المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فقه الدولة * الشعب أصيل والحاكم وكيل * نرى أن حفظ الجماعة - المقدمة في فقه العصر - جـ ١

[فضل مراد]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة الناشر - الطبعة الثانية

- ‌كلمة الدكتور عائض بن عبدالله القرني

- ‌من سيرة المؤلف

- ‌من سيرته العلمية:

- ‌من شيوخه:

- ‌من مؤلفاته:

- ‌من دروسه:

- ‌من مؤهلاته:

- ‌الفقه الوظيفي

- ‌إجارة الباصات ونحوها:

- ‌الوظيفة العامة:

- ‌السكن الوظيفي:

- ‌الوظيفة في مرفق آخر في فترة أخرى:

- ‌التأجير في الحرام حرام:

- ‌الضمان في الوظيفة والإجارة:

- ‌الوظيفة في البنوك الربوية:

- ‌عقود الصيانة المحرمة:

- ‌وظيفة المرأة:

- ‌جواز الضمان التجاري في الوظائف:

- ‌تنظيم وتسعير الإيجارات:

- ‌مهنة المحاماة:

- ‌الوظيفة العلمية وأخذ الأجرة عليها:

- ‌وظيفة المعلم:

- ‌وجوب التزام الدوام من أول الوقت إلى آخره وما يلزم عند التفريط:

- ‌أخذ الموظف المال من المعاملين بمسمى إكرامية:

- ‌الوساطات والهدايا:

- ‌تدوير المناصب وتوريثها:

- ‌العهدات الوظيفية:

- ‌تناول الإفطار وقراءة الصحف للموظف:

- ‌سجل الحضور والغياب الإلكتروني والعادي:

- ‌الصلاة وشعائر الله في المرافق الوظيفية:

- ‌حقوق الموظف والأجير:

- ‌تسهيل الوصول إلى مسئولي العمل:

- ‌الغلول والاختلاس والتحايل:

- ‌محاسبة الموظفين المفسدين:

- ‌الوظيفة الأمنية:

- ‌التقدم للوظيفة:

- ‌المكافآت والتحفيزات:

- ‌الزي الوظيفي:

- ‌عمالة الأطفال:

- ‌تأهيل أصحاب الاحتياجات الخاصة:

- ‌نقابات الموظفين والعمال:

- ‌جمعية الادخار والتعاون بين الموظفين برواتبهم:

- ‌الوظيفة في بلاد الكفار:

- ‌وظيفة المسلم في القوات المسلحة غير المسلمة:

- ‌الوظيفة في قوات حفظ السلام:

- ‌الوظيفة في الأمم المتحدة:

- ‌الوظيفة في المنظمات الدولية:

- ‌وظيفة الكافر في بلاد الإسلام مباحة:

- ‌استثناء الولايات العامة لأنها وظائف سيادية:

- ‌الشروط للأعمال والوظائف:

- ‌أنواع المهن والوظائف:

- ‌الفقه الطبي

- ‌ أيها الطبيب:

- ‌الصحة النفسية

- ‌فقه الدعوة

- ‌فقه الأقليات

- ‌فقه الدولة

- ‌من أصول الحكم وسياساته الكبرى

- ‌مؤسسات الدولة

- ‌ المؤسسة الأمنية والعسكرية

- ‌مؤسسة الأمن الغذائي:

- ‌ تعريف الأمن الغذائي:

- ‌ الحاجيات الغذائية:

- ‌المؤسسة الدينية:

- ‌مؤسسة الرقابة والمحاسبة والتقويم:

- ‌المؤسسة الخدمية:

- ‌المؤسسة القضائية:

- ‌المؤسسة النيابية (مجلس النواب):

- ‌جواز الترجيح بالأكثرية:

- ‌سياسات الدولة:

- ‌السياسات الخاطئة للدولة

- ‌1 - السياسة بالظلم:

- ‌ سياسات الظلم العام:

- ‌2 - سياسة الفساد:

- ‌3 - سياسة العلو في الأرض:

- ‌4 - سياسة الاستبداد:

- ‌5 - الكذب السياسي:

- ‌6 - الإدارة بالأزمات:

- ‌7 - ولاية السفهاء:

- ‌8 - العطايا المالية لشراء الذمم:

- ‌9 - سياسة التسويق الخاطئ للشعب:

- ‌10 - الإدارة بسياسة العصابة:

- ‌11 - سياسة إيجاد الند والضد:

- ‌12 - الارتهان للخارج أو قوى في الداخل:

- ‌13 - جعل الوظيفة والحقوق تبعا لورقة المناطقية والفئوية:

- ‌14 - إذكاء الصراع الديني:

- ‌15 - خصخصة المؤسسة الأمنية والعسكرية لحماية الحاكم لا الشعب:

- ‌16 - السياسة بالكذب:

- ‌سياسات خاطئة ناتجة عن السياسات السابقة:

- ‌السياسات الراشدة للدولة

- ‌1 - سياسة حفظ الضرورات الست الكبرى والحاجيات والترفيهيات:

- ‌2 - الشراكة الوطنية الحقيقية الواسعة في إدارة البلاد:

- ‌3 - سياسة العدالة الشاملة وتكافؤ الفرص والمساواة العادلة في الحقوق والواجبات، وعدالة الأجور والعدل الوظيفي سياسات واجبة:

- ‌4 - سياسة الإحسان والإكرام والتحفيز والجزاء:

- ‌5 - السياسات التسع للنهضة الشاملة:

- ‌6 - مواجهة ومعالجة السياسات الخاطئة:

- ‌7 - سياسات الاستنفار العاجلة والهامة:

- ‌8 - سياسة الاستنفار الاقتصادي:

- ‌النقل الجوي والبري:

- ‌الاتصالات استثمارا وتحديثا:

- ‌النهضة التصنيعية:

- ‌البنية الصحية:

- ‌التعدديةوالمعارضة السياسية

- ‌آليات التغيير السلمي:

- ‌المظاهرات والمسيرات:

- ‌أما الاعتصامات:

- ‌أنواع الاعتصامات:

- ‌1 - الاعتصامات الطلابية:

- ‌2 - اعتصام الأجراء والموظفين:

- ‌أنواع الإضرابات والاعتصامات للأجراء والموظفين:

- ‌قواعد هامة:

- ‌والقاعدة في جميع الإضرابات والاعتصامات بالنسبة للضرورة:

- ‌ضوابط هامة للإضرابات والاعتصامات في المجالات المختلفة:

- ‌وأما العصيان المدني:

- ‌العلاقات الدوليةوالسياسات الخارجية

- ‌ الأصول الستة التي تقوم عليها العلاقات والسياسات الخارجية:

- ‌العلاقات الأمنية:

- ‌أولاً: أنظمة الحرب غير المعاهدة:

- ‌ثانيا: أنظمة الحرب المعاهدة:

- ‌ثالثا: أنظمة السلام المحايد:

- ‌رابعا: أنظمة السلام المناصر:

- ‌خامسا: أنظمة السلام على الأصل أو دول المتاركة:

- ‌سادسا: أنظمة السلام المشروط:

- ‌العلاقات العامة:

- ‌الدخول إلى بلاد الإسلام

- ‌حرمة إيذاء الداخلين إلى بلاد الإسلام بأمان:

- ‌اللجوء السياسي:

- ‌منع استهداف السفارات والشركات الأجنبية في بلاد المسلمين:

- ‌العلاقة الدينية:

- ‌حكم معاهدات التسلح:

- ‌وجوب وحدة دول الجزيرة والعرب والمسلمين

- ‌محكمة العدل العربية والإسلامية والتحاكم الدولي:

- ‌حرمة تسليم المسلمين

- ‌فقه المال العام

- ‌تعريف المال العام:

- ‌الآليات السبع لحفظ المال العام:

- ‌حصر أنواع المال العام في أحد عشر نوعا:

- ‌وما أمكن المؤلف حصره هنا أحد عشر نوعا بالاستقراء، وهذه الأنواع هي:

- ‌موارد الدولة:

- ‌المورد الأول للدولة: التحصيل والجباية

- ‌1 - الإيراد بالفرض الشرعي

- ‌2 - الضرائب والجمارك (والإيراد بالإيجاب الرسمي الاقتصادي)

- ‌3 - الإيراد بالرسوم مقابل الخدمة:

- ‌المورد الثاني للدولة: الثروة الجغرافية:

- ‌المورد الثالث للدولة: الثروة القومية الباطنة

- ‌المورد الرابع للدولة: الثروة الاستثمارية

- ‌الأحكام العامة للمال العام:

- ‌بيع المال العام:

- ‌الإقراض من المال العام:

- ‌حكم الاقتراض بالربا لبناء مسكن أو شراء سيارة:

- ‌المصاريف الإدارية على القرض:

- ‌إقراض دولة مسلمة لدولة كافرة:

- ‌رهن المال العام:

- ‌تحصيل المال العام ومسائله:

- ‌ من عجز عن دفع المقرر للدولة:

- ‌تبديل المال العام:

- ‌ضمان من أتلف شيئا من المال العام:

- ‌الاستعمال الآمن للمال العام:

- ‌التوزيع العادل للمال العام ومراعاة الشرائح الضعيفة:

- ‌دعم الضرورات المعيشية:

- ‌ العدل في توزيع الثروة والبنية التحتية بلا مناطقية أو فئوية:

- ‌الكفالات الاجتماعية:

- ‌العدل في توزيع الدرجات الوظيفية:

- ‌إكرام موظفي الدولة مدنيين وعسكريين:

- ‌رعاية أسر الشهداء والجرحى والمناضلين من المال العام:

- ‌دعم البحث العلمي:

- ‌استثمار المال العام:

- ‌فقه السمع والطاعة

- ‌فأمر بطاعة أولي الأمر بثلاثة شروط:

- ‌الشرط الأول: (مِنكُمْ)، أي «مؤمنا»

- ‌ الأنواع الخمسة الذين هم «أولوا الأمر»:

- ‌النوع الأول:

- ‌ طرق الوصول إلى الحكم والولاية العامة الأولى:

- ‌النوع الثاني من أولي الأمر:

- ‌النوع الثالث:

- ‌النوع الرابع:

- ‌النوع الخامس:

- ‌ حدود طاعة ولي أمر المسلمين:

- ‌تعطل طاعة الحاكم:

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌قواعد الصبر على الحاكم:

- ‌ حكم النوع الأول من الصبر:

- ‌ نصرة المستضعفين فرض:

- ‌ لا يهاجر شعب مسلم لاحتلال:

- ‌ بطلان زيادة «ولو جلد ظهرك»:

- ‌ حكم النوع الثاني من الصبر:

- ‌فقه أحاديث الصبر على الحاكم:

