الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال الْخَطَّابِيُّ: وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَقَدْ عَارَضَهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يَحِل دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاّ بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ وَزِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْل نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ (1) . قَال: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ يُبِيحُ دَمَ السَّارِقِ (2) .
سُقُوطُ الْحَدِّ
.
71 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ مَا يُسْقِطُ الْحَدَّ، سَوَاءٌ مَا يَتَّصِل بِالْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَمْ بِغَيْرِهِ: كَالْعَفْوِ وَالشَّفَاعَةِ. وَمِنْهَا مَا يَتَّصِل بِالسَّارِقِ: كَالتَّوْبَةِ، وَالرُّجُوعِ عَنِ الإِْقْرَارِ، وَاشْتِرَاكِهِ مَعَ مَنْ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْرُوقِ: كَطُرُوءِ مِلْكِ السَّارِقِ عَلَى مَا سَرَقَ. وَقَدْ يَسْقُطُ الْحَدُّ نَتِيجَةً لِلتَّقَادُمِ.
1 - الشَّفَاعَةُ وَالْعَفْوُ:
72 -
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى إِجَازَةِ الشَّفَاعَةِ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَقَبْل أَنْ يَصِل الأَْمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ، إِذَا كَانَ
(1) حديث: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ". أخرجه الترمذي (4 / 460 - 461 ط الحلبي) من حديث عثمان بن عفان بلفظ مقارب، وقال: حديث حسن.
(2)
فتح القدير 5 / 596، المغني والشرح الكبير 10 / 271، تبصرة الحكام 2 / 353، ومعالم السنن 3 / 313 - 314، مغني المحتاج 4 / 178، النهاية في شرح الغاية 3 / 57.
السَّارِقُ لَمْ يُعْرَفْ بِشَرٍّ، سِتْرًا لَهُ وَإِعَانَةً عَلَى التَّوْبَةِ (1) . فَأَمَّا إِذَا وَصَل الأَْمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ، فَالشَّفَاعَةُ فِيهِ حَرَامٌ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لأُِسَامَةَ - حِينَمَا شَفَعَ فِي الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ -: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ (2) وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رضي الله عنه لَقِيَ رَجُلاً قَدْ أَخَذَ سَارِقًا، فَشَفَعَ فِيهِ، فَقَال: لَا، حَتَّى أَبْلُغَ بِهِ الإِْمَامُ، فَقَال الزُّبَيْرُ: إِذَا بَلَغَ الإِْمَامَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ (3) .
وَيَنْطَبِقُ نَفْسُ الْحُكْمِ عَلَى الْعَفْوِ عَنِ السَّارِقِ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ إِذَا لَمْ يُرْفَعِ الأَْمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ رُفِعَ إِلَيْهِ، لَا يُقْبَل فِيهِ الْعَفْوُ. وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: تَعَافُوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ (4) .
وَقَال صلى الله عليه وسلم لِصَفْوَانَ - لَمَّا تَصَدَّقَ بِرِدَائِهِ عَلَى سَارِقِهِ -: فَهَلَاّ قَبْل أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ (5) .
(1) الجامع لأحكام القرآن 5 / 295، نيل الأوطار 7 / 311.
(2)
حديث: " أتشفع في حد من حدود الله ". أخرجه البخاري (الفتح 12 / 87 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1315 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(3)
المنتقى شرح الموطأ 7 / 163.
(4)
حديث: " تعافوا الحدود فيما بينكم ". أخرجه النسائي (8 / 70 - ط المكتبة التجارية) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده حسن.
(5)
المبسوط 7 / 111، المنتقى 7 / 162 وما بعدها، تكملة المجموع 18 / 333، المغني والشرح الكبير 10 / 294، نيل الأوطار 7 / 153. والحديث:" فهلا قبل أن تأتيني به ". أخرجه الحاكم (4 / 380 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس، وصححه ووافقه الذهبي.