الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَقَّقَ مَا سَبَقَ بَيَانُهُ إِلَاّ إِذَا أَشْرَفَ الْقَاضِي عَلَى الدِّيوَانِ، وَرَاقَبَ كُتَّابَهُ، وَأُمَنَاءَهُ، وَمَا يَجْرِي عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَبِمَعْرِفَتِهِمْ (1) .
تَعَدُّدُ نُسَخِ السِّجِل:
12 -
تُكْتَبُ الْمَحَاضِرُ، وَالسِّجِلَاّتُ، وَالْوَثَائِقُ عَلَى نُسْخَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: تُحْفَظُ فِي دِيوَانِ الْمَحْكَمَةِ، وَعَلَيْهَا اسْمُ الْخَصْمَيْنِ، أَوْ صَاحِبُ الْوَثِيقَةِ، وَخَاتَمُ الْقَاضِي، وَتَكُونُ مُسْتَنَدًا لِلرُّجُوعِ إِلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ.
وَالأُْخْرَى: تُعْطَى لِلْمَحْكُومِ لَهُ، أَوْ صَاحِبِ الْوَثِيقَةِ، لِتَكُونَ حُجَّةً بِالْحَقِّ، وَهِيَ غَيْرُ مَخْتُومَةٍ. وَيَجْرِي ذَلِكَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ.
ثُمَّ أَصْبَحَتِ الْوَثَائِقُ تُكْتَبُ مُرَتَّبَةً فِي كِتَابٍ
(1) شرح أدب القاضي للخصاف 3 / 73 (ف 616) .
يَجْمَعُهَا، وَبِحَسَبِ مَا يَسَعُ مِنْهَا، وَيُحْفَظُ فِي الدِّيوَانِ، وَهُوَ أَكْثَرُ حِفْظًا، وَأَحْوَطُ (1) .
فَإِنْ ضَاعَتِ النُّسْخَةُ الَّتِي فِي يَدِ ذِي الشَّأْنِ، وَطَلَبَ مِنَ الْقَاضِي نُسْخَةً أُخْرَى، أَسْعَفَ طَلَبَهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْفِقْدَانِ، وَتَارِيخِهَا، حَتَّى لَا يُسْتَوْفَى الْحَقُّ الْوَارِدُ فِيهَا مَرَّتَيْنِ (2) .
عَمَل الْقَاضِي بِمَا يَجِدُهُ فِي سِجِلِّهِ:
13 -
إِذَا وَجَدَ الْقَاضِي فِي دِيوَانِهِ مَحْضَرًا كَانَ قَدْ كَتَبَهُ بِإِقْرَارٍ، أَوْ شَهَادَةٍ بِحَقٍّ مِنَ الْحُقُوقِ، أَوْ وَجَدَ حُكْمًا مِنْ أَحْكَامِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ بِهِ، وَلَا يُنْفِذُهُ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْهُ. وَبِهَذَا قَال أَبُو حَنِيفَةُ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ إِلَى جَوَازِ الأَْخْذِ بِكُل ذَلِكَ، وَاعْتِمَادِهِ، وَتَنْفِيذِهِ، وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ؛ لِعَجْزِ الْقَاضِي عَنْ حِفْظِ الْحَادِثَةِ؛ وَلأَِنَّ وُجُودَ
(1) شرح أدب القاضي للخصاف 1 / 259، 4 / 122 (ف 128، 1132) ، ومجمع الأنهر 2 / 156، ودرر الحكام 2 / 500، وأدب القاضي للماوردي 2 / 65، 76، 303 (ف 2088، 2139، 3195) ، ومغني المحتاج 4 / 395، والسراج الوهاج ص 593، وتحفة المحتاج 10 / 144، وشرح المحلي 4 / 304، وحاشية البجيرمي 4 / 354، والمغني 10 / 160، والمحرر ص 214، ومطالب أولي النهى 6 / 545، 547، وكشاف القناع 6 / 361، 363.
(2)
الفتاوى الهندية 3 / 392، وأدب القاضي للماوردي 2 / 21 (ف 2323) .
