ هَذَا قبلُ.
هَذَا مُرْسَلٌ، رِجَالُهُ ثقاتٌ.
(1) في (ك) كتبت هكذا "اسهر" بدون نقط، وهو تحريف.
(2)
في (ك): "جرير"، وهو تحريف.
(3)
في (عم) والإتحاف: "بردي"، ولعله أصحّ.
(4)
في (عم): "في"، وهو تحريف.
1868 -
تخريجه:
الحديث أورده الهيثمي في "بغية الباحث"، في الحدود، باب حدّ السرقة وبلوغه الإِمام (2/ 713: 558).
ولم أقف عليه من رواية الحسن، وهو معروف مشهور من حديث صفوان ابن أمية.
أخرجه أبو داود، باب من سرق من حرز (4/ 553: 4393) والنسائي، باب ما يكون حرزًا وما لا يكون (8/ 69: 4883) وابن الجارود في المنتقى، باب القطع في السرقة (13/ 127: 828) والحاكم (4/ 380) والبيهقي (8/ 265)، كلهم من طريق أسباط بن نصر عن سماك ابن حرب، عن حميد بن أخت صفوان، عن صفوان بن أميّة قال: كنت نائمًا في المسجد على خميصة لي ثمن ثلاثين درهمًا، فجاء رجل
…
فذكره بنحوه.
* وتابع حميدًا عليه عكرمة عن صفوان، أخرجه النسائي (8/ 69: 4881) من طريق عبد الملك، عن عكرمة به. ورجاله ثقات. =
= لكن قال ابن القطّان: "عكرمة لا أعرف أنه سمع من صفوان".
قلت: رواه مالك في الموطأ (2/ 834) عن الزهري، عن عبد الله بن صفوان، عن أبيه، فذكره.
ومن طريقه الشافعي في مسنده (2/ 84: 278)، ومن طريق الشافعي ابن المنذر في الأوسط (4/ 186/ ب) وابن أبي شيبة (9/ 493: 8233) وابن ماجه، باب من سرق من حرز (2/ 865: 2595) وعبد الرزاق (10/ 225: 18926)، كلهم من طرق عن الزهري به بنحوه. وهذه متابعة جيّدة.
* ورواه أشعث، فقال: "عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ صفوان نائمًا في المسجد
…
فذكره". أخرجه النسائي (8/ 69: 4882)، والدارمي (2/ 172).
وأشعث بن سوار ضعيف، ومخالفته مردودة.
* ورواه زكريا بن إسحاق، فقال:"عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عبّاس به".
أخرجه الدارقطني (3/ 205: 365)، والحاكم (4/ 380)، وقال:"صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي".
ورجح طريق طاووس ابن عبد البرّ، كما في سبل السلام (4/ 51)، وقال:"سماع طاووس من صفوان ممكن".
قال الألباني في الإِرواء (7/ 347): "وهذا رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين".
الحكم عليه:
إسناد الحارث حسن لكنه مرسل، والخطأ الذي نخشاه من أشهل قد زال بمجيء الحديث من طريق صفوان -وهو صاحب القصّة- بأسانيد صحيحة، قد صحح بعضها الحاكم وابن الجارود -كما سبق في التخريج- وكذا صحح حديث صفوان الألباني في الإرواء (7/ 347). =
= والموصول من حديث صفوان بن أميّة يقوّىِ مرسل الحسن، والله أعلم.
وأما قول البوصيري في الإِتحاف (3/ 151/ ب):"إسناده مرسل صحيح"، ففيه نظر؛ لأن أشهل فيه كلام لا يرتقي معه إلى الثقة بحال، كما مرّ معنا. وكذا قول الحافظ:"رجاله ثقات"، فيه نظر أيضًا، لحال أشهل.
1869 -
وقال مسدّد: حدثنا يحيى عن ابن جريح، حدّثني ابن أبي مليكة، قال: إنّ ابنَ الزبير رضي الله عنهما، أُتِيَ بوصيفٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ سرَق، فَأَمَرَ بِهِ فشَبر، فَوُجِدَ ستة أشبارٍ، فقطعه. وحدثنا (1) أنّ عمر رضي الله عنه، كَتَبَ إِلَيْهِ فِي غلامٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ سَرَقَ، فَكَتَبَ: إنْ وَجَدْتُمُوهُ سِتَّةَ أشبارٍ فَاقْطَعُوهُ، فوجوده سِتَّةَ أشبارٍ يَنْقُصُ أنملةَ، فتُرك وسُمِّي نُمَيْلَةَ.