- ‌وإذا وجدت العلة في الفرع:

- ‌فقه المؤسسة العسكرية

- ‌كشف مواقع التصنيع العسكري وأسراره:

- ‌المعاهدات الدولية لمنع التسلح:

- ‌المؤسسة العسكرية ملك الشعب:

- ‌التعيين بالكفاءة:

- ‌تدوير المناصب في المؤسسة العسكرية:

- ‌الإلزام بإقامة الصلوات والشعائر في المعسكرات والمواقع:

- ‌الزي العسكري والهندام:

- ‌الخدمات العسكرية والدوريات:

- ‌العدل في الترقيات والحقوق:

- ‌تعيين القيادات العسكرية لا يجوز بالقرابة، بل بالكفاءة:

- ‌الجزاءات العسكرية:

- ‌الخروج من المعسكر وقت الحجز:

- ‌تسليم الرواتب في وقتها المحدد وحرمة الاستقطاعات بلا حق:

- ‌وجوب إيصال حقوق الجيش كاملة:

- ‌حرمة التغطية على الفرار:

- ‌كتمان الأسرار العسكرية:

- ‌العهد العسكرية:

- ‌المساواة في الحقوق والواجبات العسكرية:

- ‌المحاكم العسكرية:

- ‌رعاية الجرحى وأسر الشهداء:

- ‌قوات الأمن والشرطة:

- ‌الشرطة والأمن واستعمال السلاح وإرهاب المواطن:

- ‌ويحرم في التحقيق:

- ‌السجون السياسية:

- ‌حرمة التنصت والتجسس على الشعب:

- ‌النقاط الأمنية العسكرية:

- ‌تنظيم حمل السلاح:

- ‌حرمة وجود طبقية مسلحة:

- ‌التعبئة والتوجيه:

- ‌الجنائز العسكرية:

- ‌وجوب الاهتمام بالرمي طويل المدى والمتوسط والقصير:

- ‌سلاح الجوية:

- ‌سلاح البحرية:

- ‌العدل في رواتب القوات المسلحة:

- ‌وجوب إنشاء حلف عسكري عربي وإسلامي موحد:

- ‌تجنيد المرأة والشرطة النسائية:

- ‌تجنيد الأطفال:

- ‌اتفاقيات الأمن والاستقرار العادلةُ والمهيمنةُ والقواتُ المشتركة:

- ‌لا تسقط الصلاة على الجندي في أمن ولا خوف، ورخص العبادات:

- ‌أذكار المقاتل:

- ‌الفرار من الخدمة العسكرية:

- ‌فقه التربية والتعليم

- ‌المؤسسة التعليمية والتربوية:

- ‌ شروط من يدير المؤسسة التعليمية:

- ‌ مصادر التربية

- ‌ الأم ومهمات واجباتها التربوية

- ‌ الوالد وواجبه تربويا:

- ‌ التربية المجتمعية

- ‌مجانية التعليم

- ‌سن التعليم والتربية، وحق التعليم للجميع:

- ‌أركان التعليم والتربية

- ‌أولاً: المنهج

- ‌ شرط من يضع المناهج

- ‌ أعضاء لجنة المناهج:

- ‌وجوب وضع خطة المناهج ووجوب التزامها

- ‌ تهميش المواد الشرعية أو التكنولوجية منكر:

- ‌ وجوب تدريس قطعيات الشريعة:

- ‌أولا: في باب الإيمان والتوحيد والعقائد:

- ‌ثانيا: في باب العبادات:

- ‌ثالثا: في باب الأموال:

- ‌رابعا: في أبواب الأسرة والمجتمع:

- ‌خامسا: في أبواب السياسات والأمن الداخلي والخارجي والأبواب العامة:

- ‌ التأهيل الشرعي للعلماء العدول:

- ‌ دراسة علوم التكنولوجيا المعاصرة مقصود شرعي للاستخلاف:

- ‌ لا يجوز استثمار العلوم للفساد في الأرض:

- ‌ وجوب تدريس علوم التصنيع:

- ‌ علوم العقائد والتوحيد والإيمان:

- ‌ علم اللغة:

- ‌ تشتيت العلوم والمعلومات سياسة خاطئة

- ‌ توفير كتب المنهج قبل بدء الدراسة مصلحة شرعية معتبرة:

- ‌ مجانية الكتب المدرسية:

- ‌الركن الثاني للعملية التعليمية: المدرس

- ‌ حقوق المعلم وواجباته:

- ‌تأهيل المعلم:

- ‌أما لزوم تأهيل المعلم:

- ‌ الجامعات والمعاهد العلمية لتأهيل المعلمين:

- ‌ الكفاية المالية العادلة للمعلم:

- ‌ومن التحسينيات القائمة مقام الحاجيات له:

- ‌ إكرام المعلم:

- ‌ يجب على المعلم تحضير الدروس:

- ‌وأما ما يجب على المعلم:

- ‌ لا يخصم من الراتب إلا إن كان مجزئا عادلا:

- ‌ الواجب على المعلم التدريس المفهم:

- ‌ متابعة تحصيل وسلوك الطالب:

- ‌الإدارة التربوية والتعليمية

- ‌الدوام الإداري:

- ‌سرية الاختبارات وحرمة الغش ومحاسبة المتورطين:

- ‌غياب الموظف والمعلم:

- ‌الركن الرابع: الطالب

- ‌الحملة الإعلامية للتعليم والنفقة التعليمية:

- ‌الزي المدرسي:

- ‌مدارس الطالبات ومدارس الطلاب:

- ‌ الطابور:

- ‌ تحية العلم:

- ‌ دخول الفصل:

- ‌فهذه مقاصد القيام المباح:

- ‌ مسائل طلابية وتعليمية وتربوية في الفصل:

- ‌ الوسائل التعليمية:

- ‌عقوبة الطالب:

- ‌مسجد المدرسة:

- ‌آداب عامة في المدرسة كالتشجير وحملات النظافة:

- ‌نظافة الطالب والعناية الصحية المدرسية:

- ‌تشجيع الطلاب وتحفيزهم وتأهيلهم:

- ‌التعليم الفني:

- ‌مدارس التحفيظ والمعاهد الشرعية ومراكز العلم:

- ‌فقه المجتمع المدني والقبيلة

- ‌ تمهيد:

- ‌ولا بد لكل تجمع بشري من قيادة بحسبه:

- ‌ وتحتها شرائح مجتمعية كثيرة متعددة منها:

- ‌السكن:

- ‌ طهارة المسكن ونظافته

- ‌ البناء ومواصفاته والسكن وأحكامه:

- ‌النزوح والنقلة:

- ‌ بعد السكن عن أماكن الأضرار والأقذار والكيماويات وخطوط الضغط العالي:

- ‌ التوسط في البناء والزينة:

- ‌ شجر الزينة، واللوحات الطبيعية، والمجالس الافرنجية والعربية:

- ‌ مجلس الضيوف، والمطابخ ودورات المياه:

- ‌ أحكام الدخول للبيوت:

- ‌ الجوار:

- ‌ الرقابة المجتمعية:

- ‌ التخطيط العمراني:

- ‌منظمات المجتمع المدني:

- ‌السلطة المجتمعية الكبرى:

- ‌المجتمع السياسي، أو السلطة المجتمعية السياسية

- ‌الأمن المجتمعي:

- ‌المجتمع والشعائر الكبرى:

- ‌ تحريم جعل التسجيل الصوتي للأذان عوضا عن المؤذن:

- ‌المجتمع وصلاة الجماعة:

- ‌حكم إقفال السماعات أثناء الصلوات:

- ‌مشروعية التبرع لمحتاجين:

- ‌الاحتفالات والندوات في المسجد:

- ‌ والغيرة على الأعراض ومحاربة الإشاعة والقيل والقال من الواجبات:

- ‌ العزاء

- ‌ الثأر

- ‌ ظلم المرأة

- ‌ التصنيف الجاهلي:

- ‌ الحلف بالطلاق

- ‌ أكل الأوقاف

- ‌الأحكام القبلية:

- ‌لا تفاضل بالنسب ولا بالقبيلة:

- ‌مشايخ القبايل وأهم واجباتهم:

- ‌البت في القضايا وعدم تعليقها:

- ‌ردع المفسدين:

- ‌القيام بالقسط وحرمة المجاملات:

- ‌حفظ وثائق الناس:

- ‌ردع المبطلين:

- ‌المرافقون والمشاورون:

- ‌الضغط على الناس في الانتخابات:

- ‌الأمر بالصلوات والزكاة وإقامة المساجد:

- ‌محاربة السحرة والمشعوذين:

- ‌العادات القبلية:

- ‌ قطع الطريق والقطاعات القبلية:

- ‌حكم الزوامل

- ‌الضيافة والأعراس

- ‌حكم الهجر:

- ‌فقه البيئة والصحة العامة

- ‌ حفظ البيئة:

- ‌ المياه:

- ‌ الصرف الصحي:

- ‌ الحفاظ على المتنفسات والحدائق والأماكن العامة:

- ‌ التشجير وحكم استيراد المواد الضارة:

- ‌ الحرث والنسل:

- ‌ الصيد وتنظيمه ومنع صيد الأمهات:

- ‌ الحيوان وحقوقه، وصحته، والمنع من إيذائه والعبث به:

- ‌ الطيور وتعهد صحتها وصحة الحيوان:

- ‌ دفع ضرر المؤذي:

- ‌ الأمراض المعدية والوبائية والحجر الصحي:

- ‌فتحصل أن الأمراض على أربعة أقسام:

- ‌ التلوث الهوائي، والوقود الصديق للبيئة:

- ‌فقه المرور وأحكام السير

- ‌ التوسط في السير:

- ‌ القيادة ببطر وتفحيط:

- ‌ قوانين المرور وإشاراته ملزمة:

- ‌ حوادث المرور:

- ‌ غرامات المخالفات:

- ‌ رخصة السائق:

- ‌ تجديد الرخصة:

- ‌ غرامات تأخير التجديد:

- ‌ سن السائق:

- ‌ لوحات الأرقام:

- ‌ شراء اللوحات ذات الأرقام المميزة:

- ‌ كوابح السيارات وأدوات السلامة والحمولات الزائدة:

- ‌ الأمور المشروعة في الركوب:

- ‌ السلام والإشارة به للراكب والماشي:

- ‌ بوق السيارة:

- ‌ فحص المركبة:

- ‌ إزالة حواجب الرؤية ونظافة السيارة وزينتها:

- ‌ القيادة في الضباب وتعذر الرؤية:

- ‌ قيادة المرأة للسيارة:

- ‌فقه السياحة

- ‌تأمين السياح وحرمة إيذائهم وخطفهم:

