الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام بالنص (1).
ومن العادات السيئة البقاء أياما عند العروس ضيافة، وأكثر الناس ليسوا من المقتدرين على ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم «ولا يقعد عنده حتى يحرجه» (2)، وهذا إحراج فدخل في النهي.
فإن كان مستطيعا جاز ثلاثة أيام ضيافة، وفوق الثلاثة أيام منهي عنه ومذموم شرعا وخلقا وعادة؛ لأنه حرج ومشقة على الخلق، لجريان العادات على أن الأكثر في العرس ثلاث، والغالب يوم وليلة.
حكم الهجر:
والهَجَرُ والعقر هو: الحكم على شخص في قضية بإرضاء خصمه برأس أو أكثر من الغنم أو البقر أو الجمال.
وحكم الهَجَرِ في الشريعة أنه محرم؛ لأنه لا يذبح إرضاء له ودفعا لغضبه إلا الله، ويمكن أن نعرف الهجر بأنه ذبح لمخلوق لا يرضى إلا به.
وما كان كذلك فلا يكون إلا لله، ولذلك خص سبحانه نفسه بها فقال (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لَا شَرِيكَ لَهُ) (الأنعام: 162 - 163). وقال (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)(الكوثر: 2). أي لا لغيره.
ولا تساق الأنعام إرضاء لأحد إلا لله كسوقها له في الهدي البالغ الكعبة.
فإن اضطر الناس في الحالات الشديدة لإطفاء فتنة القتل ونحوه، فقد أفتى جماعة من علماء اليمن بأنه يُسلَّم الهَجَر حيا إلى من أرادوه له، وهو يتصرف فيه إن شاء بالذبح أو غيره.
(1) - قولنا «ومن وقع في الشبهات .. » دليله في صحيح البخاري برقم 52، ومسلم برقم 4178، واللفظ للبخاري، عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا إن حمى الله في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» . وقد بسطنا حكم الغناء والموسيقى فيما سبق.
(2)
- قولنا «ومن العادات السيئة .. » ورد النهي عنه في صحيح البخاري برقم 6135 عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه» .
أما أن يذبحوه هم على باب بيته، أو في أي مكان يأمر به أو جرت العادة، فهذا لا يجوز، ولحمه رجس يحرم أكله؛ لأنه ذبح إرضاء لمخلوق لا يرضى إلا به، فهو كالذبح للجن، ولو ذكر عليه اسم الله، ويحرم أكله كحرمة ما ذبح للشياطين والجن.
وهو ليس كالذبح لإكرام الضيف؛ لاكتفاء الضيف بما تيسر، بخلاف الهجر فلا يرضى إلا بذبح رأس من الأنعام بصفة معينة لإطفاء غضبه وجلب رضاه، فهو ذبح لمخلوق لا يرضى إلا به (1).
وعندي -بعد هذا كله- أن الهجر من المشتبهات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام.
(1) - وقد قال البعض هانحن نذبح إرضاء للضيف وهو مشروع، فكيف يحرم هذا؟
فالجواب: أن الضيف يمكن أن تكرمه ولو بشراء شيء من لحم، ولا يشترط عليك ولا يحكم بأي شيء، فالذبح للضيف ليس بالإجبار وليس لدفع غضبه. بل بالتطوع والإكرام بخلاف الهجر فلا يمكن أن يشتري له لحما، ولو فعل لعظمت المصيبة؛ لأنه يعده استهزاء به.
وليس للإكرام بل للإرغام، فالضيف يرضى بأي شيء، وهذا لا يرضى إلا بالذبح المشروط، فتبين أنه من حكم الطاغوت ومشاركة الله فيما اختص به لنفسه من الذبح إرضاء له في الهدي والنذور والكفارات.