(1) يعني به ابن الزبير رضي الله عنه، والقائل حدثنا هو ابن أبي مليكة، وقد صرّح بالتحديث عن ابن الزبير في رواية عبد الرزاق في المصنف (10/ 178).
1869 -
تخريجه:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف، باب لا قطع على من لا يحتلم (10/ 178: 18737) عن ابن جريج به.
ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط ، كتاب حدّ السرقة، في ذكر حدّ البلوغ (4/ 196/ أ). ومن طريقه أيضًا أخرج ابن أبي شيبة شطره الأول فقط، في الغلام يسرق أو يأتي الحدّ (9/ 486، 487: 8206) عن ابن جريج به.
وأورده في كنز العمال (5/ 544: 13887)، وعزاه للبيهقي في الشعب ومسدد وابن المنذر.
ولم أقف عليه في الشعب المطبوع. وانظر تخريج الحديث الذي بعده.
الحكم عليه:
قال البوصيري في الإتحاف (3/ 143/ب): "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرّجاه".
وهو كما قال وابن جريج مدلّس، غير أنه صرّح هنا بالتحديث عن ابن أبي مليكة.
1870 -
وقال أبو بكر: حدثنا عبدة، ثنا يحيى عن سليمان بن يسار، قال: إن عمر رضي الله عنه أُتِيَ بغلامٍ (1) سَرَقَ، فَأَمَرَ بِهِ فشُبر (2)، فوُجدَ سِتَّةَ أشبارٍ إلَّا أنملة، فتركه فسُمِّي نُمَيلة.
(1) في (ك): "بعلام" -بعين مهملة- وهو تصحيف.
(2)
"فشبر" ملحقة بحاشية الأصل.
1870 -
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في مصنّفه، في الغلام يسرق أو يأتي الحدّ (9/ 487، 488: 8211).
وأورده البوصيري في الإِتحاف (3/ 143/ ب) وعزاه لابن أبي شيبة فقط.
وكذا في الكنز (5/ 544: 13888).
وله شاهد من فعل أبي بكر رضي الله عنه، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (9/ 486: 8204) عن مروان بن معاوية، عن حميد، عن أنس أن أبا بكر أُتي بغلام قد سرق، فلم يتبين احتلامه فشبره، فنقص أنملة، فتركه فلم يقطعه.
ورُوي عن علي خلاف ذلك، أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (9/ 486: 8205) عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة، عن قتادة عن خلاس، عن عليّ قال:"إذا بلغ الغلام خمسة أشبار، اقتص منه".
* تنبيه: في المطبوع من المصنف خرمٌ بعد قوله: "إذا بلغ الغلام"، وأتممت الخرم من الاتحاف للبوصيري (13/ 143/ ب، 144/ أ)، لكنه قال:"وأما قضاء علىّ بخمسة أشبار، فهو مخالف لما قبله، إلَّا أن يكون في النسخة خلل".
الحكم عليه:
الحديث رجاله رجال الشيخين، وسليمان بن يسار لم يُذكر فيمن سمع من عمر بن الخطاب، كما في تهذيب الكمال، وقال أبو زرعة: أرسل عن جماعة منهم عمر بن الخطاب (جامع التحصيل 190). =
= فإن كان سمع من عمر، فالإِسناد صحيح على شرط الشيخين، وإلَاّ فهو منقطع موقوف على عمر رضي الله عنه.
قال البوصيري في الإِتحاف (3/ 143/ب): "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين".
1871 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا [عَبْدُ الْوَارِثِ](1) عَنْ يُونُسَ، عن الحسن قَالَ: إِنَّ عليَّا رضي الله عنه، قَالَ: لا أقطعُ أكثرَ من يدٍ ورِجلٍ.
(1) في الأصل: "عبد الواحد"، وهو خطأ، والصواب ما أثبته من (عم) و (ك)، كما هو في الإِتحاف (3/ 150/ ب)، وكذا كتب التخريج.
1871 -
تخريجه:
أورده البوصيري في الإِتحاف، باب في حدّ السرقة (3/ 150/ ب).
ولم أقف عليه من طريق الحسن، لكن له عن علي رضي الله عنه، طرق:
1 -
فرواه عنه أبو الضحى مسلم بن صبيح: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (10/ 187: 18767) وابن أبي شيبة (9/ 509: 8309) وابن حزم في المحلى (12/ 359) من طريق منصور بن المعتمر عن أبي الضحى به بنحوه مطولًا.
