الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: 32).
والإحياء يكون بإنقاذها من التلف المهلك ونحوه، والقتل يكون بالمباشرة أو التسبب، وهو من الإفساد في الأرض في حالات، ومنه ترك إنقاذ مريض في حالة يمكن إنقاذها بيسر، كحالة ربو شديدة أدت إلى الاختناق، وبالإمكان للطبيب إعطاؤه الأوكسجين حال وصول الحالة، فامتنع لعلة الإضراب، فمات الرجل أو تلف عضو منه بشلل لنقص الأكسجين، فالطبيب مشارك في الفساد في الأرض؛ فيأثم، وقد يضمن بغير قصاص.
قواعد هامة:
والقاعدة في جميع الإضرابات والاعتصامات بالنسبة للضرورة:
1 -
أن ما ترتب عليها من ضرر حالاً أو مآلاً ويمكن تفاديه حالا فهي جائزة بالتفادي، كإضراب على منافذ السير، فيمكن ترتيب فتح المنافذ مع استمرار الإضراب في المحل.
2 -
ما لا يمكن تفاديه حالا ويمكن دفعه مآلا فلا مانع منه في الجملة كإضراب طلاب لفصل دراسي يمكن تعويضه بمثله في زمن العطلة الدراسية.
3 -
وما لا يمكن تفاديه لا حالا ولا مآلا لتعلقه بإزهاق نفس أو تلف عضو فيحرم كإضراب الأطباء إن حصل هذا الضرر.
ضوابط هامة للإضرابات والاعتصامات في المجالات المختلفة:
1 -
الإضرابات في شريحة من القطاع العام ولو سببت أضراراً إلا أنها يسيرة في التأثير في القطاع ككل فتتحمل ويدفع ضرر على المعتصمين والمتضررين إن كان ضررا معتبرا.
ولأنه يمكن دفعه مآلا بإضافة دوام بقدر زمن الإضراب يدفع به الضرر.
2 -
فإن كان في القطاع الخاص فالأصل المنع منه مع حصول الضرر؛ لأن الضرر لا يدفع بالضرر؛ ولأنه ضرر معتبر في الواقع ليس بيسير؛ ولأن الضرر في هذا القطاع لا يتحمل غالبا؛ ولأن العقد يمكن فسخه ابتداء من طرف القطاع فيمكن فسخه في الأثناء لطارئ إضراب، أو اعتصام لموظفين.
بخلاف العقد مع القطاع العام، فهو عقد مع الدولة، وهي ملك للعموم، فالوظيفة الحكومية عقد لازم من الطرفين؛ لأن التوظيف الحكومي هو من المال العام فكان حقا عاما بشروطه، فلا يحق للجهة فسخه لإضراب؛ لأنه حق مقنن عام. وما ترتب على المشروع مشروع وهو الإضراب في حقٍ مشروع، فلا يعاقب فاعله.
3 -
أما الإضرابات الطبية إن حصلت، فيجب بقاء من يقوم بقسم الرقود الداخلي واستقبال الحالات الطارئة أو ما مآلها إلى الضرر.
4 -
أما الإضرابات من المعلمين وأساتذة الجامعات فهي من النوع الثاني؛ لأنه مما يمكن دفع ضرره مآلا بتمديد الدراسة أو تكثيف ونحو ذلك.
5 -
أما الإضرابات والاعتصامات في القوات المسلحة والأمن والشرطة والمرور فهي إن عمت محرمة لا تجوز؛ لأدائها إلى مفاسد كبيرة خارجية، وداخلية، وإزهاق الأنفس، وإتلاف للأموال، وانتشار للجريمة؛ لعدم وجود من يسد مسدهم، وعوضها تشكيل لجنة داخلية للمطالبة بحقوقهم.
وقولنا «إن عمَّت» : شرط للتحريم؛ لجواز الجزئية بشروطها.
6 -
يحرم إضراب أئمة وخطباء المساجد ومدرسي القرآن لأدائه إلى تعطيلها؛ ولأن الأصل فيها الطوعية والمجانية.
7 -
أما إضراب واعتصام القضاة فهو جار على أصل الجواز بالتفصيل السابق.
وفرض واجب بقاء طائفة للبت في القضايا العاجلة وما في حكمها؛ لأن تأجيل رفع الظلم محرم.
8 -
وقطاع الاتصالات والمواصلات بأنواعه وكذا الإعلام وغيرها على أصل جواز الإضراب والاعتصام؛ لحاجة بحسب ما سبق من القواعد الضابطة.
9 -
والإضراب في قطاع الكهرباء إن عم ترتب عليه تعطل أمهات المصالح، فحرم. ويجوز إذا رُتِّبَ بقاء ما يقيم الضرورات ويدفع كبائر المفاسد جمعا بين المصالح ودفعا للمفاسد، ومثله قطاع النفط والغاز.