الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَانْقَضَتْ. أَمَّا الْمَعْصِيَةُ الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهَا فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِإِنْكَارِهَا وَمَنْعِهِ مِنْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يَحِل تَأْخِيرُهُ وَلَا السُّكُوتُ عَنْهَا، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ رَفْعُهَا إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ أَكْبَرُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ. (1)
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْل الْعُلَمَاءِ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَتَجَسَّسَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَتَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَجَسَّسُوا} (2) الآْيَةَ.
وَلِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّجَسُّسِ (3) النهي عن التجسس. ورد من حديث أبي هريرة، أخرجه مسلم (4 / 1985 - ط الحلبي) . وَالتَّحَسُّسِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
إِلَاّ أَنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِجَرْحِ الرُّوَاةِ، وَالشُّهُودِ، وَالأُْمَنَاءِ عَلَى الصَّدَقَاتِ، وَالأَْوْقَافِ، وَالأَْيْتَامِ، وَنَحْوِهِمْ، فَيَجِبُ جُرْحُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلَا يَحِل السَّتْرُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَأَى مِنْهُمْ مَا يَقْدَحُ فِي أَهْلِيَّتِهِمْ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَل هُوَ مِنَ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ بِإِجْمَاعِ
(1) حديث: " من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده. . . " أخرجه مسلم (1 / 69 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري.
(2)
سورة الحجرات / 12.
(3)
حديث:
الْعُلَمَاءِ.
كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ مَنْ يُنْدَبُ السَّتْرُ عَلَيْهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَلَا إِثْمَ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّ السَّتْرَ عَلَيْهِ أَوْلَى (1) .
سَتْرُ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ:
3 -
يُنْدَبُ لِلْمُسْلِمِ إِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ أَوْ زَلَّةٌ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَتُوبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل وَأَنْ لَا يَرْفَعَ أَمْرَهُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَلَا يَكْشِفَهُ لأَِحَدٍ كَائِنًا مَا كَانَ؛ لأَِنَّ هَذَا مِنْ إِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي تَوَعَّدَ عَلَى فَاعِلِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ} (2) وَلأَِنَّهُ هَتْكٌ لِسَتْرِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، وَمُجَاهَرَةٌ بِالْمَعْصِيَةِ (3) . قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ، فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللَّهِ وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. (4)
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 143، الآداب الشرعية 1 / 263، دليل الفالحين شرح رياض الصالحين 2 / 15، روضة الطالبين 8 / 328، القوانين الفقهية ص 433.
(2)
سورة النور / 19.
(3)
) دليل الفالحين 2 / 29، الآداب الشرعية 1 / 267، الأذكار للإمام النووي ص 567، جواهر الإكليل 2 / 289، مغني المحتاج 4 / 150.
(4)
حديث: " اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها ". أخرجه الحاكم (4 / 244 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عمر. وصححه ووافقه الذهبي.