ورواية أبي الضحى عن علي مرسلة، لكن له متابعة.
2 -
تابعه عبد الله بن سلمة: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف (9/ 512: 8319) ومحمد بن الحسن الشيباني في كتب الآثار (138: 630) ومن طريقه الدارقطني في السنن (3/ 180) والبيهقي في الكبرى (8/ 275) كلهم من طريق عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلمة أن عليًا أتي بسارق فقطع يده، ثم أتي به فقطع رجله
…
فذكر قوله بنحو حديث الباب وفيه زيادة.
وهذا سند رجاله ثقات غير عبد الله بن سلمة كان تغيّر حفظه، لكن له متابعة.
3 -
تابعه الشعبي: أخرجه عبد الرزاق في المصنّف (10/ 186: 18764) من طريق جابر عن الشعبي به بنحوه وفيه زيادة، والدارقطني في كتاب الحدود (3/ 180) من طريق حصين، عن الشعبي به.
والشعبي لم يسمع من علي.
4 -
ورواه من فعل علي: محمَّد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 509: 8310) عن حاتم بن إسماعيل، عن =
= جعفر، عن أبيه محمد بن علي قال: "كان لا يزيد على أن يقطع لسارق يدًا ورجلًا
…
وفيه زيادة.
ولم يسمع محمَّد بن علي من جدّه علي.
قلت: قد جاء عن الصحابة ما يؤيد قول علي ويوافق عمله:
1 -
منهم ابن عباس:
أخرجه عبد الرزاق في المصنّف (10/ 185، 186: 18763) عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار أن نجدة بن عامر كتب إلى ابن عبّاس رضي الله عنه: السارق يسرق فتقطع يده ثم يعود فتقطع يده الأخرى؟ قال الله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [الآية، المائدة 38]، قال: بلى، ولكن يده ورجله من خلاف. قال: قال عمرو بن دينار: سمعته من عطاء منذ أربعين سنة.
ومن طريقه أخرجه ابن حزم في المحلى (12/ 351)، وقال:"هذا إسناد في غاية الصحة".
وأخرجه ابن أبي شيبة (9/ 512: 8311) عن أبي خالد، عن حجاج، عن عمرو بن دينار به بلفظ:"أن نجدة كتب لابن عبّاس يسأله عن السارق، فكتب إليه بمثل قول عليّ".
2 -
وأبو بكر الصدّيق:
أخرج ابن أبي شيبة (9/ 509: 8311) عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن الزهري قال:"انتهى أبو بكر في قطع السارق إلى اليد والرجل".
3 -
وعمر بن الخطّاب:
أخرج ابن أبي شيبة أيضًا (9/ 510: 8312) عن أبي أسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن جابر، عن مكحول أن عمر قال:
…
فذكره بنحوه بمثل قول عليّ.
وقد رُوي عن عمر خلاف ذلك، كما أخرج عبد الرزاق (10/ 187: 18768) =
= وابن أبي شيبة (9/ 511: 8315) والبيهقي في الكبرى (8/ 274) كلهم من طريق خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"شهدت عمر قطع يد رَجُلٍ بعد يده ورجله".
قال الشيح الألباني: وإسناده صحيح على شرط البخاري (الإِرواء 8/ 91).
قلت: لعلّ عمر رجع عن ذلك بعد ما أنكر عليه علي، وسكت عمر.
فقد أخرج عبد الرزاق (10/ 186: 18766) والبيهقي (8/ 274) كلاهما من طريق سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عائذ قال: أُتيَ عمر برجل أقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر به عمر رضي الله عنه، أن يقطع رجله. فقال عليّ: "إنما قال الله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
…
} [الآية 33 من المائدة]، فقد قطعت يد هذا ورجله، فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها، إما أن تعزره، وإما أن تستودعه السجن، قال: فاستودعه السجن".
قال الشيخ الألباني: "إسناده حسن، رجاله ثقات رجال مسلم، غير عبد الرحمن بن عائذ، وهو ثقة".
وما يؤيد أن عمر رجع إلى قول عليّ وأن الصحابة استقرّ أمرهم على ذلك، ما رواه ابن أبي شيبة في المصنّف (9/ 513) عن أبي خالد عن حجّاج، عن سماك، عن بعض أصحابه: أن عمر رضي الله عنه، استشارهم في سارق، فأجمعوا على مثل قول عليّ.
