الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ز - وَمِمَّا يَلْتَحِقُ بِمَسْأَلَةِ التَّكْلِيفِ: اشْتِرَاطُ كَوْنِ السَّارِقِ مُلْتَزِمًا أَحْكَامَ الإِْسْلَامِ حَتَّى تَثْبُتَ وِلَايَةُ الإِْمَامِ عَلَيْهِ. وَلِذَا لَا يُقَامُ حَدُّ السَّرِقَةِ عَلَى الْحَرْبِيِّ غَيْرِ الْمُسْتَأْمَنِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الإِْسْلَامِ، وَيُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الذِّمِّيِّ لأَِنَّهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ يَلْتَزِمُ بِأَحْكَامِ الإِْسْلَامِ وَتَثْبُتُ وِلَايَةُ الإِْمَامِ عَلَيْهِ (1) . انْظُرْ مُصْطَلَحَيْ:(أَهْل الْحَرْبِ، وَأَهْل الذِّمَّةِ) .
12 -
أَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ: فَإِنْ سَرَقَ مِنْ مُسْتَأْمَنٍ آخَرَ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِعَدَمِ الْتِزَامِ أَيٍّ مِنْهُمَا أَحْكَامَ الإِْسْلَامِ. وَإِنْ سَرَقَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَفِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ أَقْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ:
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ) إِلَى وُجُوبِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ لأَِنَّ دُخُولَهُ فِي الأَْمَانِ يَجْعَلُهُ مُلْتَزِمًا الأَْحْكَامَ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى عَدَمِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ بِأَحْكَامِ الإِْسْلَامِ، قَال تَعَالَى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} (2) .
(1) بدائع الصنائع 7 / 67، والمدونة 16 / 270، ونهاية المحتاج 7 / 440، وكشاف القناع 3 / 116، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 2 / 475.
(2)
سورة التوبة / 6.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَظْهَرُهَا: أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَالْحَرْبِيِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ كَالذِّمِّيِّ. وَالثَّالِثُ: يُفَصَّل بِالنَّظَرِ إِلَى عَقْدِ الأَْمَانِ: فَإِنْ شَرَطَ فِيهِ إِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقَطْعُ، وَإِلَاّ فَلَا حَدَّ وَلَا قَطْعَ (1) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: الْقَصْدُ:
13 -
لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى السَّارِقِ إِلَاّ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ بِتَحْرِيمِ السَّرِقَةِ، وَأَنَّهُ يَأْخُذُ مَالاً مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ دُونَ عِلْمِ مَالِكِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَأَنْ تَنْصَرِفَ نِيَّتُهُ إِلَى تَمَلُّكِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا فِيمَا فَعَل، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل ذَلِكَ.
أ - أَنْ يَعْلَمَ السَّارِقُ بِتَحْرِيمِ الْفِعْل الَّذِي اقْتَرَفَهُ، فَالْجَهَالَةُ بِالتَّحْرِيمِ مِمَّنْ يُعْذَرُ بِالْجَهْل شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما: لَا حَدَّ إِلَاّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ. أَمَّا عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْعُقُوبَةِ فَلَا يُعَدُّ مِنَ الشُّبُهَاتِ الَّتِي تَدْرَأُ الْحَدَّ (2) .
ب - أَنْ يَعْلَمَ السَّارِقُ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مَمْلُوكٌ
(1) ابن عابدين 3 / 266، وفتح القدير 4 / 104، والمدونة 6 / 291، والمغني 10 / 276، ومغني المحتاج 4 / 175، والقليوبي وعميرة 4 / 196.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 80، والجامع لأحكام القرآن 6 / 399، والقليوبي وعميرة 4 / 196، وكشاف القناع 6 / 135، وحاشية البجيرمي على شرح المنهج 4 / 234.