الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَْحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ (1) .
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ (2) فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ عَامَّةً، وَزِيَارَتُهُ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى مَا يُمْتَثَل بِهِ هَذَا الأَْمْرُ، فَتَكُونُ زِيَارَتُهُ دَاخِلَةً فِي هَذَا الأَْمْرِ النَّبَوِيِّ الْكَرِيمِ.
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي (3) .
وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ: مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي (4) .
فَاسْتَدَل بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِهَذِهِ الأَْدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِ زِيَارَتِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا فِي الأَْحَادِيثِ الأُْخْرَى مِنَ الْحَضِّ أَيْضًا.
وَحَمَلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ، وَلَعَل مَلْحَظَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الأَْدِلَّةَ تُرَغِّبُ بِتَحْصِيل
(1) حديث: " مررت على موسى ليلة أسري بي. . . " أخرجه مسلم (4 / 1845 - ط الحلبي) من حديث أنس.
(2)
حديث: " فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت ". أخرجه مسلم (2 / 671 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(3)
حديث: " من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ". أخرجه الدارقطني (2 / 278 - ط دار المحاسن) من حديث حاطب، وفي إسناده رجل مجهول، كذا أعله به ابن حجر في التلخيص (2 / 267 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(4)
حديث: " من زار قبري وجبت له شفاعتي ". أخرجه الدارقطني (2 / 278 - ط دار المحاسن) من حديث ابن عمر، وضعفه ابن حجر بجهالة راوٍ فيه وبضعف آخر، كذا في التلخيص الحبير (2 / 267 - ط شركة الطباعة الفنية) .
ثَوَابٍ أَوْ مَغْفِرَةٍ أَوْ فَضِيلَةٍ، وَذَلِكَ يَحْصُل بِوَسَائِل أُخَرَ، فَلَا تُفِيدُ هَذِهِ الأَْدِلَّةُ الْوُجُوبَ.
قَال الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الشِّفَاءِ: وَزِيَارَةُ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْمُسْلِمِينَ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَفَضِيلَةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا (1) .
فَضْل زِيَارَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
4 -
دَلَّتِ الدَّلَائِل السَّابِقَةُ عَلَى عَظَمَةِ فَضْل زِيَارَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَزِيل مَثُوبَتِهَا فَإِنَّهَا مِنْ أَهَمِّ الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ وَالْقُرُبَاتِ النَّافِعَةِ الْمَقْبُولَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَبِهَا يَرْجُو الْمُؤْمِنُ مَغْفِرَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتَهُ وَتَوْبَتَهُ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَبِهَا يَحْصُل الزَّائِرُ عَلَى شَفَاعَةٍ خَاصَّةٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ فَوْزٍ.
وَعَلَى ذَلِكَ انْعَقَدَ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فِي كَافَّةِ الْعُصُورِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَالسِّنْدِيُّ وَابْنُ الْهُمَامِ.
قَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: إِنَّهَا مِنْ أَفْضَل الأَْعْمَال وَأَجَل الْقُرُبَاتِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى ذِي الْجَلَال، وَإِنَّ مَشْرُوعِيَّتَهَا مَحَل إِجْمَاعٍ بِلَا نِزَاعٍ.
وَكَذَلِكَ قَال الْقَسْطَلَاّنِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ زِيَارَةَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ وَأَرْجَى الطَّاعَاتِ، وَالسَّبِيل إِلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ. (2)
(1) الشفا نسخة شرحه لعلي القاري 2 / 148 - 149.
(2)
المرجع السابق وفتح الباري 3 / 43، والمواهب اللدنية 2 / 504