الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان ينصب المنبر لإلقاء حسان الشعر (1).
وكان الحبشة يرقصون في المسجد وهو ينظر (2).
وكذا يجوز مداواة مريض في المسجد (3).
-
والغيرة على الأعراض ومحاربة الإشاعة والقيل والقال من الواجبات:
وذلك أن حفظ العرض من مقاصد الشريعة الستة الكبرى: حفظ العقل، والنفس، والعرض، والمال، والعقل، وحفظ الجماعة العامة.
والغيرة على الأعراض أمر يحبه الله، ففي النص «أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغْيَرُ منه والله أغْيَر مني» (4).
والديوث ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحرمة عليه الجنة بالنص «لا يدخل الجنة ديوث» (5)، والديوث كل من لا يغار على العرض، لا عرضه ولا عرض غيره، ويرضى على أهله بالخبث.
(1) - أخرجه أبو داود برقم 5017 من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبرا في المسجد فيقوم عليه يهجو من قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن روح القدس مع حسان ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» . قلت: سند أبي داود حسن.
(2)
- الخبر في ذلك مخرج في صحيح البخاري برقم 988 قالت عائشة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد فزجرهم عمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهم أمنا بني أرفدة يعني من الأمن.
(3)
- قولنا «وكذا يجوز مداواة مريض .. » أي في المسجد لما ثبت في صحيح البخاري برقم 463 من حديث عائشة، قالت: أصيب سعد يوم الخندق في الأكحل فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب فلم يرعهم -وفي المسجد خيمة من بني غفار- إلا الدم يسيل إليهم فقالوا يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم فإذا سعد يغذو جرحه دما فمات فيها.
(4)
- حديث «أتعجبون من غيرة سعد .. » أخرجه البخاري برقم 6846 من حديث سعد بن عبادة قال: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال «أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني» .
(5)
- حديث «لا يدخل الجنة ديوث» أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (2/ 33) برقم 677، عن عمار، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة ديوث» . قلت: سنده فيه مبهم، ولكنه من رواية شعبة عنه، وشعبة لا يروي إلا عن ثقة كما هو معلوم، فالحديث حسن.
ومن لا يغضب على عرضه في سمعة، أو طعن، أو قذف، ولا بمجالسة أهل الفواحش الأخلاقية، أو عدم مبالاة بداخل وخارج على عرضه، فهذا ديوث ملعون فاسق محرمة عليه الجنة.
فيجب على المجتمع عموما، وعلى كل فرد فيه: حفظ الأعراض، ومنع كل ما يطعن فيها، ومحاربة الإشاعة على الأعراض؛ لأنها من أكبر الكبائر، ولذا حرمها الله وحرم الكلام فيها في المجالس العامة والخاصة، وجعل من ينشر ذلك من أهل النار والعذاب في الدنيا والآخرة (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النور: 19).
وعذابه في الدنيا سماوي أو قضائي، فالأول كتسليط الله العذاب عليه في بدنه، ونفسه، وماله، وأعماله.
والثاني تعزيره قضاء بما يردعه عن الإشاعة وبما يؤدي إلى منعها، ومواجهتها، ومنع نشرها.
ويجب إحسان الظن بالمؤمنين لعموم (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)(النور: 12).
والتكافل المجتمعي والإعانة بالقرض والعارية وإغاثة الملهوف مشروعة: وهذه الأخلاق من مهمات مما حث عليه الإسلام، فشرع القرض وأحكامه في أطول آية في القرآن، وأمر بإنظار المعسر (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) (البقرة: 280).
ومن أقرض شخصا فله أجر المتصدق بالنص (1).
(1) - قولنا: «فله أجر المتصدق .. » الدليل عليه عام وخاص، أما العام فهو ما أخرجه البخاري برقم (6021) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «كل معروف صدقة» . وهو عن حذيفة في صحيح مسلم برقم 2375.
وأما الخاص فمنه حديث بريدة بسند صحيح على شرط مسلم عند أحمد برقم (23096) ولفظه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة» . قال: ثم سمعته يقول «من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة» . قلت: سمعتك يا رسول الله تقول من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة، ثم سمعتك تقول من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة. قال «له بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة» . =
ويجب رد القرض، ومن نوى عدم الرد فقد ارتكب خصلة من الكبائر والآثام، ويتولى الله إتلافه؛ للنص «من أخذ أموال الناس ليردها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله» (1).
ولا يجوز في القرض اشتراط مبلغ زائد عند القضاء؛ فهذا من الربا المحرم، وهو المقصود قطعا بالنص (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) (البقرة: 275).
والعارية مشروعة، وما كان من الأشياء التي يعتاد الناس استعارتها بلا ضرر مع الحاجة
= وقال الحاكم برقم (2225) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: وأما حديث «كل قرض صدقة» فهو عند الطبراني في المعجم الأوسط (4/ 17) برقم 3498 عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل قرض صدقة ثم قال بعد تخريجه لم يرو هذا الحديث عن الربيع إلا هلال أبو ضياء ولا عن هلال إلا جعفر بن ميسرة تفرد به غسان بن الربيع.
قلت: وحسن إسناده المنذري قائلا في الترغيب برقم (1331) وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «كل قرض صدقة» رواه الطبراني بإسناد حسن والبيهقي. قلت: وتبعه الألباني، وأنى لهذا الإسناد الحُسْن. وفيه جعفر بن ميسرة قال ابن طاهر منكر الحديث. ومرة روى المناكير لا شيء في الحديث.
انظر معرفة التذكرة لابن طاهر المقدسي - (1/ 186)(1/ 253)
وقال البخاري والعقيلي وابن عدي: ضعيف الحديث منكر الحديث كما في الضعفاء للعقيلي (1/ 187)، (2/ 144).
وقال بن حبان في المجروحين (1/ 213): عنده مناكير كثيرة لا تشبه حديث الثقات
…
لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل التعجب.
وقال الذهبي في المقتنى في سرد الكنى (1/ 324): أبو ضياء هلال عنه جعفر بن ميسرة لم يصح.
وفي لسان الميزان لابن حجر (تحقيق أبو غدة)(2/ 476): قال أبو حاتم منكر الحديث جدا.
وفي الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (5/ 202): أبو ضياء هلال عن أبي يزيد الربيع بن خثيم الثوري روى عنه جعفر بن ميسرة الأشجعي، لا يتابع في حديثه.
قلت: وقد فتشت كثيرا في مظان ترجمته فلم أجد إلا التوافق من أهل الفن على إسقاطه فكيف يكون الإسناد حسنا وقد بحثت كثيرا عن متابع أو شاهد فلم أجد إلا أن معنى الحديث صحيح ويغني عنه ما ذكرناه وفي الصحيحين أن الله تجاوز عن رجل كان يداين الناس.
(1)
- أخرجه البخاري برقم (2387) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله» .