- ‌ تحريم خطف السواح:

- ‌الدليل السياحي والمحاسن:

- ‌حرمة التصريح للفنادق في المحرمات:

- ‌التعامل مع القادم المصاب:

- ‌السياحة والاقتصاد:

- ‌المعالم الطبيعية:

- ‌المعالم التاريخية والآثار والحفاظ عليها وحرمة تهريبها:

- ‌المعالم الدينية الإسلامية:

- ‌دخول السياح إلى المساجد:

- ‌الواجب على الجهات المعنية بالسياحة في الدولة:

- ‌حرمة السياحة الماجنة:

- ‌حكم الجاسوس من السياح وحكم إيذائهم:

- ‌إظهار محاسن الدين قولا وفعلا:

- ‌فقه الشباب

- ‌وجوب تيسير الزواج:

- ‌سن الزواج:

- ‌الصداقة والشباب:

- ‌الابتعاد عن الخبائث:

- ‌أخلاق الشباب:

- ‌النهي عن الكسل والحزن والجبن والبخل:

- ‌تنظيم الوقت:

- ‌التعامل مع الوالدين وطاعتهم وصلة الأرحام:

- ‌مفردات تربوية للشاب:

- ‌الشباب والزينة:

- ‌فقه اللهو والترفيه

- ‌فمن اللهو والترفيه المباح:

- ‌فقه الإعلام

- ‌حكم الإعلام وإطلاق الأقمار الصناعية:

- ‌الخطاب الإعلامي:

- ‌ تضخيم الأمور:

- ‌ تحقير الأمور:

- ‌ الخطاب الإيجابي:

- ‌ خطاب الإحباط:

- ‌ تبني المقاربة لوجهات النظر:

- ‌ خطاب البلبلة والتخذيل وقلب الحقائق:

- ‌ نشر الرذيلة:

- ‌ التثبت والنخاسة الإعلامية:

- ‌ النكاية الشخصية:

- ‌حكم الرسم والكاريكاتير والتصوير الإعلامي:

- ‌التخصص الإعلامي:

- ‌الإعلام ودوره في الإصلاح:

- ‌أحكام إعلامية متعددة

- ‌ احتراف المرأة للإعلام:

- ‌ الإعلانات التجارية:

- ‌العناوين الصحفية والسرقة الإعلامية:

- ‌الحرية الصحفية:

- ‌نقابة الصحافة:

- ‌الإعلام الفاسد:

- ‌إجابة الاستضافة الإعلامية:

- ‌برامج المساج والكوافير والأزياء والرقص في الفضائيات:

- ‌المسابقات الإعلامية:

- ‌برامج الفتوى وقول الحق:

- ‌فقه الفن

- ‌ الرسم والتصوير وحكم المنحوتات الأثرية:

- ‌ حكم الشعر والنثر ومنظومات العلوم:

- ‌ الإنشاد:

- ‌ الغناء:

- ‌والغناء اليوم أنواع:

- ‌حكم التمثيل

الفصل: ‌ ‌فقه الدولة * الشعب أصيل والحاكم وكيل * نرى أن حفظ الجماعة

‌فقه الدولة

* الشعب أصيل والحاكم وكيل

* نرى أن حفظ الجماعة العامة هو المقصد الضروري السادس للشريعة، والجماعة: المجتمع والدولة

* عولمة المصلحة والرحمة لا احتكارها أو الهيمنة عليها أصل تقوم عليه السياسة في دولة الإسلام

* العلاقات الداخلية والدولية والأممية قائمة على خمسة أصول: تعاونية، تبادلية، مثلية، سلمية، عادلة .. أما الحرب فهو استثناء مسبب؛ لأن الأصل السلام لا الحرب

* العدل قيمة فاضلة لا تحملها إلا النفوس الفاضلة، وبهؤلاء تقوم وتدوم الدولة الفاضلة

* لا مكان لمستبد على كرسي عام عندنا بالإجماع المنقول

* سياسة الحطمة ممنوعة شرعا

* إذا شعر المواطنون بالقلق والمخاوف الدائمة فليس هناك دولة راشدة في البلاد

* العدل والمساواة العادلة والحريات الراشدة والحقوق والواجبات وحقوق المواطنة مفردات أصول للدولة المسلمة

ص: 145

فقه الدولة

قال المؤلف عفا الله عنه ووفقه: حفظ الجماعة العامة هو المقصد السادس للشريعة (1)، وبها تحفظ بقية المقاصد، ومنها تنبثق الدولة، ونعني بالجماعة الشعب ودولته والمجتمع والأمة.

ومصدر التشريع هو الشريعة الإسلامية.

وما قعدته الجماعة المستنبطة من خلاله هو القانون في المعنى الأعم. وتكييفه في المعنى الأخص هو: ما اتفقت عليه الجماعة المخولة المؤهلة من أهل الاستنباط في الشرع من قواعد مقننة مصوغة بقاعدية أو ضبط أو مادة تنص على أحكام الوقائع بالاستنباط من أحكام الشرع بما يحفظ الضروريات الست والحاجيات والتحسينيات.

فالضروريات كل ما لا يمكن بدونه عيش، وهي: الدين والنفس والعرض والمال والعقل، وزدت: الجماعة العامة.

والحاجيات: كل ما لا تعيش بدونه الجماعة إلا بضيق وحرج كالتملك.

والتحسينات: ما يدخل في السعة والإكرام والإحسان والمحاسن والترفه.

ويصوغه فقيه بالشرع خبير باللسان والواقع نيابة عن الجماعة الكلية المخولِة له بوضع ذلك ويستعان بمن يحتاج إليهم من الخبراء في التقنين والسياسة وغيرهم، ثم تقره هي بالإنابة عن الجماعة الكبرى الممثلة في الشعب، أو تعرضه عليه في ما لا يقطع بإمضائه إلا برضى الشعب المباشر كالدساتير والقرارات الكبرى.

والجماعة المستنبطة واجبٌ الرد إليها، وواجبٌ تحديد شكلها، وآليات اختيارها إن لم يتم إلا بذلك (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ

(1) - قولنا «المقصد السادس للشريعة» : هو اجتهاد جديد عن بحث وبذل وسع في ذلك خلال تدريسنا لمادة المقاصد في الجامعة والدروس العامة من كتاب الموافقات للشاطبي، لأكثر من عشر سنوات وقد باحثت فيه كبار العلماء في اليمن وغيرها فلما وجدت القبول وتصويب ذلك منهم نشرته في مقالات فكثرت إليَّ المراسلة في تصويب ذلك وتأكيده، ثم عرضته على الإمام القرضاوي فوافقني عليه، وكنا قد أفردنا في كتابنا هذا بابا مستقلا لذلك هو «فقه المقصد السادس للشريعة: حفظ الجماعة العامة» ثم رأينا حذفه حتى لا يطول الكتاب.

ص: 146

لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء: 83)، فنهى سبحانه عن ترك القضايا العامة للأمة خوفا وأمنا عالقة خاضعة للإشاعة التقولية بين العامة، وأوجب ردها إلى أهلها للبت فيها، وقَطَع بوصولهم إلى عِلْمها بدليل (لَعَلِمَهُ) وتَرَك آليات الرد للنظر المصلحي للأمة زمانا ومكانا.

والحكم به من حاكم نظره في عين القضية ولا يتجاوز حكمه ذلك.

والمنفذ له تنفيذي يعمل بالنص، ومقتضياته مما هي كالنص أو قريب منه (1).

ويشكل الكل مؤسسة تسمى الدولة.

ونعني بـ «الكل» : الشعب ومؤسسته المستنبطة، والسلطة الحاكمة، والمنفذة.

ويجب أن تسير الدولة وفق أحكام الشرع وما انبثق منه من العقد الشعبي العام معها، سواء كان منصوصا أو غير منصوص؛ لأنه مُلْزِم على كل حال، والعقد المنصوص بين الشعب والحاكم مُلزِمٌ، سواء كان على صيغة دستورية أو قانونية أو كليهما، أو كوثيقة، أو عهد، أو اتفاقية.

فإن لم يكن العقد منصوصا فهو ملزم -كذلك- من جهة العمل على مقصودات الشرع؛ لأن مقصوده إقامة المصالح ودرء المفاسد وعلى هذا المقصد الشرعي العظيم تبنى الإرادة الشعبية وتقوم خدمتها؛ لأن هذا هو الأصل الذي تقوم عليه الولاية، ولا بد الآن من وجود العقد الشعبي المنصوص عليه بين الحاكم والمحكوم دفعا للمفاسد الكبرى، ويجب الالتزام به؛ لعموم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: 1)، وهذا عقد، بل من أكبرها وأهمها.

ويجب إدارة البلاد دولة وشعبا بسياسة قائمة على حفظ المصالح العامة ومحاربة المفاسد بتقليلها وتعطيلها.

وتدار الدولة بسياسة قائمة على مقتضى العقد الشرعي والرضى الشعبي في داخل وطنها وخارجه بقانونية منبثقة عن الشرع بفهم منصوصاته ومقاصدها، وفهم واقع الحال والمآل المناسبين لتنزيلها فيهما، وفهم الأوليات عند التزاحم والتعارض، وفهم السير على الأصل وعلى الاستثناءات.

(1) - قلنا «ومقتضياته مما هي كالنص أو قريب منه» دفعا لمفسدة العمل بالتأويل والاحتمال الذي قد يوظف توظيفا منحرفا غير مراد ولا متوافق مع المصالح العامة المعتبرة.

ص: 147

والشعب أصيل والحاكم وكيل.

ومصدر الحكم هو الرسالة، ومصدر الحُكَّام هو الشعب.

وفرض على الجماعة القيام بالشرع، ولا يتم إلا بدولة، فالدولة فرض؛ لأنه لا يقوم إلا بها فإقامتها فرض كلي.

وهي نائبة عن الجماعة العامة، ومنها، مشاعاً، بالتراضي المشروط، وأجراء بمالها، وتصرفاتهم منوطة بمصلحتها.

أما أن الدولة نائبة عن الجماعة العامة، فيدل لذلك أن شرعية الولاية في الأصل لا تنعقد إلا بالبيعة من الأمة بآلية مناسبة متفق عليها تحقق معرفة الرضى الشعبي في اختيار السلطة.

وما كان في معنى الولاية مما دونها فبالتعيين ممن انعقدت له البيعة، أو الاختيار من الجماعة، ثم التعيين، وطاعة المتغلب ضرورة استثنائية حقنا للدماء ودفعا للمفاسد العامة.

وأما أن الحاكم (منها) فيدل له قوله تعالى (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)(النساء: 59)، أي من أمة الإيمان؛ لأن الخطاب في صدر الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) (النساء: 59).

ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله الصحابة عن خلع الحاكم بالسيف: «لا، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان» (1).

فجعل الكفر مبطلا للولاية دواما، ففي الابتداء أولى.

وأما كون الولاية حقا «مشاعا» ؛ فلأن حصر الولايات بالمناطقية والأسرية خلاف العدل، ومولد لمفاسد جمة عامة ودفعها واجب.

ولأن الشرع راعى الكفاءة والأمانة في نصوصه.

وأما حديث الإمامة في قريش (2) فخبر لا إنشاء، ولا يراد به الإنشاء، أي الأمر، بدليل عدم

(1) - أخرجه البخاري، وقد تقدم.

(2)

- قولنا «وأما حديث الإمامة في قريش» قلت: أخرجه البخاري برقم 3500 من حديث معاوية، قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولئك جهالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين» . وأخرجه الشيخان (البخاري 7140، مسلم 4807) من حديث ابن عمر بلفظ «لا يزال الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» .

ص: 148

استدلال الصحابة به في خلاف السقيفة مع نقل القضية بالتواتر إلا في طريق فيها من لا يوثق بهم من الضعفاء، فتكون منكرة (1).

وأما أن الولاية بالتراضي العام: فلأن الحق للأمة، وإذا كان لها الحق فواجبٌ اعتبار رضى صاحب الحق، وهو الأمة، وهذا ما فعله الصحابة في قضية الخلفاء الأربعة إذ كانت بالتراضي والبيعة العامة، وسنتهم سُنَّةٌ مأمور باتباعها؛ ولأن بيعة المكره لا تنعقد فلا تنعقد الولاية؛ لأن الإكراه لا تنبني عليه آثار العقود وأحكامها.

وأما الاشتراط في عقد الولاية: فأصله أنه عقد، وكل شرط في العقد يُصْلِحْ العقد فهو جائز؛ ولذا شرط الصحابة على عثمان وعلي السير سيرة الشيخين.

أما أن الحكام أجراء فلأن الحاكم عامل في مصالح الشعب بعوض، وهذه هي الإجارة، ولأن الصحابة جعلوه كذلك في حق الإمام الأعظم فغيره أولى، إذ فرضوا للخلفاء والأمراء والحكام أجرة مقابل عملهم.

وقد قدر الصحابة الأجرة للخلفاء كأبي بكر وغيره مقابل تفرغه للحكم.

ولا طاعة في معصية، ولا في خلاف مصلحة عامة، وكيفية إنابتها لهم متروك بما يوافق المصلحة العامة.

وشكلها من رئاسي، أو وزاري، أو ملكي، أو غيره راجع إلى تقدير الجماعة لمصالحها.

والمصلحة العامة يقدرها أهلها من الأمة العامة، وأهل تقدير المصالح هم المستنبطون من أولي الأمر من العلماء والأمراء والخبراء وأهل الحل والعقد.

ولا يكون تقدير المصلحة العامة إلا بالشورى، فوجبت بالنص (2) والمعقول (3)، ووجب ما لا تقوم إلا به زمانا ومكانا من مجالس شورى أو نواب أو شعب.

ووسائل اختيارهم تدور على ما يخدم تمام المصلحة للأمة بانتخاب أو غيره.

(1) - انظر فتح الباري (13/ 116).

(2)

- قولنا «فوجبت بالنص» : هو قوله تعالى (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَاّ قَلِيلاً)(النساء: 83)، وقوله تعالى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) (آل عمران: 159)، وقوله تعالى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى: 38).

(3)

- قولنا «والمعقول» فلأن تقدير تمام المصلحة العامة على وجهها لا يكون إلا بالشورى.

ص: 149

وهي ملزمة وإلا كانت عبثا وفتحت باب الاستبداد عن الجماعة والمطامع والأثرة، وهذه مفاسد عامة لا تدرأ إلا بإلزام الشورى، فوجبت.

ويرجح بالأكثرية كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد (1).

وكل ما لا يتم النظام العام إلا به فهو واجب.

وكل ما يخل بالنظام العام القائم على مصلحة الأمة، فهو مفسدة يجب دفعها.

ويجوز وضع دستور يتفق عليه الجماعة يكون أساس عقد الولاية، وقد يجب إن لم يتم دفع المفاسد إلا به ولا استتباب الأمور إلا بوضعه.

ويصوغ الدستور لجنة مختصة يتفق عليها فيها العلماء وخبراء التقنين الدستوري وممن يحتاج إليه من الساسة والاقتصاديين والخبراء.

وفرض أن يكون الدستور نابعا من الشرع، وفرض أن ينص على أن الشريعة الإسلامية مصدر القوانين جميعا وأنها المصدر الوحيد للتشريع في سائر دساتير البلاد العربية والإسلامية.

هذا هو الأصل إلا عند العجز.

وجعلها مصدرا رئيسيا، أو أحد المصادر مع القدرة، أمرٌ مخالف لقواطع النصوص ورودا ودلالة، كقوله تعالى (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (المائدة: 49)، ولقوله تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء: 65).

ووجود أقليات من مواطني الدولة المسلمة على غير دينها لا يسوغ العدول عن تفرد الشريعة بمصدر التشريع؛ لأنها في نصوصها جعلت لهم حرية التحاكم إلى شريعة الإسلام، أو إلى ما عندهم من الكتاب.

وينص على أن دين الدولة الإسلام، ولغتها العربية.

ويبين نوع نظام الحكم؛ لأن هذه الأمور سياديةٌ شرعيةٌ ووطنيةٌ تدفع كبار المفاسد والفتن الناجمة عن ترك النص عليها أو تأويلها إن لم تكن صريحة.

(1) - قولنا «ويرجح بالأكثرية .. » بسطنا ذلك في كتابنا الترجيح بالكثرة وأمر الأمير -رسالة دكتوراة بامتياز.

ص: 150

والنص في الدستور في شروط الرئاسة والولاية على شرط الأبوين، ألا يكونا أجنبيين أو أحدهما، وكذا الزوجة: أمر مباح يلزم بالشرط الدستوري؛ لأن الإيفاء بالعقود واجب وهذا منصوص العقد، فلزم (1).

والأصل الشرعي ألا يعطى أحد حصانة من المساءلة بنص دستوري، سواء كان رئيسا أو له ولاية عامة قضائية أو برلمانية أو تنفيذية؛ لأن الله لم يستثن رسله وأنبياءه وأولياءه من أي حكم ديني محض (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر: 65)، أو تنفيذي «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» (2)، فلا حصانة لملك أو أمير أو خليفة أو قاض أو نائب أو وزير، بل الكل أمام التكليف الشرعي والمسئولية متساوون مع سائر الناس.

وتعديل الدستور من الشعب بمباشرة حرة جائز وهو الأصل؛ لأنه عقد، ويجوز التوافق على تعديل شيء منه.

فإن انفرد به حاكم أو سلطة حَرُم، وبَطُل (3)، وهو تحريف في حقيقة التكييف لا تعديل؛ لأن العقد حق للطرفين: الشعب والحاكم.

والعقود لا تغير من طرف مشروط عليه، بل بتوافق طرفي العقد.

ولأن تصرفات الحاكم منوطة بالمصلحة العامة، ولا مصلحة في تعديل العقد الممثل في الدستور إلا بتوافق العامة بمباشرة أو نيابة؛ لأنه بهذا يعلم ترتب المصلحة العامة.

والأصل ألا يلي ولاية عامة على المسلمين إلا مسلم عالم بقواطع الشرع مقيم لها؛ بالغ، عاقل، راشد، عدل، قوي، أمين، ومختار منهم؛ لأنه عقد قائم على التراضي.

(1) - انظر ما تقدم في الفقه الوظيفي بتفصيل.

(2)

- حديث «لو أن فاطمة سرقت .. » متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها (البخاري برقم 3475، ومسلم برقم 4505) أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب ثم قال «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها» .

(3)

- وبطل، أي التعديل لا الدستور.

ص: 151

فلا ولاية لكافر، ولا لمن لا يقيم الشرع، ولا لصبي، ولا مجنون، ولا سفيه، ولا فاسق، ولا ضعيف، ولا خائن، ولا غاصب.

فإن طرأ وضع من هذه الأوضاع، واستتبت الأمور والمصالح، جاز للأمة ذلك كوضع استثنائي على خلاف الأصل، إلا الكافر فيجب خلعه ولو بالجهاد المسلح لحديث «ألا نقاتلهم؟ قال: لا، إلا أن تروا كفرا بواحا» (1) ولقوله تعالى (وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ) (الأحزاب: 48)، وولايتهم طاعة لهم.

وللنهي عن موالاتهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء)(الممتحنة: 1)، وولايتهم العامة على المسلمين أعظم من مجرد موالاة شعورية قد يستتبعها فعل.

ولقوله (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)(النساء: 141)، وولايتهم أعظم سبيل، فحرم.

ولأن التمكين هو للمؤمنين (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ)(النور: 55)، وتولية غيرهم عليهم مضادة لمقصود الشرع المنصوص في التمكين للمؤمنين.

ولأن ولاية المؤمنين لها أعمال سيادية دينية، ومالية، وإصلاحية (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) (الحج: 40 - 41). وهذه الأعمال السيادية الكبرى لا تتوافق مع ولاية غير المسلم.

ولأن الدول غير المسلمة تجعل شرط الدين والمواطنة شرطا سياديا للولاء الوطني والديني للشعب.

وهذا الولاء هو مما بيّنه الله في النص (وَالَّذينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلَاّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)(الأنفال: 73).

ففرض على المؤمنين أن يكونوا أولياء بعض؛ لأن الكافرين كذلك.

وشرط الدين للولاية هو أكبر مظاهر الولاء للمؤمنين، فإن لم يفعلوا فولوا غير مسلم

(1) - أخرجه البخاري، وقد تقدم.

ص: 152

عليهم تحصَّل عن ذلك فتنة في الأرض وفساد كبير.

والمنافق، والخائن، والعميل، والفاسق، والفاسد لا ولاية عامة لهم؛ لأن ولايتهم تعود على أصل المقاصد الكبرى للشريعة، وأصل المقصد من الحكم بالبطلان، فبطُلَت.

وفي الصبي والمجنون، يجب تشكيل ما يدير الأمور، وفي السفيه كذلك.

ويشرع بالتوافق بين غاصب والأمة عمل ما تسير عليه المصالح حالا ومآلا من إعادة انتخاب، أو بيعة أو غير ذلك.

والخروج المسلح على الجماعة العامة محرم؛ لما فيه من الفرقة، وشق الصف، وإراقة الدماء والفتنة؛ لأن الفتنة العامة مفاسدها عامة.

