الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليها كالقدور وأشياء من أدوات المطبخ، أو بعض الفرش لمن عنده ضيف، أو مناسبة، أو نحو هذه الأمور فواجب إعارتها؛ لورود تحريم منعها (الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (الماعون: 6 - 7).
ومن استعار شيئا فهو ضامن له، فإن أتلف شيئا منه، فإما أن يأتي بالبدل المماثل، أو القيمة المتوسطة لحديث «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (1).
ومن المكارم إغاثة المحتاج والملهوف، والنجدة والمساعدة للناس، وعون من نزلت به مصيبة بالتعاون والبذل، وكل هذا مما يرضي الله؛ لعموم (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ) (المائدة: 2).
والصدق، والوفاء، وحفظ الأمانات واجبات: ففي الحديث «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان» (2).
وهذا يدل على وجوب الصدق والوفاء وحفظ الأمانة، ومن فعل شيئا خلاف ذلك ولم يتب استحق مقت الله ونبذة الخلق، وفي النص أن هذه المنكرات تهدي إلى النار وأن الصدق يهدي إلى البر والجنة (3).
-
العزاء
والتعزية مشروعة، ويحرم جعلها غرامةً على أهل الميت بالإقامة عندهم وتكليفهم الذبح والطعام والنثريات المختلفة، وهو معدود في النياحة المحرمة عند الصحابة لحديث جرير بن عبدالله البجلي، قال: كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة، وهذا ضرر، وهو مدفوع في الشرع، وهو خلاف السنة، وبدعة من البدع التي ناقضت السنن، ففي
(1) - تقدم تخريجه.
(2)
- تقدم تخريجه.
(3)
- قولنا «وفي النص أن هذه المنكرات .. » قلت: مقصودنا من النص ما في صحيح البخاري برقم 6094 ومسلم برقم 6803، واللفظ للبخاري، عن عبدالله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا» .
الحديث «اصنعوا لآل جعفر طعاما» (1).
والسنة حضور الناس إلى بيت العزاء بلا إطالة، وهذه هي السنة الثابتة (2).
ويشرع أن يقول «لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى» (3)، ولا مانع من كل كلام حسن للمواساة مع عدم اعتقاد التعبد به بلفظه مثل «عظّم الله أجركم ورحم ميتكم» .
والسنة الحضور للصلاة على الميت والدفن لحديث «من مشى مع جنازة حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها انقلب من الأجر بقيراطين أدناهما مثل جبل أُحُد» (4).
ويكبر على الجنائز حال الصلاة عليها أربع تكبيرات: بعد الأولى الفاتحة، وبعد الثانية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد الثالثة الدعاء للميت، وبعد الرابعة السلام، هذا ما ثبت في السنن الصحاح المنقولة، ويسلم إلى جهة أو جهتين، كل ذلك صحيح وارد، ويقف حال الصلاة حيال رأس الرجل، وحيال وسط المرأة؛ لورود النص من السنة الصحيحة في ذلك.
(1) - قولنا «ويحرم جعلها غرامة .. » لأن السنة في التعزية هي أن يُصْنَع الطعام لأهل الميت لحديث أبي داود برقم 3134 عن عبدالله بن جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر شغلهم» .
قلت: سنده حسن، وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد كان بعض أهل العلم يستحب أن يوجه إلى أهل الميت شيء لشغلهم بالمصيبة وهو قول الشافعي.
قال أبو عيسى وجعفر بن خالد هو ابن سارة وهو ثقة روى عنه ابن جريج قلت وأبوه خالد قال الذهبي وثق وذكره بن حبان وقال الحافظ صدوق ولعل هذا هو سبب جمع الترمذي للوصفين الحسن والصحة.
(2)
- قولنا «بلا إطالة .. » لأن الإطالة في التعزية والمكث وصناعة الموائد للمعزيين خلاف السنة بل ورد أنه من النياحة كما في سنن ابن ماجة برقم 1612 عن جرير بن عبدالله البجلي، قال: كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة. قلت سنده صحيح على شرط الشيخين.
(3)
- حديث «لله ما أخذ .. » ورد في صحيح البخاري برقم 1284 عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قبض فائتنا فأرسل يقرئ السلام ويقول إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع -قال حسبته أنه قال- كأنها شن ففاضت عيناه. فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ فقال «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» .
(4)
- قولنا «والسنة الحضور للصلاة على الميت والدفن .. » دليله ما في صحيح البخاري برقم 1325 ومسلم برقم 2232، واللفظ للبخاري، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان قيل وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين» .