الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأصل الشرعي أن لا يستدل بنصوصه إلا لله وما يرضيه، لا تعصبا وتحزبا لمذهب، أو فرقة، أو طائفة، فهذا منهي عنه بعموم (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (الشورى: 13)، أي أقيموه لله ولا تحرفوه لجهة، رغبة أو رهبة أو عصبة.
وقال سبحانه وتعالى (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ)(آل عمران: 105).
فيحرم قطعيا إذكاء الصراع الديني بين الطوائف والمذاهب وإشعال الفتن بتشجيعٍ أو إمدادٍ أو معاونةٍ؛ ولأنه بغي وعدوان وفتنة، فحرم (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2).
وفِعلُ السلطة ذلك أو الحاكم أو معاونيه يوجب على الشعب ردعهم ونهيهم ومحاسبتهم على ذلك.
فإن لم يحصل الردع إلا بالمقاضاة وجب ذلك، وإن لم فكل وسيلة لإزالة ومنع هذا المنكر والفساد والبغي من الوسائل السلمية (1).
وآخر ذلك لزوم عزله بشروطه المعتبرة؛ لنقضه قانون الولاية؛ ولأنه وسيلة للفساد وإزالة الفساد ووسائله واجبة.
وولايته في الأصل باطلة؛ لمخالفته مقصود الشرع والعقد وشرط الولاية، وهو جمع الكلمة وتوحيد الناس وإقامة ما يصلح ودرء الفتن؛ فإذا كان هو من يفعل ذلك فولايته وتصرفاته باطلة، وبقاؤه غير مشروع.
وواجبٌ منعه وردعه بوسائل تحقق ذلك: قانونية أو رسمية أو قضائية أو شعبية، وآخرها قيام الشعب بعزله بما لديه من الوسائل القضائية والسلمية.
وهذه مسألة أخرى خاضعة لشروط غير مسألة بطلان ولاية ذلك الوالي حتى لا يخلط بينهما.
15 - خصخصة المؤسسة الأمنية والعسكرية لحماية الحاكم لا الشعب:
والمؤسسة العسكرية والأمنية إنما وجدت لحماية أمن الشعب والدفاع عنه وحفظ الوطن من أي اعتداء.
(1) - بسطنا القول في كتابنا هذا في آليات التغيير السلمي.
وإيجاد وإعداد المؤسسة الأمنية والعسكرية فرض عين على الدولة (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)(الأنفال: 60).
ويجب على الولاة عموما وعلى رأس الدولة خصوصا تسخير عمل المؤسسة العسكرية والأمنية لما وضع له من حماية الشعب والوطن؛ لأن الوظيفة في هذه المؤسسة هي إجارة من مال الشعب لعمل معين هو حماية الشعب والوطن بأجرة معينة منصوص عليها وعلى نوع العمل العسكري والأمني ومهماته.
وفي حال انحراف النظام وولاته -خاصة رئيس الدولة- عن واجباتهم في خدمة مصالح الشعب؛ تكون محاولة السيطرة على المؤسسة الأمنية والعسكرية في رأس أهداف الحاكم المستبد، بدءاً بإجراءات تدريجية لتعيين خاصته ممن يرضى، فتنحرف مهمة الجيش والأمن إلى: خدمة أمن الفرد الحاكم وأعوانه، واستعماله في قمع الشعب وثوراته لاستعادة مؤسساته إلى وضعها المتعاقد عليه دستوريا وقانونيا.
وقد يشكل الحاكم ولا بد إن استطاع قوات خاصة به تضاهي القوات المسلحة، وتفوقها مآلا في قدراتها وإمكاناتها، ويديرها مباشرة، ويضعف -حينئذ- القوات العسكرية العامة الوطنية.
وقد يدخلها في تصفية صراعات داخلية، وحروب تقضي على قدراتها وقواتها وقاداتها الأكفاء والوطنيين من الذين يمكن أن يكونوا حائلا دون شهواته ونزواته وتصرفاته المستبدة في خصخصة المؤسسة العسكرية.
وتظهر جراء ذلك مفاسد ومظالم في القوات المسلحة والأمن، وتحتكر الكليات العسكرية والترقيات والأعمال والمناصب الهامة لطائفة أو مناطق موالية للنظام.
وقد يعين في تلك الدوائر أشخاصا يتحكمون في هذه الأمور ويعيثون في الأرض فسادا، ويحمون الموالين لهم من المفسدين في ظلمهم ونهبهم للمال العام، أو اعتدائهم على أموال وأعراض ودماء الناس، فيحرمون كل معارض أو مخالف من الشعب للنظام الفاسد من حقه في الوظيفة أو الترقية أو المنح، وكم يعتدى على أراضٍ وعقارات وتجارات وأشخاص