وقولنا «على الجماعة العامة» يشمل خروج شرذمة مسلحة عليها، ويشمل خروج حاكم وشرذمة معه بالسلاح على السواد الأعظم للجماعة.

والأصل حرمة أخذ الحكم بالغصب عن إرادة الأمة كانقلاب مسلح؛ لأنه خيانة وغدر، ونقض لعقد الجماعة الممثل في الدستور المجمع عليه.

ومن حرم الخروج المسلح والانقلاب على الحاكم الظالم؛ إنما حرمه لأنه أمر بمعروف ونهي عن منكر باليد، وشرطه ألا يترتب عليه ما هو أنكر منه، ولا ينشأ عنه مفاسد أكبر.

والغالب حصول ذلك، والأحكام الشرعية قائمة على اعتبار الغالب.

وأما الحاكم العدل فالخروج المسلح عليه ظلم وعدوان فوق ما سبق، وهو ولو كان غاصبا للحكم إلا أن النظام مستتب، والمصالح العامة والأمن والاستقرار قائم، فمسألة انتخاب الأمة ورضاها له أمر إجرائي وسيلي يمكن الوصول إليه بالتوافق العام كما حصل من الصحابة في قضية التحكيم (1).

فإن لم يتم ذلك التوافق فهو واجب وسيلي موسع وقته حينئذ.

والواجبات المقاصدية أهم منه؛ فتقدم ويحافظ عليها.

والانتخاب بالبيعة وسيلة موسعة حينئذ.

(1) - القصة ذكرها الحافظ في الفتح (12/ 284) وذكرها أهل التاريخ: الكامل لابن الأثير (2/ 76 فما بعدها)، وشذرات الذهب (1/ 46).

ص: 153

وإنما قلنا حينئذ؛ لأنه لا جدوى ولا مصلحة عاجلة منها الآن في حال وجود حاكم عادل راشد أقام المصالح ودرأ المفاسد ولكنه بغصب.

فالاختيار للحاكم من الشعب وسيلة وقتية، واستتباب المصالح العامة ودفع المفاسد مقصد فوري دائم؛ فتقدم المقاصد عند التعارض.

فالحل المصلحي هنا هو: الحفاظ على استتباب المصالح العامة ودفع مفاسدها؛ لأنها مقاصد، مع السعي التوافقي الحواري سلما على الوسائل، وهذا ما تقتضيه العقول الراجحة، وما عليه تقوم مصلحة الأمة، وما به جاءت دلالات النصوص.

ومن فهم النصوص على غير مرادها أخطأ.

والوصول إلى الولاية العامة لها طرق، استقصيناها في كتابنا هذا (1).

والشريعة تدل على أن شرعية الولاية العامة لا تتم إلا بالبيعة العامة من الشعب كما دلت عليها نصوص السنن قولية وفعلية وعمل الخلفاء، وعمل الأمة فيمن تولى بعد الخلافة، فلو كانت شرعية أحد ذاتية لما احتاج إلى بيعة الأمة.

وهذا مما لا خلاف فيه حتى عند من يقول بالنص لحكم نسبي معين، فإنه لا بد -عنده- من بيعة لاكتمال المشروعية.

وتسليم أو نقل السلطة من مستبد ظالم لشعبه إلى من يقيم العدل من الشعب هو منة ربانية لقوله تعالى (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(القصص: 5 - 6).

ولأن حكم الشعب من عموم الشعب باختيار حاكم بحرية حقيقية هو الأصل المرضي.

والوصول إلى الدولة وإقامتها، والتمكين لها هو وعد الله للأمة المؤمنة (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) (النور: 55).

ص: 154

فالدولة ليست مطلوبا شرعيا فحسب، بل وعد الله، وهو يدل على كونه مقصداً ربانياً ومطلباً شرعياً يتحتم على الأمة المؤمنة الوصول إليه.

فالشريعة تنهى عن تبعية الجماعة العامة والأمة لنظام يقودها من غيرها، بل يجب أن يكونوا هم من يقود؛ لأن الوعد والأمر بالاستخلاف لهم هو سنة ربانية مطردة (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) (النور: 55).

ومقصود الشرع في ذلك حقيقة التمكين لا مجرد السلطة الصورية بل التمكينة التامة (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ)(النور: 55).

فالتمكين أعلى رتب الاستخلاف، وفوق مجرد الإمامة والقيادة؛ ولذلك فَصَلَها الله في آية وأفرد كلاً بذكر مستقل (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص: 5 - 6).

والتمكين للقيادة الراشدة، رحمة بالحاكم والمحكوم:(وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء)(يوسف: 56)، فجعل التمكين ليوسف رحمة له ولمن ولي عليهم.

ودل هذا أن التمكين للقائد الراشد ولو فردا ولو في ظل نظام آخر أمر مقصود شرعا.

فالولاية والقيادة والدولة والتمكين للجماعة في الأصل، بل حتى لفرد يخفف المفاسد، هو منة ومقصد ورحمة، وهذا يدل على أن:

الولاية ليست من المذام الشرعية، ولذلك طلبها الرسل فقال سليمان (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَاّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (ص: 35).

وقال إبراهيم (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)(الشعراء: 83)، وقال سبحانه ممتنا على يحيى (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (مريم: 12).

وامتن على قوم موسى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ)(المائدة: 20).

ص: 155

وقال يوسف (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ)(يوسف: 55).

أما حديث «إنا لا نولي هذا الأمر من سأله ولا من حرص عليه» (1)، فهو في طلب هَلُوعٍ ظاهرٍ لولاية جباية المال خاصة، ولذلك لما سأله غيره لم يعلل له بذلك بل بالضعف «إنك ضعيف» (2).

ولو كانت مذمومة لآثر علي وعثمان أحدهما الآخر بها (3).

(1) - حديث «إنا لا نولي .. » أخرجه البخاري برقم 7149 من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من قومي. فقال أحد الرجلين: أمرنا يا رسول الله، وقال الآخر مثله. فقال: إنا لا نولي هذا من سأله، ولا من حرص عليه.

(2)

- حديث «إنك ضعيف» أخرجه مسلم برقم 4823 من حديث أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال «يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها» .

(3)

- قولنا «لآثر علي وعثمان .. » هذه القصة واردة في حديث طويل أخرجه البخاري برقم 3700 ومسلم بأخصر منه برقم 1286، ولكثرة فوائده السياسية نورده بتمامه هنا بلفظ البخاري عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمرا هي له مطيقة ما فيها كبير فضل. قال: انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق. قال: قالا لا، فقال عمر: لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا. قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب. قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبدالله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف، أو النحل، أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني، أو أكلني- الكلب حين طعنه فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا، ولا شمالا إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه وتناول عمر يد عبدالرحمن بن عوف فقدمه.

فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبدالرحمن صلاة خفيفة. فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس، انظر من قتلني. فجال ساعة، ثم جاء فقال: غلام المغيرة. قال: الصنع. قال: نعم. قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان (العباس) أكثرهم رقيقا. فقال: إن شئت فعلت. أي إن شئت قتلنا. قال: كذبت بعد ما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول لا بأس وقائل يقول =

ص: 156

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخاف عليه فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جرحه فعلموا أنه ميت فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم في الإسلام ما قد علمت ثم وليت فعدلت ثم شهادة قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض. قال: ردوا علي الغلام. قال ابن أخي: ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك يا عبدالله بن عمر انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا، أو نحوه. قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فسل في بني عدي بن كعب فإن لم تف أموالهم فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم فأد عني هذا المال انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه. فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرن به اليوم على نفسي. فلما أقبل قيل هذا عبدالله بن عمر قد جاء قال: ارفعوني. فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت. قال: الحمد لله ما كان من شيء أهم إلي من ذلك فإذا أنا قضيت فاحملوني. ثم سلم فقل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلوني وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين استخلف قال ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبدالرحمن. وقال يشهدكم عبدالله بن عمر وليس له من الأمر شيء -كهيئة التعزية له- فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله عن عجز، ولا خيانة وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم وترد على فقرائهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبدالله بن عمر قال: يستأذن عمر بن الخطاب. قالت: أدخلوه، فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبدالرحمن اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبدالرحمن بن عوف. فقال عبدالرحمن أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فأسكت الشيخان فقال عبدالرحمن: أفتجعلونه إلي والله علي أن لا آلو عن أفضلكم. قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن. ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه فبايع له علي وولج أهل الدار فبايعوه. =

ص: 157

فالتنافس من الأكفاء مشروع، وعرض المرشح الكفء على اختيار الأمة مشروع، وقيام لجنة بإدارة هذه العملية مشروع كما فعل عبدالرحمن بن عوف، واشتراط اللجنة لخطة سير وبرنامج عمل سياسي لمن يترشح للولاية نابع من اشتراط الأمة أمر مشروع، وهو ركن العقد.

وهذا ما رجح عثمان؛ لقبوله بشروط الشعب في السير وفق سياسة مدروسة مجربة سابقا؛ وأثبتت نجاحها على الواقع، وهي سنة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

ويجوز أن يتنازل من انعقدت له البيعة للمصلحة العامة؛ كما فعل الحسن؛ وأقره الشرع الغيبي «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (1).

