الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم إرضائها، فإن طلبت إخراج أبويه أو أحدهما من بيته أو منعهما أو أحدهما من دخول البيت فهي امرأة سوء خالفت الأخلاق والعرف والعشرة بالمعروف ووجب وعظها كما أمر الله فإن أصرت حرم مطاوعتها لأداءه إلى أعظم الكبائر وهو العقوق، وحينئذ تتزاحم مفاسد كبرى مع مصلحة بقاء الزوجة فيقدم هنا دفع المفسدة الكبرى بطاعة الوالدين وبرهما وإن أدى ذلك إلى مفارقة تلك الزوجة بإحسان عند تعذر الجمع.
ولأن الشرع أقر ما جرت به العادات على النساء في البيت وما يتعلق به وما جرت به العادات على الرجل والإقرار شرع، والعادة محكمة، وهذه الأمور مما جرت بها الأعراف والعادات وأقرها الشرع لأنها من المكارم في كل الأمم.
-
التربية المجتمعية
وعلى الأسرة والمجتمع وكل راعٍ مسئولية على الرعية «ألا كلكم راع وهو مسئول عن رعيته» .
وهذا يدل على واجب المسئولية على الجميع؛ للعموم في النص، ولا بد من وجود رعية لكل شخص تحت يده، فالأسرة، والمجتمع، والمدرسة، والولاة، والجماعات، والأحزاب، والنقابات، والمؤسسات، والمنظمات، والإدارات، والمشيخات، كلٌّ مسئول عن رعيته.
والتربية المجتمعية فرض كلي أصله (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة: 2).
وهذا أمر، وهو يدل على وجوب التعاون على البر والتقوى. والتربية من البر والتقوى.
فواجب على المجتمع معالجة الظواهر والمظاهر المنكرة والتعاون على ذلك، وحرم تعبئة النشء والشباب وشرائح الناس بعصبية مناطقية، أو نسبية، أو سلالية تنصر أفرادها ولو على باطل كحماية قاتل أو معتد، أو قاطع طريق، أو ناهب مال أن يمثل للإنصاف، أو تفيد تعييناً مناطقياً للولاية لمؤهل أو غير مؤهل لمجرد علة التعصب.
ويحرم تشجيع أو سكوت عن أفعال أو أقوال أو اعتقادات تفرق الصف.
والمنع شامل لأي دعوات تشطيرية، أو مناطقية، أو سياسية، أوتشييع للشعب، أو
قطيعة وتمزيق أسري أو مجتمعي، وقد لعن الشرع من خبب امرأة على زوجها أو زوجاً على زوجته (1).
أي ألقى بينهما البغضاء والشحناء؛ لأدائه إلى الفرقة بينهما، وتشظي الأسرة، وما كان تخبيبا مجتمعيا أو شعبيا كان أكبر في الجرم البالغِ نصوصُه المانعةُ مبلغ الضرورة الدينية والقطع الشرعي دلالةً وسنداً في القرآن والسنن والإجماع وفتوى العلماء.
وهذه الدعوات من الجاهلية «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم» (2)، «ومن دعا إلى عصبة فهو من جثى جهنم وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم» (3).
والسكوت المجتمعي على المفاسد منكر (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)(المائدة: 78 - 79).
ومن البر والمكارم قيام المجتمع أسراً، وقياداتٍ، ووجهاء، ورجالا، ونساء، بالتربية على تنمية الفضائل، وترك الرذائل، وغرس وتكريس معاني المجتمع الفاضل (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر: 1 - 3).
فيجب التواصي بحفظ الأعراض وصيانتها من قذف، أو شتم، أو سخرية، أو غيبة، أو تنابز، أو همز ولمز وتنقص؛ لأنها محرمات بالنصوص القطعية، وكذا محاربة الإشاعة (4)، أو تعال بنسب أو مال أو عقار أو مركب أو بيت، أو مغالاة أثاث وترف في ذلك، أو في مأكل ومشرب وملبس خارج مخرج الإسراف والبطر، وذلك للنصوص المانعة من هذه الأمور (وَلَا تُسْرِفُوا
(1) - حديث «من خبب .. » حديث صحيح أخرجه أبو داود برقم 2177 بسند على شرط مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده» .
(2)
- تقدم تخريجه، وأصله في الصحيحين بلفظ «ما بال دعوى الجاهلية» ، «دعوها فإنها منتنة» .
(3)
- تقدم تخريجه.
(4)
- (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(النور: 19)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ) (الحجرات: 11)، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) (الأحزاب: 58).