الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإهلاك النسل: إتلافه بأي الوسائل، كان نسل إنسان، أو حيوان بري، أو بحري، إلا نسل ضار من أفعى مؤذية (1)، وطفيليات ضارة، أو ميكروبات، أو فيروسات ممرضة حالا؛ فإن قتلها بعلاج ونحوه من دفع الضرر.
ولأن الشرع أمر بالمداواة من المرض، وهو يقتضي دفع مسبباته من أحياء طفيلية أو ميكروبية.
-
الصيد وتنظيمه ومنع صيد الأمهات:
ويجوز الصيد البري والبحري إلا ما كان إفسادا وإتلافا لوجود نوع؛ لأنه في معنى إهلاك النسل؛ لأن المقصود الشرعي حفظ تواجده وتناسله.
فالصيد بتوسط لا بإفراط، ولأن الإسراف محرم على العموم في الشرع (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: 31).
ولا مانع من تقننين صيد الأمهات إن اقتضى الأمر حفاظا على النسل؛ لأن صيدها بإفراط إهلاك للنسل بعموم النص، وهو محرم.
ويجوز بناء محميات طبيعية؛ لأن الأصل الإباحة.
وقد حمى عمر لإبل الصدقة مواقع خاصة من بيت المال العام؛ حفظا للمال العام الإنتاجي من إبل الصدقة.
وحمى لعامة المحتاجين محميةً للرعي كما في البخاري (2).
-
الحيوان وحقوقه، وصحته، والمنع من إيذائه والعبث به:
وإيذاء عموم الخلق، من إنسان أو حيوان أو نبات أمر محرم، ففي النص «دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» (3).
(1) - قولنا «مؤذية» : خرج بها غير السامة، وكذا السامة في غير البنيان كصحراء أو غابة؛ فإنها في موطنها لا تقتل ولا نسلها إلا إن اعتدت بخلاف البنيان؛ فإنها تنذر ثلاثا كما في الحديث ثم يسمى الله وتقتل.
ولأن وجودها في البنيان السكني ضرر؛ لأنه اعتداء على مسكن غير مسكنها والضرر مدفوع.
(2)
- هو حديث هني، وقد تقدم تخريجه.
(3)
- صحيح البخاري برقم 3318 عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض» . وهو في مسلم برقم 6845 عن أبي هريرة.
وواجب إطعام حيوان من الطوافين -كهرة، أو كلب- معرض للتلف عطشا أو جوعا، مع القدرة على إطعامه، وعدم توفر ما يأكل؛ لحديث الهرة.
وإن لم يفرض فهو إحسان مأمور به (وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(البقرة: 195)، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: 90)، ولأن «امرأة سقت كلبا فغفر الله لها» (1).
ولا يقتل شيء من الحيوان عبثا؛ للنهي (2).
ويقتل المؤذي منه بلا تجاوز لأن رجلا أحرق قرية نمل فنهي (3)، لأنه قتل قرية لأجل نملة قرصته، ومفهومه يدل على جواز قتل عين المؤذي لا جنسه ولو لم يؤذِ.
ويحرم دفع حيوانات لقتال بعضها (4).
ووسم حيوان في وجهه محرم «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى حمارا قد وسم في وجهه فلعن من
(1) - هو في صحيح البخاري برقم 3321، وفي مسلم برقم 5997، واللفظ للبخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث قال كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك» .
(2)
- حديث «من قتل عصفورا .. » حديث حسن لغيره أخرجه النسائي برقم 4446 من حديث عمرو بن الشريد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله عزوجل يوم القيامة يقول يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني لمنفعة» . قلت: في سنده صالح بن دينار وثقه ابن حبان. وفي التقريب مقبول. وللحديث شاهد عند النسائي من حديث عبدالله بن عمر وفي سنده صهيب الحذاء الراوي له عن عمر قال في التقريب مقبول، وبقية رجاله ثقات. وهو شاهد حسن لحديث عمر بن الشريد. وخرجه ابن حبان في صحيحه برقم 5894. وقال الحاكم في المستدرك برقم 7574 صحيح الإسناد. وقال الذهبي صحيح. قلت: وحسنه السيوطي وقال الذهبي في المهذب عن صهيب مولى ابن عامر كان حذاءً بمكة فيه جهالة وقد وثق وهذا إسناد جيد. انتهى. فيض القدير (6/ 250).
(3)
- الحديث أصله في الصحيحين (البخاري برقم 3019، ومسلم برقم 5986)، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح.
(4)
- يدل له ما في صحيح مسلم برقم 5171 عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا» . وإنما حرم لما فيه من الأيذاء الشديد للحيوان ومثله مناقرة الديكة أو مصارعة الثيران أو دفع حيوانات لقتال بعضها بعضا لوجود العلة في هذه المسائل. والله أعلم.