الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ دُونَ عِلْمِ مَالِكِهِ وَدُونَ رِضَاهُ. وَعَلَى ذَلِكَ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ أَخَذَ مَالاً وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَالٌ مُبَاحٌ أَوْ مَتْرُوكٌ. وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الَّذِي يَأْخُذُ الْعَيْنَ الَّتِي آجَرَهَا، وَلَا عَلَى الْمُودِعِ الَّذِي يَأْخُذُ الْوَدِيعَةَ دُونَ رِضَا الْوَدِيعِ (1) .
ج - أَنْ تَنْصَرِفَ نِيَّةُ الآْخِذِ إِلَى تَمَلُّكِ مَا أَخَذَهُ، وَلِهَذَا لَا يُقَامُ حَدُّ السَّرِقَةِ عَلَى مَنْ أَخَذَ مَالاً مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ دُونَ أَنْ يَقْصِدَ تَمَلُّكَهُ، كَأَنْ أَخَذَهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ، أَوْ أَخَذَهُ عَلَى سَبِيل الدُّعَابَةِ، أَوْ أَخَذَهُ لِمُجَرَّدِ الاِطِّلَاعِ عَلَيْهِ، أَوْ أَخَذَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّ مَالِكَهُ يَرْضَى بِأَخْذِهِ، مَا دَامَتِ الْقَرَائِنُ تَدُل عَلَى ذَلِكَ، وَمِنَ الْقَرَائِنِ الَّتِي تَدُل عَلَى نِيَّةِ التَّمَلُّكِ، إِخْرَاجُ الْمَال مِنَ الْحِرْزِ لِغَيْرِ مَا سَبَقَ، بِحَيْثُ يُعْتَبَرُ سَارِقًا لِتَوَافُرِ قَصْدِ التَّمَلُّكِ حِينَئِذٍ وَلَوْ أَتْلَفَهُ بِمُجَرَّدِ إِخْرَاجِهِ - أَمَّا لَوْ أُتْلِفَ دَاخِل الْحِرْزِ فَلَا تَظْهَرُ نِيَّةُ التَّمَلُّكِ، وَلِهَذَا لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (2) .
د - لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى السَّارِقِ إِلَاّ إِذَا كَانَ مُخْتَارًا فِيمَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا انْعَدَمَ الْقَصْدُ وَسَقَطَ الْحَدُّ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّرِقَةَ تُبَاحُ بِالإِْكْرَاهِ؛ لأَِنَّ الإِْكْرَاهَ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ
(1) فتح القدير 4 / 231، والقوانين الفقهية ص 360، والمهذب 2 / 277، والمغني 9 / 83.
(2)
فتح القدير 4 / 230 وما بعدها، وتبصرة الحكام 2 / 353، المهذب 2 / 277، ومنتهى الإرادات 2 / 480.
بِالشُّبُهَاتِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (1) . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الإِْكْرَاهَ الَّذِي يَرْفَعُ الإِْثْمَ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرٌ هُوَ مَا يَكُونُ فِي جَانِبِ الأَْقْوَال (2) ، وَأَمَّا الإِْكْرَاهُ عَلَى الأَْفْعَال فَفِي حُكْمِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (إِكْرَاهٍ) مِنَ الْمَوْسُوعَةِ 6 98 - 112
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: عَدَمُ الاِضْطِرَارِ أَوِ الْحَاجَةِ:
14 -
أ - الاِضْطِرَارُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ، وَالضَّرُورَةُ تُبِيحُ لِلآْدَمِيِّ أَنْ يَتَنَاوَل مِنْ مَال الْغَيْرِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ (3) ، فَمَنْ سَرَقَ لِيَرُدَّ جُوعًا أَوْ عَطَشًا مُهْلِكًا فَلَا عِقَابَ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (4)، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا قَطْعَ فِي زَمَنِ الْمَجَاعِ (5) .
(1) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 659 - ط الحلبي) والحاكم (2 / 198 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس واللفظ لابن ماجه. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 179، وحاشية الدسوقي 4 / 344، ونهاية المحتاج 7 / 440، والمغني 8 / 217، وأحكام القرآن لابن العربي 3 / 117، والمهذب 2 / 177، وزاد المعاد 4 / 38.
(3)
المبسوط 9 / 140، والمهذب 2 / 282.
(4)
سورة البقرة / 173.
(5)
) المبسوط 9 / 140. وحديث: " لا قطع في زمن المجاع " أخرجه الخطيب في تاريخه (6 / 261 ط السعادة بمصر) من حديث أبي أمامة، وضعفه السيوطي في الجامع الصغير (فيض القدير. ط التجارية الكبرى) .