الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإضرابات هي: الامتناع عن العمل أو نحوه للمطالبة بأمر.
وقولنا «أو نحوه» : ليشمل إضراب طلاب.
والأصل فيها الإباحة لقوله تعالى (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)(الأنعام: 119).
وهذه ليست منها فتبقى على أصل الإباحة في ذاتها؛ ولأن الله قال عن كل ما لم ينزل فيه تحريم (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا)، وهذا نص في الإباحة الأصلية.
وتتعلق الأحكام بها بحسب آثارها الحالية والمآلية المترتبة عليها.
فالاعتصامات والإضرابات إن كانت لنصرة الدين، والنهي عن الظلم، وردع مفسد، أو فساد، أو تأييد قضية عامة تتعلق بها المصالح العامة، أو قضية من القضايا الكبرى لشعب أو لعموم الأمة، كظلم حاكم، أو فساد سياسي، أو إداري، أو مالي، أو التدخلات الأجنبية في أي شأن للبلاد، فحكم الاعتصامات وأخواتها -حينئذ- تشمله أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومشروعية كل منها معلومة، ودرجاتها متفاوتة من وجوب أو تطوع.
ولا تجوز الاعتصامات إلا بعد تبين حقيقة الأمر بجلاء ووضوح، وإلا حرم لقوله تعالى (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء: 36).
ولأن ممارستها بلا حاجة حقيقيةٍ ضررٌ لا يتسامح فيه؛ ولأن وجود الضرر في الاعتصامات أمر مسلم، لكنه يتحمل لدفع أمر أكبر وأضر، فإن لم يكن ذلك حقيقيا صار الضرر الناتج عن الاعتصامات بلا مبرر شرعي، وهو دفع ضرر أكبر، فحرم.
فإن كان لمجرد المعاندة والمناكفة فيحرم؛ لأنه بغي وعدوان (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة: 2).
أنواع الاعتصامات:
1 - الاعتصامات الطلابية:
الاعتصامات الطلابية في الجامعات والمدارس الأهلية المقصود منها الربح جائز إن كان لمطلب حق لا يخالف الشرع أو القانون المنبثق منه، ولا يخالف الشروط واللوائح والأنظمة العادلة التي تسير عليها هذه المرافق العلمية.
فأما ما خالف الشرع فهو معصية، كمظاهرة لنزع الحجاب، ومنع الصلاة في هذا المرفق، أو مظاهرة لدعم مفسد تعصبا لحزب أو لمصلحة ذاتية، فهذا محرم. وكذا المطالبة بها كتابة أو شفاهة، فرادى أو جماعة، باعتصام، أو تظاهر، أو فعالية، أو مهرجان، أو إضراب.
والأمر والإذن والتصريح بأي شيء مما سبق باطل، ولا طاعة لأحد ولو كان ولي الأمر الأول والأكبر أو ما دونه في مخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو زوجاً، أو حزباً، أو نقابة، أو اتحاداً، فلا طاعة لهم في المعصية.
وكل ما خالف من الاعتصامات ونحوها الشروطَ واللوائحَ والأنظمةَ العادلة في تلك المرافق فالأصل المنع من الاعتصام لأجله؛ لأن هذه شروط، والمؤمنون عند شروطهم، إلا ما كان من هذه الشروط مخالفا للمصالح العامة، فهو عبث باطل.
وهذا في مرافق التعليم الحكومية ظاهر؛ لأن تصرفات الولاة منوطة بالمصالح الغالبة.
وأما في المرافق التعليمية الخاصة التي يقصد بها الربح، فإنها معاوضة محضة من باب الإجارة؛ لأنها بعوض مالي مقابل تعلم.
فما خالف هذا العقد من إخلال مؤثر في العملية التعليمية، فيجوز للطلاب المطالبة بمتقضيات العقد مع المرفق التعليمي، ووجب على الإدارة الاستجابة لذلك؛ لوجوب الإيفاء ببنود العقود بالنص (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: 1).
ويجوز عند الحاجة القيام بنشاط طلابي كمهرجان، أو اعتصام لإلجاء الإدارة للتجاوب معهم.
فإن كان المرفق التعليمي أهلياً خيرياً: فالحقوق الطلابية التي لا تختص بمكان دون آخر نحو: وجوب تسليمه مؤهله، أو رفع ضرر ظاهر وقع عليه خطأ أو عمدا، كضياع أوراق امتحاناته، وثبت حضوره بتوثيق وتوقيع، فوقع ظلم عليه في ذلك بلا تعمد.
أو وقع عمدا كتأخير بطاقة، أو رقم جلوس لا يدخل الاختبار إلا به، فهذه وأمثالها حقوق مستوية، فما أخل بشيء منها إخلالا فاحشا لا يمكن تداركه وترتب عليه ضرر لم تدفعه الإدارة بعد متابعة ومطالبة كافية؛ فنصرته واجبة من زملائه، أو الكيان النقابي الطلابي