الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما التلفزة والبث المباشر إلا أشبهُ لهذا وأحدثُ وأدقَّ، والحاصل أن العلة التي لأجلها ورد النهي في النصوص غير موجودة في التلفزة، والشرط للقياس مساواة الفرع للأصل، لا مجرد الاسم وإلا لحرمت المرآة؛ لأنها صورة؛ لكنها جازت للفارق وانتفاء العلة كانتفائها في لعب الأطفال وما يقاس عليها.
فلما انتفت العلة في لُعب الأطفال والصور غير المرفوعة كالتي على الوسائد والفرش؛ أجازها الشرع بالإقرار وعدم النهي في زمن التشريع على مرأى ومسمع من رسول الله وبأمره، وهذا تشريع بالقول والفعل والتقرير وهو أقوى أنواع التشريع.
فدل على ما أكدناه من أن: التحريم مرتبط بالعبادة والتعظيم لا غير، ومرتبط بوجود بيئة يمكن غالبا أن تصنع ذلك لذلك.
والإعلام اليوم غير هذا كله.
لهذا أفتى كبار فقهاء العصر والمجامع الفقهية بجوازه، نقلا وتوثيقا للخبر والعلم الشرعي والمشروع وكل ما ينفع، ويجب إن خدم الواجبات كبلاغ الدعوة، ورفع الظلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
التخصص الإعلامي:
وعلى الإعلام التخصص في كل مجالات الحياة بإيجاد قنوات تخدم السياسة والاقتصاد والقضايا الكبرى، وأخرى بالخبر والتوثيق، وأخرى بتعليم الأسرة والمجتمع، وقنوات إعلامية للرد والمناظرات وتحرير الفكر، وأخرى للترفيه غير الماجن ولا الفاسد.
وكل ما ينفع ويخدم، فهو مشروع ومطلوب.
وكل ما يضر ويهدم فهو مدفوع شرعا.
الإعلام ودوره في الإصلاح:
والإعلام له دور أساسي في إصلاح الأوضاع واستتبابها، وإشاعة الفضيلة، وطاعة الله ورسوله.
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (الأحزاب: 70 - 71).
فالآية تدل على أن الأقوال السديدة تؤثر في الصلاح العام، والسديدة هي التي تسد باب كل شر، وتُسدِّد كل خير.
فهذا هو القول السديد سواء على المستوى السياسي، أو الاقتصادي، أو الشرعي، أو المجتمعي، أو غيره.
والإعلام إن التزم قاعدة التسديد عمل ما لا يعمله غيره ونتج عنه إصلاح مجتمعي، وسياسي، واقتصادي كثير في الأقوال والأفعال والأفكار والاعتقادات.
والإعلامي والإعلام كله بمختلف وسائله: مرئية ومسموعة ومقروءة وشبكات، وفضائيات، إن خدم قضايا الأمة ودينها، ونصر المظلوم، وحارب الفساد، فهو من أعظم الجهاد في سبيل الله؛ لحديث «جاهدوا في سبيل الله بألسنتكم» (1).
وحديث «أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» (2).
وحديث «ستكون أمور أو فتن، وَقْعُ اللسان فيها أشد من وقع السيف» (3).
(1) - حديث صحيح أخرجه أبو داود برقم 2506 عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» . قلت: ورجاله رجال الشيخين.
(2)
- تقدم تخريجه.
(3)
- قولنا «وحديث ستكون أمور
…
» قلت: الحديث في سنن أبي داود برقم 4267 عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنها ستكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار اللسان فيها أشد من وقع السيف» . قال أبو داود رواه الثوري عن ليث عن طاوس عن الأعجم. قلت: والحديث فيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه، وفيه جهالة الراوي عبدالله بن عمرو، قال في التقريب مقبول. قلت: وله شاهد عند أبي داود كذلك من حديث ابن عمر وفيه عبدالرحمن البيلماني ضعيف الحديث. ويمكن أن يصلح في الشواهد. قلت: وجدت له شاهدا حسنا وهو مرسل في السنن الواردة في الفتن للداني 444 (2/ 443) 168 - حَدَّثَنا عبدالرحمن بن عثمان قال حدثنا أحمد بن ثابت قال حدثنا نصر بن مرزوق قال حدثنا علي بن معبد قال حدثنا بقية بن الوليد عن محمد بن الوليد القرشي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام في الفتنة دم يقطر. قلت: هذا إسناد حسن في الشواهد، ومحمد بن الوليد هو الزبيدي مجمع على إمامته وكونه حافظا ثقة. قلت: ويزاد عليه قول أحمد فيه «لا يأخذ إلا عن ثقة» . قلت: فعلى هذا من فوقه ثقة فيكون الحديث شاهدا حسنا. وعليه فالحديث حسن لغيره. ولم يطلع الألباني على هذا الشاهد فذكر الحديث في الضعيفة.
وللإعلامي المرابط على ذلك أعظم الأجور عند ربه؛ لأن قوله وفعله وجهده يبلغ ما لا يبلغه فردٌ أمَرَ أو نَهَى بمحدوديةِ مكان أو زمان.
فالإعلام تجاوز أثره الزمان، والمكان حاضرا، ومستقبلا، لسائر الشرائح والأجيال.
وهو من العمل الصالح الذي يجري على صاحبه بعد الموت، إن كان معلما للإصلاح والخيرات.
ولسان الإعلام: يخاطب الرجل، والمرأة، والصغير، والكبير، والحاكم، والمحكوم، والصالح، والطالح، والواحد، والمجتمع، والفقير، والغني، ويؤثر ويوجه.
فالعمل فيه بما يحقق مقاصد الشريعة الكبرى من أعظم الجهاد في سبيل الله وأعظم الأعمال الصالحة؛ لأن عظم أجر العمل بما يحققه ذلك العمل.
فإن حقق خدمة مقاصد الدين الكبرى وهي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، والجماعة .. فهذا كله من أعظم الأجور؛ لأن ما خدم حفظ المقاصد من الوسائل فهو من عظيم العمل الصالح المطلوب شرعا.