الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَبُّ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
18 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ سَبَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا مِمَّا بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ كُفْرٌ؛ لأَِنَّ السَّابَّ بِذَلِكَ كَذَّبَ اللَّهَ تَعَالَى فِي أَنَّهَا مُحْصَنَةٌ.
أَمَّا إِنْ قَذَفَ سَائِرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْل ذَلِكَ فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِ قَذْفِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا.
أَمَّا إِنْ كَانَ السَّبُّ بِغَيْرِ الْقَذْفِ لِعَائِشَةَ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ صَرَّحَ الزَّرْقَانِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ السَّابَّ يُؤَدَّبُ، وَكَذَا الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَذْفِ وَبَيْنَ السَّبِّ بِغَيْرِ الْقَذْفِ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ لأَِنَّهُمْ يُقَيِّدُونَ السَّبَّ الْمُكَفِّرَ بِأَنَّهُ السَّبُّ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ. وَمَنْ صَرَّحَ بِالْقَتْل بِالسَّبِّ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ سَبٌّ هُوَ قَذْفٌ. (1)
سَبُّ الدِّينِ وَالْمِلَّةِ:
19 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ مِلَّةَ
(1) نهاية المحتاج 7 / 416، الجمل على المنهج 5 / 122، إعانة الطالبين 4 / 292، ابن عابدين 4 / 237، أسنى المدارك 3 / 192، الإنصاف 10 / 222، والزرقاني على خليل 8 / 74 ط دار الفكر، شرح منتهى الإرادات 3 / 356، وتحفة المحتاج مع حواشي الشرواني وابن قاسم 8 / 123، ومعين الحكام ص 192، تبصرة ابن فرحون 2 / 287، شرح روض الطالب 4 / 117، الصارم المسلول ص 567.
الإِْسْلَامِ أَوْ دِينَ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ كَافِرًا، أَمَّا مَنْ شَتَمَ دِينَ مُسْلِمٍ فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ كَمَا جَاءَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكْفُرَ مَنْ شَتَمَ دِينَ مُسْلِمٍ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ التَّأْوِيل بِأَنَّ الْمُرَادَ أَخْلَاقُهُ الرَّدِيئَةُ وَمُعَامَلَتُهُ الْقَبِيحَةُ لَا حَقِيقَةَ دِينِ الإِْسْلَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفُرَ حِينَئِذٍ. (1)
قَال الْعَلَاّمَةُ عُلَيْشٌ: يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ بَعْضِ شِغْلَةِ الْعَوَامِّ كَالْحَمَّارَةِ وَالْجَمَّالَةِ وَالْخَدَّامِينَ سَبُّ الْمِلَّةِ أَوِ الدِّينِ، وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ قَصَدَ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ، وَالأَْحْكَامَ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ كَافِرٌ قَطْعًا، ثُمَّ إِنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ. (2)
فَإِنْ وَقَعَ السَّبُّ مِنَ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ حُكْمَ سَبِّ اللَّهِ أَوِ النَّبِيِّ، ذَكَرَ ذَلِكَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (3)
نُقِل عَنْ عَصْمَاءَ بِنْتِ مَرْوَانَ الْيَهُودِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَعِيبُ الإِْسْلَامَ، وَتُؤْذِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَتُحَرِّضُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهَا عَمْرُو بْنُ عَدِيٍّ الْخِطْمِيُّ.
قَالُوا: فَاجْتَمَعَ فِيهَا مُوجِبَاتُ الْقَتْل إِجْمَاعًا.
وَهَذَا عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: يَجُوزُ قَتْلُهُ وَيُنْقَضُ عَهْدُهُ إِنْ طَعَنَ فِي
(1) ابن عابدين 4 / 230، فتاوى الرملي هامش الفتاوى الكبرى الفقهية 4 / 20، وفتح العلي المالك 2 / 347.
(2)
فتح العلي المالك 2 / 6، 347، 348.
(3)
الجمل على المنهج 5 / 227.