الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسم في الوجه» (1)، وفي مأكول اللحم يمنع من الإساءة في ذبحها (2).
-
الطيور وتعهد صحتها وصحة الحيوان:
وعصفور الزينة يجب إطعامه على من حبسه في قفص؛ لحديث الهرة.
ويشرع تعاهد صحة الحيوان مما تحت اليد أو ما أمكن دفع الضرر عنه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل عن عصفور مريض «يا أبا عمير ما فعل النغير» (3).
وقولنا «مما تحت اليد» : دليله هذا الحديث، وحديث الهرة.
وقولنا «ما أمكن دفع الضرر عنه» : دليله حديث سقيا الكلب «وفي كل كبد رطب أجر» .
ونهى عن إيذاء طير بإتلافه أو إفساد عشه أو ترويعه بأخذ صغاره للحديث «من روع هذه بولدها؟ ردوا لها ولدها» (4).
ولأن العدوان محرم، وإتلافه، أو إفساد عشه عدوان لعموم (وَلَا تَعْتَدُوا) (البقرة: 190).
-
دفع ضرر المؤذي:
فإن كان من المؤذية الضارة التي تعتدي على المجتمع، فيجوز دفع ضررها، ولو بقتلها للرخصة في نحو ذلك كالفواسق الخمس لغلبة تعدي مباشرتها الضرر على الناس.
-
الأمراض المعدية والوبائية والحجر الصحي:
والحجْر الصحي واجب شرعا في الأمراض الوبائية للنص «إذا سمعتم بالطاعون في أرض
(1) - تقدم تخريجه.
(2)
- تقدمت أحاديث في ذلك ومما يشهد لذلك ما أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم 3590 عن ابن عباس قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال أفلا قبل هذا تريد أن تميتها موتتين. قلت وسنده صحيح. فإذا كانت تلحظ الشفرة فمن باب أولى ذبح أختها.
(3)
- أخرجه البخاري برقم 6129، ومسلم برقم 5747، واللفظ للبخاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير يا أبا عمير ما فعل النغير.
(4)
- قولنا «ونهى عن إيذاء طير .. » دليله ما أخرجه أبو داود برقم 2677 عن عبدالرحمن بن عبدالله عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال «من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها». ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال «من حرق هذه». قلنا: نحن. قال «إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار» . قلت: وسنده صحيح. وأخرجه الحاكم برقم 7599 وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
فلا تقدموا إليها ولا تخرجوا منها» (1)، «ولا يرد ممرض على مصح» (2).
وممرض بصيغة مُفْعِل تدل على تعديته للمرض إلى الغير بمجرد وروده على الصحيح.
وأما الأمراض المعدية غير الوبائية: فلا يحجر؛ لكثرة الابتلاء بها في المجتمع والأسرة، فيؤدي إن قيل بالحجر إلى حرج ومشقة على الناس، والحرج مدفوع (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة: 185).
ولندرة الإصابة في هذا النوع بمجرد المخالطة نحو مرض الزكام، وبعض أمراض الجهاز التنفسي ونحوه.
وأما النوع الثالث من الأمراض فهي غير المعدية وهي كثيرة.
فهذا النوع والذي قبله هما مقصودان في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة» (3)، أي: لا عدوى تنتقل بمجرد المخالطة إلا في الطاعون.
بل حتى في وباء الطاعون ليست المخالطة هي المعدية؛ ولكن لأن المرض كثرت مسبباته في الهواء والماء في مكان معين، فمن أصيب بجرعة قوية منه مع ضعف بدن هلك غالبا؛ لا أنه يهلك بمجرد مخالطة المريض.
بدليل أن أفراد الأسرة الواحدة في أرض الطاعون، منهم من يصاب ويهلك، ومنهم من لا يصاب وهو مخالط، فدل على أنه لا عدوى بالمخالطة وإنما لأمور أخرى، فالحديث عام.
ولهذا رغب الشرع في زيارة المرضى، وجعلها من أعظم القرب عند الله (4)؛ والمستثنى هو أن يأتي شخص من خارج أرض الطاعون لزيارة مريض بداخل أرض الطاعون، فهذا يمنع للنص.
(1) - أخرجه البخاري برقم 5728 عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها» فقلت: أنت سمعته يحدث سعدا، ولا ينكره. قال: نعم.
(2)
- أخرجه مسلم برقم 5922 عن عبدالرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا عدوى» . ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا يورد ممرض على مصح» .
(3)
- أخرجه البخاري برقم 5707 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد» . وهو في مسلم برقم 5920.
(4)
- في ذلك أحاديث كثيرة، منها ما أخرجه مسلم برقم 6717 عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع» .