* تنبيه: ما روي عن علي هو الراجح، وهو ما ذهب إليه الثوري وأبو حنيفة وصاحباه، وهو قول الزهري والنخعي والشعبي والأوزاعي وحمّاد وأحمد وجماعة من الصحابة، ذكرت بعضهم آنفًا ومنهم الخليفتان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
انظر: (الجوهر النقي 8/ 275، المحلّى 12/ 350، معالم السنن 4/ 567).
الحكم عليه:
رجال إسناد ثقات، لكنه منقطع ، لأن الحسن لم يسمع من عليّ كما في جامع =
= التحصيل (ص 162)، والحسن كثير التدليس والإِرسال، والحديث مع هذا موقوف، غير أن فعل عليّ هذا قد جري عليه عمل الصحابة، بل أن أمرهم استقرّ عليه، كما بينته مفضّلًا في التخريج.
وقال البوصيري في الإتحاف المختصرة (2/ 38/ ب): "رواه مسدّد موقوفًا، ورجاله ثقات".
1872 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ -هُوَ ابْنُ خَارِجَةَ- ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عبد الله بن خُبَيب (1)، قال: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الجُهني صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ، فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ، فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سرق فاقطعوا رجله.
(1) في (عم) و (ك): "حبيب" -بحاء مهملة- وهو تصحيف.
1872 -
تخريجه:
أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 6) وابن منده كما في الإِصابة (5/ 189 بتحقيق بجاوي) كلاهما من طريق حرام بن عثمان به بلفظه، وزاد فيه:"فإن سرق فأضربوا عنقه".
قال أبو نعيم: "تفرد به حَرام، وهو من الضعف بالمحل العظيم".
وقال ابن مندة -كما في الإِصابة-: "كذا قال حرام وخالفه غيره".
وأورده البوصيري في الإِتحاف، باب في حدّ السرقة (3/ 151/ أ) وسكت عنه. وأورده في الكنز (5/ 383: 13343)، وعزاه لأبي نعيم وأبي القاسم بن بشران وابن النجّار عن عبد الله بن بدر الجهني.
وله شاهد بنحو لفظ أبي نعيم وابن مندة من حديث جابر رضي الله عنه.
أخرجه الدارقطني في الحدود (3/ 180، 181: 289) من طريق محمَّد بن يزيد ابن سنان عن أبيه، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ محمَّد بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنِ جابر به.
ورواه أبو داود، في السارق يسرق مرارًا (4/ 567: 4410) والنسائي، باب قطع اليدين والرجلين من السارق (8/ 90: 4978)، كلاهما من طريق مصعب بن ثابت عن محمَّد بن المنكدر به بنحوه، وفيه قصة.
وفي إسناد الدارقطني محمَّد بن يزيد بن سنان، وهو ضعيف. انظر:(التقريب 513). وفي إسنادي أبي داود والنسائي مصعب بن ثابت، قال الحافظ في =
= التقريب (ص 533): "ليِّن الحديث".
وقد قال النسائي بعد أن ساق الحديث: "هذا حديث منكر، ومصعب ليس بالقوي في الحديث".
وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ حديث الباب تمامًا أخرجه الدارقطني في السنن ، في الحدود (3/ 181) من طريق الواقدي عن ابن أبي ذئب، عن خالد بن سلمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.
وفي إسناده الواقدي، وهو متروك.
وأخرجه الشافعي، كما في التلخيص الحبير (4/ 76) عن بعض أصحابه، عن ابن أبي ذئب، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سلمة به.
قال ابن عبد البر: "حديث القتل منكر لا أصل له". وقال الشافعي: "هذا الحديث منسوخ لا خلاف فيه عند أهل العلم". انظر: التلخيص الحبير (4/ 76، 77).
الحكم عليه:
الحديث إسناده ضعيف جدًا، فيه حرام بن عثمان متروك، وفيه أيضًا محمَّد بن أبي حميد ضعيف، وله شواهد من طرق كلها ضعيفة، لا تصح ولا يخلو طريق منها من متهم أو ضعيف.
وقد نقل عن جمع من الأئمة تضعيف هذا الحديث، وأنكره بعضهم، وقال الشافعي بنسخه، وفصلت كل ذلك في التخريج، فليراجع هناك.
