الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والواجب على الدولة من خلال هذه المؤسسة اتخاذ كافة الوسائل الموصلة إلى توفير الأمن الغذائي بدرجاته الثلاث.
ومن أكبر الوسائل إقامة نهضة زراعية شاملة تخطيطاً، وإنشاءً، وتنميةً، وحفظاً، ورعايةً، وتخزيناً، وتسويقاً، وصناعة غذائية شاملة من خلال ذلك.
وتنميةً حيوانية للثروة من الأنعام التي هي المصدر للبن ومشتقاته، واللحوم بأنواعها، وكذا الاهتمام بالحياة البحرية الغذائية، والبرية من طير وصيد إنسي ووحشي.
ولا بد من تنميتها والاهتمام بغذائها وصحتها؛ لأنها وسيلة موصلة إلى الأمن الغذائي فلا بد منها، فوجوبها كلي وسيلي.
ويتولى هذه المؤسسة الهامة الأكفاء والأمناء العدول من الوزراء والخبراء والمهندسين والفنيين والإداريين والعاملين.
ويهتم بها تطويرا ودعما ماديا ومعنويا من الدولة؛ لأنها تقوم بأحد أكبر الوسائل التي تخدم المقاصد الكبرى وتحفظ النفس والمجتمع والشعب بأنواع ضرورية وحاجية وتحسينية من الحفظ؛ فوجب على الدولة ذلك؛ لذلك.
المؤسسة الدينية:
وأما المؤسسة الدينية فهي كيان مستقل يخدم المقصد الأول الأكبر، وهو حفظ الدين.
ولا بد من وجودها الآن وجوبا؛ لأنها ستدفع أعظم المفاسد عن العقول والأفكار التي نتج عنها الغلو والتطرف الموصل إلى استباحة دماء أهل الإسلام تحت مسميات وعلل، ونتج عنها الفرقة العقائدية والفكرية، مما سهل لعدوها تفريقها والإيقاع بها، واتخاذ الذرائع لحربها واحتلالها بمسميات عديدة كمحاربة التطرف والإرهاب، ونحو ذلك.
ولأنها وسيلة إلى الهداية الواجبة للناس، وعدمها يؤدي إلى نقيض ذلك من الضلال والانحراف «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء» (1).
(1) - حديث «إن الله لا يقبض العلم
…
» أخرجه البخاري في العلم برقم 100 عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» .
وتقوم على وضع المناهج الشرعية الدراسية المعتدلة من فقه القرآن والسنة بتوسط قُصِدَ شرعا في الأمة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)(البقرة: 143).
وينبني على هذا المصالح الكثيرة والكبرى (1).
(1) - قولنا «المصالح الكثيرة والكبرى» من أهمها بناء الأجيال على الفكر والفهم، والفقه الصحيح للكتاب والسنة، مما يسد ذريعة الانحلال، والتميع الفكري للأمة من جهة، ويحميها من ظهور الغلو والتطرف وعواقبه الوخيمة من فرقة واقتتال وعصبية جاهلية للأشخاص والمذاهب والمدارس والفرق والطوائف من جهة أخرى.
وتقوم هذه المؤسسة بتخريج العلماء العدول، والدعاة، والمرشدين، والخطباء، وتنشئ لذلك المعاهد، والمدارس، والمراكز، والجامعات كوسائل شرعية موصلة لمطلوب شرعي.
وتنشئ المجلس العام للعلماء لمناقشة الأوضاع العامة، والخاصة للخروج بحلول للوقائع من الشريعة المعصومة.
ولا بد من إنشاء لجنة عامة للفتوى من كبار العلماء المؤهلين لذلك؛ لأنها وسيلة إلى معرفة وتعليم الدين وحفظه وتختص بإصدار الفتاوى الكبرى فيما يتعلق بالشأن العام سلما وخوفا، بالاشتراك مع الخبراء من أولي الأمر والقيادات المعنية في ذلك (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَاّ قَلِيلاً) (النساء: 83).
وبالجملة فهذه المؤسسة وجودها مفروض شرعا؛ لأنها وسيلة إلى فرض ومقصد شرعي هو حفظ الدين.
وما ضعفت الأمة وظهر في ولاتها الظلم والاستبداد، وفي فرقها الغلو والتطرف وفيها الفرقة والتنازع إلا بسبب ضعف أو انعدام العلماء الربانيين القائمين على الحق قولا وعملا ومعتقدا، فوجودهم فرضٌ، وقيامهم بالحق وجمع الكلمة ومحاربة الاستبداد والظلم والغلو والتطرف فرضٌ.
وهذه الفروض لا تتم الآن إلا بإقامة مثل هذه المؤسسة الدينية الجامعة.
فوجب ذلك وجوبا أوليا على الدولة وعلى الشعب؛ لأنه من القيام بالدين وحفظه، وهو واجب عليهما.
ويجب على المؤسسة الدينية الدفاع عن الشريعة الإسلامية، ورد الشبهات ونشر العقيدة الصحيحة من الكتاب والسنة، ودعوة الناس إلى الهدى، ومحاورة الأديان؛ لإقامة الحجة البالغة عليهم، ونشر العلوم النافعة عبر الوسائل الإعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة وإلكترونية؛ لأن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد.
ومن واجباتها السعي بالصلح حال الاقتتال والفتنة بين المسلمين أو ظهور ما يؤدي إلى ذلك.
ونصرة قضايا الأمة والمظلومين، والسعي لإزالة المنكرات، ودفع الظلم، وإقامة الحق، ونشر الفضيلة والاعتدال، وجمع الكلمة عموما بين الناس، وخصوصا بين الجماعات الإسلامية المتبعة للكتاب والسنة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترشيد الخطاب الدعوي والفكري والإعلامي، والسعي لمحاربة الفقر والبطالة في المجتمع، ورعاية الشباب والمرأة، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وقول الحق وعدم التعصب لفئة أو حزب أو جماعة في الخطاب والتصريح والفتوى والحكم (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ) (المائدة: 8).