= قال الحافظ في فتح الباري (13/ 198): وأخرج البغوي في معجمه وخيثمة في فضائل الصحابة بسند صحيح عن حارثة بن مضرب حججت مع عمر فكان الحادي يحدو أن الأمير بعده عثمان بن عفان قوله فقال أي عبدالرحمن مخاطبا لعثمان أبايعك على سنة الله وسنة رسوله والخليفتين من بعده فبايعه عبدالرحمن في الكلام حذف تقديره فقال نعم فبايعه عبدالرحمن وأخرج الذهلي في الزهريات وابن عساكر في ترجمة عثمان من طريقه ثم من رواية عمران بن عبدالعزيز عن محمد بن عبدالعزيز بن عمر الزهري عن الزهري عن عبدالرحمن بن المسور بن مخرمة عن أبيه قال كنت أعلم الناس بأمر الشورى لأني كنت رسول عبدالرحمن بن عوف فذكر القصة وفي آخره فقال هل أنت يا علي مبايعي ان وليتك هذا الأمر على سنة الله وسنة رسوله وسنة الماضين قبل قال لا ولكن على طاقتي فأعادها ثلاثا فقال عثمان أنا يا أبا محمد أبايعك على ذلك قالها ثلاثا فقام عبدالرحمن وأعتم ولبس السيف فدخل المسجد ثم رقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم أشار إلى عثمان فبايعه فعرفت أن خالي أشكل عليه أمرهما فأعطاه أحدهما وثيقة ومنعه الآخر إياها واستدل بهذه القصة الأخيرة على جواز تقليد المجتهد وأن عثمان وعبدالرحمن كانا يريان ذلك بخلاف علي وأجاب من منعه وهم الجمهور بأن المراد بالسيرة ما يتعلق بالعدل ونحوه لا التقليد في الأحكام الشرعية وإذا فرعنا على جواز تجزيء الاجتهاد احتمل أن يراد بالاقتداء بهما فيما لم يظهر للتابع فيه الاجتهاد فيعمل بقولهما للضرورة قال الطبري لم يكن في أهل الإسلام أحد له من المنزلة في الدين والهجرة والسابقة والعقل والعلم والمعرفة بالسياسة ما للستة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم فإن قيل كان بعض هؤلاء الستة أفضل من بعض وكان رأي عمر أن الأحق بالخلافة أرضاهم دينا وأنه لا تصح ولاية المفضول مع وجود الفاضل فالجواب أنه لو صرح بالأفضل منهم لكان قد نص على استخلافه وهو قصد أن لا يتقلد العهدة في ذلك فجعلها في ستة متقاربين في الفضل لأنه يتحقق أنهم لا يجتمعون على تولية المفضول ولا يألون المسلمين نصحا في النظر والشورى وأن المفضول منهم لا يتقدم على الفاضل ولا يتكلم في منزلة وغيره أحق بها منه وعلم رضا الأمة بمن رضي به الستة.

(1)

- أخرجه البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه برقم 2704 ولفظه عن أبي موسى قال: سمعت الحسن يقول =

ص: 158

وكان الصلح باستقالته عن الحكم وهو خليفة شرعي مبايع تقديما لمصلحة حقن الدماء وجمع كلمة الأمة.

ولا حكم لأسرة كحق إلهي، بل يتعامل معه كوضع رضيته الأمة.

وحديث الأئمة من قريش (1) يعالج وضعا واقعا، ولا يؤصل أصلا عاما للأمة.

وهو إخبار لا أمر؛ يدل له أن الصحابة لم تستدل به في قضية السقيفة مع الحاجة إليه (2)؛ فدل على إنه إخبار لا يراد به الأمر، ولو كان أمرا لكان بقيته كذلك وهو «والأذان في الحبشة والشرعة في أهل اليمن» (3).

= استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال فقال عمرو بن العاص إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها فقال له معاوية، وكان والله خير الرجلين -أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس عبدالرحمن بن سمرة وعبدالله بن عامر بن كريز فقال اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له فطلبا إليه فقال لهما الحسن بن علي إنا بنو عبدالمطلب قد أصبنا من هذا المال وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها قالا فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك قال فمن لي بهذا قالا نحن لك به فما سألهما شيئا إلا قالا نحن لك به فصالحه فقال الحسن، ولقد سمعت أبا بكرة يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة، وعليه أخرى ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.

(1)

- تقدم نص الحديث وتخريجه.

(2)

- قولنا «في قضية السقيفة» وذلك أنهم لم يستدلوا على الأنصار بتقديم أبي بكر بهذا الحديث، ولو كان يقصد به الأمر لاستدلوا به، بل اتفقوا في السقيفة على بيعة أبي بكر رضي الله عنه وفي القضية قصة، وقد أخرجها البخاري برقم 3667 من حديث عائشة رضي الله عنها.

(3)

- حديث «الأذان في الحبشة .. » أخرجه الإمام أحمد برقم 8746 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة والشرعة في اليمن. وقال زيد مرة يحفظه والأمانة في الأزد. قلت: هذا إسناد حسن، وقد أعلّه الترمذي بالوقف إذ خالف عبدالرحمن بن مهدي زيد بن الحُباب عن معاوية بن صالح فوقفه عبدالرحمن ورفعه زيد بن الحُباب. قلت: لكن زيد بن الحباب تابعه أبو الربيع الزهراني وهو حافظ كما قال الذهبي وهو من رجال الشيخين والمتابعة أخرجها الطبراني في مسند الشاميين برقم 1909، ط/ مؤسسة الرسالة -بيروت. وقد صحح الحديث الألباني ولم يُعلّه بالوقف، بل قال: هي زيادة يجب قبولها كما تقرر في المصطلح. ولم يتنبه لهذه المتابعة القوية التي ترجح تصحيح الحديث.

ص: 159

ويؤيد هذا أن قريشا فنيت سريعا كتواجد نسبي وقوة محسوبة.

ففي الحديث الصحيح عند أحمد «أسرع أمتي فناء قريش وأسرع قريش فناء آل بيتي» (1).

ولو كان استحقاقا شرعيا إلى القيامة لبطلت الخلافة والإمامة.

ويدل لما سبق حديث «إن أُمِّرَ عليكم عبد مجدع أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا» (2)، فلم تبطل الولاية بعدم القرشية بل وجب السمع والطاعة.

ولهذا أراد عمر استخلاف معاذ من بعده (3)، وليس من قريش.

ولعل ما منعه هو طارئ القتل وحسابات قوة القبيلة. وهذا من السياسة الراجحة.

ومع هذا كله: فالسلطة القرشية بالاختيار والبيعة العامة لا بالتوريث.

ولهذا لم يورث أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا الحسن رضي الله عنهم.

فمن طلب التوريث بنص شرعي فهو كاذب محض.

(1) - قولنا ففي الحديث الصحيح «أسرع أمتي .. » ، هو حديث أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم 8418 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بإسناد صحيح رجاله رجال الشيخين سوى عمر بن سعد وهو من رجال مسلم ولفظه قال صلى الله عليه وسلم «أسرع قبائل العرب فناء قريش ويوشك أن تمر المرأة بالنعل فتقول إن هذا نعل قرشي». ومن حديث عبدالله بن عمر بسند حسن كما في «المطالب العالية» لابن حجر برقم 4135:«أول الناس فناء قريش، وأول قريش فناء بنو هاشم» . وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ «وأول قريش هلكة أهل بيتي» وهو صالح في الشواهد، أخرجه ابن أبي عاصم في «الأوائل» ط/ دار الخلفاء للكتاب الإسلامي -الكويت.

(2)

- حديث «اسمعوا وأطيعوا» أخرجه البخاري برقم 693 من حديث أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل حبشي كأن رأسه زبيبة» . وفي مسلم برقم 4868 من حديث أم الحصين أنها سمعت رسول الله في حجة الوداع يقول «إن أمر عليكم عبد مجدع أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا» .

(3)

- قولنا «ولهذا أراد عمر استخلاف معاذ من بعده» أخرجه الإمام أحمد برقم 108 ولفظه (لما بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه سَرَغَ، حُدِّثَ أن بالشام وباء شديدا، قال: بلغني أن شدة الوباء في الشام، فقلت: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة بن الجراح حي استخلفتُه. فإن سألني الله لم استخلفته على أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قلت: إني سمعت رسولك صلى الله عليه وسلم يقول: إن لكل نبي أمينا، وأميني أبو عبيدة بن الجراح فأنكر القوم ذلك، وقالوا: ما بال عُلْيَا قريش؟ يعنون بني فهر، ثم قال: فإن أدركني أجلي وقد توفى أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل، فإن سألني ربي عزوجل لِمَ استخلفته؟ قلت: سمعت رسولك صلى الله عليه وسلم يقول إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نَبْذَةً). قال الحافظ في الفتح: رجاله ثقات (13/ 119).

ص: 160

ومن طلبه بوضعٍ واقعٍ فهو راجع إلى الأمة ورضاها؛ لأن الحق حقها.

فإن رضيت واستتبت المصالح العامة جاز.

ومن ولي ولاية حرم عليه تولية غيره لمجرد قرابة أو نسب؛ لأن الولاية على الكفاءة لا على القرابة، ومن فعل أثم وبطل أمره، لمخالفته الأمر المنصوص (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء: 58).

والأمانات مفسرة في الحديث بالولايات (1)، فإن قدرت الأمة بمؤسساتها إبطالها، وجب ذلك.

فإن عجزت (2) بينت وأنكرت؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور.

فإن كان قريبه من أهل الكفاءة جاز أن يوليه وفقا للشروط الجارية عليه وعلى غيره بلا أثرة، وإن لم يوله فقد يكون من الأولى ذلك في بعض الأحوال؛ لأن المفاسد المترتبة على ذلك من سخط الناس وتذمرهم واقعة لا محالة بحسب الطبيعة البشرية.

وقد وجد الأنصار في أنفسهم حينما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض قريش من الغنائم ولم يعطهم وعقدوا جلسة لذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم (3).

(1) - قولنا «مفسرة في الحديث .. » أخرجه البخاري برقم 59 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين -أراه- السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله. قال: فإذا ضُيِّعَتِ الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة.

(2)

- والعجز هنا شامل للعجز الفردي، أو الجماعي، أو حتى عبر مؤسسات الدولة؛ لغلبة المولى ونفوذه، أو بحيث كان تغييره بوسائل القوة السلمية العليا وهي العصيان المدني والاعتصامات والثورات السلمية الشعبية يؤدي إلى مفاسد أكبر وأكثر، وتتخذ سلما لأهل الفتنة كما وقع مع عثمان فهذا محرم بل يكتفى حينئذ بالبيان والإنكار والاستمرار في ذلك، وإلا فلنتجاوز هذه النقطة خوفا على ما هو أكبر إلى أن يحين وقت التكليف التغييري العام.

أما القوة المسلحة لأجل هذا فمحرم قطعا، وهذا ما ينزل عليه قوله صلى الله عليه وسلم «سترون بعدي أثرة فاصبروا» .

(3)

- قولنا «وقد وجد الأنصار في أنفسهم .. » أخرجه البخاري برقم 3147 من حديث أنس أن ناسا من الأنصار قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من أموال هوازن ما أفاء فطفق يعطي رجالا من قريش المئة من الإبل فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم. قال أنس: فحدث رسول الله بمقالتهم. فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم أحدا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول =

ص: 161

فهذا في الأنصار، فكيف بغيرهم؟ وفي بعض العطايا فكيف بالولاية؟

فإن كانت الولاية للقريب المؤهل لا تؤدي إلى مفاسد عامة كونه باختيار، أو انتخابات حرة ونزيهة، أو ترشيح شعبي راض ونحو هذا، فلا مانع منه حينئذ.

ولا يستدل بقول موسى (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي)(طه: 29)، لأن المقصود النبوة.

وإرث سليمان لداوود (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ)(النمل: 16)، هو الملك بالنبوة لا بالبنوة، وهو اصطفاء خاص؛ لأن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء فإذا ذهب نبي خلفه نبي (1).