1873 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ -هُوَ الْقَوَارِيرِيُّ- ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا أَبُو المحياة، قال: قال أبو مطر: رأيت عليًا رضي الله عنه، أُتِيَ برَجُل، فَقَالُوا: إِنَّهُ قَدْ سَرَقَ جَمَلًا (1)، فَقَالَ: مَا أَرَاكَ سَرَقْتَ! قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَعَلَّهُ شِبْهٌ (2) لَكَ؟ قَالَ: بَلَى قَدْ سَرَقْتُ، قَالَ: اذْهَبْ بِهِ يَا قَنْبَر فَشُدَّ أُصْبُعَهُ وَأَوْقِدِ النَّارَ وَادْعُ الْجَزَّارَ (3) لِيَقْطَعَ ثُمَّ انْتَظِرْ حَتَّى أَجِيءَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ: أَسَرَقْتَ؟ قَالَ: لَا، فَتَرَكَهُ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِمَ تَرَكْتَهُ وَقَدْ أَقَرَّ لَكَ، قَالَ: آخُذُهُ (4) بقوله وأتركه (5) بقوله. ثم قال علي رضي الله عنه: أُتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم برجل قد سرق، فأمر بقطع يده (6) ثم بكى، فقلنا: يا رسول الله لم تبكي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وكيف لَا أَبْكِي وَأُمَّتِي تُقْطَعُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا عَفَوْتَ (7) عَنْهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: ذَاكَ سُلْطَانُ سُوءٍ الَّذِي يَعْفُو عَنِ الْحُدُودِ (8)، ولكن تعافوا الحدود بينكم.
(1) في (عم): "حملا" بدون نقط.
(2)
في (عم): "أشبه"، وفي (ك):"سنة"، وهو تصحيف.
(3)
في (ك): "الحدّاد".
(4)
في (ك): "أحده".
(5)
في (ك): "وأترله"، وهو تحريف.
(6)
في (ك): "بقطعه".
(7)
في (ك): "غفرت"، وهو تحريف.
(8)
"الحدود" ساقطة من المطبوع لأبي يعلى، وكذا في الإتحاف للبوصيري.
1873 -
تخريجه:
الحديث أخرجه أبو يعلى في المسند (1/ 275: 328).
وفي المجمع (6/ 262، 263)، وقال:"رواه أبو يعلى، وأبو مطر لم أعرفه". =
= وأورده في الكنز (5/ 548)، وعزاه لأبي يعلى، وقال:"وضعّف".
ولم أقف عليه عند غير أبي يعلى.
ولكن للمرفوع منه شاهدًا من حديث عمرو بن شعيب عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو رفعه:"تعافوا الحدود بينكم، فما بلغني من حدّ، فقد وجب".
رواه أبو داود، باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان (4/ 540: 4376) والنسائي، باب ما يكون حرزًا وما لا يكون (8/ 70: 4885 و 4886) والحاكم (4/ 383) وصحّحه، والبيهقي (8/ 331) من طرق عن ابن جريج، عن عمرو به.
وقال الحافظ في الفتح (12/ 89): "وسنده إلى عمرو بن شعيب صحيح".
وله شاهد آخر من حديث ابن مسعود، أخرجه أحمد (1/ 438) ومن طريقه الحاكم (4/ 382، 383) مختصرًا وصحّحه، والبيهقي (8/ 331) كلهم من طريق يحيى الجابر: سمعت أبا ماجدة يقول: "كنت قاعدًا مع ابن مسعود، فقال: إني لأذكر أوّل رجل قطعه رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بسارق فأمر بقطعه، فكأنما أسف وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
وفيه: لا تكونوا أعوانًا للشيطان على أخيكم، إنّه لا ينبغي لإمام إذا انتهى إليه حدّ إلَّا أن يقيّمه، إن الله عفو يحب العفو
…
" الحديث وفيه زيادة.
وفيه أبو ماجدة الحنفي، قال الذهبي:"لا يعرف"، وقال البخاري:"ضعيف"، وقال النسائي:"منكر الحديث" انظر: (الميزان 4/ 566).
وقال أحمد شاكر في تعليقه على المسند (6/ 100): "إسناده ضعيف لجهالة أبي ماجد".
الحكم عليه:
الحديث إسناده ضعيف كما قال البوصيري في الإتحاف (3/ 152/ أ)، وذلك لجهالة حال أبي مطر هذا.
لكن المرفوع من الحديث يتقوّى بشواهده إلى الحسن لغيره، والله أعلم.