الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معارضين لذلك، ويسكتون صوت الصحافة والإعلام الحر، ويزورون إرادة الشعب في الانتخابات: رئاسية أو برلمانية أو محلية أو طلابية أو عمالية أو نقابية.
وهذه المفاسد والكثير غيرها ناتج عن سيطرة حاكم مفسد، ونظام منحرف مستبد على المؤسسة الأمنية والعسكرية والقبض على مفاصلها الهامة وقيادتها تحت سلطانه وأمره ونهيه، وهذه التصرفات والسياسات تعتبر من الجرائم في الشرع، وتصل في نهاياتها إلى حد الإفساد في الأرض، ووجب على الشعب منع الوصول إلى هذه المفسدة الكبرى، وواجبٌ التعاون بين أفراد الجيش والأمن ضباطا وأفرادا للتصدي لمحاولات الانحراف بالقوات المسلحة والأمن عن مهمتها الوطنية.
وواجبٌ على مجلس البرلمان وكل قيادات الوطن إيجاد كل الوسائل المانعة لذلك الإجرام؛ لأنه من دفع الفساد في الأرض، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الحاكم الظالم إذا وفر لنفسه القوة الحامية لسلطان شخصه وقبض على المال، فقد تمكن من فساده وظلمه.
وقد جعل الله ثالث أدوات الإجرام والفساد في الأرض لفرعون وهامان «جنودهما» (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ)(القصص: 8).
وعلة إضافة الجنود إلى ركن الفساد ومساعده؛ لأن غاية هذه القوات حمايتهما لا للشعب ومصالحه.
16 - السياسة بالكذب:
وفي النص عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .. » ، وذكر منهم «إمام كذاب» . أخرجه مسلم وتقدم.
وعلة هذا التغليظ لما يترتب على خطاب الحاكم من أمور عامة وخاصة متعلقة بمصالح الشعب؛ ولأن الشعب يصغي عادة للخطاب السياسي من حكامه؛ لتعلقه بأوضاعه كمعالجة لمعيشة، وفض لأزمة، وبناء لأمن واقتصاد، ويعلقون الآمال على خطابه ووعوده، فمن محلل، ومن معلل، ومن مبشر، ومن مستبشر.
فإن كانت الخطابات ووعودها كذبا، كان تغريرا على الشعب وغشا، وكانت تخديرا له، وقلبا للحقائق عليه بما يمكن للحاكم الفاسد من خلال هذه السياسة تحسين صورة النظام وإيجاد موافقين وأنصار وجماهير غفيرة من الشعب يقفون أمام من يوضح لهم الحقائق على وجهها ويصطدمون ببعضهم.
ويحصل بالكذب الرسمي نقض العهود والمواثيق والوعود وإيجاد المشاريع والخطط الوهمية لاستنزاف المال العام، وهذا كله من الغش للرعية، وفي النص «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» (1).
وواجب على أهل الحل والعقد محاسبة الحاكم على كذبه على الشعب وتضليل الرأي العام وتزييفه الحقائق.
وقد ذمهم الله أبلغ ذمٍ وسماهم المفسدين (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ* وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ* وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)(البقرة: 204 - 206).
وللشعب مقاضاته على ذلك ليرى فيه القضاء حكم الشرع، من تعزيرٍ أو إيقاف أو عزل بما يناسب الحدث والوقائع، وما ترتب على كذبه من مضار ومفاسد.
وإذا تبين كذب الحاكم حرم تصديقه وإعانته، ويفسق من فعل ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم «فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولن يرد علي الحوض» (2).
وواجبٌ على الصحافة والإعلام بيان الحق المتعلق بكذب الحاكم؛ لأنه من النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمنع من ذلك دليل، بل الأدلة على عمومها في ذلك.
ويجوز الجهر بذلك لقوله تعالى (لَاّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَاّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا)(النساء: 148).
(1) - أخرجه مسلم برقم 380 من حديث معقل بن يسار.
(2)
- تقدم تخريجه.