وفي النص قال صلى الله عليه وسلم «إنا معشر الأنبياء لا نورث» (2)،

أي بالنسب.

= الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما كان حديث بلغني عنكم. قال له فقهاؤهم أما ذوو آرائنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويترك الأنصار وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني أعطي رجالا حديث عهدهم بكفر أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به. قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا. فقال لهم: إنكم سترون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الحوض. قال أنس: فلم نصبر.

(1)

- قولنا «لأن بني إسرائيل .. » دليله الحديث المتفق عليه (البخاري برقم 3455، ومسلم برقم 4879) واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم.

(2)

- حديث «إنا معشر الأنبياء لا نورث» أخرجه مالك في الموطأ برقم 1802، وأخرجه الشيخان في مواضع متعددة منها برقم 3093 عند البخاري ومسلم برقم 4676، أن مالك بن أوس قال: أرسل إليّ عمر بن الخطاب، فجئته حين تعالى النهار -قال- فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من أدم. فقال لي: يا مال إنه قد دف أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم -قال- قلت لو أمرت بهذا غيري قال: خذه يا مال. قال: فجاء يرفا، فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبدالرحمن بن عوف والزبير وسعد؟ فقال عمر: نعم. فأذن لهم فدخلوا ثم جاء. فقال: هل لك في عباس وعلي؟ قال: نعم. فأذن لهما، فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن. فقال القوم: أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم. فقال مالك بن أوس يخيل إلى أنهم قد كانوا قدموهم لذلك- فقال عمر: اتئدا، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا نورث، ما تركنا صدقة» . قالوا: نعم. ثم أقبل على العباس وعلي فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا نورث، ما تركنا صدقة» . قالوا: نعم. فقال عمر: إن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره، =

ص: 162

وفصل السلطات إن كان يحقق المصالح الأكثر، فهو مقدم، وهي:

السلطة التقنينية «الشوروية» وهي التي تقر القانون النابع من أصول التشريع، وما دل عليه من اقتضاء المصالح ودرء المفاسد، وشكلها اجتهادي مصلحي، كانت بمجلس يسمى مجلس النواب، أو الشعب، أو الشورى، أو غير ذلك.

والسلطة القضائية هي الحاكمة في أعيان القضايا.

والسلطة التنفيذية هي المنفذة لسياسات وبرامج وخطط الدولة.

ويمكن فصل ثلاث سلطات أخرى إن حققت المصالح بأكثرية وهي: السلطة السياسية وهي الولايات الكبرى بدءا من رأس الدولة ونائبه ونوابه على البلاد.

والسلطة العسكرية والأمنية وهي القوات المسلحة والأمن.

والسلطة المحلية فهذه سلطات ست.

وما حقق المصلحة من فصل السلطات، أو دمجها هو المقدم في النظر الشرعي.

والانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية جائزة، وتقدم الكفء العدل الراشد المحافظ على الدين وشعائره يتعين عليه إن دفع ولاية مفسد.

ويجب حينئذ نصرته، وتأييده، وانتخابه؛ لأنه تعاون على البر والتقوى، وبه أفتى كبار

= قال (مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا. قال: فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقى هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة ثم يجعل ما بقى أسوة المال .. ثم قال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم، أتعلمان ذلك؟ قالا: نعم. قال: فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما نورث ما تركنا صدقة» . فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفى أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فقلتما ادفعها إلينا فقلت: إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتماها بذلك. قال: أكذلك؟ قالا: نعم. قال: ثم جئتماني لأقضى بينكما ولا والله لا أقضى بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إليّ.

ص: 163

علماء العصر وجمهوره؛ ولأنها أمانة والله يأمر بأدائها لأهلها، وتوسيد الأمر لغير أهله من تضييع الأمانة بالنص (1).

ويجب في تعيين لجنة الانتخابات بفروعها اختيار العدل الأمين الكفء لهذه المهمة؛ لأنها من أعظم الأمانات ووسيلة إلى أعظمها، وهي الرئاسة العامة أو النيابية.

وهذا المقصد هو ما أدى إلى اختيار عمر بن الخطاب ستةً وصفهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض (2).

وهو غاية في أمانة الاختيار؛ لأن أكبر أمر الأمة العام منوط ومعلق بهم.

فإن غشوا الشعب كانوا على أعظم الذنوب والظلم، وإن نصحوا فهم على أعظم العمل عند الله.

ولا يجوز لأعضاء اللجنة العليا ولا فروعها التعاون على تمرير المخالفات المؤثرة على نزاهة الانتخابات، ولا التزوير للنتائج، ولا إلغاء كرت لا يستحق الإلغاء، فإن هذا من الظلم والعدوان المحرم شرعا، وهو من التعاون على الإثم والعدوان، بل هو من أكبر أنواع ذلك؛ لأن أثره متعد إلى عامة الشعب.

وفرضٌ عليهم القيام بالقسط والعدل، وإقامة الشهادة ولو كانت ضد أهواء نفوسهم وأحزابهم، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) (النساء: 135).

وقال تعالى (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ)(المائدة: 8).

وما يترتب من بلاء ومفاسد ومظالم على الشعب نتيجة لتزوير إرادته في اختيار حكامه، لكل امرئ من اللجان الانتخابية المعاونة على تزوير إرادة الشعب أوزارٌ وآثامٌ، كل بقدر ما اكتسب وظلم.

وما ترتب عليه من آثار ومفاسد (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ)(يس: 12).

(1) - تقدم الحديث وتخريجه.

(2)

- تقدم تخريجه في حديث طويل.

ص: 164

والذي تولى كبره منهم كالنافذين الآمرين أشد وأعظم عند الله.

فالواجب شرعا عليهم الاستقلالية التامة، والنصيحة للناس؛ لأن الدين النصيحة والشهادة بالعدل على النتائج لمن كان من المرشحين.

والواجب في الانتخابات الأخذ بآلية عادلة لا يترتب عليها حيف، سواء كان نظام الدائرة المستقلة أو الدائرة النسبية.

ويجوز الأخذ بتجارب الدول الأخرى ولو كانت كافرة؛ لأن هذه الآليات من المعارف الإنسانية المشتركة التي يحق الاستفادة منها حيثما كانت، ولذلك أخذ رسول الله بالخندق والختم.

والأول وسيلة حربية استفيدت من المجوس، والآخر هو ختم المكَتَّبات الرسمية عرف رسمي دولي مأخوذ من غير المسلمين، واعتمده صلى الله عليه وسلم واتخذ خاتما لذلك كما ورد في الصحاح.

ويجب شرعا تصحيح جداول أسماء الناخبين في كل دورة لحذف من لحقه الموت وإضافة من بلغ السن القانونية المتفق عليها للتصويت؛ دفعا للغش والتزوير وما يترتب عليها من مفاسد.

وتحديد سن قانوني معين للانتخابات تصويتا وترشحا كثماني عشرة سنة مثلا؛ لا مانع منه في الشرع.

فإن الله شرط لدفع مال اليتيم إليه شرطين الأول: بلوغه، والثاني زيادة عليه وهو الرشد (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) (النساء: 6).

فإذ كان هذا من أجل فرد في ماله الخاص، فمثله أو أولى لأجل عامة الناس لأموالهم ومصالحهم العامة أن يشترط سن قانوني يغلب عليه فيه رجاحة الرأي واتخاذ القرار لمثل الاختيار والترشيح.

وتتكون اللجنة العليا للانتخابات وفروعها من جهة محايدة؛ لأن الجهة المحايدةمتلقاة بالقبول من الأطراف، ولأنه أدفع للريبة والمفاسد، وما كان كذلك فهو مطلوب شرعا، فإن لم يكن كذلك وتوافقت القوى السياسية على تقاسم التمثيل في اللجنة العليا وفروعها فجائز.

ص: 165

والأصل حينئذ أن توزيع اللجنة العليا للانتخابات، واللجان الفرعية عنها يكون محاصصة بالتساوي بين جميع أطراف العملية الانتخابية من سلطة ومعارضة ومستقلين؛ لأن هذا موافق لمقصد إنشائها وهو التنظيم، والرقابة، والشهادة على الانتخابات، ولا يجعل لحزب الأغلبية الحصة الكبرى فيها؛ لأنه لا معنى له في المقصود هنا سوى أغلبية تتخذ قراراتها لصالح حزبها.

ولأنهم عدول محكمون، وشهداء، واختيار العدول المحكمين يكون بتساوي الحصص بين أطراف التحكيم؛ طلبا للعدل، والإحسان المأمور به شرعا (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ) (النحل: 90).

ولا ينظر في اختيار المحكمين إلى كثرة وغلبة الأطراف؛ فالمحاصصة المتساوية هي العدل.

والتصويت لمرشح الرئاسة قائم مقام البيعة؛ لأن الأمور بمقاصدها؛ ولأن مؤداها اختيار رئيس للدولة وهو مقصود البيعة، فإذا تمت المقاصد فالعبرة بها.

ولأنه من أقر من أهل الأمصار والأقاليم زمن الراشدين ومن بعدهم كفى في صحة البيعة بلا استقصاء لكل أحد لتعذره.

ومن فاز غير مرشحه للرئاسة ففي عنقه بيعة للفائز ولو لم ينتخبه؛ لأن العبرة بغالب الجماعة، ولأن الكل تراضوا على نتيجة ذلك سلفا، فوجب التزام ذلك، وقام الرضى المشروط المتوافق عليه مقام صراحة البيعة.

ويكتفى: بالإقرار من الغير، فإن لم يقر تصريحا أو صرح بعدم الإقرار، وكان ذا شوكة والانتخابات صحيحة نزيهة أثم، لأدائه إلى بلبلة الجماعة، وإثارة الفرقة.

والبيعة لازمة له.

ومن لم يقر وكان غير ذي شوكة وقوة فكذلك، والبيعة لازمة له.

ولا يجوز لأحد التزوير والغش والالتفاف على إرادة الناخب؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، وخيانة، وتحميل الأمر لغير أهله، وكلها مظالم وذنوب كبيرة.

ص: 166

ويجوز للرجل والمرأة الانتخاب، وتتساوى أصواتهم؛ لأنها ليست شهادة محضة بل اختيار، ووكالة، وشهادة.

واجتماع أمور في جهة واحدة تعطيه حكما مستقلا واسما مستقلا.

ولخصوص الأمر بالضِّعف بالمال ونحوه، ولذا جاز شهادة واحدة على بكارة وولادة ورضاع.

