الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُجُودُ التِّلَاوَةِ
.
التَّعْرِيفُ:
1 -
السُّجُودُ لُغَةً: مَصْدَرُ سَجَدَ، وَأَصْل السُّجُودِ التَّطَامُنُ وَالْخُضُوعُ وَالتَّذَلُّل.
وَالسُّجُودُ فِي الاِصْطِلَاحِ: وَضْعُ الْجَبْهَةِ أَوْ بَعْضِهَا عَلَى الأَْرْضِ أَوْ مَا اتَّصَل بِهَا مِنْ ثَابِتٍ مُسْتَقِرٍّ عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ.
وَالتِّلَاوَةُ: مَصْدَرُ تَلَا يَتْلُو، يُقَال: تَلَوْتُ الْقُرْآنَ تِلَاوَةً إِذَا قَرَأْتُهُ، وَعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ كُل كَلَامٍ.
وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ: هُوَ الَّذِي سَبَبُ وُجُوبِهِ - أَوْ نَدْبِهِ - تِلَاوَةُ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ السُّجُودِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، لِلآْيَاتِ وَالأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهِ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ مَشْرُوعِيَّتِهِ أَوَاجِبٌ هُوَ أَوْ مَنْدُوبٌ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَقِبَ تِلَاوَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَْذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَْذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} وَلِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَل الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُول: يَا وَيْلِي، وَفِي رِوَايَةٍ يَا وَيْلَهُ - أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ. وَلِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ.
وَلَيْسَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ بِوَاجِبٍ - عِنْدَهُمْ - لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَهُ، وَقَدْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ
وَالنَّجْمِ. . .) وَفِيهَا سَجْدَةٌ، رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا، وَفِي رِوَايَةٍ: فَلَمْ يَسْجُدْ مِنَّا أَحَدٌ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ النَّحْل حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَل فَسَجَدَ، فَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَال: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَال فِيهِ: عَلَى رِسْلِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَاّ أَنْ نَشَاءَ، فَلَمْ يَسْجُدْ، وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا، وَكَانَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ فَكَانَ إِجْمَاعًا.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الأَْعْرَابِيِّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَال: هَل عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَال: لَا، إِلَاّ أَنْ تَتَطَوَّعَ. وَبِأَنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْوُجُوبِ حَتَّى
يَثْبُتَ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي الأَْمْرِ بِهِ وَلَا مُعَارِضَ لَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِالاِتِّفَاقِ فِي السَّفَرِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَجُزْ كَسُجُودِ صَلَاةِ الْفَرْضِ.
وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ فِي حُكْمِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، هَل هُوَ سُنَّةٌ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ فَضِيلَةٌ، وَالْقَوْل بِالسُّنِّيَّةِ شَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَعَلَيْهِ الأَْكْثَرُ، وَالْقَوْل بِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ هُوَ قَوْل الْبَاجِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ وَصَدَرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِنْ قَاعِدَتِهِ تَشْهِيرُ مَا صَدَرَ بِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ. أَمَّا الصَّبِيُّ فَيُنْدَبُ لَهُ فَقَطْ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَقِلَّتُهُ، وَأَمَّا السُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ فَرْضًا فَمَطْلُوبٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَاجِبٌ وُجُوبَ سُنَّةٍ لَا يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهُ عَامِدًا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَوْ بَدَلَهُ كَالإِْيمَاءِ وَاجِبٌ لِحَدِيثِ: السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا. . . وَعَلَى لِلْوُجُوبِ، وَلِحَدِيثِ