المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - باب كراهية الإمارة لمن لم يقدر عليها - المطالب العالية محققا - جـ ٩

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌10 - باب حكم المرتد ّ

- ‌11 - بَابُ تَحْرِيمِ دَمِ الْمُسْلِمِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا صَلَّى

- ‌13 - بَابُ إِلَى كَمْ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ

- ‌14 - باب اللِّوَاطِ

- ‌19 - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي السِّتْرِ

- ‌20 - باب الحدّ يجب على المريض

- ‌21 - بَابُ السِّحَاقِ

- ‌22 - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنِ اعْتَرَفَ بِحَدٍّ مُبْهَمٍ

- ‌23 - باب من أتى ما دون الحد ّ

- ‌24 - باب الرجم

- ‌25 - بَابُ الْمُتْعَةِ

- ‌26 - بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ

- ‌27 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى فِرَاشِ المُغيَّبَه

- ‌28 - بَابُ تَعْزِيرِ مَنِ افْتَرَى عَلَى الإِمام

- ‌30 - بَابُ قَدْرِ التَّعْزِيرِ

- ‌31 - بَابُ نَفْيِ أَهْلِ الرِّيَبِ وَالْمَعَاصِي مِنَ الْبُيُوتِ

- ‌32 - بَابُ الْحَبْسِ

- ‌33 - بَابُ الْقَذْفِ

- ‌19 - كتاب القصاص

- ‌2 - بَابُ مَنْ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا اقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ

- ‌3 - بَابُ الْقَوَدَ فِي غَيْرِ النَّفْسِ

- ‌4 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ المُثْلَة

- ‌5 - باب الدِّيَات

- ‌6 - باب الدية في قتل الخطأ والعفو فيها

- ‌7 - باب مقدار الدية وتقويمها

- ‌8 - بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌20 - كتاب الجهاد

- ‌1 - باب الشهداء

- ‌2 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الشَّهِيدِ عَلَى مُجَرَّدِ [الْقَتْلِ]

- ‌3 - بَابُ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ

- ‌4 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِ

- ‌6 - بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ

- ‌7 - بَابُ فَضْلِ الرِّبَاطِ وَفَضْلِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ

- ‌9 - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي إِعَانَةِ الْمُجَاهِدِينَ

- ‌10 - بَابُ فَضْلِ مَنْ شَيَّعَ مُجَاهِدًا

- ‌11 - باب الرايات والألوية

- ‌12 - بَابُ أدبِ السَّفَرِ وَالرُّفْقَةِ

- ‌13 - بَابُ فَضْلِ الْمَرْكَبِ الْوَطِيءِ

- ‌14 - بَابُ تَوْدِيعِ الْمَنْزِلِ بِرَكْعَتَيْنِ وَمَا يُقَالُ عِنْدَ التَّوَدُّعِ

- ‌15 - بَابُ نَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنِ السَّفَرِ وَحْدَهَا

- ‌16 - بَابُ الرِّفْقِ بِالدَّوَابِّ

- ‌17 - بَابُ الْخَيْلِ وَفَضْلِهَا، وَالنَّدْبِ إِلَى الإِحسان إِلَيْهَا وَفَضَلُ الْحَمْلِ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌18 - باب سهم الفارس

- ‌19 - بَابُ السبْقِ والرَمْيِ وَمَا جَاءَ فِي فضلِ الرميِ

- ‌20 - بَابُ شِدَّةِ الْعَدْوِ وَالْمَشْيِ

- ‌21 - بَابُ الْأَمْرِ بِتَحْسِينِ السِّلاح وَإِعْدَادِهِ لِلْجِهَادِ

- ‌22 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِنْزَاءِ الْحِمَارِ عَلَى الْفَرَسِ الْعَرَبِيَّةِ

- ‌23 - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَالْأَمْرِ بِالصَّمْتِ

- ‌24 - بَابُ الشِّعَارِ

- ‌25 - بَابُ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ

- ‌26 - بَابُ الْكِتَابَةِ إِلَى أَهْلِ الشِّرْكِ قَبْلَ غَزْوِهِمْ

- ‌27 - بَابُ كَرَاهِيَةِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ

- ‌28 - بَابُ التَّرْهِيبِ مِنَ الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ

- ‌29 - بَابُ كَرَاهِيَةِ الجُعَل عَلَى الْجِهَادِ

- ‌30 - بَابُ الْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الْعَدُوِّ إِلَى دَارِ الإِسلام

- ‌31 - باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌32 - بَابُ لَا يُجَاهِدُ الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ سيِّده

- ‌33 - بَابٌ لَا جِهَادَ عَلَى النِّسَاءِ

- ‌38 - بَابُ حَفِظِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَيَانِ مَا يَقْتَضِي بِهِ عَهْدُهُمْ

- ‌39 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَالشِّيُوخِ وَالْوُصَفَاءِ وَالْعُرَفَاءِ

- ‌40 - بَابُ النَّصِيحَةِ للإِمام

- ‌41 - بَابُ أَمَانِ الْمُسْلِمِ حَتَّى الْمَرْأَةِ وَالصَّغِيرِ

- ‌42 - بَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ

- ‌43 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ

- ‌44 - بَابُ الْحَرَسِ

- ‌45 - بَابُ حُكْمِ الْأَرْضِ الَّتِي يَفْتَتِحُهَا أَهْلُ الشِّرْكِ

- ‌47 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ

- ‌48 - بَابُ الْعَطَاءِ وَالْحُكْمُ فِيمَا فَضَلَ مِنْهُ

- ‌49 - بَابُ الإِقطاع

- ‌50 - بَابُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ

- ‌51 - بَابُ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

- ‌52 - بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌53 - بَابُ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى

- ‌54 - بَابُ جَرَيَانِ السِّهَامِ فِيمَا بِيِعَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ

- ‌55 - بَابُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّفَلَ كَانَ مَشَاعًا لِمَنْ أَخَذَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْقِسْمَةُ

- ‌56 - بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ لِمَنْ هَاجَرَ وَلِمَنْ وَقَعَ ذَلِكَ بِبَلَدِهِ

- ‌57 - بَابُ رَدِّ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ

- ‌58 - بَابُ السَّلَبِ لِلْقَاتِلِ

- ‌59 - بَابُ النَّفل

- ‌60 - بَابُ التَّأْلِفِ عَلَى الإِسلام

- ‌61 - بَابُ إِيثَارِ الإِمام بَعْضَ الرَّعِيَّةِ بِرِضَا الْبَاقِينَ

- ‌62 - بَابُ كَرَاهِيَةِ اسْتِئْثَارِ الإِمام بِشَيْءٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ

- ‌63 - باب الإحسان إلى يتامى المجاهدين

- ‌64 - بَابُ تَعْظِيمِ شَأْنِ الْغُلُولِ

- ‌65 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ السِّهَامِ قَبْلَ أَنْ [تُقْسَمَ]

- ‌66 - بَابُ فِدْيِ الْأُسَارَى

- ‌21 - كِتَابُ الْخِلَافَةِ والإِمارة

- ‌1 - بَابُ كَرَاهِيَةِ الإِمارة لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا

- ‌2 - بَابُ الْخِلَافَةِ فِي قُرَيْشٍ

- ‌3 - بَابُ كَيْفِيَّةِ الْبَيْعَةِ فِي الإِسلام

- ‌6 - بَابُ الْقِيَامِ عَلَى رَأْسِ الْأَمِيرِ بِالسَّيْفِ

- ‌7 - بَابُ كَرَاهِيَةِ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌8 - بَابُ قِصَاصِ الْأَمِيرِ مِنْ عَامِلِهِ لِرَعِيَّتِهِ

- ‌9 - بَابُ ذِكْرِ تَفْسِيرِ قَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقِيدُ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌10 - بَابُ تَأْدِيبِ الْأَمِيرِ عاملَه إِذَا احْتَجَبَ عَنِ الرَّعِيَّةِ أَوْ تَرَفَّعَ عَلَيْهِمْ

- ‌11 - بَابُ مُشَاطَرَةِ الْعَامِلِ إِذَا اتَّجَرَ فِي مَالِ الرَّعِيَّةِ

- ‌13 - بَابُ أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فِي الْحَقِّ ّ

- ‌14 - بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْأَمِيرِ مِنْ حُسْنِ السيرة وعدم الاستتار

الفصل: ‌1 - باب كراهية الإمارة لمن لم يقدر عليها

‌1 - بَابُ كَرَاهِيَةِ الإِمارة لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا

2095 -

قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَجَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ الطَّائِيِّ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَهِيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي يَفْتَخِرُ (1) بِهَا أَهْلُ الشَّامِ، يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه عَلَى جَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَنْفِرُوا مَنْ مَرُّوا بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَمَرُّوا بِنَا فِي دَارِنَا (2)، فَاسْتَنْفَرُونَا فَنَفَرْنَا مَعَهُمْ، فَقُلْتُ: لَأَتَخَيَّرَنَّ لِنَفْسِي رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْدُمُهُ (3) وَأَتَعَلَّمُ مِنْهُ، فَإِنِّي لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ آتِيَ الْمَدِينَةَ كُلَّمَا شِئْتُ، فَتَخَيَّرْتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَصَحِبْتُهُ. وَكَانَ لَهُ كِسَاءٌ فَدَكِيٌّ [نَحَلَهُ](4) عَلَيْهِ إِذَا رَكِبَ، نَلْبَسُهُ جَمِيعًا إِذَا نَزَلْنَا، وَهُوَ الْكِسَاءُ الَّذِي

(1)"يفتخر" ملحقة بحاشية الأصل.

(2)

في (عم) و (ك): "ديارنا".

(3)

في (عم):"فأحدثه".

(4)

في الأصل: "نجلد"، وهو تحريف، والمثبت من (عم). وفي المطبوع "فدلّى بجله"، وقال المحقق حبيب الرحمن الأعظمي:(ولعلّ الصواب: "يدلي بجلّة، والجلّ للدابّة كالثوب للإنسان تُصان به").

ص: 580

عَيَّرَتْهُ بِهِ هَوَازِنُ فَقَالُوا: ذَا الجِلال نُتَابعُ (5) بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا قَضَيْنَا غَزَاتَنَا، رَجَعْنَا وَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ، قُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ صَحِبْتُكَ وَلِي عَلَيْكَ حَقٌّ وَلَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ شَيْءٍ، فَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، فَإِنِّي لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ آتِيَ الْمَدِينَةَ كُلَّ سَبْتٍ (6)، قَالَ رضي الله عنه: قَدْ كَانَ فِي نَفْسِي ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تذكره لي، اعبد الله لا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَآتِ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وحُجَّ الْبَيْتَ، وصُمْ رَمَضَانَ، وَلَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى رَجُلَيْنِ.

قُلْتُ (7): أَمَّا الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ، فَقَدْ عَرَفْتُهَا، وَأَمَّا الْإِمَارَةُ، فَإِنَّمَا يُصِيبُ الناسَ الخيرُ مِنَ الإِمارة، قَالَ: إِنَّكَ قَدِ اسْتَجْهَدْتَنِي فَجَهَدْتُ لَكَ، إِنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي الإِسلام طَوْعًا وَكَرْهًا، فَأَجَارَهُمُ اللَّهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَهُمْ عُوَّاذُ اللَّهِ (8) وَجِيرَانُ اللَّهِ وَفِي ذِمَّةِ اللَّهِ، وَمَنْ يظلمْ أَحَدًا مِنْهُمْ، فَإِنَّمَا يَخْفِرُ رَبَّهُ، واللهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَتُؤْخَذُ شَاةُ جَارِهِ أَوْ بَعِيرُهُ، فَيَظَلُّ بَاقِي عفلَتِهُ (9) غَضَبًا لِجَارِهِ وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِ جَارِهِ. فَلَمَّا رَجَعْنَا إِلَى دِيَارِنَا وقُبض رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعَ الناسُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه وَاسْتَخْلَفَ (10) أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ: مَنِ اسْتُخْلِفَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: صاحبُك أَبُو بَكْرٍ. فأتيتُ الْمَدِينَةَ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لَهُ حَتَّى وَجَدْتُهُ خَالِيًا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ أَنَا صَاحِبُكَ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَمَا تَحْفَظُ مَا قلت

(5) في (عم): "تبايع".

(6)

في (عم) و (ك): "كلما شئت"، وهو الأنسب للسياق.

(7)

في (ك): "قلنا".

(8)

في (عم): "عوّاذًا به".

(9)

في (عم): "عضلته"، وفي (ك):"عصيلته".

(10)

في (ك): "واستخلفوا".

ص: 581

لِي؟ لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى رَجُلَيْنٍ (11) وتأمّرتَ عَلَى النَّاسِ؟! قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَالنَّاسُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَحَمَلَنِي أَصْحَابِي وَخَشِيتُ أَنْ يَرْتَدُّوا، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَعْتَذِرُ حَتَّى عَذَرْتُهُ.

وَزَادَ جَرِيرٌ فِيهِ قَالَ: وَكُنْتُ أَسُوقُ الْغَنَمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمْ يزل الأمر بي حتى صوت عَرِيفًا فِي إِمَارَةِ الْحَجَّاجِ (12)، يَقُولُهَا رَافِعُ بْنُ أَبِي رَافِعٍ الطَّائِيُّ.

* هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَسُلَيْمَانُ شَيْخُ الْأَعْمَشِ مَا عَرَفْتُهُ بَعْدُ (13) وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ طَرَفًا مِنْهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ (14).

(92)

وَحَدِيثُ حِبّان بْنِ بُحٍّ الصُّدائي: لَا خَيْرَةَ فِي الْإِمَارَةِ لرجل مسلم،

(11) في (عم): "رجل".

(12)

في (عم): "الحجذ".

(13)

قلت: هو سليمان بن ميسرة الأحمسي، ذكره البخاري في تاريخه (4/ 36)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 143)، وقال ابن معين:"ثقة"، وذكره الحافظ نفسه في تعجيل المنفعة (ص 113).

(14)

هناك تعليق على يسار حاشية الأصل جاء بعد هذا الحديث، ونصّه:"قال ابن خزيمة في صحيحه: ثنا عمران بن موسى، وقال ابن أبي عاصم: ثنا إبراهيم الحجّاج، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، ثنا. محمَّد بن جحادة عن طلحة بن مصرّف، عن سليمان الأحول، عن طارق به بنحوه، إلى قوله: "فلا يخفر ربّه"، ولم يذكر ما بعده.

قال أبو نعيم: "وهم طلحة في قوله: (سليمان الأحول)، وإنما هو سليمان بن ميسرة، ثم ساقه من حديث الأعمش".

وقال الطبراني: "حدّثنا مطين، حدّثنا إبراهيم بن أبي معاوية، حدّثني أبي عن الأعمش به بطوله". اهـ.

ص: 582

يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي بَابِ: عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ (15).

(93)

وَكَذَلِكَ حَدِيثُ: زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدائي.

(15) في كتاب المناقب من المطالب العالية المطبوع (4/ 5: 3826)، وهو حديث طويل من مسند

ابن أبي شيبة، وفيه:"لا خير في الإمرة لرجل مؤمن"، وسيأتي معنا برقم (3801).

وحديث زياد بن الحارث سيأتي برقم (2096 و 3809).

ص: 583

2095 -

تخريجه:

لم أقف عليه فيما وصلنا من مسند إسحاق بن راهويه.

وتابع عيسى بن يونس وجرير عليه عن الأعمش جماعة:

رواه وكيع في الزهد (1/ 355 رقم 130) مختصرًا جدًّا، ومن طريقه ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 112: 6719)، وأحمد في الزهد (ص 162 رقم 557).

ورواه أحمد أيضًا في الزهد (ص 162) مختصرًا، والطبراني في الكبير (5/ 22 رقم 4469) من طريق أبي معاوية بنحوه، وابن أبي عمر العدني في مسنده كما في إتحاف الخيرة (3/ 35 أ) عن يحيى بن عيسى بنحوه مختصرًا، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 234 ب) من طريق عمّار بن سيف الضبّيّ نحوه.

أربعتهم عن الأعمش به، واقتصر ابن أبي شيبة على قوله:"أتيت أبا بكر فقلت: أمرتني بما أمرتني به، ودخلتَ فيما دخلتَ فيه، فما زال يعتذر حتّى عذرته".

تابع سليمانَ عن طارق عليه المغيرةُ بن شبل وإبراهيمُ بن المهاجر:

أخرجه وكيع في الزهد (1/ 355 رقم 130) عن الأعمش، عن المغيرة بن شبل مختصرًا جدًّا، والطبراني في الكبير (5/ 21 - 22: 4467)، ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 235 أ)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/ 184) من طريق إسرائيل بن يونس عن إبراهيم بن المهاجر، كلاهما عن طارق بن شهاب به بنحوه.

ورواه شريك، واختلف عنه فيه:

فرواه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 235 أ)، وابن عساكر في تاريخه (6/ 183) من طريق حاتم بن إسماعيل، والحسين بن إسماعيل المحاملي في أماليه، =

ص: 583

= ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (6/ 184) من طريق إسحاق الأزرق، كلاهما عن شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن طارق بن شهاب به بنحوه.

ورواه الطبراني (5/ 22: 4468) من طريق علي بن حكيم الأودي، وذكره أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 235 أ- ب) من طريق إسماعيل بن أبان الوراق، كلاهما عن شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن قيس بن أبي حازم، عن رافع بن عمرو بنحوه.

وأخرجه ابن أبي عاصم كما في حاشية المطالب العالية المسندة (73 ب)، ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة (1/ 235 أ)، وابن خزيمة في صحيحه كما في حاشية المطالب العالية (73 ب)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (6/ 183)، وابن عساكر أيضًا من طريق لآخر (6/ 183)، جميعهم من طريق محمَّد بن جحادة عن طلحة بن مصرّف، عن سليمان الأحول، عن طارق بن شهاب به بنحوه.

وهو خطأ.

قال أبو نعيم: "كذا قال طلحة: (سليمان الأحول)، وهو وهم؛ لأنّ سليمان الأحول مكّي وهو خال ابن أبي نجيح، روى عنه ابن جريج وابن عيينة وغيرهما".

ونسب ابن عساكر الوهم فيه لمحمد بن جحادة، وقال:"

إنما هو سليمان بن ميسرة الأحمسي".

ورواه ابن عساكر (6/ 185) من طريق ابن المبارك عن معمر، عن مطر، عن عمرو بن سعيد -وفي نسخة: شعيب- عن بعض الطائيين، عن رافع الخير الطائي قال:"صحبت أبا بكر في غزاة"، فذكر الحديث.

ص: 584

الحكم عليه

حديث الباب إسناده صحيح، ويزيده قوّة المتابعات الكثيرة والقويّة التي مرّت مفصَّلة في التخريج.

ص: 584

2096 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، ثنا الْإِفْرِيقِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ (1) الصُدائي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا خَيْرَةَ فِي [الإِمرة](2) لرجل مؤمن (3).

(1) تحرّفت في (ك) إلى: "زياد بن الحرب" عندما كرّر الحديث في المرّة الثانية.

(2)

في الأصل و (عم): "الأمر"، والتصويب من (ك) والمطبوع.

(3)

تكرر هذا الحديث في (ك).

ص: 585

2096 -

تخريجه:

هذا الحديث أصله في السنن مختصرًا، ورواه مطولًا بلفظ حديث الباب أو نحوه.

الحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في إتحاف الخيرة (3/ 34 أ)، ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 263 أ- ب)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (312 - 313)، والطبراني في الكبير (5/ 262 - 263: 5285)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 935)، والمزّي في تهذيب الكمال (9/ 445 - 446)، جميعهم من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم به بنحوه مطولًا.

وأخرجه أبو نعيم أيضًا في معرفة الصحابة (1/ 263 ب) من طريق الثوري عن عبد الرحمن بن زياد به مطولًا بنحوه.

والبغوي في معجمه كما في تاريخ دمشق (9/ 937)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه أيضًا من طريق عيسى بن يونس عن عبد الرحمن بن زياد به بنحوه مطولًا.

وأصل الحديث في السنن من غير ذكر للفظ حديث الباب.

أخرجه أبو داود في الصلاة، باب الرجل يؤذن ويقيم (1/ 352 رقم 514) من طريق عبد الله بن عمر بن غانم، والترمذي فيه (1/ 383 رقم 199)، وابن ماجه في الأذان (1/ 237 رقم 717)، كلاهما من طريق يعلي بن عبيد، وأحمد (4/ 169) من طريق الثوري، ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 264 أ)، وعبد الرزاق =

ص: 585

= (1/ 471 - 475: 1817 - 1833) من طريق الثوري ويحيى بن العلاء، ومن طريقه الطبراني في الكبير (5/ 265: 5266 ورقم 5286 - 5287)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 166) من طريق إسماعيل بن عياش، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 399) وغيرهم، خمستهم عن الإفريقي به مختصرًا بلفظ: لما كان أوّل أذان الصبح، أمرني -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- فَأَذَّنْتُ فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أقيم يا رسول الله؟، فجعل ينظر إِلَى نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ إِلَى الْفَجْرِ، فَيَقُولُ: لَا، حتى إذا طلع الفجر نزل فبرز ثم انصرف إلى وقد تلاحق أصحابه -يعني فتوضأ-، فأراد بلال أن يقيم، فقال له نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَنْ أخا صداء هو أذّن، ومن أذّن فهو يقيم".

ص: 586

الحكم عليه:

حديث الباب سنده ضعيف من أجل الإفريقي، وضعّفه الترمذي، فقال عقب الحديث:"إنما نعرفه من حديث الإفريقي، وهو ضعيف عند أهل الحديث".

ونقل النووي في شرح المهذّب (3/ 128) عن البغوي تضعيفه، وقال:"علق البيهقي القول فيه".

وقال ابن السكن كما في الإصابة (4/ 27): "في إسناده نظر".

وقال البوصيري في إتحاف الخيرة (3/ 34 ب): "مدار إسناد حديث زياد بن الحارث الصُدائي هذا على عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْأَفْرِيقِيِّ، وهو ضعيف

".

وضعّفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/ 54 رقم 35).

ص: 586

2097 -

وقال مسدد: حدثنا بشر -هو ابن المفضل-، ثنا [ابْنُ عَوْنٍ] (1) عَنْ عُمَيْرِ (2) بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه بَعْثًا، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: كَيْفَ وَجَدْتَ بَعْثَكَ (3)؟ قَالَ: مَا زِلْتُ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ مَنْ مَعِي خَوَلٌ لِي، فأيمُ اللَّهِ لَا أعمل على رجلين ما دمت حيًّا (4).

(1) في الأصل و (عم): "ابن عدي"، والمثبت من (ك) هو الصواب.

(2)

في (ك): "عمر"، وهو تحريف.

(3)

في (ك) أدمج الكلمتين فجاءت هكذا: "وجدتك".

(4)

تكرّر هذا الحديث بسنده في (ك).

ص: 587

2097 -

تخريجه:

الحديث أخرجه النسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (8/ 503) عن حميد بن مسعدة، والطبراني في الكبير (20/ 258 رقم 609) من طريق الوليد بن العبّاس وصالح بن حاتم، وأبو نعيم في حلية الأولياء (1/ 174)، والمزي في تهذيب الكمال (21/ 370)، كلاهما من طريق الوليد بن العبّاس أيضًا، ثلاثتهم عن بشر بن المفضل به بلفظه.

وأخرجه الدولابي في الكنى (1/ 87) من طريق علي بن الجعد عن شيبان الجعدي النحوي عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ المقداد به.

ص: 587

الحكم عليه:

قال الهيثمي في المجمع (5/ 201): "رجاله رجال الصحيح، خلا عمير بن إسحاق وثقه ابن حبّان وغيره، وضعّفه ابن معين وغيره".

قلت: إسناده حسن وعمير بن إسحاق، وإن كان تكلم فيه، فقد تابعه عليه هلال بن يساف، وهو ثقة كما في التقريب (ص 576).

ص: 587

2098 -

وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْمُلَائِيُّ، أَنَا بدر بن عثمان، حدثني أبو بكر بن حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ الرَّجُلَ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَغَضِبَ عُمَرُ رضي الله عنه، وَقَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لِهَذَا الْأَمْرِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَعْوَانٍ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، سَمَحَ لَهُ وَقَالَ: أَنْطَلِقُ إِلَى أَهْلِي فَأُوصِيهِمْ ثُمَّ أَرْوَحُ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَقِيَهُ [عَمُّهُ](1)، فَقَالَ: آمُرُكَ أَنْ لَا تَفْعَلَ، قَالَ: فَكَيْفَ [بِأَمْرِهِ](2)؟ قَالَ: تَرُوحُ وَأَرُوحُ مَعَكَ، فَإِنَّهُ إِذَا رَآكَ فَسَيَقُولُ لَكَ: أَمَا رُحْتَ؟ فَقُلْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (3) إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ، فَفَعَلَ، فَقَالَ: مَنْ نَهَاكَ؟ فَقَالَ: فُلَانٌ، لِعَمِّهِ (4)، فَقَالَ: أَمَا (5) إِنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ رَجُلًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِنِّي أَخْتَارُ لَكَ أَنْ تَجْلِسَ، فَإِنَّهُ لَنْ يُؤَمَّرَ رَجُلٌ عَلَى عَشَرَةٍ أَبَدًا إِلَّا أَتَى اللَّهَ تَعَالَى مَغْلُولًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَكُونَ عَمَلُهُ هُوَ الَّذِي يَحِلُّ عَنْهُ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُتَّكِئًا رضي الله عنه، فَاسْتَوَى جَالِسًا فَجَعَلَ يُنَادِي: أَيُّ عمل يحل عنه؟ فنادى بذلك مرارًا.

(1) في الأصل و (عم): "فلقيه عمر رضي الله عنه"، والتصويب من (ك) والمطالب العالية المطبوع.

(2)

في الأصل: "يأمره"، وفي (عم) و (ك):"تأمره"، والمثبت هو الصواب.

(3)

في (عم): "إنا رحت بأمر أمير المؤمنين".

(4)

في (عم): "لعمر".

(5)

"أما" ساقطة من (عم).

ص: 588

2098 -

تخريجه:

لم أقف عليه فيما وصلنا من مسند إسحاق.

وأخرجه السهمي في تاريخ جرجان (ص 375) من طريق عبيد الله بن موسى عن بدر بن عثمان به بلفظه، وفي آخره:"فدعى بذلك ثلاث مرات".

ص: 589

الحكم عليه:

إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين، عدا بدر بن عثمان، وهو ثقة، أخرج له مسلم والنسائي، ولم يخرّج له البخاري.

ص: 589

2099 -

[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ محمَّد الرَّاسِبِيِّ (عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه عَنْ عَهْدِهِ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيْه، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ) (1): إِنَّ الْوُلَاةَ يُجاء بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقِفُونَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، فَمَنْ كَانَ مُطَاوِعًا لِلَّهِ (2)، يُنَاوِلْهُ اللَّهُ بِيَمِينِهِ حَتَّى يُنْجِيَهُ، وَمَن كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ (3)، انْخَرَقَ (4) بِهِ الْجِسْرُ إِلَى وادٍ مِنْ نَارٍ يَتَلَهَّبُ الْتِهَابًا (5)، قَالَ: فَأَرْسَلَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى أَبِي ذَرٍّ وَإِلَى سَلْمَانَ رضي الله عنهما، فَقَالَ لِأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، وَبَعْدَ الْوَادِي وَادٍ آخَرُ مِنْ نَارٍ، قَالَ: وَسَأَلَ سَلْمَانَ رضي الله عنه، فَكَرِهَ أَنْ يُخْبِرَهُ (6) بِشَيْءٍ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: مَنْ سَلَبَ اللَّهُ عَيْنَهُ وَأَنْفَهُ (7) وَأَصْدَعَ خَدَّهُ إِلَى الْأَرْضِ.

[2]

(وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ بِهِ)(8).

[3]

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا حشرج بن

(1) ما بين القوسين ساقط من (ك) والمطبوعة.

(2)

في (عم): "فله"، وهو تحريف.

(3)

"لله" ساقط من (عم).

(4)

في المطبوع: "انحرف".

(5)

تصحّفت في (ك) إلى: "إليها".

(6)

في (عم): "يجيبه" بدل "يستعين"، وما بين المعقوفين إضافة من المطالب العالية المطبوع؛ ليستقيم الكلام.

(7)

في الأصل: "أنفته"، وهو تحريف.

(8)

ما بين القوسين ساقط من (عم) و (ك).

ص: 590

نُباتة عَنْ هِشَامِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ إِلَيْهِ عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن يَسْتَعِينَ [بِهِ](9) عَلَى بَعْضِ الصَّدَقَةِ فَأَبَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ، فَقَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنِّي سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُتي بِالْوَالِي فقُذف (10) عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، فَيَأْمُرُ اللَّهُ تَعاَلَى الْجِسْرَ، فَيَنْهَضُ بِهِ انْتِهَاضَةً يَزُولُ عَنْهُ كُلُّ عَظْمٍ مِنْهُ عَنْ مَكَانِهِ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى الْعِظَامَ فَتَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهَا، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ مطيعًا أخذه بِيَدِهِ وَأَعْطَاهُ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلَّهِ عَاصِيًا خُرِقَ بِهِ الْجِسْرُ فَهَوَى (11) فِي جَهَنَّمَ سَبْعِينَ عَامًا، فَقَالَ عُمَرُ لَهُ (12) رضي الله عنه: سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَكَانَ سَلْمَانُ وَأَبُو ذَرٍّ رضي الله عنهما جالسَينِ، فَقَالَ سَلْمَانُ رضي الله عنه: نعمْ واللهِ يَا عُمَرُ، مَعَ السَّبْعِينَ سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي وادٍ مِنْ نَارٍ يَلْتَهِبُ (13) الْتِهَابًا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا؟ فَقَالَ: مَنْ سَلَبَ اللَّهُ أَنْفَهُ وَأَلْصَقَ خَدَّهُ بِالْأَرْضِ.

[4]

وَقَالَ عَبْدٌ (14): حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَيْزَارِ (15) عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشام قال: إنّ عمر رضي الله

(9) في (ك): "يستغن"، وهو تصحيف.

(10)

تحرّفت في (ك) إلى: "يوقف".

(11)

في (عم): "فينهمر"، وأسقط "الجسر".

(12)

"له" ساقطة من (عم).

(13)

في (عم): "يتلهّب".

(14)

تحرّفت في (ك) إلى: "عبيد".

(15)

في (عم): "عبيد الله بن العيزار"، وفي (ك):"عبيد الله بن الغندار"، ولم أقف على ترجمته.

ص: 591

عِنْهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ فَقَالَ: لَا أَعْمَلُ (16) لَكَ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُؤْتَى بِالْوَالِي فيوقَف عَلَى الصِّرَاطَِ فَيَهْتَزُّ بِهِ حَتَّى يَزُولَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ عَنْ مَكَانِهِ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا مَضَى، وَإِنْ كَانَ جَائِرًا هَوَى فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَدَخَلَ عُمَرُ رضي الله عنه الْمَسْجِدَ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: مَا شَأْنُكَ (17) يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: حَدِيثٌ حَدَّثَنِيهِ بِشْرُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ فَحَدَّثَهُ بِهِ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: نَعَمْ، لَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَمَنْ يَرْغَبُ فِي الْعَمَلِ بَعْدَ هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: "مَنْ أَسْلَبَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْفَهُ وَأَصْدَعَ خَدَّهُ".

قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: قَوْلُ مَنْ قَالَ فِيهِ "عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ" وهْم لَا يَصِحُّ.

وَقَدْ رَوَاه [سُوَيْدُ](18) بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ (19) وَغَيْرُهُ. وَرَوَاهُ عَطَاءٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طريقه.

فهذه أسانيد يقوّي بعضها بعضًا.

(16) تحرّفت في (ك) إلى: "لا أتحمل".

(17)

تحرفت في (ك) إلى: "ما سارك".

(18)

في الأصل و (عم): "سعيد"، والمثبت من (ك) هو الصواب كما في كتب التراجم والتخريج.

(19)

تحرّفت في (ك) إلى: "الترابي". وانظر: المعجم الكبير (2/ 39: 1219).

ص: 592

2099 -

تخريجه:

هو عند ابن أبي شيبة في المصنّف (12/ 217: 12592) و (13/ 172: 16027) بلفظه. =

ص: 592

= ومسند أحمد بن منيع مفقود.

وهو عند عبد بن حميد في المنتخب (1/ 394: 429).

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 95 أ).

وللحديث عن بشر طريقان غير ما تقدّم:

1 -

طريق شقيق بن سلمة: أخرجه البغوي في معجمه كما في الإصابة (1/ 251)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 230: 1591)، والطبراني في الكبير (2/ 39: 1219)، وأبونعيم في معرفة الصحابة (1/ 95 أ)، جميعهم من طريق سويد بن عبد العزيز عن سيّار بن الحكم، عن أبي وائل شقيق بن سلمة به بنحوه مطوّلًا.

وفيه سويد بن عبد العزيز بن نمير الدمشقيّ، ضعيف كما في مختصر تاريخ دمشق (10/ 215)، والتقريب (ص 260).

2 -

عبد الله بن سفيان: أخرجه ابن منده كما في الإِصابة (1/ 251) من طريق سلمة بن تميم عن عطاء بن أبي رباح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ بِشْرِ بن عاصم بنحوه مطوّلًا.

ثم ذكر ابن حجر عقبه قول ابن منده الذي أورده في الأصل.

ص: 593

الحكم عليه:

إسناد ابن أبي شيبة لا بأس به، رواته ثقات غير محمَّد الراسبيّ، صدوق فيه لين.

وأما طريق أحمد بن منيع، ففيه من لم أجد له ترجمة، وهو هشام بن حبيب، ثم إنه مخالف لغيره من الروايات في زيادة ذكر أبي عاصم، وهي وهم من رواته كما جزم بذلك ابن منده كما في الإِصابة (1/ 251).

وإسناد عبد بن حميد فيه عبد الله بن العيزار، لم أجد له ترجمة، ورجل من أهل =

ص: 593

= الشام لم أعرف من هو، وباقي رجاله ثقات.

وهذه الأسانيد يقوّي بعضها بعضًا، فالحديث حسن بمجموع طرقه -والله أعلم-.

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 206) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة عن بشر بن عاصم، وقال:"فيه سُويد بن عبد العزيز، وهو متروك".

وهذا إفراط منه رحمه الله، وإنّما هو ضعيف كما في كتب التراجم.

ص: 594

2100 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا [عَبْدُ اللَّهِ](1) بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ثنا محمَّد بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إيَّاك يَا سَعْدُ أَنْ تَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْمِلُ عَلَى عُنُقِكَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ فَعَلْتُ فَإِنَّ ذَلِكَ (2) لَكَائِنٌ؟ قَالَ:"نَعَمْ"، قَالَ: قَدْ عَلِمْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَنِّي أُسأل فأُعطِي، فأَعفِني (3)، فَأَعْفَاهُ.

(1) في جميع النّسخ: "عبيد الله"، وهو تصحيف، وهو عبد الله بن عبد الصمد ابن أبي خداش الموصلي من شيوخ أبي يعلى، يروي عن محمَّد بن حميد الرازي (معجم شيوخ أبي يعلى ص 265، تهذيب الكمال 15/ 235).

(2)

في (عم): "فإني" ، وهو تصحيف.

(3)

"فأعفني" كرّرها في الأصل، ثم ضرب على الثانية وترك الأولى.

ص: 595

2100 -

تخريجه:

لم أقف عليه في مسند أبي يعلى المطبوع، ولعله في المسند الكبير.

وأخرجه ابن حبّان في صحيحه (طبعة الأرناؤوط 8/ 65: 3270)، والحاكم في المستدرك (1/ 399)، والبزّار في مسنده كما في كشف الأستار (1/ 425: 898)، وأبو يعلى في معجم شيوخه (ص 232 رقم 189)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 122)، جميعهم من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع به بنحوه.

قَالَ الْبَزَّارُ: "لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ هَكَذَا إلَّا يحيى الأمويّ".

وله شاهد بنحوه مختصرًا من حديث سعد بن عبادة نفسه:

أخرجه أحمد في المسند (5/ 285)، والطبراني في معجمه الكبير (6/ 17 رقم 5363)، والبزّار كما في كشف الأستار (1/ 424 رقم 897)، جميعهم من طريق حميد بن هلال عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عبادة به بنحوه. =

ص: 595

= قال البزّار: "لا نعلمه عن سعد إلَّا من هذا الوجه، وإسناده حسن".

وقال الهيثمي في المجمع (3/ 86): "رجاله ثقات، إلَّا أن سعيدًا لم ير سعد بن عبادة".

ص: 596

الحكم عليه:

إسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وعبيد الله بن عمر بن حفص ليس من الشاميين.

لكن سنده يرتقي إلى الحسن بمجموع متابعاته.

وله طريق آخر صحيح على شرط الشيخين من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع به بنحوه.

وأورده الهيثمي في المجمع (3/ 86) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عند البزار وقال: "رجاله رجال الصحيح".

وله شاهد من حديث عبادة نفسه تقدّم تخريجه وتحسين البزار له كما في كشف الأستار (1/ 424).

ص: 596