الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمَل الْقَاضِي بِمَا يَجِدُهُ فِي سِجِل قَاضٍ سَابِقٍ:
14 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَأْخُذُ بِمَا يُوجَدُ فِي دِيوَانِهِ مِنْ سِجِلَاّتِ الْقُضَاةِ السَّابِقِينَ وَمَحَاضِرِهِمْ، وَلَا يَعْتَمِدُهَا، وَلَوْ كَانَتْ مَخْتُومَةً، إِلَاّ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا وَرَدَ فِيهَا شَاهِدَانِ.
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الدِّيوَانِ مِنْ رُسُومٍ تَضَمَّنَتْ أَوْقَافًا فِي أَيْدِي الأُْمَنَاءِ، وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ عَلَيْهِ إِلَاّ الْخَوْفُ مِنْ ضَيَاعِ حُقُوقِ الْوَقْفِ عِنْدَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَلِذَا كَانَ قَوْلُهُمْ هَذَا اسْتِحْسَانًا.
وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ وَجَدَ الْقَاضِي حُكْمَ سَلَفِهِ مَكْتُوبًا بِخَطِّهِ لَمْ يَجُزْ إِنْفَاذُهُ بِالإِْجْمَاعِ.
وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي الدِّيوَانِ الْعَامِّ مِنْ وَثَائِقَ تُحَدِّدُ حُقُوقَ الدَّوْلَةِ، وَحُقُوقَ الأَْفْرَادِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ اعْتِمَادُهَا، وَإِنْفَاذُهَا.
وَكَذَلِكَ خَطُّ الْمُفْتِي، وَكُتُبُ الْفِقْهِ الْمَوْثُوقَةُ، وَكِتَابُ أَهْل الْحَرْبِ بِطَلَبِ الأَْمَانِ، وَقَرَارَاتُ الدَّوْلَةِ، وَمَا فِي دَفْتَرِ الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ وَالتَّاجِرِ وَنَحْوِهِمْ، فِيمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الأَْخْذُ بِكُل ذَلِكَ، وَاعْتِمَادُهُ مِنْ غَيْرِ إِشْهَادٍ عَلَى صِحَّةِ مَضْمُونِهِ، وَمُحْتَوَاهُ (1) .
(1) الدر المنتقى 2 / 156، 192، وشرح أدب القاضي للخصاف 3 / 98، 107، والبحر الرائق 7 / 72، والفتاوى البزازية 5 / 161، والفتاوى الهندية 3 / 341، 350، والمدونة المجلد الخامس ص 145، وتبصرة الحكام 1 / 55، 61، ومواهب الجليل 6 / 106، وأدب القاضي للماوردي 1 / 221 (ف 289) ، والتنبيه 257، والمغني 10 / 161، ومطالب أولي النهى 6 / 532، والأشباه والنظائر لابن نجيم 257، 405، والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين 2 / 19 - المطبعة الميمنية - مصر - 1310 هـ، وحاشية ابن عابدين 4 / 413، و5 / 370، 435، 437، والأحكام السلطانية للماوردي 215، والأحكام السلطانية للفراء 238، والطرق الحكمية 205، وحاشية البجيرمي 4 / 356، وتحفة المحتاج 10 / 150، والمبسوط 16 / 92، 93، ومجمع الأنهر 2 / 192، والكنز 7 / 3، والبناية 7 / 149 - 150، وتنوير الأبصار 5 / 435 - 436، ومعين الحكام 123.
نَقْصُ مَا فِي السِّجِل مِنْ أَحْكَامٍ:
15 -
إِنَّ كُل نَقْصٍ مِنْ مُقَوِّمَاتِ السِّجِل الَّتِي سَبَقَتْ يُعْتَبَرُ خَلَلاً مُؤَثِّرًا فِي صِحَّتِهِ. وَذَلِكَ يَظْهَرُ مِنَ الأَْمْثِلَةِ الآْتِيَةِ:
أ - إِذَا خَلَا السِّجِل مِنَ الإِْشَارَةِ إِلَى الْمُتَخَاصِمَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُفْتَى بِصِحَّتِهِ. كَمَا لَوْ كَتَبَ فِيهِ: حَضَرَ فُلَانٌ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا، فَادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ، عَلَيْهِ. . وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ:(عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَ مَعَهُ) . بَدَلاً مِنْ (عَلَيْهِ) .
وَكَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْخَصْمَيْنِ فِي أَثْنَاءِ السِّجِل لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ضَمِيرِ الإِْشَارَةِ، فَيَكْتُبُ: الْمُدَّعِي هَذَا، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا.
ب - وَلَوْ لَمْ يَنُصَّ فِي السِّجِل عَلَى حُضُورِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ
خَلَلٌ فِي السِّجِل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَا مِنَ النَّصِّ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِحُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَصُدُورِ الْحُكْمِ بِحَضْرَةِ الْخَصْمَيْنِ (1) .
ج - وَإِنْ كَانَ لأَِحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَكِيلٌ وَكَتَبَ فِي السِّجِل ثُبُوتَ الْوَكَالَةِ دُونَ كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِهَا: هَل هُوَ الْبَيِّنَةُ، أَوِ الْمُشَافَهَةُ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي وَمَعْرِفَتِهِ بِالْوَكِيل وَالْمُوَكِّل، فَإِنَّ ذَلِكَ خَلَلٌ فِي السِّجِل.
وَأَمَّا الْغَلَطُ بِاسْمِ الْوَكِيل وَجَعْلُهُ مَحَل الْمُوَكِّل، وَجَعْل الْمُوَكِّل مَحَل الْوَكِيل، فَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ السِّجِل، إِلَاّ عَلَى قَوْل بَعْضِ الْمَشَايِخِ (2) .
د - وَفِي دَعْوَى الْوَصِيِّ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي، إِذَا خَلَا السِّجِل مِنْ ثُبُوتِ مَوْتِ الأَْبِ، وَالإِْيصَاءِ، وَمِنَ الإِْذْنِ الْحُكْمِيِّ مِنَ الْقَاضِي، وَالإِْذْنِ بِالْقَبْضِ، فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ رَدَّهُ؛ لأَِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لإِِثْبَاتِ صِحَّةِ الْخُصُومَةِ (3) .
هـ - وَكُل سِجِلٍّ خَلَا مِنْ سَبَبِ الدَّعْوَى، فَإِنَّهُ
(1) جامع الفصولين 1 / 86، 261، و 2 / 246، 254، ودرر الحكام 2 / 512، ومعين الحكام 133، والفتاوى الهندية 6 / 238.
(2)
جامع الفصولين 2 / 258، 259، 261، والفتاوى الهندية 6 / 247.
(3)
جامع الفصولين 2 / 239 - 240، والفتاوى الهندية 6 / 216.
مَرْدُودٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ (1) .
وَلَوْ أَنَّ السِّجِل خَلَا مِنْ أَسْمَاءِ الشُّهُودِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْقُضَاةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ صَارُوا لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ خَلَلاً، وَهُوَ الْقَوْل الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الْعَمَل عِنْدَهُمْ عَلَى وُجُوبِ ذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ، وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْحَاضِرِ.
وَتَرْكُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ خَلَلٌ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى. وَأَمَّا فِي السِّجِل، فَلَوْ كَتَبَ فِيهِ: وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى، دُونَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُفْتَى بِصِحَّتِهِ. وَمِنَ الْمَشَايِخِ مَنْ أَفْتَى بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ (2) .
و وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبَ فِي السِّجِل عَلَى وَجْهِ الإِْيجَازِ: ثَبَتَ عِنْدِي مِنَ الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يُفْتَى بِصِحَّةِ السِّجِل مَا لَمْ يُبَيِّنْ وَسِيلَةَ الإِْثْبَاتِ. وَقِيل يُفْتَى بِصِحَّتِهِ (3) .
(1) جامع الفصولين 2 / 259.
(2)
شرح أدب القاضي للخصاف 2 / 82 (ف 624) ، وتبصرة الحكام 1 / 69 - 97، والتاج والإكليل 6 / 144، والعقد المنظم للحكام 2 / 202 - 203، والبهجة 1 / 74، 82، وجامع الفصولين 1 / 86، 2 / 258، ومعين الحكام 134، وحاشية الرملي 1 / 86، والفتاوى الهندية 6 / 160، 247.
(3)
جامع الفصولين 1 / 87، ومعين الحكام 134، وحاشية الرملي 1 / 86، والأشباه والنظائر لابن نجيم 117 - 118.