الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجد والجدة السدس في مسائل.
والإخوة للأم سدس للأخت لأم، وسدس لأخيها من الأم، فإن كانوا أكثر قسم بينهم الثلث بالسوية ذكورا وإناثا (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ) (النساء: 12).
ويفضل عليها الرجل في مسألة الأبناء والإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين.
ومن ظَلَم المرأة في ميراثها أو منعها فهو قاطع رحم، لا تستجاب له الدعوات وهو متعد حدود الله يؤدب ويعزر ويؤخذ منه الحق، وقد قال الله سبحانه بعد ذكره الفرائض (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (النساء: 13 - 14).
-
التصنيف الجاهلي:
ويحرم تصنيف الناس -على أساس العرق والنسب- إلى سيد وخادم وقبيلي ونحو ذلك مما يقتضي الطبقية التفضيلية، وهو أمر جاهلي لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13)، ولقوله صلى الله عليه وسلم لمن عيّرَ خادمه «إنك امرؤ فيك جاهلية» (1).
وقد جمع الإسلام بين بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، وسائر العرب من قريش وغيرهم.
وزوج من كانوا عبيدا في الجاهلية بخيار نساء قريش (2).
(1) - أخرجه البخاري برقم (30)، ومسلم برقم (4403)، واللفظ للبخاري، عن المعرور قال: لقيت أبا ذر بالربذة، وعليه حلة، وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه. فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم «يا أبا ذر، أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم» .
(2)
- قولنا «بخيار نساء قريش» أدلته كثيرة منها ما أخرجه البخاري برقم (5088) عن عائشة رضي الله عنها أن أبا حذيفة =
ويحرم اشتراط نسب علوي للزواج بعلوية أو فاطمية؛ لأنه من أمر الجاهلية.
= بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبنى سالما وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا، وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه حتى أنزل الله:(ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ)(الأحزاب: 5) فردوا إلى آبائهم فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين. فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري -وهي امرأة أبي حذيفة- النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنا كنا نرى سالما ولدا وقد أنزل الله فيه ما قد علمت فذكر الحديث ..
وفي البخاري برقم (5089) عن عائشة، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقال لها: لعلك أردت الحج. قالت: والله لا أجدني إلا وجعة. فقال لها: حجي واشترطي قولي اللهم محلي حيث حبستني وكانت تحت المقداد بن الأسود.
وفي البخاري برقم (5090) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» .
وفي سنن أبي داود بسند صحيح برقم (2104) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ فقال النبي صلى الله عليه وسلم «يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه» . قال «وإن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة» .
وقال الشوكاني في السيل الجرار (1/ 377) منتقدا: وجعل بنات فاطمة رضي الله عنها أعظم شرفا وأرفع قدرا من بنات النبي صلى الله عليه وسلم لصلبه فيا عجبا كل العجب من هذه التعصبات الغريبة والتصلبات على أمر الجاهلية. وأعجب من هذا كله ما وقع للجلال من نقل الأكاذيب المفتراة في شرحه لهذا الموضع وهو مصداق ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن تلك الخصال المذكورة في الحديث السابق كائنة في أمته وأنها لا تدعها أمته في جاهلية ولا إسلام كما وقع في الصحيح وإذا لم يتركها من عرف أنها من أمور الجاهلية من أهل العلم فكيف يتركها من لم يعرف ذلك والخير كل الخير في الإنصاف والانقياد لما جاء به الشرع ولهذا أخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس» .
قلت: ومما يدل لهذا ما نقله في زاد المعاد في هدي خير العباد (5/ 144) قائلا: قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)(الحجرات: 13). وقال تعالى. (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات: 10). وقال (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)(التوبة: 71)، وقال تعالى:(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)(آل عمران: 195). وقال صلى الله عليه وسلم لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود. ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب. وقال صلى الله عليه وسلم إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء إن أوليائي المتقون حيث كانوا وأين كانوا، (وعند الترمذي): عنه صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير قالوا: يا رسول الله وإن =
وقد زوج بناته صلى الله عليه وسلم من أهله، وغير أهله كعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.
