الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمُ الشُّرُوعِ فِي السَّرِقَةِ:
49 -
مِنَ الْمُقَرَّرِ فِي الشَّرْعِ الإِْسْلَامِيِّ: أَنَّ كُل مَعْصِيَةٍ يَنْجُمُ عَنْهَا عُدْوَانٌ عَلَى حَقِّ إِنْسَانٍ أَوْ عَلَى حَقِّ الأُْمَّةِ فَإِنَّ مُرْتَكِبَهَا يَخْضَعُ لِلْحَدِّ أَوْ لِلتَّعْزِيرِ أَوْ لِلْكَفَّارَةِ، وَحَيْثُ إِنَّ الْحُدُودَ وَالْكَفَّارَاتِ مُحَدَّدَةٌ شَرْعًا، فَكُل مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ يُمْكِنُ أَنْ يُعَاقَبَ مُرْتَكِبُهَا عَلَى وَجْهِ التَّعْزِيرِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَتَى جَرِيمَةً كَامِلَةً، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ فِعْلِهِ يُعْتَبَرُ شُرُوعًا فِي جَرِيمَةٍ أُخْرَى (1) . انْظُرْ مُصْطَلَحَ:(تَعْزِير) .
وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّهُمْ يَمْنَعُونَ إِقَامَةَ الْحَدِّ إِذَا لَمْ تَتِمَّ السَّرِقَةُ، وَلَكِنَّهُمْ يُوجِبُونَ التَّعْزِيرَ عَلَى مَنْ يَبْدَأُ فِي الأَْفْعَال الَّتِي تُكَوِّنُ بِمَجْمُوعِهَا جَرِيمَةَ السَّرِقَةِ. لَيْسَ بِاعْتِبَارِهِ شَارِعًا فِي السَّرِقَةِ، وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِهِ مُرْتَكِبًا لِمَعْصِيَةٍ تَسْتَوْجِبُ التَّعْزِيرَ (2) . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: أَنَّ سَارِقًا نَقَبَ خِزَانَةَ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، فَوُجِدَ بِهَا، قَدْ جَمَعَ الْمَتَاعَ وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ. فَأُتِيَ بِهِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَجَلَدَهُ، وَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ. فَمَرَّ بِابْنِ عُمَرَ، فَسَأَل فَأُخْبِرَ، فَأَتَى ابْنَ
(1) المبسوط 9 / 36، مواهب الجليل 6 / 320، القليوبي وعميرة 4 / 205، كشاف القناع 4 / 72.
(2)
المبسوط 9 / 147، حاشية الدسوقي 4 / 306، الأحكام السلطانية للماوردي ص 237، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 281.
الزُّبَيْرِ، فَقَال: أَمَرْتَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ؟ فَقَال: نَعَمْ، فَقَال: فَمَا شَأْنُ الْجَلْدِ؟ قَال: غَضِبْتُ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْبَيْتِ، أَرَأَيْتَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً بَيْنَ رِجْلَيِ امْرَأَةٍ لَمْ يُصِبْهَا، أَأَنْتَ حَادُّهُ؟ قَال: لَا (1) .
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: عَلَى أَنَّ الشُّرُوعَ فِي السَّرِقَةِ لَيْسَ لَهُ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ، وَإِنَّمَا تُطَبَّقُ فِيهِ الْقَوَاعِدُ الْعَامَّةُ لِلتَّعْزِيرِ (2) .
الاِشْتِرَاكُ فِي الأَْخْذِ:
50 -
يُفَرِّقُ الْفُقَهَاءُ فِي مَسَائِل الاِشْتِرَاكِ فِي السَّرِقَةِ بَيْنَ الشَّرِيكِ الْمُبَاشِرِ وَالشَّرِيكِ بِالتَّسَبُّبِ (3) ، فَأَمَّا الشَّرِيكُ الْمُبَاشِرُ فَهُوَ الَّذِي يُبَاشِرُ أَحَدَ الأَْفْعَال الَّتِي تُكَوِّنُ الأَْخْذَ التَّامَّ، وَهِيَ: إِخْرَاجُ الْمَسْرُوقِ مِنْ حِرْزِهِ وَمِنْ حِيَازَةِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَإِدْخَالُهُ فِي حِيَازَةِ السَّارِقِ.
وَأَمَّا الشَّرِيكُ بِالتَّسَبُّبِ فَهُوَ الَّذِي لَا يُبَاشِرُ أَحَدَ هَذِهِ الأَْفْعَال الْمُكَوِّنَةِ لِلأَْخْذِ الْمُتَكَامِل، وَإِنَّمَا تَقْتَصِرُ فِعْلُهُ عَلَى مَدِّ يَدِ الْعَوْنِ لِلسَّارِقِ، بِأَنْ يُرْشِدَهُ إِلَى مَكَانِ الْمَسْرُوقَاتِ، أَوْ بِأَنْ يَقِفَ خَارِجَ الْحِرْزِ لِيَمْنَعَ اسْتِغَاثَةَ الْجِيرَانِ، أَوْ لِيَنْقُل الْمَسْرُوقَاتِ بَعْدَ أَنْ يُخْرِجَهَا السَّارِقُ مِنَ الْحِرْزِ.
(1) أورده ابن حزم في المحلى 11 / 320.
(2)
الأحكام السلطانية ص 237، 281.
(3)
بدائع الصنائع 7 / 66، شرح الزرقاني 8 / 96، نهاية المحتاج 7 / 421، كشاف القناع 4 / 79.