الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد خصت شرعا بمضاعفة أجور العمل فيها عند الله، حتى عَدَل دوار البحر دم الشهادة (1)، و «غزوة في البحر كعشر في البر» (2).
ويجب على الدولة بناء أسطول متكامل من القوة البحرية من بارجات، وحاملات طائرات، وسفن حربية، وزوارق، وإمداد، وغواصات، وما يلزم لها من المؤن والتجهيزات والدراسات والخبراء والأفراد المؤهلين تأهيلا تاما.
العدل في رواتب القوات المسلحة:
وفرضٌ الاهتمام بأفراد القوات المسلحة والأمن في رواتبهم، وإعطاؤهم العوض المجزئ عن المخاطرة بالأنفس؛ لأن الله أمر بالعدل والإحسان (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: 90).
وليس من العدل أن يبخس أفراد الجيش والأمن في رواتبهم وحقوقهم، وما لم يكن عدلا كان ظلما، وهو محرم.
وتعاقب الدولة عقوبة إلهية من عند الله على الظلم، كما هي سنة الله على الظلمة، ويتخلف النصر لوجود المظالم.
فالواجب دفع الظلم والضرر عن منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية، بإعطائهم رواتب عادلة تسد حاجياتهم وضرورياتهم ومن يعولون، ولأن الله أمر بالإحسان مقابل الإحسان (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: 60)، (وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195).
ولا إحسان فوق من يبذل دمه في سبيل الله حماية لبلاد الإسلام والمسلمين (لَاّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)(النساء: 95).
(1) - فيه حديث عند أبي داود برقم 2495 عن أم حرام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد والغرق له أجر شهيدين» . قلت: سنده حسن صحيح.
(2)
- أخرجه ابن ماجة بسند حسن في الشواهد برقم 2777 عن أبي الدرداء، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «غزوة في البحر مثل عشر غزوات في البر، والذي يسدر في البحر كالمتشحط في دمه في سبيل الله سبحانه» . وأخرجه الحاكم في المستدرك بسند صحيح برقم 2634. وقال على شرط البخاري. ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
فيقابل بإحسان راتبه ووضعه المعيشي الذي يدفع عنه الحاجة والفاقة.
ولأن الجندية عمل بإجارة؛ فهي معاوضة، ويحرم في المعاوضات الغبن، فإن كان فاحشا بطل العقد أو أُبْطِل المسمى من العوض ورُجِعَ إلى أجر المثل.
والثاني هو ما يمكن إجراؤه في وظيفة الجندي، فَيبْطُل المسمى من الراتب المعين، ويُنظَر إلى راتب أمثاله في الدول العادلة، ويُعطى الوسط إن استطاعت الدولة، أو يعطى الحد الأدنى من أجر المثل، لا ضرر ولا ضرار.
وإذا تقاعد أو استشهد أو جرح فأعيق؛ أعطي راتبه بلا خصم مُخْرِج له عن العدل والإحسان إلى البخس والإساءة والجور؛ ولأن العقد المبرم منصوص فيه بقاء الراتب في هذه الحالات؛ ويجب الإيفاء بالعقود.
ولأن الخصم المجحف ظلم، وهو محرم يخرج منصوص العقد في بقاء الراتب عن مقصوده، ولأن عدم دفعه دفعا معتبرا في تلك الحالات مؤد إلى عزوف الناس عن الجندية، أو التردد وقت القتال، وهذه علة معتبرة عند الفقهاء في القول ببقاء راتبه إن استشهد (1).
ولأن الشرع قصد إكرام المجاهد في الدنيا والآخرة ففرض الغنائم، وشرع «من قتل قتيلا فله سَلَبه» (2)، وفَرَضَ النفل (3)، وفَرَضَ لمن خرج بفرسه فوق من خرج ماشيا (4)، ومن حضر المعركة بلا قتال يرضخ له (5).
وشَرَع المعاوضةَ بالمفاداة لمن بيده أسير (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)(محمد: 4)، وما عند الله أكبر؛ فدل هذا التعامل الشرعي على قصد الشرع إكرام المقاتلين في سبيل الله،
(1) - ذكره ابن قدامة في المغني في كتاب الجهاد.
(2)
- تقدم تخريجه.
(3)
- قولنا «وفرض النفل» فيه ما أخرجه مسلم برقم 4664 عن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش والخمس في ذلك واجب كله.
(4)
- قولنا «وفرض لمن خرج بفرسه .. » لحديث أخرجه البخاري برقم 4228 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهما قال فسره نافع فقال إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم فإن لم يكن له فرس فله سهم.
(5)
- حديث الرضخ أخرجه مسلم برقم 4787 عن ابن عباس.