الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَدِهِ، وَفِعْلُهَا مَنْسُوبٌ لَهُ، فَعَلَيْهِ حِفْظُهَا، وَتَعَهُّدُهَا؛ وَلأَِنَّ إِبَاحَةَ السَّوْقِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَشْرُوطَةٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، فَإِنْ حَصَل تَلَفٌ بِسَبَبِهِ لَمْ يَتَحَقَّقِ الشَّرْطُ فَوَقَعَ تَعَدِّيًا، فَيَكُونُ الْمُتَوَلَّدُ مِنْهُ مِمَّا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ فَيَكُونُ مَضْمُونًا، وَهَذَا مِمَّا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ بِأَنْ يَذُودَ النَّاسَ عَنِ الطَّرِيقِ، فَيَضْمَنُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّائِقُ رَاجِلاً أَمْ رَاكِبًا. وَخَصَّ الْحَنَابِلَةُ الضَّمَانَ بِمَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا، أَوْ فَمِهَا، أَوْ وَطِئَتْ بِرِجْلِهَا. أَمَّا مَا تَنْفَحُهُ بِرِجْلِهَا فَلَا يُضْمَنُ. (1) لِخَبَرِ الرِّجْل جُبَارٌ (2) وَفِي رِوَايَةٍ رِجْل الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ (3) فَدَل عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ فِي جِنَايَتِهَا بِغَيْرِ رِجْلِهَا، وَخَصَّصَ عَدَمَ الضَّمَانِ بِالنَّفْحِ دُونَ الْوَطْءِ لأَِنَّ مَنْ بِيَدِهِ الدَّابَّةُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُجَنِّبَهَا وَطْءَ مَا لَا يُرِيدُ أَنْ تَطَأَهُ بِتَصَرُّفِهِ فِيهَا، بِخِلَافِ نَفْحِهَا، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ. (4)
(1) بدائع الصنائع 7 / 280، ونهاية المحتاج 8 / 38، ومغني المحتاج 4 / 204، والقليوبي 4 / 211، وكشاف القناع 4 / 126.
(2)
حديث: " الرجل جبار ". أخرجه أبو داود (4 / 714 - 715 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والدارقطني (3 / 152، 179 - ط دار المحاسن من حديث أبي هريرة، وأعله الدارقطني بالشذوذ) .
(3)
حديث: " رجل العجماء جبار ". عزاه صاحب كشاف القناع (4 / 126 - ط الرياض) إلى سعيد بن منصور في سننه.
(4)
كشاف القناع 4 / 126.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَضْمَنُ السَّائِقُ إِلَاّ إِذَا حَدَثَ التَّلَفُ بِفِعْلٍ مِنْهُ. (1)
وَإِذَا كَانَ مَعَ السَّائِقِ قَائِدٌ، أَوْ رَاكِبٌ، أَوْ هُمَا وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَتَصَرَّفُ فِي الدَّابَّةِ اشْتَرَكُوا فِي الضَّمَانِ لاِشْتِرَاكِهِمْ فِي التَّصَرُّفِ. (2)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: وَيَجِبُ عَلَى الرَّاكِبِ أَيْضًا الْكَفَّارَةُ فِي صُورَةِ الْقَتْل الْخَطَأِ وَيُحْرَمُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ، أَمَّا الرَّاجِل مِنْهُمْ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِمُبَاشَرَةِ الْقَتْل لَا بِالتَّسْبِيبِ، وَالْمُبَاشَرَةُ مِنَ الرَّاكِبِ لَا مِنْ غَيْرِهِ. (3) وَالتَّفْصِيل فِي (ضَمَانٍ) .
سَائِقُ الْقِطَارِ (الدَّوَابِّ الْمَقْطُورَةِ) :
3 -
إِذَا كَانَتِ الدَّوَابُّ قِطَارًا مَرْبُوطًا بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَيَقُودُهَا قَائِدٌ، وَالسَّائِقُ فِي آخِرِهَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَبَبُ التَّلَفِ. وَإِنْ كَانَ السَّائِقُ فِي وَسَطِ الْقِطَارِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا؛ لأَِنَّ السَّائِقَ يَسُوقُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ قَائِدٌ لِمَا خَلْفَهُ، وَالسَّوْقُ وَالْقَوْدُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبَبٌ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ. (4)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ السَّائِقُ فِي آخِرِ
(1) شرح الزرقاني 8 / 119، حاشية الدسوقي 4 / 158.
(2)
كشاف القناع 4 / 126، والبدائع 7 / 280.
(3)
بدائع الصنائع 7 / 280 - 281.
(4)
المرجع السابق.