الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُبَيِّنَ حَالَهَا لِلْمُشْتَرِي؛ لأَِنَّهُ رُبَّمَا خَلَطَهَا بِدَرَاهِمَ جَيِّدَةٍ، وَيُعَامِل مَنْ لَا يَعْرِفُهَا فَيَكُونُ تَغْرِيرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَإِدْخَالاً لِلضَّرَرِ عَلَيْهِمْ. وَقَال أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغُرَّ بِهَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا أَقُول إِنَّهَا حَرَامٌ.
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَأْخُذَ الزُّيُوفَ لِبَيْتِ الْمَال مِنْ أَهْل الْجِزْيَةِ وَمِنْ أَهْل الأَْرَاضِي الْخَرَاجِيَّةِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَكْسِرُ الزُّيُوفَ وَهُوَ فِي بَيْتِ الْمَال (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْقَوْل الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمٍ زَائِفٍ بِدِرْهَمٍ جَيِّدٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَلَا بِعَرَضٍ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ إِلَى إِدْخَال الْغِشِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يُرِيقُ اللَّبَنَ الْمَشُوبَ بِالْمَاءِ، تَأْدِيبًا لِصَاحِبِهِ، فَإِجَازَةُ شِرَائِهِ إِجَازَةٌ لِغِشِّهِ وَإِفْسَادٌ لأَِسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِخَبَرِ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا.
وَقَدْ نَهَى عُمَرُ رضي الله عنه عَنْ بَيْعِ نُفَايَةِ بَيْتِ الْمَال، وَكَانَتْ زُيُوفًا؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ - وَهُوَ الْفِضَّةُ - مَجْهُولٌ، فَأَشْبَهَ تُرَابَ الصَّاغَةِ، وَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ.
وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (2)
(1) المصادر السابقة.
(2)
روضة الطالبين 3 / 363، المغني 4 / 57 - 58، المدونة 3 / 444، حاشية الدسوقي 3 / 43.
وَيُعَلِّل بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مَنْعَ بَيْعِ الدَّرَاهِمِ الْجَيِّدَةِ بِالدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ بِأَنَّهُ مِنْ رِبَا الْفَضْل لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ التَّمَاثُل مَعَ وَحْدَةِ الْجِنْسِ فِي الْعِوَضَيْنِ.
وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الزُّيُوفِ:
8 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الزُّيُوفِ مِنَ الدَّرَاهِمِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَتِ الْفِضَّةُ فِيهَا هِيَ الْغَالِبَةُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ؛ لأَِنَّ الْغِشَّ مُسْتَهْلَكٌ مَغْمُورٌ، وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ قَال: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الدَّرَاهِمِ الْجِيَادِ، وَالزُّيُوفِ، وَالنَّبَهْرَجَةِ، وَالْمُزَيَّفَةِ، إِذَا كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا الْفِضَّةَ؛ لأَِنَّ مَا يَغْلِبُ فِضَّتُهُ عَلَى غِشِّهِ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الدِّرْهَمِ مُطْلَقًا، وَالشَّرْعُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ بِاسْمِ الدِّرْهَمِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا الْغِشَّ وَالْفِضَّةُ مَغْلُوبَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً، أَوْ يُمْسِكُهَا لِلتِّجَارَةِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ أَدْنَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ - وَهِيَ الْغَالِبُ عَلَيْهَا الْفِضَّةُ - تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ. وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَلَا تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا رَائِجَةً، وَلَا مُعَدَّةً لِلتِّجَارَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لأَِنَّ الصُّفْرَ أَيِ النُّحَاسَ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِلَاّ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، فَإِذَا أَعَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ اعْتَبَرْنَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا الْقِيمَةَ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، وَلَيْسَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً،