الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما كان من أدوات الزينة مما يعتاد على تلفها ويتسامح فيه فلا ضمان على المستأجر، كأدوات الكهرباء، وما كان لا يتلف عادة ولا يتسامح فيه كالملبوسات للأعراس والسيوف والذهب فالأصل ضمانه.
ودليل المسألتين أن الله جعل شرط التراضي شرطا للحل (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: 29). والتراضي في الأول على عدم الضمان وفي الثاني على الضمان.
الوظيفة العامة:
والوظيفة العامة في تعريفنا: هي حق لمواطن كفء مؤهل عدل عند الاحتياج، بالتعاقد الدائم أو المؤقت، بعوض معين، مقابل عمل معين في المال العام.
فقولنا «هي حق» : لأن الوظيفة العامة هي في الملك العام، ولكل شخص من الأمة ملك مشاع في المال العام بالتساوي الكلي بين عموم الشعب.
ولما أن كان له حق في الملك العام فله حق في إدارة حقه.
ولما كان حقه مشاعا بين الشعب تعين اتفاق الشعب على كيفية عادلة في التوزيع لذلك الحق وإدارته.
والوظيفة العامة هي نوع من هذا التوافق بشروط خاصة لكل ولاية بما يخدم المصالح العامة تقوم به الدولة نيابة عن الأمة.
ولأن الولاية على المال لا تكون إلا بتملك أو إذن من المالك، والمالك هو الشعب، فأفراده لهم الحق في إدارة ملكهم بشروطه.
ولأن من ملك حقَّ له الولاية على ملكه؛ والوظيفة العامة نوع ولاية مشروطة.
وقولنا «لكفء» إلى آخر ما تقدم في التعريف سيأتي بيانه.
وقولنا «بالتعاقد الدائم أو المؤقت» : هذان نوعان جرى العرف الوظيفي العام عليهما.
وقولنا «عند الاحتياج» : خرج به عند عدمه؛ لأنه ليس من المصلحة العامة ولا النظر المصلحي للمال العام التوظيف بلا احتياج، فاقتصر الحق على الحاجة المعتبرة.
ولا ينفي هذا استحقاقه من المال العام وثروة الدولة من غير الوظيفة العامة؛ إذ المال العام
حق عام لكل فرد في الشعب، وما الحاكم سوى وكيل والشعب أصيل.
وقد حققنا في اجتهادنا أن ثروات الدولة الباطنة والظاهرة، الجوية والبحرية والبرية تصرف مصرف الفيء لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وكل فرد في الأمة بدلالة النصوص في ذلك، وقد بسطناه في محله (1).
فمن حق كل مواطن في الدولة مؤهل بشروطه حسب الاحتياج أن يتوظف في مال الدولة في الأصل؛ لأن له ملك شائع فيه، ولا تأثير للحدود السياسية المحدثة الآن بين دول المسلمين في هذا الحق؛ لأنها ليست مانعا يعتبره الشرع في منع الحق المفروض شرعا من المال العام في الدولة المسلمة ككل.
وإنما تؤثر التقاسيم الجغرافية والحدودية في تقديم الأقرب فالأقرب من موضع سبب الحق، ولهذا يقدم ذي القربى الفقير والجار الفقير في الزكاة على الفقير الأبعد؛ إذ فيه خدمة للمقصد السادس الضروري للشريعة في اجتهادنا وهو حفظ الجماعة العامة؛ إذ صرف الحقوق عن مستحقها الأقرب إلى الأبعد يورث الضغينة والبغضاء ويؤثر في تفكيك المجتمع.
وما أثر في تفكيك المجتمع الأخص أثر في الجماعة العامة، وهذه مفسدة، والمفاسد واجبة الدفع.
فيجوز تقديم أهل البلد الجغرافي في التوظيف على غيرهم من المواطنين في دول الإسلام الأخرى، ولكن لا يجوز اختصاص أهل البلد بالثروات أو إدارتها بالوظيفة التعاقدية ومنع غيرهم من مواطني دول الإسلام أو تعذره أو تعسيره؛ لأن التعذر والتعسير كالمنع؛ لأدائه إلى ما يؤدي إليه. وسائر الثروات الأربعة عشر في الدولة حق مشترك لعموم الشعب (2).
وإن كان أهل البلد أخص في التقديم لا في الاستئثار والمنع لغيرهم من مواطني دول الإسلام.
والوظيفة إما عامة في مرافق الدولة، أو خاصة في غيرها من المؤسسات والجهات: أهلية شخصية، أو أهلية اعتبارية كشركة.
(1) - بسطنا هذا في «فقه الأموال والاقتصاد المعاصر» .
(2)
- انظر بتوسع وتفصيل لهذه الثروات وأحكامها «فقه الأموال والاقتصاد المعاصر» .
والوظيفة إجارة، وهي قائمة على الأمانة التامة في أداء ما استوجبه العقد لفظا أو عرفا موافقا للشرع، أو كلاهما، سواء كان العقد مكتوباً أو ملفوظاً (1).
وإذا أعلنت الدولة عن وظائف وجب عليها شرط الكفء، وهو القوي الأمين لعموم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء: 58).
والأمر للوجوب وأهل الأمانة هنا هو القوي الأمين (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ)(القصص: 26)، (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف: 55).
والقوة في العمل بحسبه، والمؤهل بشهادات ونحوها (2) هو القوي في بابه.
وتعرف الأمانة بالتزكية من جهة موثوقة. وهي غير الوساطة المذمومة؛ لأنها -أي التزكية- نوع شهادة، وهي إخبار مطلوب لأجنبي عن أجنبي بما فيه (3)، أو نقول هي إخبار عن أجنبي بما فيه على وجه الشهادة المطلقة بأمر متعلق بالعمل لجهة تطلبه (4).
وقولنا «نوع شهادة» ، «الشهادة المطلقة» للاحتراز عن الشهادة القضائية ويحرم الكتمان لأنها نوع من الشهادة في لسان الشرع.
والشهادة واجبة الأداء عند الطلب ويحرم كتمها (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)(البقرة: 283)، ولأن كتمان قول الحق مع الحاجة إليه محرم؛
(1) - قولنا «أو كلاهما» : أي لفظا وعرفا.
(2)
- قولنا «ونحوها» يشمل الخبرات والإجازات وكل ما يوضع معيارا لمعرفة الشخص بالعمل من اختبارات قبول وغير ذلك.
(3)
- وقولنا «شهادة مطلوبة» أي تطلبه الجهات المراد التوظيف فيها، وهذا الطلب لكل من تقدم للتوظيف أصبح عرفا كثيرا؛ لذلك فالتزكية لأهلها يحتاجها الشخص لينتفع بها ويتضرر عند كتمها، فحرم كتمانها.
(4)
- قولنا «إخبار» لأن الخبر أصل الشهادة، وقولنا «لأجنبي» خرج به الإخبار عن النفس، فهي تزكية وتذم في مواطن، ولا تذم إن تعلقت بإخبار بحقيقة الأمر لا لرياء كما قال يوسف عن نفسه معرفا في آيات كثيرة، وقولنا «بأمر متعلق بالعمل» لأن هذا هو مقصود التزكية، فلا يتعدى لغيره، وقولنا «تطلبه» لأنه بلا طلب الأصل ذمه؛ لحديث «يشهدون ولا يستشهدون» وإنما جاز هنا ولو بلا طلب لعموم طلبه عرفا، فقام مقام الطلب حقيقة؛ لكثرة الاحتياج إليه حال التقدم للوظيفة.
لعموم الوعيد (وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(البقرة: 146).
بخلاف الوساطة المذمومة، فهي تعاون على الإثم والعدوان من جهة تقديم من لا يستحق على أهل الاستحقاق، وهذا منكر.
ولا مانع مع توفر الكفاءة من تقديم من ثبت يقينا فاقته وحاجته على غيره ممن هو أحسن حالا منه؛ لأن الجمع بين مصلحتين في الشرع أولى من مصلحة واحدة، وقد جمع له هنا المصلحتان: العامة كونه كفؤا مؤهلا، والخاصة كونه ذا حاجة.
وثبوت ذلك بحكم حاكم أو شهادة عدول كما جاء في النص «ثلاثة من ذي الحجا» (1).
أو بالاستفاضة والشهرة الصادقة من جيرانه وصحابته.
لأن ظن الغنى المخالف للواقع إنما يكون من جاهل لا علم له بالحال؛ لأجل التعفف الحاصل من الشخص كما في الآية (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)(البقرة: 273) بخلاف من كان مصاحبا له أو جاراً، فلا يجهلون حاله ولا يغترون بتعففه غالباً.
وإنما جعل شرط القوة والأمانة من الخير لا من الواجب في الظاهر (2) من قوله تعالى (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ)(القصص: 26)؛ لأن للفرد في حقه العفو عن بعض الشروط للأجير، إحسانا إليه، وتيسيرا؛ لكن لا يجوز هذا فيما هو من وظائف الدولة، أو الأهلية العامة
(1) - قولنا «كما جاء في النص» هذا الحديث في صحيح مسلم برقم 2451 عن قبيصة بن مخارق الهلالى قال تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال «أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» . قال ثم قال «يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش -أو قال سدادا من عيش- ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش -أو قال سدادا من عيش- فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا» .