هَذِهِ الْوَثَائِقِ فِي الدِّيوَانِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى صِحَّتِهَا، وَبُعْدِهَا عَنِ التَّزْوِيرِ، وَالتَّحْرِيفِ.
وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَال ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَلَيْهِ عُرْفُ الْقُضَاةِ مِنَ الْقَرْنِ الْخَامِسِ الْهِجْرِيِّ (1) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ مِنْهُمْ مُوَافِقٌ لِقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْوَجْهِ الأَْصَحِّ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَعِنْدَهُمْ رِوَايَتَانِ. وَلَكِنِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَل مُتَّفِقٌ مَعَ قَوْل الصَّاحِبَيْنِ (2) .
(1) المبسوط 16 / 92 - 93 و 18 / 174، والكنز 7 / 72، وشرح أدب القاضي للخصاف 3 / 105 (ف 636) ، ودرر الحكام 2 / 461، والدر المنتقى 2 / 156، 191، 192، وفتح القدير 6 / 19، ومعين الحكام 119، ومجمع الأنهر 2 / 192، والبناية 7 / 149، والبحر الرائق 7 / 72، والفتاوى البزازية 5 / 184، والفتاوى الهندية 3 / 340، والأشباه والنظائر لابن نجيم 405 - 406، وحاشية ابن عابدين 5 / 437، وأدب القاضي للماوردي 2 / 79 (ف 2155، 2156) ، والأم 7 / 152، والمغني 10 / 161.
(2)
) تبصرة الحكام 2 / 39، 43، 49، وحلى المعاصم 1 / 102، 103، والبهجة 1 / 102، 103، وإحكام الأحكام 32، والأم 7 / 152، 153، 211، وأدب القاضي للماوردي 1 / 221، 2 / 78 (ف 289، 2149) ، ومغني المحتاج 4 / 399، والسراج الوهاج 593، وشرح المحلي 4 / 304 - 305، وتحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 10 / 149، وأدب القضاء لابن أبي الدم 123 (ف 65) ، وشرح منهج الطلاب 4 / 355، والأشباه والنظائر للسيوطي 337 - البابي الحلبي - مصر، والمحرر 2 / 211، والمغني 10 / 161، والإنصاف 11 / 307، ومطالب أولي النهى 6 / 532، والطرق الحكمية لابن القيم 204، 205 - تحقيق محمد حامد الفقي - السنة المحمدية - مصر - 1372 هـ - 1953 م، وفي الترغيب: أن رواية عدم التنفيذ هي الأشهر (الإنصاف 11 / 307) .
وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرِ الْقَاضِي، فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ لإِِثْبَاتِ صِحَّةِ مَا فِي الدِّيوَانِ مِنَ الْوَثَائِقِ فِي الْقَوْل الأَْصَحِّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ. وَجُمْهُورُ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ.
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ وَثِيقَةٌ، وَادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ حَكَمَ لَهُ بِكَذَا، فَإِنْ تَذَكَّرَ الْقَاضِي قَضَاءَهُ أَمْضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَل بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى مَا كَانَ قَدْ قَضَى بِهِ، وَلَا يَأْخُذُ بِهَا فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَرِوَايَةٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيَّةُ.
وَذَهَبَ مُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى قَبُول الْبَيِّنَةِ، وَإِمْضَاءِ الْقَضَاءِ.
وَلَوْ ضَاعَ سِجِلٌّ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي، فَشَهِدَ كَاتِبَاهُ عَلَى مَا فِيهِ، تَعَيَّنَ قَبُول هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَاعْتِمَادُهَا (1) .
(1) فتح القدير 6 / 20، والبناية 7 / 150، والبحر الرائق 7 / 51، 72، والكافي 955، وكتاب القضاء لابن أبي الدم 124 (ف 66) ، والمغني 10 / 161، والمبسوط 16 / 94، والفتاوى الخانية 2 / 474، والفتاوى الهندية 3 / 341.