الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعُمَّال (1).
بخلاف حصول كارثة بالجيش المقاتل لأهل الإسلام كغرق سفنهم، فلا تجوز إغاثتهم، أو إعانتهم؛ لأنه منهي عنه بدلالة النص (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: 8)؛ فأجاز البرَّ لغير المحارب، ولأنه من الإعانة على البغي والاعتداء على أهل الإسلام.
رهن المال العام:
ولا يرهن من المال العام إلا لحفظ المال العام من جهة أخرى: كالمساهمة الاستثمارية الغالب عليها الربح، أو الاقتراض من جهة للمصلحة العامة الراجحة.
ولا يرهن إلا ما يجوز رهنه مما لا ضرر فاحش في رهنه، فلا يرهن من الثروة القومية أو السيادية شيء كآبار النفط، والغاز، ومناجم الذهب، ومنافذ البلاد بحرية وبرية ونحوها، فهذا ونحوه مما لا يجوز رهنه؛ لضرره البالغ على أهل الإسلام؛ فالتصرف حينئذ باطل.
تحصيل المال العام ومسائله:
وعند تحصيل المال العام لا يؤخذ غير المقرر؛ لأن فوق ذلك اعتداء وأموال الناس معصومة بقطعيات الشريعة القليل والكثير، ولا تؤخذ كرائم الأموال (2)، بل من الوسط لا ضرر ولا ضرار.
ولا يتساهل في تحصيل المال العام؛ لأنه تفريط في أمانة، وذلك محرم.
(1) - قولنا «نهي عن قتل النساء والأطفال والعباد والمزارعين والعمال» فيه أحاديث منها ما أخرجه البخاري برقم 3015 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان. وهو في مسلم برقم 4646. وفي الموطأ بسند صحيح برقم 965 أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع فزعموا أن يزيد قال لأبي بكر إما أن تركب وإما أن أنزل فقال أبو بكر ما أنت بنازل وما أنا براكب إني احتسب خطاي هذه في سبيل الله ثم قال له انك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف وإني موصيك بعشر لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ولا تحرقن نخلا ولا تفرقنه ولا تغلل ولا تجبن.
(2)
- تقدم تخريج الحديث في ذلك.
ويجوز إسقاط الشيء الممكن إسقاطه، فقد كان من يبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يسقطون نسبة معينة على أرباب الأموال (1).
(1) - قولنا «يسقطون نسبة معينة على أرباب الأموال» دليله ما أخرجه الإمام أبو داود 1607 والترمذي 643 والنسائي 2491 وأحمد 15751، جميعهم من طريق شعبة عن خبيب بن عبدالرحمن عن عبدالرحمن بن مسعود قال: جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا أو تجدوا الثلث فدعوا الربع» . قلت: رجال الإسناد ثقات إلا عبدالرحمن بن مسعود. قال الذهبي وُثِّقَ. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ مقبول. قلت: ولا يعرف فيه جرح ولا تعديل. وقال البزار معروف. وقال ابن القطان الفاسي لا يعرف حاله. قلت: من عرفه حجة على من لم يعرف والبزار إمام في الفن، وقد بين أهل المصطلح أن من هذا حاله في هذه الطبقة التي هي طبقة التابعين الذين يروون عن الصحابة فإن أحاديثهم حسنة. قال ابن كثير المبهم إذا سُمي ولم يعرف عينه لا يقبل روايته عند أحد علمناه إلا إن كان من عصر التابعين. اليواقيت والدرر (1/ 162). وقد قال ابن عدي في الكامل 596: الراوي إذا لم يأت عنه ما يقدح في عدالته في دينه فهو عدل. وقال أبو حاتم في محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان وقد سئل عنه: هذا من التابعين لا يسأل عنه. انظر فتح المغيث (1/ 321) ط/ دار الكتب العلمية -لبنان. وقد قال الذهبي في ديوان الضعفاء: وأما المجهولون من الرواة فإن كان من كبار التابعين أو أوساطهم احتمل حديثه، وتلقي بحسن الظن إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ. قلت: ولعل هذا هو السبب في توثيقه لنبهان مولى أم سلمة، ولم يرو عنه إلا الزهري ومحمد بن عبدالرحمن فقد قال عنه ثقة. وسبقه الحافظ إذ قال: من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يجرحه أحد لا ترد روايته. فتح الباري (15/ 48) .. قلت: والكلام في هذه المسألة في المصطلح كثير وهذه هي طريقة المتقدمين من الأئمة، وعليه فهذا الحديث حسن ولا يضر قول الحافظ مقبول؛ لأنه قال ذلك في نبهان الآنف الذكر، ثم صحح حديثه ابن حبان وابن خزيمة. وله شاهد مرسل عن مكحول الشامي أخرجه أبو طاهر السلفي في المشيخة البغدادية برقم 16 مخطوط جوامع الكلم، وسنده إلى مكحول الشامي صحيح. قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخُرَّاص قال: خففوا في الخرص فإن في المال العرية والوصية. قلت: أخرجه الطحاوي كذلك في أحكام القرآن بسند حسن، الطبعة التركية. وله شاهد من حديث جابر عند ابن عبدالبر في التمهيد (6/ 472)، وفيه ابن لهيعة وهو يصلح في الشواهد والمتابعات. وأخرجه الحاكم في المستدرك برقم 1456 وقال له شاهد بإسناد متفق على صحته عمر بن الخطاب أمر به. قلت: وقد أقر الإمام الشوكاني التصحيح للحديث واستدل به في السيل (1/ 261)، واستدل به الإمام ابن حزم الظاهري في المحلى (5/ 529) على تشدده في الجرح، فبين أنه على الخارص أن يترك لرب المال ما يأكل، ثم ساق هذا الحديث وأثر عمر المذكور، وقال: ولا يختلف القائلون بهذا الخبر وهم أهل الحق الذين إجماعهم الإجماع متبع في أن هذا على قدر حاجتهم إلى الأكل رطبا. قلت: وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه من تحسين الحديث، بل هو حديث جيد لما ذكرنا من الشواهد ولم يتنبه الألباني لما أوردنا من الشواهد من مرسل مكحول وحديث جابر فضعفه في جميع كتبه معتمدا على طريق واحدة هي طريق عبدالرحمن بن مسعود، ومع ما تقدم فقد ذكره البوصيري =