الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المائدة: 2)، ويقول سبحانه (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (الروم: 30).
ولما كانت الشريعة طالبة لتحقيق المصالح الكبرى العامة ودفع المفاسد، فالشراكة الحقيقية الراشدة وسيلة لتحقيق ذلك على وجه الإحسان التام؛ لأن عمل الجماعة أتم وأكمل، ويد الله مع الجماعة.
ولأنها وجه من أوجه الشورى المشروعة (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)(الشورى: 38)، ويغلب على الشورى الحقيقية الوصول بالأمور إلى غاية الإحسان المقصود والمطلوب شرعا (وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195).
والشراكة دافعة لكثير من المفاسد الكبرى؛ لأنها تؤدي إلى التقليل من فرص الفتنة والانشقاقات الداخلية والقلاقل.
وتحبط استثمار العدو للوضع، وتقلل من السمسرة السياسية والنخاسة لبيع مصالح البلاد خدمة لجهة في الداخل والخارج.
وتحقق العدل المتوازن في توزيع الوظيفة العامة، والثروات، والتوازن المتكافئ للفرص بين أبناء الشعب حتى لا تتاح الفرص للبعض وتمنع عن البعض، فيتفرد بالفرص في التعليم والتأهيل وفي الاستثمار والقيادة نافذون يستلمون زمام القيادة والوظيفة والمال والتأهيل، والناس لهم تبع وأتباع.
لذلك كله فلا بد من الشراكة الوطنية العادلة الحقيقية في الحكم: إدارة، وصناعة، وتقويما.
3 - سياسة العدالة الشاملة وتكافؤ الفرص والمساواة العادلة في الحقوق والواجبات، وعدالة الأجور والعدل الوظيفي سياسات واجبة:
لأن العدل قامت عليه السماوات والأرض وأمر به الله رسوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(النحل: 90)، وهذا من العدل.
وقلنا «الشاملة» لعموم التكليف بها أقوالا وأفعالا زمانا ومكانا وأشخاصا.
فالواجب العدل في الخطاب السياسي عموما، وفي التقييم، أو الخصومة، أو الأعمال، والتصرفات، والخدمات، والمقاضاة؛ لقوله تعالى (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) (الأنعام: 152).
ويجب العدل شرعا مع المخالفين والمعارضين السياسيين والخصوم ولو كانوا معاديين (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)(المائدة: 8).
أي: لا يحملكم البغض والخصومة لقوم على ألا تعدلوا معهم.
والعدل لا يختص بحال أو زمن أو مكان، بل هو عام في الأحوال المختلفة: سلما، وحربا، وأمنا، وخوفا.
وعموم المكان يشمل سائر المناطق الجغرافية.
فالعدل المناطقي الانتقائي محرم، وهو أن يخص به منطقة دون غيرها.
فتشملهم دون غيرهم خدمات الدولة من تعليم، وتأهيل، وبنية تحتية كطرق ورعاية صحية وخدمات الكهرباء والهاتف والمياه، والتعيين القيادي العسكري والمدني.
فهذا ونحوه من العدل المناطقي الذي يترتب عليه ظلم عام. وتعامل الدولة مع الشعب على أساس جغرافي مناطقي عمل لا تقره الشريعة؛ لأنه جور وحيف وفيه مفاسد جمة.
ويجب العدل بين الناس أمام القضاء والنظام والقانون، فإنما هلكت الأمم لإقامة الحق على أناس وترك آخرين «إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه» (1).
والعدالة في الدرجات الوظيفية، والخدمات، والحماية، وتكافؤ الفرص.
ويعطى كل ذي حق حقه، ويتعامل مع كل من خالف في الدين من الكفار أهل الكتاب والمشركين بالعدل (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: 8).
وبالمثل إن اعتدى (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)(الشورى: 40)، (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا
(1) - تقدم تخريجه.