الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دلالة الحديث، وعدم قصره على ولدها فقط، ويؤيده رواية مسلم المتقدمة، ففيها التصريح بأنها راعية على ولد زوجها.
ويدل باللازم على بقائها في البيت للقيام بهذه المسئولية، وتخرج ما لم يكن الخروج تضييعا لهذه الأمانة.
وعليها إرضاع بشرطه الشرعي وهو كونها والدة أو مرضعة بِعِوَض لنصوص الآيات في ذلك، وعليها حضانة ورعاية صحية ومعنوية، وتمريض في المنزل، وتعليم دين وخلق ومتابعة لذلك، ولدراسته ومذاكراته وواجباته، وخصوصياته كمعرفة من يصاحب كصديق في لعب وتعلم. كل هذا ونحوه من مسئوليات الأم والزوجة عمن تحت يدها في البيت من الأطفال لزوجها أو لهما داخل في عموم النص على المسئولية في الحديث، ولأن هذه الأمور من خصائص البيت عادة وغالبا، والعادة مُحَكَّمة وللنص (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: 6)، وليس من المعروف تركها ولد زوجها ونحوه عرضة للأضرار المترتبة على عدم قيامها عليه بما يصلحه دينا ودنيا (1).
-
الوالد وواجبه تربويا:
وأما واجبات الوالد في التربية ففرض عليه ما في الحديث «الرجل راع وهو مسئول عن رعيته» من التربية لولده ويتيم يكفله، وولد زوجته إن كان عنده كافلا له وهو كاليتيم، وولد ولده إن كانوا في بيته، أو مع أبيهم في مسكن آخر يمكن متابعتهم مع تقصير أبيهم، أو سفره، أو مرضه، أو موته واستطاعة جدهم ذلك.
وكذا واجب على الرجل تربية إخوته الصغار إن كانوا معه في بيته لعموم «والرجل راع وهو مسئول عن رعيته» سواء كانوا أيتاما، أو لمرض وعجز والدهم، أو سفره ولا قائم عليهم غيره مما لا يقوم به إلا الرجال، أو كان والدهم حيا صحيحا، ولكنه وضعهم عند أخيهم؛ لعلةِ مترتبة على سكنٍ في ريف أو مدينة، أو لغير علة، وهذا في الأصل الجملي ومبني على الاستطاعة.
(1) - فصلنا هذا في فقه الطفل والولد وفقه المرأة من كتابنا هذا.
وكذلك أجنبي لو وضع ولده في منزل صديقه لعلة كدراسة، أو أمان، أو سفر ونحو ذلك لزم على الصديق وزوجته العناية بهم تربويا عند الاستطاعة؛ لأنهم قبلوا تحمل الأمانة، فإن لم تقبل الزوجة في هذه الصورة فلا يلزمها، لأنه تكليف لها بما لم يكلفها به الشرع، وعلى الزوج -حينئذ- القيام على شؤونهم بنحو استئجار حاضنة لهم، فإن لم يستطع لزمه عدم القبول دفعا لتحمل الأمانة.
وأما النفقات فعلى والدهم، أو من تلزمه شرعا في هذه المسألة وما قبلها من المسائل المشابهة.
ويجب على المرأة من المسئولية وكذا على الرجل ما كان جاريا على العرف العادل (1)(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(النساء: 19).
وكل ما يتعذر، أو يشق على المرأة أو الرجل مشقة ظاهرة خارجة عن المعتاد سقط عنه التكليف به (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا) (البقرة: 286)، فلا تكليف عليهما في تلك المشقة، إلا بوالدين وولد وزوج، وزوجة، وكذا كل ما هو مختص بالآخر عرفا لزمه للأمر بالعشرة بالمعروف.
وقولنا «مختص بالآخر» أي بأحد الزوجين من أبيه وأمه وولده من غيرها، فإن واجب القيام عليهم مفروض على الزوج وإلا لأدى إلى مفاسد العقوق والتلف، ولما كان رعاية الرجل لهؤلاء متعذرة في الغالب لانشغاله بأمور العمل وطلب الرزق خارج البيت فعلى المرأة القيام بذلك لأنه من العشرة بالمعروف المأمور بها في النص (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: 6)، وليس من المعروف ترك الزوجة هؤلاء بلا رعاية حسنة لما فيه من الإضرار بهم وبزوجها، فإن رفضت الزوجة رعاية والدي زوجها الضعيفين المقيمين معه في بيته تحت نفقته أو رفضت رعاية ولد زوجها القاصر المقيم مع أبيه في نفس البيت فلا بد -حينئذ- من تضررهم وتضرر الزوج للحوق الأذى بأخص أهله في عمود النسب والدا وولدا، وعليه -حينئذ- وعظها والمحاولة معها، فإن أبت إلا تركهم بلا رعاية وترتب على ذلك الضرر فيحرم عليه
(1) - قلنا «العادل» : احترازا عن العرف إذا كان جائرا على أحدهما جورا ظاهرا مخالفا للشرع.