الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه المرور وأحكام السير
-
التوسط في السير:
قال تعالى (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا)(الفرقان: 63).
هذه الآية أصل دال على أن المشي في الأرض يكون هونا، وهو التوسط في السير من غير إسراع ولا تعجل، ومن ذلك قيادة السيارة ونحوها.
وتدل على أن السرعة الزائدة في المشي أو القيادة ليست من صفات عباد الرحمن، ولا من الأمور المشروعة ولا مما يحبها الله.
بل المشروع أن يقود أو يمشي مقتصدا (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ)(لقمان: 19). وهو: السير الوسط بلا سرعة زائدة مؤذية، وبلا بطء يعرقل حركة السير، فكلاهما ضرر مدفوع.
-
القيادة ببطر وتفحيط:
ويحرم المشي والقيادة ببطر، أو مرح، أو تصعير؛ لأنه من الخيلاء والكبر المحرم (وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان: 18).
وما يعرف اليوم في التعبير الدارج بـ «التفحيط» إنما هو عبث ومرح وخيلاء، فهو داخل في التحريم.
-
قوانين المرور وإشاراته ملزمة:
وقوانين المرور وإشاراته تلزم الناس بأمر ولي الأمر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)(النساء: 59).
هي طاعة تعلقت بمصالح عامة ودفع مفاسد خاصة وعامة، إلا في حالة الضرورة والحاجة كإسعاف مع غلبة السلامة عند التجاوز.
-
حوادث المرور:
وحوادث المرور مضمونة بحسب الشرع، وما انبثق منه من قوانين تنص على ذلك؛ لأن السير في الطريق مضمون بسلامة العاقبة، ولأن النفس البشرية والأموال مضمونة على من صح عليه وصف الجاني.
وعند الالتباس ينظر في الصلح.
والأصل في حوادث المرور الخطأ؛ لأنها آلة لا للقتل إلا إن اعترف أنه تعمد قتل شخص معين بدهسه، وهو عمد عدوان أو فساد في الأرض (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: 32).
فإن لم يعترف وشهد الشهود عليه بالعدوان القاصد للقتل، كمن كانوا بجانبه على السيارة أو سمعوه مهددا بذلك وارتكبه أمامهم وقت تهديده بأن تتبَّعه بالسيارة وقتله، فيضمن عمدا في الأصل، وتقضي محاكم مختصة بذلك إن استدعى الأمر، خاصة عند حصول إزهاق النفس، ومن عفا وأصلح فأجره على الله.
وقلنا محاكم خاصة؛ لأن حركة المرور وما يترتب عليها أمور مستجدة متكاثرة تحصل فيها خلافات ونزاعات كثيرة، تقتضي تفرغ قضاة ومحكمة مختصة لهذه القضايا، كمحاكم الأموال والمحاكم التجارية.
ومن صح عليه وصف الجاني؛ فعليه كفارة عن كل نفس صيام شهرين متتابعين، فإن عجز لكثرة الأنفس كحافلة أو مقطورة وصح تحميله الجناية أجزأه واحدة عن الجميع؛ لأن المشقة تجلب التيسير.
ومن صح عليه وصف المجني عليه؛ فلا صيام، كسيارة في خطها المشروع للسير اُعْترضَ عليها بمركبة عاكسة لخط سيرها في نفس خط الأولى غير المخالفة مع عدم إمكان التفادي، والأصل عدمه حتى يثبت خلافه (1).
(1) - قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي 1 - 174 - (1/ 114)
قرار رقم: 71 (2/ 8) بشأن حوادث السير
مجلة المجمع (ع 8، ج 2 ص 171)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1 - 7 محرم 1414 هـ الموافق 21 - 27 حزيران (يونيو) 1993 م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع حوادث السير، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، وبالنظر إلى تفاقم حوادث السير وزيادة أخطارها على أرواح الناس وممتلكاتهم، واقتضاء المصلحة سن الأنظمة المتعلقة بترخيص المركبات بما يحقق شروط =