ويقبل خبر الواحدة وفتواها وإخبارها بالقبلة، وشهادتها بنجاسة الماء، ورؤيتها للهلال للصوم والحج كرؤية الرجل على الأصح (1).

ويشترط للإدلاء بالصوت الانتخابي أن يكون من عاقل بالغ، فلا يصح من صبي أو مجنون إلا جنونا متقطعا وكانت الانتخابات في حين صحوته.

ومن أدرج طفلا خان الأمانة، لأن الطفل لا نظر له، بل نظره تابع لنظر وليه في تصرفاته، لذا لم يبايع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي ودعا له (2).

(1) - بل الشهادة المنصوصة في المالية رجل وامرأتان معللة (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)(البقرة: 282)، فإذا انتفت العلة بتوثيق كتابي منها وتوقيع أو بصمة أو نحو ذلك مما يقطع بالذكر للحادثة كفت واحدة مع الرجل، وهذا ما أراه موافقا لظاهر التعليل الشرعي المنصوص.

ويخطئ بمثل هذا في دعوى أن إرث المرأة نصف الرجل، وهذا خطأ فادح على الشرع بل لها مع الرجل ثلاث حالات:

الأولى: تتساوى مع الرجل في مثل ميراث الإخوة والأخوات لأم، وكذا في جد وجدة وأب وأم لكل السدس مع فرع وارث ذكر.

الثانية: ترث المرأة أضعاف الرجل في ميراث نساء النصف والثلثين والباقي للذكور من الرجال العصبات ممن دونهن وقد لا يأخذ الرجل سوى العشر أو أقل.

والثالثة: أن يأخذ الرجل ضعف المرأة في مسألة الأولاد أو الإخوة الأشقاء أو لأب.

وهذا التقسيم الثلاثي عرفناه باستقراء الشرع في ذلك وبه يتضح وهم من وهم في اجتزاء حالة واحدة وإهمال أخرى.

والحاصل أن صوتها الانتخابي كصوت الرجل ولا فرق، سواء قلنا إنه إخبار أو شهادة معينة.

(2)

- قولنا «لذا لم يبايع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي ودعا له» أخرجه البخاري برقم 7210 عن عبدالله بن هشام، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب ابنة حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله بايعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو صغير فمسح رأسه ودعا له، وكان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله.

ص: 167

وإن حرم عليه التصرف بماله الخاص حرم عليه التصرف في السلطة العامة لتعلقها بالمال، والدين، والعرض، والنفس، والعقل.

فلا مدخل للصبي في ترشيح ولا ترشح.

ومجلس نواب الأطفال إن لم يخدم المصالح العامة المعتبرة فهو عبث وهدر للأموال بلا جدوى، والعبث ممنوع في الشرع.

ويجوز للتعليم، إذ التعليم تدريب وتعريف فيكون تبعا، أي تبعا لمنهج تعليم عام؛ لأن التابع يُغتَفر فيه.

فإن كان مستقلا بمال، واعتمادات، وممارسات فعليه فيمنع؛ لأنه لا مصلحة معتبرة فيه.

ويحرم شراء الأصوات بالمال، وهو سحت على آكله، فيحرم أخذه.

فإن كان من المال العام بطرق غير مشروعة عظمت المآثم والمظالم وحرم انتخاب من يفعل ذلك؛ لأنه فاسق مفسد تحرم ولايته.

ومن انتخبه كان من أعوان الظلمة، وتحمل من أوزار مظالم العباد (وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ) (النحل: 25).

ويجوز كل تحالف وتكتل يحق الحق ويبطل الباطل ولا يعارض الشرع ويدفع المفاسد ويقيم المصالح، وقد تواثق النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود وثيقة وطنية لحماية المدينة (1).

(1) - قولنا «وقد تواثق النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود .. » وثيقة الموادعة بين النبي صلى الله عليه وسلم واليهود أول مقدمه المدينة وثيقة مشهورة مروية بأسانيد صحيحة إلى الزهري ورواها أهل السير، انظر «الأموال» لابن زنجويه رقم 574 و «الأموال» للقاسم بن سلام برقم 443، وفي كتاب «الأموال» لأبي عبيد (1/ 260) (ونحن نذكرها بتمامها لما فيها من الفقه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بهذا الكتاب: هذا الكتاب من محمد النبي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم، فلحق بهم، فحل معهم وجاهد معهم: أنهم أمة واحدة دون الناس والمهاجرون من قريش - قال ابن بكير: على ربعاتهم، قال أبو عبيد: والمحفوظ عندنا رباعتهم - يتعاقلون بينهم معاقلهم الأولى - وقال عبدالله بن صالح: ربعاتهم - وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين والمسلمين وبنو عوف على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف بين المؤمنين. وبنو الحارث بن الخزرج على رسول الله صلى الله عليه وسلم رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .. وبنو ساعدة على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين =

ص: 168

وفرضٌ على الدولة إقامة الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

= وبنو جشم على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو النجار على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالقسط والمعروف بين المؤمنين وبنو عمرو بن عوف على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو النبيت على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الأوس على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا منهم أن يعينوه بالمعروف في فداء أو عقل، وأن المؤمنين المتقين أيديهم على كل من بغى وابتغى منهم دسيعة ظلم أو إثم، أو عدوان أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعه، ولو كان ولد أحدهم. لا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر، ولا ينصر كافرا على مؤمن، والمؤمنون بعضهم موالي بعض دون الناس، وأنه من تبعنا من اليهود فإن له المعروف والأسوة غير مظلومين، ولا متناصر عليهم، وأن سلم المؤمنين واحد، ولا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله، إلا على سواء وعدل بينهم، وأن كل غازية غزت يعقب بعضهم بعضا، وأن المؤمنين المتقين على أحسن هذا وأقومه وأنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا يعينها على مؤمن وأنه من اعتبط مؤمنا قتلا فإنه قود، إلا أن يرضى ولي المقتول بالعقل، وأن المؤمنين عليها كافة وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة أو آمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا أو يؤويه فمن نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه إلى يوم القيامة، لا يقبل منه صرف ولا عدل وأنكم ما اختلفتم فيه من شيء فإن حكمه إلى الله تبارك وتعالى وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف ومواليهم وأنفسهم أمة من المؤمنين، لليهود دينهم، وللمؤمنين دينهم، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته، وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود الأوس مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته، وأنه لا يخرج أحد منهم إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وأن بينهم النصيحة والنصر للمظلوم، وأن المدينة جوفها حرم لأهل هذه الصحيفة، وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث يخيف فساده فإن أمره إلى الله وإلى محمد النبي، وأن بينهم النصر على من دهم يثرب، وأنهم إذا دعوا اليهود إلى صلح حليف لهم فإنهم يصالحونه، وإن دعونا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين، إلا من حارب الدين، وعلى كل أناس حصتهم من النفقة، وأن يهود الأوس ومواليهم وأنفسهم مع البر المحسن من أهل هذه الصحيفة وأن بني الشطبة بطن من جفنة، وأن البر دون الإثم فلا يكسب كاسب إلا على نفسه، وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، لا يحول الكتاب دون ظالم ولا آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن إلا من ظلم وأثم، وإن أولاهم بهذه الصحيفة البر المحسن.

قال أبو عبيد: قوله: بنو فلان على رباعتهم الرباعة هي المعاقل وقد يقال: فلان رباعة قومه، إذا كان المتقلد لأمورهم، والوافد على الأمراء في ما ينوبهم، وقوله: إن المؤمنين لا يتركون مفرحا في فداء المفرح: المثقل بالدين، =

ص: 169

ويجب على السلطة إقامة التعليم الاستراتيجي، وحفظ الأمن والاستقرار والغذاء والصحة وبناء الاقتصاد الآمن، وتدوير السلطة على مقتضى العقد المشروط دستوريا وقانونيا، والوظيفة الإدارية.

وحفظ موارد الدولة بأدق الوسائل وأَبْنَكَتُها لا مقاولتها.

ودعم القضاء المستقل، والمساواة الوظيفية والعلمية بين المؤهلين.

وتوزيع الثروة وقمع الظلمة وإخماد الفتن، وإقامة البنية التحتية بمساواة عادلة من صحة وطرق وتعليم وإنارة واتصالات، وتسوية الناس أمام النظام والقانون.

ويجب بناء المؤسسة العسكرية المستقلة بما يحقق قوة ردع؛ ضماناً لحماية البلاد والإنسان والثروات، وبما يوفر الاستقلال السياسي، والسيادي، ويحمي الدستور والقانون والنظام والأمن والاستقرار.

ويشرع وجوبا بناء نهضة متكاملة صناعية، وتعليمية، واقتصادية، ومجتمعية؛ لأن هذا من أكبر المصالح العامة، وما عظم من المصالح عظم طلبه شرعا.

= يقول: فعليهم أن يعينوه، إن كان أسيرا فك من إساره، وإن كان جنى جناية خطأ عقلوا عنه، وقوله: ولا يجير مشرك مالا لقريش يعني اليهود الذين كان وادعهم. يقول: فليس من موادعتهم أن يجيروا أموال أعدائه، ولا يعينوهم عليه، وقوله: ومن اعتبط مؤمنا قتلا فهو قود الاعتباط: أن يقتله بريا محرم الدم، وأصل الاعتباط في الإبل: أن تنحر بلا داء يكون بها، وقوله: إلا أن يرضى أولياء المقتول بالعقل، فقد جعل صلى الله عليه وسلم الخيار في القود أو الدية أو أولياء القتيل وهذا مثل حديثه الآخر: ومن قتل له قتيل فهو بأحد النظرين إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وهذا يرد قول من يقول: ليس للولي في العمد أن يأخذ الدية إلا بطيب نفس من القاتل ومصالحة منه له عليها وقوله: ولا يحل لمؤمن أن ينصر محدثا أو يؤويه المحدث: كل من أتى حدا من حدود الله عزوجل، فليس لأحد منعه من إقامة الحد عليه، وهذا شبيه بقوله الآخر: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره وقوله: لا يقبل منه صرف ولا عدل، حدثنا هشيم، عن رجل قد سماه عن مكحول، قال: الصرف التوبة، والعدل: الفدية.

قال أبو عبيد: وهذا أحب إلي من قول من يقول: الفريضة والتطوع، لقول الله تبارك وتعالى:(وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ) فكل شيء فدي به شيء فهو عدله. وقوله: وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، فهذه النفقة في الحرب خاصة، شرط عليهم المعاونة له على عدوه ونرى أنه إنما كان يسهم لليهود إذا غزوا مع المسلمين بهذا الشرط الذي شرطه عليهم من النفقة، ولولا هذا لم يكن لهم في غنائم المسلمين سهم.

ص: 170