الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يمنع العدل بين الرعية، ويؤدي إلى انحصار التعليم العسكري لمناطق وأسر، ومنع مؤهل من غيرها، وهذا ما لا تجيزه الشريعة؛ لأنه هضم وظلم، ومؤد إلى العداوة والبغضاء.
وقد كان فرعون يستضعف طائفة ويقوي أخرى، فلعنه الله ومقته لأفعاله المنكرة التي هذه من أكبرها.
وتَفَرَّد ذكرُها في آية القصص، مع دعواه الألوهية وطغيانه، لقبحها.
وما ورد مورد الذم فهو محرم في الأصل، ولأن الله إنما ذكر أكبر ما يصنعه من المنكرات؛ لأن غيرها لا حصر لها فدل على عظيم فعل ذلك بين الأمة (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 4).
المحاكم العسكرية:
والمحاكم العسكرية يجب أن تكون قائمة على حكم الشريعة بالعدل والقسط وحق الدفاع عن المتهم، واتخاذ محام، وسائر الإجراءات والحقوق.
ويحرم سجن فرد بدون تحقيق وحكم قضائي إلا مدة يسيرة يحددها القانون العادل كيوم.
والحبس للأفراد من القيادات في القضايا العادية والخفيفة بدون تحقيق ممنوع شرعا؛ لأنه ظلم؛ لحرمانه من الدفع عن نفسه والإجابة عن ما ادعي عليه.
بل يجب سماع الدعاوى والتحقيق في الأمر واتخاذ الإجراء المناسب.
فإن كان في قضايا التهم الجسيمة ونحوها، فيحول فورا للتحقيق، ومن ثم إلى القضاء، هذا هو ما يدفع المفاسد التي تترتب على الإجراءات الانفرادية من بعض القيادات، أقلها الظلم.
رعاية الجرحى وأسر الشهداء:
ويجب رعاية أسر الشهداء والجرحى، وإعطاؤهم حقوقهم تامة، وصرف رواتبهم بدون استقطاعات؛ لأن من عظمت مصيبته في أداء الواجب يعظم إكرامه ولا ينقص. هذا هو الأصل الشرعي (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: 60).
فمن لم يجاز الإحسان بالإحسان فهو مسيء ظالم.
والجرحى يداوون على حساب الدولة؛ لأن جرحهم كان لدفع المفاسد العامة، فيكون تعويضهم من مال العامة؛ ولأنه تعاون على البر والتقوى، وهو مأمور به (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2)؛ ولأنه لو لم يصنع ذلك بهم لأدى إلى الامتناع عن الخدمة العسكرية؛ أو قلة الإخلاص، لغلبة وقوع مثل هذا من جريح وشهيد مع عجز راتبه عن ذلك، وهذه مفسدة ودفعها واجب، ووسيلة دفعها تعويضه من بيت المال العام.
ولأن العاجز عن مداواة نفسه من ماله عسكريا أو مدنيا يجب مداواته على مسلم قادر، لا إهماله حتى تتلف نفسه أو عضو منه بإعاقة ونحوها، وهذا الوجوب بحسب الترتيب بدءا بالقربى، ونحوه على العموم.
وهذا من الحق في قوله تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)(الإسراء: 26)، ومن الحق العام لقوله تعالى (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ) (النساء: 36).
ولأن الغالب عدم إيفاء رواتب الجيش بذلك.
ولأنه أولى من الصاحب بالجنب والجار، فشمله الحق، ومن أهمه العلاج للجرحى ورعاية أسر الشهداء.
ويحرم تفضيل جريح على آخر مثله في الجرح، قائدا أو غيره، بل الكل سواء؛ لأن النفس البشرية واحدة في الحرمة.
فلا يجوز إسعاف أناس إلى خارج الدولة أو إلى أماكن عالية التقنية وأمثالهم في الجرح والضرر لا يفعل بهم ذلك؛ لأنه خلاف العدل.
وفي حال استدعى الأمر ذلك لعدم توفر إمكانات وخطر الجرح، فالكل في ذلك سواء في العناية، سواء كان بالعناية داخل الدولة أو بالسفر إلى خارجها.
ولا يفضل القادة أو البعض في غرف صحية راقية لمعرفة، أو مجاملة، أو مناطقية، وأمثالهم في الجرح والضرر من الأفراد أو غيرهم في الغرف العامة، فهذا كله جور وحيف وظلم، إلا لوضع أمني لبعض القادة أو المستهدفين قادة أو أفرادا.