الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن لم يستطع استعف حتى يعفه الله؛ لقوله تعالى (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)(النور: 33).
والمجتمع مخاطب بتيسير الزواج، فلا يعسر بغلاء المهور والمشاريط الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (النور: 32).
فوجه الأمر إلى عموم المجتمع وألغى التعلل بالفقر؛ لعدم الإنكاح للفقير.
سن الزواج:
وسِنّ النكاح غير محدد في الشرع، بل هو مرتبط بالجبلة البشرية والطبيعية.
والفطرة تأباه قبل البلوغ.
وكل أمر موافق للفطرة فالشريعة تطلبه وتتمه، وما هو مخالف للفطرة منعته في الأصل، قال تعالى (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم: 30)، فسمى الفطرة دينا.
فمن بلغ جاز تزويجه؛ لأنه من دواعي الفطرة الضرورية كالطعام والشراب لكن بحسبه، وخادم أَحَدَ مقاصد الشريعة الكبرى وهو حفظ العرض.
ومن بلغ فليس للإمام منعه كشخص؛ لأنه لا شأن له بهذا كشخص؛ لأنه كغيره من الأشخاص، ولا بقانون عام؛ لأن سن القوانين العامة يجب أن تكون على وفق المصلحة العامة.
ولم يثبت ضرر عام لا مجتمعي، ولا طبي في زواج البالغ أول بلوغه على مر الدهور، وإلا لعمَّ وظهر، ومُنع مجتمعيا وعادة، فضلا عن منعه بقانون؛ ولأنه -أي القانون المانع- يصادم الجبلة والفطرة حينئذ ويمنع ما هو من الضروريات.
ولا يقاس على المباحات كقيادة السيارة، أو الانتخابات.
أما الأول وهو قيادة السيارة:
1 -
فلأنه مباح لا من الضروريات الجبلية كالنكاح.
2 -
كما أنه مباح كلي لا على الكل، فسيتغني الغير بقيادة غيره له بخلاف النكاح.
3 -
ولأنه ثبت ضرره قبل ثماني عشرة سنة؛ لكثرة الحوادث المرورية، لعدم الدواعي له إلا الطيش.
بخلاف النكاح فالداعي له الضرورة والجِبِلَّةُ، ولعدم ثبوت الضرر في الزواج بعد البلوغ قبل الثامنة عشرة بأكثرية عامة تؤدي إلى قانون عام، كالمنع.
وأما الثاني وهو الانتخابات:
1 -
فلأنها على الكفاية لا على العين بخلاف النكاح.
2 -
ولأن الانتخابات يجوز فيها النيابة؛ فتصح من مجموعة عن أخرى (1)، بخلاف النكاح.
3 -
ولأنها مطلب جماعي كلي.
والنكاح مطلب شخصي فردي ضروري بالفطرة.
وعلة أخرى هامة هي:
أن سَنَّ القوانين العامة لتحديد أمر مباح لا يجوز قانونا ولا شرعا إلا إن تعلق بدفع مفاسد عامة غالبة وخدم مصالح غالبة.
وإثبات أن الزواج قبل ثمانية عشر عاما له مفاسد غالبة يحتاج إلى استقراء لعدد حالات الزواج لثلاث فئات (15 - 16 - 17).
فإن فرضنا عدد الشابات اللاتي تزوجن في هذه السن في اليمن مئة ألف شابة، ثم حصل في خلال هذه السنوات الثلاث موت عشرة بالمائة، أي عشرة آلاف من الأمهات اللواتي تزوجن في هذا السن، وتبين أن السبب هو الحمل في هذا السن.
وأما تسعون ألفاً فلم يصبهن شيء؛ فالحكم الشرعي والقانوني في الأصل النظر إلى الأكثرية وهو تسعون ألفا.
ومعالجة المفسدة على النسبة الأقل بإصدار قانون للفحص الطبي قبل الدخول؛ للنظر في عدم ترتب ضرر بالحمل لا منعه؛ لأنه يؤدي إلى الإضرار بأكثر من تسعين بالمئة، ودفع الضرر بالضرر محرم.
(1) - فالذين ينتخبون هم في الحقيقة نيابة عن غيرهم ممن لم ينتخب، لذلك تصح البيعة وتلزم من انتخب ومن لم ينتخب.