(الحجا: العقل، الفاقة: الحاجة، القوام: ما تقوم به الحاجة).
(2)
- قلنا «في الظاهر» ؛ لأن لفظ «خير» صيغة تفضيل بمعنى أخير، فيفهم منها أن من ليس فيه صفة القوة والأمانة هو خير لا أخير، وهذا غير مراد.
كشركات ومؤسسات؛ لأنها أمانة والفرض أداؤها إلى أهلها، وإلا ضيع الأمانة.
فإن كان الموظف سفيها حَرُمَ توليته ولو في ملك خاص لفرد؛ للنص في ذلك (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا)(النساء: 5).
توزيع الدرجات الوظيفية:
والواجب على الدولة في توزيع الدرجات الوظيفية العدل على سائر نواحي البلاد؛ لأنه من عموم العدل المأمور به (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(النحل: 90).
وليس من العدل والإحسان حرمان مناطق في البلاد إهمالا، وإعطاء أخرى.
وهو مع خلافه العدل والإحسان مؤد إلى مفاسد وفتن في الدولة، ودفع هذه واجب.
وإنما قلنا إهمالا؛ لأن حرمان بعض المناطق إن حصل لأجل عجز مالي أو لمبرر مشروع فالحرج فيه مرفوع.
الالتزام بتوجيهات الإدارة:
والواجب على الموظف طاعة مدرائه فيما يخص مصلحة العمل؛ لأن هذا هو مقتضى العقد الملفوظ، أو المكتوب، أو المعروف عرفا؛ إذ المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
والله يقول (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: 1).
وإنما قلنا فيما يخص مصلحة العمل؛ لأن الإلزام بالطاعة هنا هو لأجل العقد، والعقد إنما هو في دائرة العمل.
ومسئولو العمل ومدراؤه يشملهم النص (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)(النساء: 59).
ويحتمل أن الجمع للفظ (وَأُوْلِي الأَمْرِ)؛ لإيهام إفراده اختصاصه بولي الأمر الأعظم.
والإدارة فيها إجارة ونوع إمارة، أما الإجارة فلأن الموظف أجير بعوض مالي، أما كونها إمارة فإمارة مقيدة بدائرة العمل لوجوب الطاعة فيها بالعقد.
ومن خالف الأوامر والتوجيهات العامة، أو الخاصة المتعلقة بالوظيفة، فهو آثم لإخلاله بالطاعة لأولي الأمر، وتركه مشروط العقد في ذلك الأمر على الخصوص إن كان منصوصا
في العقد، أو على العموم وإن لم يكن منصوصاً؛ لأن العقد يتضمن كل ما يتعلق بمصلحة العمل مما جرى عليه العرف في أمثاله بالخصوص والعموم.
ومن ترتب على مخالفته ضرر معتبر في العمل ضمن في الجملة.
ومن خالف خصوص أو عموم العقد لفظا أو عرفا بغياب، أو إهمال، أو نحوه، فلا مانع من خصمٍ من راتبه مقابل ذلك بشرط موافقة الخصم للائحة الداخلية؛ لأنها مفسرة للعقد وجزء من الالتزام به، وما فسّر العقد شمله الأمر بالوفاء به؛ لأنه جزء معتبر مقصود.
فإن لم تكن هناك لائحة اتفق مجلس الإدارة بالتشاور على تقدير ذلك بالعدل لا ضرر ولا ضرار (1)، فإن لم يكن مجلس نُظِرَ إلى تغريم مثله عرفا فغرم مثله.
(1) - قولنا «لا ضرر ولا ضرار» هذا أصل من أصول الإسلام الكبرى وقاعدة من قواعد الفقه الإجماعية، ومعنى مقصود شرعا بلا نزاع، والأدلة عليه بالغة درجة القطع، فمنها (وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) (الطلاق: 6)، ومنها (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (البقرة: 231)، فجعل الإضرار اعتداء وفاعله ظالما لنفسه معتديا على حدود الله. ومنها (وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) (البقرة: 282) فجعل الإضرار فسقا. ومنها (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا)(التوبة: 107) فالمسجد الذي بني ضرارا بالغير محرم. ومنه (لَا تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ)(البقرة: 233)، ومنها (غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ) (النساء: 12).
