الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإبلاغه مأمنه هو توفير الأمان له، إما داخل الدولة، أو إلى محل يطلب من الدولة أن يذهب إليه، لعموم اللفظ.
منع استهداف السفارات والشركات الأجنبية في بلاد المسلمين:
ويحرم استهداف الشركات الأجنبية والسفارات وغيرها؛ لأنها موجودة بإذن وأمان، فلا يجوز إخفار ذلك، ولا نقضه.
ومن فعل ذلك فإنه معتد وغادر، ولو كانوا أهل حرب؛ لأنهم كالرسل بين الدول، وكل رسول داخل بأمان لا يقتل عرفا ولا شرعا ولا قانونا إسلاميا ولا دوليا.
فإن أرادت الدولة المسلمة في حالة الحرب طرد السفراء والدبلوماسيين من البلاد جاز لها ذلك.
ويرحلون بطرق آمنة حتى يبلغوا مأمنهم (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)؛ لأنهم أهل أمان.
العلاقة الدينية:
وإن وجدت أقلية كتابية من أهل الذمة داخل الدولة المسلمة من المواطنين لا من المستوطنين فليس لهم بناء كنيسة ومحل عبادة في جزيرة العرب؛ لورود «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» (1)، وهو محمول على التواجد العسكري المسلح الذي يمثل دولة داخل الدولة، ومحمول على دين ظاهر مع دين الإسلام، وعليه فلا تبنى كنيسة في الجزيرة؛ لأنها أكبر ظهور لدين مع دين الإسلام؛ لأن الحديث عام يدخل فيه كل مظاهر الدين الكبرى ومنها الكنائس؛ ولأنه لا معنى للدين إلا هذا، أو دولة مسلحة.
وثَم قول صححه جماعة من العلماء في غير جزيرة العرب، وهو إبقاء ما وجد من كنيسة ومنع بناء آخر.
وإنما أخرجنا الأقليات الفردية المدنية السلمية من عموم النهي في حديث «لا يجتمع دينان» ؛ للإقرار في دخول العمال، والأجراء، والخدم.
وتزوج بعض الصحابة من كتابيات وأدخلوهن جزيرة العرب، وهؤلاء اليوم يمثلون جاليات
(1) - أخرجه البخاري برقم 3053 ومسلم برقم 4319 من حديث ابن عباس، وفيه عن النبي صلى الله عليه وسلم «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» . وهو شاهد صحيح لحديث «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» .
كثيرة من الحرفيين والأجراء في دول الخليج في الجزيرة اليوم، ومن العلماء من أنكر عملا بالعموم، وأكثرهم سكت لعموم البلوى.
ولا يجوز إكراه أحدٍ على الدخول في الإسلام بعد البيان لقوله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)(البقرة: 256).
ولا يجوز داخل الدولة المسلمة السماح لأتباع أهل دين غير الإسلام بالدعوة إلى دينهم كالمبشرين النصارى؛ لأنه بالنص لا يجوز في بلاد الإسلام أن يكون الدين المقبول رسميا إلا الإسلام (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ)(آل عمران: 85)، وهذا عام، وقوله تعالى (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85) يدل على أن عدم القبول هو في الدنيا (1).
وعلة أخرى بعد دلالة النصوص أن دينهم محلي أسري لبعث موسى وعيسى إلى قومهم لا إلى العالمين.
ولذلك لم يثبت نشاط تبشيري عبر القرون المتطاولة حتى بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم.
ولم يدع النصارى واليهود مشركي العرب للدخول في دينهم؛ لعدم تكليفهم بذلك، ومن فعل ذلك كان متطوعا لا مكلفا بخلاف ديننا، فهو عالمي بالتكليف.
فلما جاء العصر الحديث في القرن العشرين بدأت حملات التبشير كمجابهة وعناد لأهل الإسلام؛ لذلك فهم على خطأ في حكم دينهم وحكم ديننا، فمنعوا من ذلك بخلاف بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فهي عالمية بنص قانون الشرع في القرآن والسنة وبنصوص الكتب قبله.
وهذا من الظهور على الدين كله، وغيره محدود بقانون شريعتهم وشريعتنا، وهو قانون سيادي للدولة المسلمة.
(1) - فمن دعى المسلمين أو حتى الوثنيين من العمال داخل دولة الإسلام إلى دين غير دين الإسلام فقد دعا إلى فتنة وعمل غير مقبول شرعا، فيمنع الانتقال إلا إلى دين الإسلام من أي دين؛ ولأن الله يقول (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ) (البقرة: 193)، فمن دعا إلى غير الإسلام فقد أراد ألا يكون الدين كله لله، وإنما يسمح البقاء على الأديان بعد قيام الحجج؛ للنص (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة: 256)، ولكن لا يسمح قانونا بالانتقال داخل دولة الإسلام إلا إلى الدين المقبول وهو الإسلام، ويمنع ولو بقتال رسمي التبشير داخل الدولة أو فتنة اتباعه خارجها (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) (الأنفال: 39)، فمن ارتد يستتاب فإن لم يرجع قوتل؛ لأنه على فتنة.