الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ، سَوَاءٌ اعْتُبِرَتِ السَّرِقَةُ مِنْ حِرْزٍ بِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ حِرْزٍ بِالْحَافِظِ (1) .
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الأَْخْذُ خُفْيَةً:
42 -
يُشْتَرَطُ لإِِقَامَةِ حَدِّ السَّرِقَةِ أَنْ يَأْخُذَ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ خُفْيَةً، وَأَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْحِرْزِ.
فَإِذَا شَرَعَ فِي الأَْخْذِ وَلَمْ يُتِمَّهُ، فَلَا يُقْطَعُ، بَل يُعَزَّرُ. وَقَدْ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الشَّرِيكِ إِذَا بَلَغَ فِعْلُهُ حَدًّا يُمْكِنُ مَعَهُ نِسْبَةُ السَّرِقَةِ إِلَيْهِ.
1 - الأَْخْذُ:
43 -
لَا يُعْتَبَرُ مُجَرَّدُ الأَْخْذِ سَرِقَةً عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، إِلَاّ إِذَا نَتَجَ عَنْ هَتْكِ الْحِرْزِ، كَأَنْ يَفْتَحَ السَّارِقُ إِغْلَاقَهُ وَيَدْخُل، أَوْ يَكْسِرَ بَابَهُ أَوْ شُبَّاكَهُ، أَوْ يَنْقُبَ فِي سَطْحِهِ أَوْ جِدَارِهِ، أَوْ يُدْخِل يَدَهُ فِي الْجَيْبِ لأَِخْذِ مَا بِهِ، أَوْ يَأْخُذَ ثَوْبًا تَوَسَّدَهُ شَخْصٌ نَائِمٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى طَرِيقَةِ الأَْخْذِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - إِلَاّ أَبَا يُوسُفَ - إِلَى أَنَّ الأَْخْذَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَاّ إِذَا كَانَ هَتْكُ الْحِرْزِ هَتْكًا كَامِلاً تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْعَدَمِ، بِأَنْ يَدْخُل الْحِرْزَ فِعْلاً، إِذَا كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ دُخُولُهُ، كَبَيْتٍ وَحَانُوتٍ، فَإِذَا
(1) كشاف القناع 4 / 83، المغني والشرح الكبير 10 / 254.
كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ دُخُولُهُ، كَصُنْدُوقٍ وَجَيْبٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ الدُّخُول (1) .
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَال: اللِّصُّ إِذَا كَانَ ظَرِيفًا لَا يُقْطَعُ. قِيل: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَال: أَنْ يَنْقُبَ الْبَيْتَ فَيُدْخِل يَدَهُ وَيُخْرِجَ الْمَتَاعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ (2) .
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ دُخُول الْحِرْزِ لَيْسَ شَرْطًا لِتَحَقُّقِ الأَْخْذِ وَهَتْكِ الْحِرْزِ، فَدُخُول الْحِرْزِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، بَل لأَِخْذِ الْمَال، فَإِذَا تَحَقَّقَ الْمَقْصُودُ بِمَدِّ الْيَدِ دَاخِل الْحِرْزِ وَإِخْرَاجِ الْمَال، كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي هَتْكِ الْحِرْزِ وَأَخْذِ الْمَال (3) .
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَسْرِقُ الْحُجَّاجَ بِمِحْجَنِهِ، فَقِيل لَهُ: أَتَسْرِقُ مَتَاعَ الْحُجَّاجِ؟ قَال: لَسْتُ أَسْرِقُ، وَإِنَّمَا يَسْرِقُ الْمِحْجَنُ. فَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: رَأَيْتُهُ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ. يَعْنِي: أَمْعَاءَهُ، لِمَا كَانَ يَتَنَاوَل مِنْ مَال الْحُجَّاجِ (4) .
(1) بدائع الصنائع 7 / 66، الهداية 2 / 93.
(2)
المبسوط 9 / 147.
(3)
فتح القدير 4 / 245، مواهب الجليل 6 / 310، المهذب 2 / 297، المغني 10 / 259.
(4)
حديث المحجن أخرجه مسلم (2 / 623 - ط الحلبي) من حديث جابر بلفظ: " حتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار، وكان يسرق الحاج بمحجنه، فإن فطن له قال: إنما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به ". والمحجن: كل معوج الرأس كالصولجان.