قلت: والحديث حسن صحيح أخرجه مالك بسند صحيح من مرسل المازني عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضرر ولا ضرار» . وله شاهد من حديث عبادة عند بن ماجة بسند حسن في الشواهد برقم 2340 قال حدثنا عبدربه بن خالد النميري أبو المغلس، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، حدثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار.
قلت هذا سند حسن وإسحاق قال البخاري أحاديثه معروفة إلا أنه لم يلق عبادة، قلت فهذه علة لكنه صالح في الشواهد قطعا. ومن هذه الطريق أخرجه أحمد برقم 22830، وله شاهد آخر عنده وعند أحمد برقم 2867 عن ابن عباس ورجاله رجال الشيخين إلا جابرا الجعفي وهو ضعيف بمرة عند الجمهور إلا أن أبا حاتم الرازي قال يكتب حديثه على الاعتبار ولا يحتج به، وقال ابن مهدي عن سفيان ما رأيت أورع في الحديث منه وقال ابن علية عن شعبة جابر صدوق في الحديث وقال يحيى بن أبي بكير عن شعبة كان جابر إذا قال حدثنا وسمعت فهو من أوثق الناس وقال ابن أبي بكير أيضا عن زهير بن معاوية كان إذا قال سمعت أو سألت فهو من أصدق الناس وقال وكيع مهما شككتم في شيء فلا تشكوا في أن جابرا ثقة
…
وقال ابن عدي له حديث صالح وشعبة أقل رواية عنه من الثوري وقد احتمله الناس وعامة ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة وهو مع هذا إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق (التهذيب (2/ 42)). =
والمثل هنا هو تعامل الجهات الوظيفية مع الموظفين في حالة المخالفات، وتمام المثلية أن تكون
= قلت: فهو صالح للاستشهاد على أقل حالاته. قلت: وله شاهد ثالث عند الدارقطني (4/ 51) عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر، ولا ضرار من ضار ضره الله تعالى ومن شاق شق الله تعالى عليه.
قلت: سنده رجاله ثقات إلا محمد بن عثمان قال الدارقطني ضعيف كما في لسان الميزان لابن حجر (الطبعة الهندية) - (4/ 152).
قلت: وهو صالح في الشواهد بلا شك.
وله شاهد رابع حسن في الشواهد عند الدارقطني (5/ 408) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر، ولا ضرورة، ولا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه على حائطه.
قلت: فيه ابن عطاء اسمه يعقوب مضعف لكنه صالح في الشواهد.
قلت: وله شاهد خامس في المعجم الأوسط برقم 5193 حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل قال حدثنا حيان بن بشر القاضي قال حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار في الإسلام.
قلت: هذا سند حسن صحيح رجاله كلهم ثقات وأما حيان فوثقه السمعاني في الأنساب (3/ 31) فقال: وحيان ولي القضاء بأصبهان أيام المأمون، وكان ثقة دينا. انتهى. وقال ابن معين كما في تاريخ الإسلام للإمام الذهبي (17/ 147): لا بأس به انتهى. قلت: وأما ابن إسحاق ففي سير أعلام النبلاء (13/ 53) قال الذهبي: وأما في أحاديث الأحكام، فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا فيما شذ فيه، فإنه يعد منكرا، هذا الذي عندي في حاله -والله أعلم.
قال يونس بن بكير: سمعت شعبة يقول: محمد بن إسحاق أمير المحدثين لحفظه.
وفي السير صـ 53، قال علي بن عبدالله: نظرت في كتب ابن إسحاق، فما وجدت عليه إلا في حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين.
وفي السير صـ 54، قال أبو زرعة الدمشقي: ابن إسحاق رجل قد اجتمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه، منهم: سفيان، وشعبة، وابن عيينة، والحمادان، وابن المبارك، وإبراهيم بن سعد.
وروى عنه من القدماء: يزيد بن أبي حبيب، وقد اختبره أهل الحديث، فرأوا صدقا وخيرا، مع مدح ابن شهاب له.
وفي السير صـ 55، وقال يعقوب بن شيبة: سألت عليا: كيف حديث ابن إسحاق عندك، صحيح؟ فقال: نعم، حديثه عندي صحيح. قلت: فكلام مالك فيه؟ قال: مالك لم يجالسه، ولم يعرفه.
وفي السير صـ 56، قال يعقوب الفسوي: قال علي: لم أجد لابن إسحاق إلا حديثين منكرين:
نافع: عن ابن عمر: عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا نعس أحدكم يوم الجمعة
…
).
والزهري: عن عروة، عن زيد بن خالد: (إذا مس أحدكم فرجه
…
). =