الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفرض على الدولة رعاية اليتامى والأرامل والمساكين والفقراء وذوي الحاجات والاحتياجات، وتقديمهم على ذوي الغنى، ونصرة المظلوم وتمكين الضعيف من أخذ حقه، ورعاية أسر الشهداء، وإيتاء الحقوق لأهلها.
ويجب رعاية علوم الشريعة من قرآن وفقه وسائر ما يتعلق بها وعلمائها وطلبتها، وإقامة جامعاته ومناهجه ومدارسه، وتوفير درجات توظيفية لهم وإقامة المساجد، وكل ما يعمرها ويقيمها، وحلقات تحفيظ القرآن وعلومه والحديث وأحكامه بما يحقق مقصد الشريعة الأول وهو حفظ الدين، ويضمن حماية الأجيال من كل فكر متطرف، وغلو أو تميع وانحلال وتبعية فكرية للآخر.
والثروات الاستراتيجية من نفط وغاز وذهب، وكذا كل الثروات الباطنة بحرية، أو برية، أو جوية، هي ملك للأمة ككل.
من أصول الحكم وسياساته الكبرى
ونظام الحكم وسياساته في الإسلام قائم على أصول كبرى استنبطتها بالتتبع وهي:
1) الخطاب التكليفي لإقامة المنهج والشريعة والدولة تكليف عام إلى الجماعة ككل، فيدل أن الدولة حق للجماعة ككل؛ لأنها الآلية التي يجب أن تتخذ لإقامة التكليف العام.
2) توريث السلطة أو تبادلها مباح مصلحي وسيلي يكون بالرضى من الأمة؛ لأنه حق للأمة تعطيه من تشاء ممن يصلح لهذا الأمر.
3) الاستخلاف والتمكين مقصد ووعد إلهي للذين آمنوا وعملوا الصالحات، والدولة رأس الاستخلاف والتمكين، والعمل لهذا المقصود الشرعي والوعد الرباني فرض كلي (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 55).
4) إقامة الدولة الراشدة العادلة والتمكين لها وحفظها مقصود شرعي أراده الله (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ
وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص: 5 - 6).
فجعل إزالة دولة فرعون الظالمة المفسدة وتبديلها بالأئمة المصلحين في الأرض إرادة إلهية ومنة ربانية.
5) كيفية السلطة وإدارتها بدءا من اختيار النائب الحاكم عنهم، وانتهاء بتشكيل الهياكل المديرة المؤسسية في الدولة، وتحديد، وتمديد، أو تأبيد، أو تجميد مدة الولاية كل هذا متروك للأمة والشعب بالمباشرة أو النيابة الحقيقين، لأنها وسائل فهي مشروعة ما خدمت المصلحة العامة المعتبرة، والشورى فرض شرعي في مثل ذلك (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء: 83)، (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) (آل عمران: 159).
6) إلزام القيادة بمشاورة الأمة (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)، وهذا إيجاب (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى: 38)، وهذا أصل.
(وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(النساء: 83)، وهذا تحريم لما يبطل الإيجاب وينقض الأصل.
7) تصرفات الولاة مقيدة بالمصلحة الراجحة العامة.
8) السمع والطاعة للولاة مقيدة لا مطلقة، فلا طاعة في معصية الله ورسوله، ولا في خلاف المصلحة العامة.
9) حق المساءلة الخاصة والجمهورية العامة مكفولة.
10) يحق للأمة مقاضاة الحكام وعزلهم بشروطه.
11) منع الخروج المسلح على الحاكم العادل المنبثق عن الجماعة العامة، أو المستتب معه أمر الجماعة؛ لأنه حينئذ خروج عن مصلحة الجماعة ورأيها المؤيد بمعية الله؛ لأن يد الله مع الجماعة.
12) الحاكم وكيل والشعب أصيل، والشعب هو مصدر السلطات ومالك السلطة؛ لأنه لا شرعية للحاكم إلا ببيعة من الشعب، والدولة خادمة للشعب وقائدة له بالتفويض والنيابة.
13) سلطان الحاكم مستمد من سلطان وقوة الأمة، فلا يستعمله إلا لصالح الأمة، أما هو حقيقة فهو فرد كغيره لا سلطان له.
14) الولاية العامة الأصل فيها البيعة العامة.
15) الأصل الشرعي أن الظالم لا ولاية له ابتداء ولا دواما؛ لأنه أبطل المقصد الشرعي من ولايته، وهو دفع الظلم والفساد، وخلعه أو نزعه من الولاية مسألة أخرى خاضعة للشروط والنظر الشرعي، وهو مستحق للخلع بإجماع.
16) الصبر على الحاكم الظالم استثناء وليس أصلا في وضع معين من أجل مصلحة الجماعة لا اعترافا بشرعية الظالم.
17) سياسة إيجاد توازن القوة مع القوى عالميا مفروضة شرعا على الدولة والأمة (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)(الأنفال: 60).
18) سياسة العدوان والبغي مرفوضة تحريماً (وَلَا تَعْتَدُوا)(البقرة: 190)، (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص: 83).
19) رد البغي والعدوان على الدولة والأمة والفرد أمر مشروع وجوباً (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ)(الشورى: 39)، مع وجوب المماثلة في الرد بلا زيادة (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) (الشورى: 40)، وإمكان العفو من قوة لا من وهن (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (الشورى: 40).
20) لا يجوز شرعا وجود طبقية قانونية في إطار الدولة المسلمة «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» (1)، ولا حصانة لأحد في جناية، أو جريمة، أو مخالفة.
21) المقصد الشرعي للولاية دفع الظلم ومظاهر الفساد في الأرض وإقامة المصالح العامة الراجحة الدينية والسياسية والسيادية والاقتصادية والأمنية والعلمية والاجتماعية والإنسانية.
(1) - تقدم تخريجه.
22) الحكم قائم على العدل، والإحسان، وحفظ الحريات العادلة، وحفظ الحقوق، وإعطاء كل ذي حق حقه (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: 90).
23) سياسة دولة الإسلام ترفض شرعا الاستحواذ على المصلحة من الغير بنهب أو هيمنة أو حيلة أو غصب أو ظلم أو غبن فاحش؛ لأنها قائمة على منع البغي والضرر والظلم والعدوان ولو على عدو (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ)(المائدة: 8)، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: 90)، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107)، والرحمة شاملة لكل أنواع المصالح مانعة لكل فساد في الأرض.
24) سياسة العلو والهيمنة مرفوضة تحريما في الشرع وهي مصنفة ضمن الفساد في الأرض وممارسات الاستبداد الآثم المحرم المذموم (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ)(القصص: 4)، (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص: 83).
25) العلاقات الدولية في الأصل تعاونية، تبادلية، مثلية، عادلة، سلمية، والسلم أصل، والحرب استثناء؛ لأن الجهاد فرض مسبب معلل، وكل السياسات لها تقديراتها وأحكامها زمانا ومكانا وأشخاصا وظروفا.
دليل ذلك (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(الحجرات: 13)، وقوله تعالى (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (البقرة: 83)، وقوله تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: 8)، ولقوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (البقرة: 194)، (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (الشورى: 40)، (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ) (المائدة: 8)، (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا) (البقرة: 190).
26) المال العام ملك للشعب تتصرف فيه الدولة في كل مصلحة عامة بالنظر المصلحي الظاهر حفظا وتنمية، وتصريفا، وتداولا، وتوزيعا.
27) رعاية الحقوق فرض على الدولة؛ لأنها من أعلى المصالح الشرعية العامة.
28) يجب على الدولة حفظ المواطن دمه وعرضه وماله، وحمايته، وصيانة كرامته، والدفاع عنه وعن حقوقه في الداخل والخارج، ولا يسلم لدولة أخرى، أو يترك أسيرا، وكل اتفاقية تؤدي إلى اغتياله، أو تجميد أمواله، أو ملاحقته، أو إيذائه وأسرته، أو خلاف شيء مما سبق، فهي باطلة يحاكم من أبرمها؛ لأنها خلاف مقصود الشرع من التمكين للدولة المسلمة وتأمين أفرادها وإزالة الخوف عنهم (وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) (النور: 55)، وخلاف المقصود للدولة المسلمة في دفع المفاسد وجلب المصالح عن أفرادها، وهذه الأمور من أعظم المفاسد.
29) حفظ الوطن وحمايته بكامله جوا وبرا وبحرا وحقوقه وسيادته واستقلاله وثرواته ووحدته من الفروض الشرعية ومن أكبر مهام الدولة.
30) الدولة مسئولة عن حماية الدين وإقامة شعائره وأحكامه وتعليمه ونشره والدعوة إليه ودفع الفتنة والتفرق فيه بين أبناء الشعب، ويجب عليها بناء مؤسسته المرجعية الجامعة على الوسطية والاعتدال بعيدة عن الغلو والتطرف، لتوحيد الفكر العام على الكليات والقواطع من الكتاب والسنة الصحيحة والقيام بالفتاوى الكبرى الواحدة المتعلقة بالمصالح العليا العامة والأمن والاستقرار ووحدة الكلمة والوطن عملا بقوله تعالى (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء: 83).
31) التعليم والأمن والاستقرار والأمن الغذائي والاقتصادي والصحي فرض على الدولة إيجادا وحفظا وإنشاء.
32) حفظ الجماعة شعبا ودولة ومجتمعا وأمة واجب على الدولة، وواجبٌ فيه التعاون الشعبي العام والخاص.
33) يتعاون الشعب مع الدولة في مهمتها وواجباتها (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة: 2).
34) ارتهان الدولة المسلمة لدولة أو قوى من الكافرين أو المشركين محرم قطعا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء)(الممتحنة: 1)، (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة: 51)، والارتهان خاصة السيادي أعظم الولاية لهم، وارتهانها لقوى في الداخل أو الخارج ولو كانت مسلمة، مفاسده عامة عاجلة وآجلة، وما أدى إلى المفاسد حرم.
35) سياسة الدنيا بدين الإسلام أصل من الأصول الكبرى القطعية، ففرض أن تكون شريعة الإسلام هي المصدر الوحيد لكافة الدساتير والتشريعات والأحكام والقوانين في الدولة (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) (المائدة: 49)، فأوجب قطعيا الحكم بما أنزل، وأوجب أن يكون هو المصدر الوحيد المتكامل بلا تبعيض.
36) المواطنون متساوون أمام الدولة في كل ما هو من حقوق المواطنة أو الإنسانية، وفرض عليها حماية دينهم وحرياتهم وحقوقهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم وكل ما تقوم به حياتهم.