وزوج عليُّ بن أبي طالب ابنته لعمر بن الخطاب.
والطعن في الأنساب محرم «اثنتان من أمتي هما بعض كفر: الطعن في الأنساب والنياحة على الميت» (1).
وتصنيف النساء إلى شريفة وهي من نسبها فاطمي، وغير شريفة وهي من نسبها إلى آدم عليه السلام، تقسيم قبيح وتسمية جاهلة.
ولا يجوز لأحد منع ابنته الزواج إلا من نسب معين، ولو تقدم لها كفء من غيره رفضه.
وإذا تقدم لها كفء من غير النسب الذي يريد الولي فامتنع عن التزويج مع رضى ابنته فهو عاضل مرتكب لمحرم (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ)(البقرة: 232)،
= كان فيه؟ فقال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه وكان حجاما. وزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه وزوج فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية من أسامة ابنه وتزوج بلال بن رباح بأخت عبدالرحمن بن عوف وقد قال الله تعالى: (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ)(النور: 26)، وقد قال تعالى:(فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء)(النساء: 3).
قلت: وفي مسند أحمد بن حنبل برقم 12416 من حديث أنس رضي الله عنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال حتى أستأمر أمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنعم إذا قال فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها فقالت لاها الله إذا ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيبا وقد منعناها من فلان وفلان قال والجارية في سترها تستمع قال فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقالت الجارية أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره إن كان قد رضيه لكم فانكحوه فكأنها جلت عن أبويها وقالا صدقت فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن كنت قد رضيته فقد رضيناه قال فإني قد رضيته فزوجها ثم فزع أهل المدينة فركب جليبيب فوجدوه قد قتل وحوله ناس من المشركين قد قتلهم. قال أنس: فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بيت في المدينة. قلت: وهذا صحيح على شرط الشيخين.
(1)
- أخرجه البخاري برقم 3850 عن ابن عباس، ومسلم برقم 236، واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت» . وفي حديث لمسلم برقم 2203 عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة» . وقال «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» .
(وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ)(النساء: 19)(1).
و«يفسق بأدنى عضل» ؛ لإصراره على محرم، ولا ولاية له، ويحق للبنت أن يزوجها وليها غير أبيها، فإن لم تجد زوجها القاضي.
ومن اشترط من الفقهاء شروطا للكفاءة فعلى وجه الأولوية لا الفرض والوجوب الشرعي، وقد نظمت ما استحسنه الفقهاء من الكفاءة مع ذكر بعض مشايخي، فقلت:
الدِّينُ والحريةُ احترافُ
…
والنسب اعتبره الأسلافُ
ومالك شرط خصلتين
…
بُرْؤٌ ومعْه الشافعي في الدِّين
واشترط اليسار عند الحنبلي
…
وشيخنا زيدان في المفصل
والمالكي الأحناف أما الزيدي
…
فشَرَطَ الدِّين بغير زيدِ (2)
الناصرُ زيدُ بن عليْ والهاديْ
…
وكمْ لهم من جاهلٍ معاديْ
كالمتوكل وكالمنصورِ
…
والمسوري أحمد المبتور
(1) - من أسباب نزول الآية (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) ما في صحيح البخاري برقم 5130 عن معقل بن يسار أنها نزلت فيه. قال: زوجت أختا لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له زوجتك وفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا والله لا تعود إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله هذه الآية (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. قال: فزوجها إياه.
(2)
- أي أن المذهب الزيدي اشترط للكفاءة في النكاح الدين فقط بدون زيادة، وهذا معنى قولنا «بدون زيدِ» أي بدون زيادة، وارجع في تفصيل هذه المسائل بتوسع كتاب (المفصل في أحكام المرأة) لشيخنا العلامة عبدالكريم زيدان.